شوتايم نيوز
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • الإقتصاد
  • العالم
  • الفيديو
  • المقالات
  • المنوعات
  • تحقيقات وتقارير
  • حوادث وجريمة
Category:

المقالات

المقالات

الدكتور حبيب فضل المولى يكتب…….فتح المدارس وهموم الناس

by شوتايم2 2 فبراير، 2021
written by شوتايم2

 

الحقيقة مجردة
حبيب فضل المولى

habibmtgil@gmail.com

فتح المدارس و هموم الناس .!

ما أن جاء القرار بفتح المدارس وبدء العام الدراسي الجديد حتى ضج هاتفي بعشرات الرسائل على شاكلة “تهنئ مدارس فلان الفلاني أولياء الأمور ببدء العام الدراسي الجديد” ، وتنبهكم مدارس كذا وكذا الى ضرورة إكمال التسجيل” وكأنما حال المؤسسات التعليمية كالسجين المفرج عنه من فرط الفرحة حتى أنه يتفقد ويعلن الجميع بخروجة من وئدة السجن الى رحاب الحرية ولعل إدارات المدارس أكثر معاناة خاصة الذين يستأجرون مباني ضخمة ومتعددة حيث ظلوا يجابهون شبح الإيجار وتوقفت مع ايقاف المدارس كثير من أعمالهم و إستثماراتهم وشؤونهم كحال بقية مؤسسات البلد منذ كورونا مروراً بالظرف الاقتصادي المرير الذي تعاني منه السودان . وليتهم يدركون أن فتح المدارس يعني فتح هموم الناس على مصراعيها خاصة أولياء الأمور ممن لديهم ثلاثة وأربعة الي ست تلاميز وطلاب ثانوي وجامعات هذا الواقع المرير مؤكد لا يعلمة كثير من الحكام ولا المسؤولين ولا المستثمرين ولا تجار السوق ولا تجار الغاز ولا تجار الوقود ولا شركة الكهرباء ولا أصحاب المدارس الخصة فالمدارس تفتح أبوابها في ظروف اقتصادية بالغة التعقيد بعد طول غياب ومعاناة وتعثر في الحياة جعل استمرارها شبه مستحيل حتى في دول اقتصادية محافظة ، أيها القائمون على أمر التعليم وزراة ومؤسسات ومدارس لن تستقبلوا هذا العام طلابكم السابقين لقد مضت سنوات وشهور ولم تعد العقول كما كانت فالمقررات بالكاد تبخرت لدي كثير من الطلاب ما يحتاج منكم تفهم ومجهود مضاعف ، وقد تغيرت الظروف فما عاد الآباء هم أولئك الذين يدفعون دون تردد لذلك رفقاً بالمواطنين فقد زادت همومهم وطحنهم غول السوق والاقتصاد فباصروا بما تيسر لإستمرارية العام الدراسي ، لن تستقبلوا طلابكم بحقائبهم وأزيائهم الجميلة والمنمقه فهذا العام الفقر يمشي بين الناس على قدمين فرفقاً بأولياء الأمور . ولما جاءت ثورة ديسمبر المجيدة وعلق الناس آمالهم على مجانية التعليم التى طرحتها الحكومة الانتقالية وحاضنتها السياسية إستبشر المواطنين خيراً ومنوا أنفسهم بتعليم مجاني مبسط ويستقيم مع ظروفهم الحياتية لدرجة أن الوزارة فكرت في إغلاق المدارس الخاصة وتحويلها لحكومية ولكن هيهات خاضت وزارة التربية والتعليم أكبر حملة مغالطات في تاريخها حيث شهد تغيير المناهج ظروف معقدة ولا تزال يكتفها الغموض هل وزعت المناهج المعدلة أم سيستمر الطلاب بالمنهج القديم المعدل أم ستجد مناهج القراي طريقها الى الطلاب ولو سراً ، وكيف تحولت وزارة التربية الى مثار جدل بعد أن كانت أقرب الى قلوب المواطنين وأولياء الامور ضجت المنابر بما فعلته الوزارة بمستقبل الأجيال خاصة مخاوفهم من أيدلوجيا القائمين على أمر المناهج والتعليم وبهكذا ظروف وخلفية يبدأ  العام الدراسي الجديد حاملاً معة هموم الناس وحالة الفقر في حقائب الطلاب نسأل الله أن يكون عام دراسي تتآلف فيه الأرواح وتكثر فيه أعمال الخير والرحمة والبركة .

 

2 فبراير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

شوتايم يعيد للطلاب الناجحين تفاصيل المنحة التركية المجانية للعام 2021

by شوتايم2 31 يناير، 2021
written by شوتايم2

 

 

💥المنحة التركية 🇹🇷 للعام ( 2021 ) 💥

فتح حساب و تسجيل بياناتك على موقع المنحة متاح الآن ( المرحلة الأولى ) ✅

🔴 بدء استلام ملفات الطلاب الراغبين بالتقديم للمنحة التركية للعام 2021

🔴 كل ما تريد معرفته عن المنحة التركية و طريقة التقديم

🔹 تعتبر #المنحة_التركية واحدة من أشهر المنح الممولة بالكامل و التي يسعي آلاف الطلاب سنوياً للتقديم لها ، حيث تضم منحة الحكومة التركية كافة التخصصات و كافة المراحل الدراسية ( منحة البكالوريوس – منحة الماجستير – منحة الدكتوراة )

🔹 هيئة المنح التركية هي الجهة المسؤولة عن تنظيم المنحة التركية و يتم دعمها بشكل مباشر من الحكومة التركية بالتعاون مع أفضل الجامعات التركية و التي يصنف العديد منها ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوي العالم ..

🔴 تفاصيل المنحة التركية 2021 :

المنحة التركية واحدة من أسهل المنح التي يُمكن للطالب الحصول عليها ” اذا تم إتباع خطوات التقديم بشكل صحيح و اختيار الجامعات ذات فرص القبول الأعلى بالإضافة إلى الإهتمام بخطابات النوايا و التوصية ” و ذلك لإرتفاع نسب القبول بها و التي تصل إلى قبول 5000 طالب كل عام ..

🔹 توفر المنحة للطلاب المقبولين :

◾تكاليف الدراسة : المنحة ممولة بالكامل ” مجانية ” في واحدة من أفضل الجامعات التركية ..

◾تكاليف الإقامة : تتكفل هيئة المنح بمصاريف إقامة الطالب بالكامل طوال فترة دراسته ” إقامة مجانية و تشمل السكن و الوجبات اليومية “

◾تكاليف السفر : يحصل الطالب على تذاكر طيران مجاناً من بلده إلى تركيا و العكس و ذلك حتى يعود إلى وطنه ..

◾دراسة اللغة : تتيح المنحة فرصة دراسة اللغة التركية بشكل مجاني دون دفع أي مصاريف لمدة عام كامل ..

◾ تكاليف الإنتقالات و المواصلات : توفر الحكومة التركية بطاقة مواصلات لكل طالب لاستخدام وسائل المواصلات العامة بأسعار رمزية شبه مجانية ..

◾التأمين الصحي : يحق للطالب الحصول على تأمين صحي مجاني طيلة مدة الدراسة ..

