بيت الشورة
عمر الكردفاني
القنصلية المصرية والفورة (1900)
من الأشياء اللطيفة في العمل الصحفي والمزعجة في آن انك كلما قمت بفتح موضوع يهم الناس كلما جاءتك المعلومات تترى (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) ولكن في الجانب الآخر لا أحد يريد أن يظهر معك على العلن .
فقد وردت الي الحكايات من كل حدب وصوب حيث يتاجر الجميع بهذه التأشيرة التي تمنحها دولتها للسودانيين مجانا ولكن السودانيون أنفسهم من فتح باب السمسرة فيها تعاونهم ايدي خفية إذ انك اليوم إذا ذهبت صوب القنصلية ستجد فقط ما بين عشرة إلى عشرون ممن يريدون التقديم للتأشيرة بالدرب العديل ولكن لا أحد يأبه لهم كأنما الأيدي التي اوصدت الباب الامامي هي التي تفتح الباب الخلفي حيث وردني أن هنالك مجموعة من سائقي الركشات يقومون بتوصيل الجواز الى القنصلية ومعه مبلغ الفي دولار ثم يعودون به وعليه تأشيرة الدخول الى ارض الاحلام وعندما استقصيت أكثر اقسم أحدهم أنه يتلقى مئة دولار فقط حيث تذهب التسعمئة دولار إلى جهات ما.
والمؤلم هو أن كافة الجهات (اياها) لديها كوتة يومية في حين يمنع تماما على مندوبي الوزارات والمؤسسات الدخول الى القنصلية الا عن طريق وزارة الخارجية التي يعلم الجميع انها في حالة نوم عميق وأنها تلقت تحذيرا شديد اللهجة بأن لا تدفع الى القنصلية الا بالجوازات الدبلوماسية .
اما الزملاء الصحافيين الذين يدافعون عن السفير فأقول لهم من الذي ذم السفير حتى تدافعوا عنه انا اتحدث عن شرف الإنسان السوداني إذا كان يهمكم ،نعم هنالك بعضا من الزملاء نعلم أن لهم حدب على العلاقات السودانية المصرية ولهم الحق في الكتابة عن مناقب السفير من جهة حدبه على مصلحة البلدين ولا اختلف معهم خاصة وأن بيني وبينهم ود وافر واحترام كبير وأتمنى من جانبهم أن ينصحوا السفير المصري هاني صلاح أن يصلح شأن قنصلياته لصون كرامة السودانيين ولا مشكلة في إغلاق القنصليات تماما إلى حين التعرف إلى أساس المشكلة .
اما ناس زعيط ومعيط ممن يتكسبون من شرف مواطنيهم ويبعيونه بخسا فأقول لهم إذا لم تخشوا الله فاختشوا ووالله بيني وبينكم دعوة لله سبحانه وتعالى أن يريكم مآل مال السحت عليكم وانتم تلغون في مستنقع الدولار الحرام وتدفعون اذنابكم لكتابة عبارات خجولة في الدفاع عن سفير لم نكن له إلا كل احترام ونريده أن يصلح حال قنصلياته فقد وصل الحال ببعض السماسرة أن يحددوا سعر التأشيرة حسب الزمن.
ثم ماذا بعد؟
سنظل نطرق على هذه المسألة إلى أن تلتفت الجهات الرسمية إلى سوق نخاسة بيع شرف السودانيين أمام قنصليات مصر في حين أن الحريات الأربعة تكفل لهم الدخول إلى مصر آمنين ولكن يبدو أن آثار الحرب امتدت إلى الجهات الرسمية التي بات أكثر منسوبيها سماسرة في بيع الوطن بالقطعة والمواطن بالرأس وحسبي الله ونعم الوكيل