◾راتب شهري : يحصل الطالب على راتب شهري تتفاوت قيمته تبعاً للمرحلة الدراسية كالآتي :

– يحصل الباحثين على 3000 ليرة تركية / شهرياً
– يحصل طالب الدكتوراه على 1400 ليرة تركية/ شهرياً
– يحصل طالب الماجستير على 950 ليرة تركية/ شهرياً
– يحصل طالب البكالوريوس على 700 ليرة تركية/ شهرياً

◾بدل سكن : توفر المنحة لطلاب الدراسات العليا المقبولين فرصة للحصول على مقابل مادي ” بدل سكن ” من أجل اصطحاب الأسرة في حال كان الطالب متزوج و لديه أطفال ..

🔴 شروط المنحة التركية :

🔹 يجب أن لا يكون الطالب المتقدم لـ #المنحة قد تم قبولة و يدرس في إحدى الجامعات التركية أو حصل على الجنسية التركية كـ جنسية ثانية ..

🔹 يستطيع الطالب التقديم للمرحلة التالية اذا كان قد تخرج بالفعل أو على وشك التخرج من المرحلة الحالية ..

أولاً : شروط التقديم لـ مرحلة البكالوريوس :

1- ألا يقل المجموع التراكمي للطالب عن 70% لكافة التخصصات ، عدا التخصصات الطبية ألا يقل المجموع التراكمي للطالب عن 90%
2- أن لا يزيد عمر الطالب عن 21 عاماً

ثانياً : شروط التقديم لـ مرحلة الماجستير :

1- أن يكون المُتقدم حاصل على مُعدل 75%
2- ألا يزيد عمر المُتقدم عن 30 عاماً

ثالثًا: شروط التقديم لـ في مرحلة الدكتوراة :

1- أن يحصل المُتقدم على معدل لا يقل عن 75% في الماجستير
2- ألا يتجاوز عمره 35 عاماً

🔴 الوثائق و الأوراق المطلوبة للتقديم :

1- شهادة الثانوية العامة ، و بيان بمعدل الدرجات
2- جواز سفر ساري أو البطاقة الشخصية
3- صورة شخصية ( يُشترط أن تكون خلفيتها بيضاء أو زرقاء اللون )
4- الشهادة الخاصة بالمرحلة السابقة ( إذا كنت تنوي دراسة الماجستير ، فستقدم شهادة البكالوريوس .. و هكذا )
5- خطاب الدافع ( النوايا )
6- خطاب التوصية ( 2 خطاب )
7- تطلب بعض الجامعات التركية اجتياز المُتقدم بعض الاختبارات مثل TOEFL ,IELTS ,SAT, YDS, GRE, GMAT

🔴 طريقة التقديم :

بعد عمل scanner واضح للوثائق المذكورة يتم التقديم أونلاين عبر الرابط التالي :

https://tbbs.turkiyeburslari.gov.tr/

🔹 باتباع الخطوات التالية :

1- قم بإنشاء حساب من خانة register و يجب أن يكون لديك إيميل فعال ، بعد عملية إنشاء الحساب سيتم ارسال رابط إلى ايميلك لتفعيل الحساب ..
2- قم بتسجيل بالدخول باستخدام الإيميل و كلمة المرور التي أنشئتها مسبقاً ..
3- قم بتعبئة النموذج المعد للتقديم خطوة خطوة ..
4 – يجب ملاحظة أن لا يتم اختيار الجامعات التي تدرس باللغة الإنكليزية إذا لم تتوفر لديك الشروط التي تطلبها تلك الجامعات مثل TOFEL أو GRE للدراسات العليا ..

🔹 الخطوات بشكل مفصل :

————————————————-

تحياتنا 💜
ادارة مجموعة السودانيون في تركيا

31 يناير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

د.عثمان برسي يكتب:موازنة2021تسونامي العجز الحكومي

by شوتايم2 28 يناير، 2021
written by شوتايم2

 

موازنة 2021
توسانامي العجز الحكومي
وصناعة إفلاس الدولة
ممثل لجان المقاومة
عثمان برسي

إذا ما قرأ المرء التقارير والتقييمات الخاصة بموازنة 2021 وقارنها بمرجعية موازنة 2020 سيجد أن للموازنة مرجعية واحدة وتذكرة رحلة واحدة دون عودة عنوانها العريض صناعة إفلاس الدولة وصناعة العجز الحكومي الضخم. .ولكي تتخذ عملية الافلاس المسار الصحيح تبذل حكومة حمدوك وأعضاء الكابينة الإقتصادية النفخ في إطلاق فقاعات الأزمة والفريق الإقتصادي الذي يقدم تقارير مضللة فيصنع فقاعة الإنفاق الحكومي الردئ وفقاعة العجز الحكومي وفقاعة المصارف التي تقود المضاربات ضد العملةالمحلية حيث الإئتمان يقود المضاربات الكبرى في سوق العملات بقيادة (الخواص) الذين باتوا عاملا حاسماً في سحق العملة المحلية حتى أنهم افقدوها خاصية التعويم ولن تكون هناك إمكانية لوضع حواجز خرصانية تصد هذا النزول الكارثي الصاروخي للعملة الوطنية وأخطر مافي الطبخة السامة التي يقدمها الخبراء المزعومين إن الانخفاضات المصممة بعناية للعملة المحلية ستوجه ضربات رباعية صاروخية بدقة في هجمة نهائية يتم الآن حشد السياسات الإستراتيجية لها لتدمير اللاصق الحيوي للإقتصاد المتمثل في النمو الإقتصادي الذي تراجع بصورة مرعبة إلى سالب( 8.4 )في مشهد إنكماشي خطير للغاية ندر أن يظهر في دولة مؤخراً، إلا في الحالة (الهوبزية) حيث الكل في حرب ضد الكل أي حالة الإنهيار الكامل للدولة وغياب السلطة. .

إن تسونامي العجز المالي الذي تقوده موازنة 2021 والذي أوشكت موجاته النهائية أن تحيق بالبلاد وبالحسابات الجريئة نقول أن الموازنة قد صممت على استهداف رهان إحداث هذا الإنهيار وذلك بغية شن الهجوم النهائي في اللحظة المناسبة والاستحواذ على المؤسسات المتعثرة وعلى المواد الخام وامبروطورية الذهب والصادر بأثمان بخسة، ستعكس الوضع المتأزم في الواقع. . هؤلاء الخبراء المزعومين استمدوا من تجاربهم السابقة دواعي اطمئنانهم وثقتهم بنجاح خطتهم إذ يقف إلى جانبهم شريك موثوق به بكل تأكيد شريك يتكفل بإستحداث الشروط الضرورية لنجاح غارتهم (صناعة العجز الحكومي) أعني صندوق النقد الدولي.

صناعة العجز الحكومي الكارثي ستكون اول الهدايا التي يقدمها خبراء كابينة حمدوك الإقتصادية الذين يديرون ويتحكمون في العجز الحكومي الماتدور الثلاثي القابع في وزارة المالية وبنك السودان والقطاع المصرفي.
موازنة 2021 كسابقتها النعل بالنعل ستنتهي إلى زيادة حفرة العجز الموازني عمقا واتساعا فلم يعد في صندوق (الضمنة) بلاطة رابحة بعد أن قام خبراء صناعة العجز بتمرير كل بلاطات الإقتصاد الذهبية إلى صندوق إقتصاد الظل وبالتالي التحكم في قوانين اللعبة.

قانون اللعبة الذي أدار توقعات خارطة العجز في2020 تمهيداً لقفل دائرتها بالكامل في موازنة 2021 ،وضع سلفاً عجزا لتمييع الكارثة المخطط لها في نهاية عمر الموازنة حيث صمم العجز الكلي بقيمة (73) مليار جنيه في موازنة 2020 ، هذا رغم ان نسبة الزيادة في بند الاجور والمرتبات مثلت ماقيمته 125% من هذا العجز الكلي بقيمة 88 مليار ج لكنه في نهاية العام أسفر عن عجز بلغ(254) مليار جنيه، وهو نتاج رئيسي لخبراء هندسة العجز الذين كانوا ينفخون بكل قوة خلف المسرح وهم يجتمعون حول تصميم( وصفة زيادة الأجور )التي التهمت عشرات المليارات وتمخضت عن عجوزات عظيمة في الميزانية الحكومية وماعادت الموازنة قادرة على الوفاء بإلتزامتها المالية والآن بدأت حرائق الأجور تهدد بالتحول إلى حرائق مدمرة تنشر ظلالها على كل المؤشرات الإقتصادية بعد أن قذفت بحمم العجز في جانب إيرادات الحكومة فحققت أضعف تحصيل لها في تاريخ السودان الإقتصادي وفي تاريخ الموازنات تدهورت فيها الإيرادات إلى (263)مليار جنيه ، وجملة المصروفات(447) مليار ج، بعجز بلغ (184)مليار جنيه ،مثل هذا العجز في نهاية 2020 ماجملته 12.4 من الناتج المحلي الإجمالي وهي نسبة قياسية بالمقارنةمع عجوزات دول أفريقيا الفقيرة .

الفرضية الأساسية المتحققة لتفسير زيادة رقعة العجز الحكومي عمقا واتساعا هي السياسات الوخيمة التي تم فرضها من الطاقم الإقتصادي القابع في مثلث برمودا في وزارة المالية وبنك السودان ومصارف الظل.

المتتبع لخارطة معدلات النمو الإقتصادي سيرى أدوات صناعة العجز وقد أخذت الطريقة الميكانيكية التلقائية يتحكم فيها خبراء الصندوق المحليين بأزرار تدار من مثلث برمودا فكابينة رفع الدعم وحدها تقود إلى انكماش في النمو الاقتصادي بلغ مقداره (8) مليار دولار وفقا لإجراءات السلاسل الزمنية في عام الموازنة 2020، (سنترك سعر الصرف والتضخم للتحليل في مقالات تفسيرية أخرى)

كان مبتكرو إستراتيجية صناعة العجز وهو نفس الفريق الذي قام بالتصميم لموازنتي 20 /2021 واللتان قادتا لخفض المستوى المعيشي للسودانيين بمقدار لم نشهده منذ سلطة الممالك النوبية ،يدركون جيدا إن هذه الإجراءات بصفتها الإجمالية ومن حيث نتائجها السلبية على السكان ستسبب في إحداث تدهور كبير في الوضع الإقتصادي وبالتالي أن يكون الإقتصاد السوداني أسير منحدر لولبي خطير يمسك بخناق المكون الجوهري المتمثل في النمو الإقتصادي بحيث يتحول إلى كساح إقتصادي وهو منحدر لولبي قد يفرض على السودان وسكانه وعلى نحو أشد صرامة طريق واحد للخروج القسري وهو طريق الجحيم مزيد من التقشف ينجو من ينجو، والآخرين لا مندوحة فهم حطب الجحيم ولهذا السبب فهؤلاء العمالقة صانعي إفلاس الإقتصاد المرتقب والوشيك على علم وثيق بالمشكلات الخطرة التي سترافق تنفيذ اجراءاتهم التي تخنق الإنفاق الجيد وتصنع العجز الردئ.

إن برنامج التقشف المطبق في ميزانية 2020 قد تم تطبيقه في المكونات المالية الخطأ وهنا أساس تضليل السياسة الاقتصادية، كما أن البرنامج لموازنة 2021 المزمع تنفيذه سيقضي على النمو الهش بكل تأكيد فالانحدار اللولبي لمعدل النمو بلغ ماقيمته (33) مليار دولار في 2020 بهبوط (6) نقاط هابطا من (2،5_)% ،ونعزو ذلك إلى الحقيقة الاقتصادية التي ولغ فيها خبراء العجز بتفضيلاتهم وفرضياتهم الخاطئة التي ارتكزت على منح الأولوية لسد العجز فكانت المحصلة النهائية لسياسات الموازنة أن زادت العجز عمقا ورقعة (Self _defeating policy ) السياسة تهزم نفسها بنفسها.. بيد أن صناعة هذا العجز مدبر بعناية وفق مخطط مرسوم وهدفه إيجاد المسوغ الإقتصادي لكي تخرج الدولة من إدارة الإقتصاد وفق مخطط ذئاب دبي وغول واشنطن وقطط مثلث برمودا المحلي وبالرغم من أن موجهات موازنة 2021 للجنة العليا للموازنة نادت بضرورة زيادة معدل النمو الاقتصادي أكثر من التفكير في تقليل العجز، إلا أن مهندسي صناعة العجز يريدون أن يضرموا النار في مكون النمو الاقتصادي.

صناعة مجزرة العجز الحكومي في موازنة 2021 تنتهج نفس أدوات مذبحة العجز في موازنة 2020 ،حيث تم تضخيم أرقام الموازنة بنسبة (200 )% حيث المتعارف عليه في زيادة أحجام الموازنات يجب أن لايتجاوز ال(20)% وهذا يكون محكوم بالطواري القصوى وتجهيز مؤسسات الضبط والمراقبة المالية فكانت النتيجة في نهاية الموازنة عجز كارثي جعلهم يلجأون إلى حيلة الموازنة المعدلة والتي كان حديثهم عن تعديلها ظاهره الرحمة وباطنه العذاب والتي صمموا فيها تخفيضا هائلاً في مكون الإنفاق الحكومي وصل إلى (500)% بدون تحليل إقتصادي لمضاعفات الإنفاق مما قاد لاحقاً إلى فقدان النمو الإقتصادي ما قيمته (105) مليار دولار بهبوط في معدل الناتج المحلي الإجمالي بمقدار (9) نقاط في سابقة تاريخية .

مثلت هذه الإجراءات الاقتصادية ضربة قاصمة لمكون الاستهلاك ،فقدت فيها اجمالي معدلات الدخول للسودانيين ما قيمته (35 )مليار دولار على أساس سنوي، تحرك معها منحنى دخل الفرد السنوي مقوم بالدولار هبوطيا من (3.75) الف دولار إلى (400) دولار فقط ،يمثل انحدار كارثي تاريخي لمعدلات دخول السودانيين نتاج نتاج التلاعب المصمم بدقة بمضاعف الإنفاق الحكومي على إثرها قادت أعظم انكماش في النشاط الإقتصادي مصحوب بكساد وخيم تسبب في انهيار الناتج المحلي بنسبة (_8.4)% في المجمل عند إنعقاد اجتماعات موازنة 2021.

على الرغم من جميع ماخلفته السياسات المصممة لموازنة 2020،وماتركته من نتائج مأساوية وآثار بشعة سناتي لها لاحقاً لم يفكر رئيس مجلس الوزراء ولا ثالوثه الذي يدير مثلث برمودا بضرورة إعادة النظر، ففضل مهندسي صناعة إفلاس الدولة متابعة ماتبقى من إستراتيجية حيث تمت مضاعفة حجم الميزانية في2021 إلى ( 350) % فرغما عن أن الإيرادات الكلية في موازنة 2020 قد بلغت (263.746 )مليار جنيه إلا أنهم وضعوا المستهدف لموازنتهم في 2021 في جانب الإيرادات مامقداره (938.2) مليار دولار وبهذا المعنى امست سياسة صناعة العجز قاب قوسين أو أدنى من أن تضل سبيلها وان تفشل في بلوغ هدفها، فكيف سيتحصلون على هذه الإيرادات الضخمة والنشاط الإقتصادي في الحضيض بمعدلات سالبة، لاشك أن زيادة الضريبة بالنسبة الموجودة في أرقام الموازنة والبالغة زيادة بمقدار 60 % ستحرر شهادة الوفاة لهذه المناورة الغبية أمام شعب ديسمبر الذي لم يختبره خبراء العجز أولئك
نواصل ….

28 يناير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

محمد عكاشة يكتب:واشنطن والخرطوم …..نحو افق جديد

by شوتايم2 23 يناير، 2021
written by شوتايم2

 

واشنطن والخرطوم..نحوأفق جديد؟!
____
محمدعكاشة
_____
إنتخابات الرئاسة الأمريكية ملأت الدنيا وشغلت الناس ليؤكدالناخب خلالها علي حرص الشعوب الأمريكية علي تعزيز النموذج الأمريكي الملهم لدولة المؤسسات والديمقراطية والحرية والعدالة القضائية التي تحفظ لرجل مثل دونالدترامب يتخبطه الشيطان من المس حقه في التقاضي يقوم ينقض عري نتائج الإنتخابات الصحيحة غير أنها في ذات الوقت تضعه وفق سيادة (القانون) تحت دائرة الإتهام علي ذمة قضايا أخري.
دونالدترامب يتسلل لواذاً من المكتب البيضاوي إلي مقر إقامته الدائم في ولاية فلوريدا وهو لايقبل من الهزيمة بالإياب لتشيعه لعنات الأمريكيين علي أربع حجج خلون يعدونها سنوات عجاف في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية وهم يترجون بولاية الرئيس المنتخب جوبايدن إستعادة الوضع صورته المثال وماأفسدالعطار.
الرئيس ترامب رغم سياساته التي اتسمت بالرعونة وتغريداته الملتبسة بالحماقة إلا أنه لم يك يقضي ثمت أمر خارج دائرة الاستراتيجيات العليا التي تترسمها الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسساتها التشريعية بالنظر إلي اهمية الأمن القومي الأمريكي خصوصاً السياسات في الشرق الأوسط وخارطته والتي ترتفق بالموقف الأمريكي من التهديدات الإيرانية وهو موقف ثابت يتدرج صعوداً وهبوطاً كل حين يدعمه المسعي الأمريكي لجعل التفوق الأمني لدولة إسرائيل هو سنام الأمر في الشرق الأوسط ولذا فإن رعاية إدارة ترامب لاتفاقيات السلام التي أبرمت مع بعض الدول العربية كانت خطوة مؤكدة من أجل شرق أوسط جديد ضمن السياسات الكلية لرعاية المصالح الأمريكية في العالم فعشية إعلان التطبيع بين تل أبيب وأبي ظبي أكد مايك بومبيو علي التفوق الأمني والعسكري لدولة إسرائيل في إشارة متضمنة لموقف واشنطن من رغبة دولة الإمارات واستحقاقاتها في إمضاءصفقة مقاتلات إف 35التي تعتبر من أكثر الأسلحة تقدماً في الترسانة الأمريكية كإحدي ثمرات التطبيع مع الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية.
إدارة دونالدترامب في ذات الإتجاه قامت ترهن رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بجدوي التطبيع مع تل أبيب وهي تستشفع بالتحول الجديد بسقوط نظام البشير الاسلاموي وتعتبره شرطاً بعد دفع (غرامة) تفجير سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في نيروبي ودار السلام والمدمرة كول تعويضاً لأسر الضحايا الأمريكيين وعلي الرغم من أن رفع العقوبات الأمريكية عن الشعب السوداني إستحقاق تشاركه السودانيون بدماء الڜهداء وجهود دولة رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك وعلاقاته الكونية غير أن دونالد ترامب تخذه ذريعة يلوح بين يدي الناخب الأمريكي بأنه حامي مصالحه ثم هوموقف يتسق إستراتيجياً يدعم دولة إسرائيل التي ترغب بصورة جدية إلي علاقات طبيعية مع خرطوم ( اللاءات الثلاث) بغرض أكدته في تصريحات المسئولين الإسرائيليين بأن الإتفاق مع السودان ينطوي علي بعد مصلحي راجح.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام في أكتوبر الماضي بالتوقيع علي الأمر التنفيذي برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ثم تبعه موافقة الكونغرس الأمريكي بإعادة قانون الحصانة السيادية للسودان يقفل الباب أمام من أي دعاوي محتملة أمام القضاء الأمريكي وكلا الخطوتين تعتبران بمظنة مسارات جديدة للسودان لإستعادة مكانته في المجتمع الدولي وتحسين إيجابي لعلاقاته مع واشنطن بعد قطيعة دامت نحواً من ثلاثة عقود غيرأن ذلك لا ينفك عن الإطار العام للسياسات الأمريكية فالمشرعان الأمريكيان ضمن قانون الانعاش الاقتصادي والتمويل الفيدرالي الأمريكي يمرران تشريع إعادة الحصانة السيادية للسودان بالتشديد علي أهمية العلاقات السودانية الأمريكية وهما يؤكدان علي أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية ومصالح الأمن القومي تكمن في دعم العملية الإنتقالية والتحول الديمقراطي في السودان.
العلاقات السودانية الأمريكية المتطورة تلقي دفعاً أكبر بولاية الرئيس المنتخب جوبايدن فهو وحزبه يعملان علي دعم الديمقراطية ورعاية حقوق الإنسان وتحفيز مصالح الشعب الأمريكي فالسودان محط للمصالح الاقتصادية الأمريكية فضلاً عن إطمئنان أمريكا وحليفتها إسرائيل إلي خلو سجلاته من الأنشطة المعادية لهما ففي ظل نظام البشير كان السودان مسرحاً تنطلق منه إيران تعمل علي تهريب السلاح إلي قطاع غزة وكانت دولة تركيا تتخذ من منطقة شرق السودان بؤرة للتخابر ضد دول الخليج بمايشكل تهديداً للمصالح الأمريكية وهما بطي صفحة نظام الإنقاذ أخذت الولايات المتحدة الأمريكية تتطلع لإستعادة نشاطها الاستثماري في السودان بعد خروج الشركات الأمريكية التي كانت تعمل في البترول والزراعة والصناعات المختلفة وهو ما حدا بوزارة الخزانة الأمريكية وكبريات الشركات الأمريكية بإدارة حوارات مع حكومة حمدوك بغرض التعاون مع وعود بمحاولة جدولة ديون السودان وإعفاء بعضها.
الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن سوف يؤكد بالعمل الخطوات الأمريكيةالموجبة لدعم الحكومة المدنية في الخرطوم بماخوله له مشروع القانون الخاص بدعم السودان الذي أجازه مجلس النواب الأمريكي وفقاً لتشريع المساءلة والشفافية المالية بما يدعم الإنتقال الديمقراطي بإنهاء سيطرة الجيش علي الشركات الاقتصادية لتعزيز سيطرة الحكومة المدنية علي الاقتصاد القومي وبالسيطرة علي الأجهزة الأمنية حتي لا تعمل علي الإنقلاب علي الديمقراطية أو الوقوع تحت براثن القوي الإقليمية للعودة القهقري بكفكفة الحريات المدنية للمواطنين السودانيين.
العلاقات السودانية الأمريكية في ظل الإدارة الجديدة سوف تشهد تطورات مضطردة تنعكس علي الاقتصاد السوداني الذي يشهد تردياً كبيراً بسب أعراض الإنتقال من نظام شمولي قام بنهب مقدرات البلاد ومايزال يمسك بمفاصل الإقتصاد وموارده وموازناته ويبسط سيطرته علي السوق ومعاش الناس ولذا فإن الإشارة إلي إعتزام الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن زيارة السودان ضمن جولاته الخارجية أمر متوقع يعزز أهمية العلاقات بين البلدين بمايرعي مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة والإقليم.
makasha141@gmail.com

23 يناير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالاتعام

شاهد بالصور :جو بايدن واحفاده يشيعون البهجة في البيت الابيض

by شوتايم2 22 يناير، 2021
written by شوتايم2

 

 

بعد ساعات قليلة من تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية، جو بايدن، خطفت براءة الثنائى أمارا البالغة من العمر أربع سنوات، وليلا البالغة من العمر عامين بنات أخت كاميلا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، الأنظار لهما، حيث كانا برفقة والدتهما مينا هاريس والتي تعمل محامية ومؤلفة كتب أطفال وضمن حملتها الانتخابية، كما سرق أحفاد جو بادين وهم نعومي وفينيجان ومايسي وناتالي وابنته آشلى الأضواء إليهم بسبب أناقتهم.

وظهرت أمارا وليلا بنات ابنة أخت نائبة الرئيس الأمريكى الأنظار وهما يجريان في ممرات البيت الأبيض ويختبئان تحت الطاولات في مكتب خالتهما الجديد، حيث يتمتعان بخفة ظل كبيرة. 

وشاركت مينا هاريس، 36 عامًا، وهي محامية ومؤلفة كتب أطفال، مقاطع الفيديو على صفحتها على إنستجرام وتيك توك والتي كرستها لحملة أختها كاميلا هاريس الانتخابية، والتى حققت أكثر من ربع مليون مشاهدة مع العديد من التعليقات الرائعة من آلاف المعجبين، كما حققت أيضا أكثر من مليون مشاهدة على موقع تيك توك.

أحفاد جو بايدن وابنته
أحفاد جو بايدن وابنته
أسرة جو بايدن
أسرة جو بايدن

كما خطف أحفاد الرئيس الأمريكى جو بايدن وابنته آشلى الأضواء فى ليلة حفل تنصيب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تألقوا فى إطلالات أنيقة خلال الحفل الذى شهده الملايين حول العالم.

بنات أخت كامايلا هاريس (1)
بنات أخت كامايلا هاريس (4)

وكانت آشلي بايدن، الابنة الأولى للرئيس الأمريكى جو بايدن، حرصت على ارتداء بدلة سوداء رسمية، حيث ظهرت فى إطلالة مبهجة خلال حفل تنصيب والدها رئيسا للولايات المتحدة، حيث تميزت البدلة التى صممها رالف لورين ببنطلون مفصل، مع ربطة عنق منقوشة، وبلوزة بيضاء غير مزخرفة، إلى جانب حذاء أسود وقناع للوجه لحماية نفسها من فيروس كورونا المستجد، حسبما ذكرت “نيويورك بوست”.

 

بنات أخت كامايلا هاريس (5)
بنات أخت كامايلا هاريس (6)

كما أن أحفاد بايدن نعومي وفينيجان ومايسي وناتالي ارتدوا أزياء من نفس العلامة التجارية التي أسستها المصممة ألكسندرا أونيل، وحرص أحفاد الرئيس الأمريكي الجديد وابنته على التقاط صور تذكارية خلال حفل التنصيب، أمس الأربعاء.

بنات أخت كامايلا هاريس (7)

وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، أدّيا اليمين الدستورية، أمس الأربعاء، خلال حفل التنصيب الذى أقيم في مقر الكونجرس الأمريكي، حيث شهد حفل التنصيب إجراءات استثنائية بسبب القيود التي يفرضها وباء كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن رؤساء الولايات المتحدة السابقين بخلاف ترامب حرصوا على الحضور.

 

بنات أخت كامايلا هاريس (8)

بايدن الذي بدأ حياته السياسية عام 1973 حينما تم انتخابه عضواً بمجلس الشيوخ، وكان منذ ذلك الحين أصغر نائب يتولى هذا المنصب، يمتلك مسيرة حافلة في العمل العام، حيث تولى مناصب امتدت علي مدار حكم ثمانية رؤساء من ريتشارد نيكسون وحتى باراك أوباما، لكن المنصب الأعلى استعصى عليه دائما، قبل أن ينضم بايدن إلى صفوف الرؤساء رسمياً اعتباراً من ليلة الأربعاء.

 

بنات أخت كامايلا هاريس (3)

 

بنات أخت كامايلا هاريس (10)

بنات أخت كامايلا هاريس (9)

22 يناير، 2021 0 comment
3 FacebookTwitterEmail
المقالات

ياسر عرمان يكتب …طيْفٌ مِن عبد الله بولا نَفْس المَلامِح ولا شَبَه

by شوتايم1 18 يناير، 2021
written by شوتايم1

 

مدخل أول:

عبدالله بولا كان تشكيلياً ، حلم بتشكيل العالم على نحو أكثر إنسانية واحتفظ ببعض ( الأحلام المؤجلة) لقد كان عبد الله بولا؛ مُثقّفاً موسوعياً ومرتباً ومتعدّد الضّفاف والمواهب وفنان يرتدي أكثر من عباءة وأكثر من بُعد؛ لقد كان مألوفاً وغريباً معاً.
وكإنسان كان بسيطاً وعادياً تماماً مثل حبّات التراب والماء وكان صارم الملامح والقسمات، وينطبق ذلك على محاكماته الفكرية والثقافية، ولم يتورّع عن خوض المعارك الفكرية والجدل الثّقافي حيث كان منحازاً فيه ومنتمياً بإمتياز للفقراء والمهمّشين.

مدخلٌ ثانٍ:
قال الفيسلوف الإغريقي هرقليطس الذي عاش قبل الميلاد (الوجود في تغيير دائم وتدفق مستمر) وأضاف: (لا شىء ثابت سوى التغيير). إن عامة البشر يعشقون المألوف ويخشون الجديد، والتّقدميين منهم يتعاملون بإيجابية مع الجديد مع إتقان الوجهة العامة والصّلات الجدلية بين القديم والجديد، إن مقاومة الجديد هي المحافظة بعينها وحينما نتقبل الجديد لا يعني أننا قدريين ومستسلمين بل هو الانسجام والنظرة إلى الأمام ومع ذلك فإننا جميعا بدرجة من الدرجات نخشي الغد والمستقبل وغير المعلوم والمجهول فينا، ونخشى الشيخوخة والكورونا ونحِنُّ إلى زمن الطفولة والشباب.

مدخل ثالث :

من يُحسن حكم الخرطوم يستطيع أن يبني سودانا جديداً؛ فالخرطوم اليوم ملخصا دقيقا ليوميات السودان واحواله وسعادته وتعاسته وامهات قضايا البناء الوطني ، وهي السودان المصغر الذي يحتوي كل البلاد بمكوناتها ومثلما هو حال بلادنا، تعاني هذه المدينة المنتشرة بلا نظام وانتظام من احتقانات اثنية وطبقية واجتماعية مركبة ومعقدة تكاد تنسف أسس الوجود والتعايش الإجتماعي، وهي مليئة بوجدان متعددة المشارب والجهات والتوجهات، وبقدر ما ينفتح الناس في الأسواق فإنهم ينغلقون في الجغرافيا والاثنية حينما يعودون إلى احياءهم ، أضف الى ذلك هشاشة الدولة ومؤسساتها واضطراب أهم قطاعاتها، والمدينة تريّفت ويبست بعض خدماتها والكورونا تأبي إلا أن تدلوا بدلوها، والموت أصبح عادياً تماماً والأحزان خالية الوفاض.
الجوع كافر خارج قائمة الإيمان ولا يدخل الجنة، والثّقافة والإبداع ومنتدياتها مثل أعواد الذرة في موسم الصيف بعد الحصاد. والمدينة تضم اخصائيين من كل شاكلة ونوع في توزيع السّلطة والثّروة، والرؤية مثل عربة خلف الحصان، وقلّ الأخصائيين في دروب الفكر والثقافة!.
وإذا ما عاد عبد الله بولا مرة أخرى؛ لكان مدخله من هناك، ولبحث عن نظرة كلية شاملة لمجمل الحال المائل ولما أغفل الطعام والسلام والمواطنة بلا تمييز في مدينة تُعاني من انقطاع الحوار.

كنت اسير في الطرقات معتمراً قناع الكرونا الذي يصلح للصحة والتمويه في حي بدا نظيفا بشكل استثنائي مقارنة بمعظم اخواته واخوته البائسين من احياء المدينة التي فاضت باكثر من فيضان النيل الأخير، ومؤسساتها تستحلب الريف وتستورده إلى المدينة دون أفق للحلول، والمدينة تجذب التنوع دون رؤية أو خطة وعلى باب الله.
(1)

للمرة الأولى التقيته بعد أن عاد بعد طول غياب بُعيد انتفاضة أبريل1985 بعد أن حدثنا في ندوة اقيمت بمعهد الموسيقى والمسرح عن لقائه بقيادات من الحركة الشعبية في أديس أبابا، وهو يتحدث بلغة جاذبة وأنيقة، ولما كنت مولعاً بالحركة الشعبية وقررت الانضمام لها ذهبت لأستوثق من عقل تنويري لا يؤمن بوثوقية ودائم الشّك وطرح الأسئلة، والثّابت الوحيد عنده هو التغيير. وفي تلك الأمسية بضاحية البراري حدثني بحب ومودة واحترام عن الحركة الشعبية وكان ذلك ما أردته منه لاندفع بعدها في طريق الإنضمام إلى الحركة الشعبية غير آبه بالتّفاصيل.

(2)
في أمسية اليوم كنت عابراً في الطريق مثلما أنا عابر في الحياة، والطقس جميل مثل الربيع. وفي حي من أحياء الطبقة الوسطى في عنفوانها وشبابها وصحتها في السّتينيات كسته تلك الطبقة بالاشجار الظليلة التي نبتت على جانبيه ؛حينما نبتت الطبقة الوسطى نفسها من مجتمع كانت قيم العمل والنزاهة والتعليم عنوان لطموحاته واحلام الستينيات الواسعة الخطوات. وفي الستينيات نمى عبد الله بولا وترعرع حتي أضحى قنديل من قناديل المعرفة وسراج مُنير للتّنوير واينما ذهب إلى مدن العالم الفسيحة حينما استقر في باريس تلك المدينة التي تشبه المتاحف، قطف من أحدث منتجات التنوير والمعرفة وعاد بها إلى بلاده وشبابها. هكذا هو عبد الله بولا مُبتدراً المعارف ويجود بها على الآخرين وعالي الكعب وجميل الأحاديث، حينما التقيناه وقد كنا شبابا، عند عودته من باريس بعد انتفاضة ابريل 1985 أشعل منتديات المعرفة واشتعل. لم يأتي إلى بلادنا من باريس بالموضات وأجمل الأزياء بل أتى بالمعرفة متحدثا عن الجديد من أدوات ومناهج الثقافة والفكر وهموم الأفارقة والإنسانية، كانت تلك بضاعته الوحيدة التي حملها من قلب باريس وكان قلبه وعقله مفعماً بالمعرفة وحب السودان.
(3)

بينما كنت عابرا عند أطراف المساء مرّ شخص بالقرب منا، كنت أسير برفقة يوسف يس والدكتور فتاح عرمان، واشرت لهما إلى أن هذا الرجل نُسخة أخرى من عبد الله بولا وكأن بي أراه يعود إلى الحياة من جديد نفس الملامح ولا شبه .
عادت بي الذاكرة والحنين إلى ذلك الإنسان الممتاز والذي سعى بأن يكون كل إنسان آخر ممتاز أيضا. وعلى المرء أن يسعى ربما ادركه الفلاح. كم تمنيت لو أدرك عبدالله بولا ثورة ديسمبر وهو في عنفوان الذاكرة ليلتقي باجيال الغاضبين بلا حدود، فهو عقلاني وغاضب بلا حدود وغضبه مسنود بمعرفة عميقة مبذولة للجميع.
فلقد كان عبد الله بولا معادياُ للاحتكار والاحتكارات؛ زرته في أيامه الأخيرة في منزله في ضواحي باريس ووجدته محاطا بزوجته الأستاذة نجاة محمد على وبناته، وظللت على إتصال معها متفقداً احواله ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وكم احزنني رحيله قبل الأوان وقبل أن ينهي مشروعه الفكري والثقافي الذي لا ينتهي.
(4)
عند الإنسان المضياف واسع الكرم والذي عرف بتقدميته في صفوف الحركة الشعبية وأول طبيب انضم إلى صفوف الجيش الشعبي و اصبح لاحقاً اول سفير من جنوب السودان لجمهورية السودان وجمهورية جنوب السودان في واشنطن على التوالي؛ الصديق العزيز والذي لا يسقط من الذاكرة الدكتور اكيج كوج والذي تخرج من كلية الطب جامعة الخرطوم، في منزله في باريس أمضينا ليلة ممتعة برفقة فاقان اموم وشخصي- واتصلت بعبد الله بولا الذي أتى مبكرا وكان ينوي أن يعود مبكرا لانه كان يعمل في ذلك الوقت، وانتهي بنا الحال في حوار وسياحة فكرية وإنسانية حتي السّاعات الأولى من الصباح وبدلاً من أن يذهب إلى منزله ذهب إلى المكتب.
لقد كان عبد الله بولا انسانا رفيع الثقافة وحينما ابحر خلف البحار بعيدا عن وطنه ابحر الوطن في ذاكرته ولم يفارقه ابداً ،وفي طيات ذاكرة أيامه الاخيرة تبقت بربر وصورة والده ثابتة لا يمحوها الزمن.
(5)
في جنيف قبل قدومنا لباريس ذكرتُ لفاقان ضرورة ان نلتقي في باريس ليوسف حزّان وريموند استامبولي أيقونات اليسار المصري وزملاء هنري كوريل الذين وبعد أن طردوا من مصر عكفوا على مساعدة حركات التحرر الوطني من الجزائر إلى جنوب افريقيا واميركا اللاتينية. وفي حديثنا في تلك الليلة فاجأني دكتور اكيج كوج بان المنزل الذي يسكنه لم يكن ليستطيع فعل ذلك إلا بضمانة من يوسف حزان، ولاحقاً التقينا بيوسف حزان وريموند ستامبولي مع هالة بابكر النور والشفيع عبد العزيز وهذه قصة تحتاج لأن تحكي وتدون.
(6)
إن الذي التقيته عابرا في امسية اليوم ؛ لم يكن عبد الله وكان طيفا من اطيافه الشديدة الملامح، ولكن طيفه الحقيقي لا زال موجوداً في كتاباته العديدة العابرة للبحار والزمان والمسافات . ولطالما أعجبني وفاء الدكتور حسن موسى لاستاذه وصديقه عبد الله بولا، واطربني حديث الدكتور النور حمد وهو يشكل لوحة آخرى لعبد الله بولا استاذه في حنتوب الثانوية وكلية الفنون حينما قدمه لمنبر سودانيز اون لاين في العام 2004.
إن ثورة ديسمبر ومنتديات الثّقافة والشباب تحتاج أن تحتفي بعبد الله بولا هذا الإنسان المميز في سماوات الثّقافة والفكر وحتي يتعرف عليه شباب اليوم على نحو أفضل مثلما تعرفنا عليه حينما كنا شبابا عند انتفاضة ابريل ١٩٨٥، فعبد الله بولا بوابة تفتح على كل انتفاضة وثورة.

الخرطوم
23 ديسمبر 2020

18 يناير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

ياسر عرمان يكتب…دِفءُ الشّتاء ..عند مِسلّةِ الجنوبي

by شوتايم1 18 يناير، 2021
written by شوتايم1

 

كانت مَاري مِيشيل لويس وزكريا إسماعيل موسى؛ كائنين غريبين وبقدر ما هما شديدي الاختلاف أزمنةً وجُغرافيا وفي النّظرة لبعض جوانب الحياة؛ إلا أنهما كانا شديدي التّجانس كيميائياً ويتنقلان في أحاديثهما كفراشات البراري المُتحرّرة من كل قيدٍ .

مُنذ لقائهما الأول؛ ومنذ البداية اْشتبكا في حوارٍ عميق واْشتبكت روحيهما في حوار أعمق لم ينقطع وخلّف آثاره عند كل أمسية ونهار من لقاء.

كان زكريا على موعد لإجراء حوار إذاعي لبضعة دقائق، حدّثته عبر هاتفها الجوال على نحوٍ مهني خالص في أول زيارة له لباريس في تسعينيات القرن الماضي، أحكما المواعيد وهو في طريقه لمقابلته الإذاعية لم يفكر كثيراً؛ فهي واحدة من مئات الّلقاءات التي أجراها من قبل، والقضايا صافية في ذهنه ولا تحتاج إلى تحضير والفارق الوحيد كان؛ أن دلف إلى المبنى الفخم للإذاعة والتلفزيون في قلب باريس للمرة الأولى؛ واستقبلته عند صالة الاستقبال، وكان من عاداته أن يتأخر قليلاً، ولكن هذه المرة وصل في مواعيده كقطار سويسري.

تبادلا التّحية، كانت مختلفة وتشّع من عينيها طاقة الحياة ،مدت يدها قائلة: ماري ميشيل؛ ورد: زكريا موسى.

التقت عينيهما للحظة قصيرة، عبرا نحو الأستوديو بعد أن توقف المصعد وهي تحاوره بمهنية عالية، تأملها للحظة وانتهى الحوار الإذاعي في بضع دقائق، ثم دعته لتناول القهوة في مكتبها، إذ كان لديه بعض الوقت ورحب عن طيب خاطر وقد أثارت فضوله وهي تحاوره بظل خفيف؛ وحينما اصطحبته إلى مكتبها الذي كان يضجّ بطاولات متعددة وآخرين يتسابقون في نقل قصاصات الأخبار من طاولة لأخرى ويتهامسون وهم يعالجون الأخبار العاجلة، جلست إلى طاولة مكتبها بعد أن وضعت كرسياً إضافيا أمامها ودعته للجلوس، ابتدرت الحديث عن آثار الحروب في إفريقيا وتنقلا بين عدة قضايا وكانت أعينهما تشع بإشعاعات مضيئة تشئُ بأن هنالك أشعة فوق بنفسجية من المحبة قد اخذت تتسرب إليهما.

قدّمت له فنجان من القهوة ارتشفه على مهلٍ؛ وهما يتحدّثان بشيء من المناجاة التي بالكاد تأخذ طريقها وهو ينظر اليها نظرات متقطعة كانت كافية لبداية حوار لن ينتهي الى ان تغيبه الحياة .
كان بعض زملاؤها ينبهونها لموعد نشرة الأخبار القادمة وبان هنالك حواراً مع احدهم سيأخذ طريقه اليها في اثناء قراءتها لنشرة الاخبار، حينما انتهى من قهوته قررت اصطحابه الى صالة الاستقبال حيث التقته للمرة الأولى، واستقلا المصعد الذي اخذ ينهب طوابق البناية وهو في طريقه الى الاسفل من غير انتظار وبدا ان كلاهما كان راغب في مواصلة حوار يأخُذُ وقتاً طويلاً كصلاة جنازة لأحد النبلاء الكبار، والقساوسة يتحدثون عن محاسنه العظيمة؛ وبعض المساوئ التي حولوها بقدرة قادر إلى محاسن، وجوقة التراتيل تقطع أحاديث القساوسة مواصلةً انشادها، كان القساوسة لا يتوانون عن الحديث عنه كانسان طاهر بلا خطيئة لاسيما حينما يتذكرون عطايا النبيل التي لا تملأ جيوبهم، والولائم التي يسيل لها اللعاب وبقدر ما يفكرون في عطاياه يتمنون ان يجزل ابنه الجالس في الصفوف الأولى عطاياه ويجزلون الحديث عن الميت وهم يحفظون بعضه عن ظهر قلب مع اضافات جديدة لائقة بالمناسبة، وقطع حوارهما وحبل تفكيرهما اشارة من المصعد انه قد وصل باب الاستقبال ودّعته ومضى الى حال سبيله والى مواعيده الأخرى وقد وجد التاكسي الذي بعثت به محطة الاخبار ليقله في انتظاره .

وُلدَ زكريا موسى في مدينةٍ ساحليّة، نما وترعرع بها حتى بلغ الرابعة عشر من عمره، لا زالت ذاكرته حية ونديّة تحملُ في طيّاتها طفولتهِ السعيدة، وحياته هناك حتى شارف سنوات النُضج، يتذكّرُ النوارس التي تُجمِّلُ الساحل بحضورها، ولكنها تغيب، وصديقُ النوارس يحملُ بعض الأسى حينما ترتحل إلى حيثما جاءت من شواطئٍ أخرى بعيدة، ويتذكر عُمّال الشحن والتفريغ والحمّالين البائسين الفقراء عند أبواب الميناء وقد أخذت الآلات تحلُّ مكانهم وتزيدُ من عذاباتهم وتقذفُ بهم إلى الشوارع، وهم بملابسهم المتسخة الرثّة وكأنهم من مدينةٍ قد ضربتها حرب، ومع ذلك فإن كبريائهم الذي يتجاوز شموخ الجبال المحيطة بالمدينة يظلُّ ملازماً لهم، وهم يستقبلون البواخر بالفرح وهي تقتات من سواعدهم مقابل لُقيمات وقهوةٍ مُرّة وشرابٌ ردئ ينتهي بقتالٍ وخلافاتٍ تنشُبُ بينهم من حينٍ لآخر. لقد كانت البواخر والقطارات تنقل خيرات وموارد البلاد جيئةً وذهاباً، ومع ذلك فإن أطفال المدينة وشيوخها يتسولون عند أبواب السفن ومحطات القطار.

يتذكرُّ الهنود واليونانيون والأرمن وأحيائهم المميزة ومنازلهم المختلفة، مثل ثقافاتهم وهم يختلطون مع سكان المدينة في التجارة طوال النهار، ويعتزلونهم في الحياةِ الاجتماعية عند المساء على أضيق نطاق، لهم أنديتهم الخاصة وأماكن سمرهم ولهوهم، لم يجد حينها زكريا تفسيراً لذلك، فقد عاش في حيٍّ متوسط في المسافة الفاصلة بين فقراء وأغنياء المدينة، وتذكر صرامة والدِه الذي يدفعه دفعاً نحو التعليم والتحصيل وحُزنِهِ على أصدقائهِ وهو يستقلّ القطار مع والده ووالدتهِ وأخوتِهِ ويغادروا المدينةَ إلى الأبد، لقد أحبّ المدينة وأحبّ البحر وملابس فقرائها وسكانها الأصليين ولغاتهم المحليّة التي تعلّم بعضها، هو الذي قرأ كثيراً عن تاريخهم بعد ذلك وأن لغتهم أقدم من اللغة الفرنسية والانجليزية، وأنهم قد ركبوا البحر قبل الأوروبيين إلى بلاد بونت، وتبادلوا التوابل والحرير والمِسكْ وعيدان الصندل وريشِ النعام وسنُّ الفيل، وتذكّر كيف شعر بالضياع حينما انتقل إلى العاصمة مع والده وأخذ في التعرُّف على جدرانها وحيطانها التي بدت له أكثر تعقيداً ومضيعةٌ للوقت، وابتسم وهو يرى نفسه في قلبِ باريس متذكراً عاصمة بلاده، والحنين الذي يأخذ بتلابيبه من حينٍ لآخر، وقد داومَ على الأسفار والترحال.

وهو غارقٌ في تفكيرهِ، مرّ بالقرب من مرآةٍ كبيرة في إحدى الفترينات التي تبيعُ ساعاتٍ غالية الثمن ونظر إلى هُندامه، وقد كان على عادتهِ أنيقاً، وكان اختيارهِ لبدلته وربطة العُنق بعناية، رغم ثمنهما الزهيد، ولكن أناقتهما لا تَخفى.

كان طقس باريس متقلب وبارد وقارص يتسرب الى داخل ملابسه الشتوية متزامناً مع تسرب دفء اللقاء والحوار والقهوة عند طاولة ماري ميشيل لويس وهو يتأمل بطاقتها الانيقة في يده.

بعد بضع دقائق استغرقتها نشرة الأخبار؛ رنّ هاتفه وكان صوتها على الطرف الاخر وهي تبتدر حواراً جديدا مبدية الشكر على مجيئه وسعادتها بالحوار، أكد امتنانه وأدرك بحدسه ان ذلك بداية لحوار جديد وكان الوقت نهاية اسبوع واقترح عليها ان يلتقيا إذا ما سمح وقتها بذلك واجابت بأريحية بانها على استعداد للقاء في المساء او نهاية الأسبوع القادم، قال لها انه غير متأكد من وجوده في باريس نهاية الاسبوع القادم اذ ربما سيذهب الى مكان اخر، اتفقا على اللقاء ذاك المساء.

اخذ يستعيد حواره معها عند طاولة مكتبها ويحل بعض شفراته واعادة ترتيبها من جديد، ويُمنّي النفس بان الشفرة غير المعلنة التي توصل اليها من ثنايا حوارهم المباشر والصامت معاً والذي اكملته نظراتهما المتقطعة تمنى ان يكون ما توصل اليه هو الحقيقة وقارن ما بين لغتها المهنية حينما هاتفته للمرة الاولى لإجراء الحوار ودفء صوتها في المحادثة التي اعقبت الحوار؛ وان لم تهاتفه كان سيفعل وفكر بعمق في تفاصيل اللقاء القادم وهو موقن بان ضحايا الحرب في افريقيا سوف يزداد عددهم بآخر، وسره ذلك .

كان سعيدا بانه تصرف كانسان ناضج ودعاها لتناول شيء من الشراب وابتسم حينما تذكر سؤالها له عن مكان اللقاء وهو الذي يحفظ مكان واحدا في باريس في بداية معرفته بالمدينة واجابها على الفور محطة (الكونكورد) بالمترو عند المسلة المصرية التي تقف عند باحتها الواسعة .

أخذ يُفكِّر في المسلة المصرية التي جاءت أو جيء بها إلى باريس وتم نهبها أو سرقتها أو اهدائها من الخديوي محمد علي باشا عربون صداقة مع فرنسا في رواية ؛ والذي اهدى مسلة اخرى من الكرنك لبريطانيا اكثر جمالا وكان من المفترض ان تؤخذ الى لندن كهدية ولكن انقذها عدم توفر الوسائل اللازمة لنقلها لضخامة حجمها لحسن الحظ او سوؤه هذا يعتمد على المكانة التي تقف فيها من هذه القضية، وفي النظرة الى موضوع المسلة المصرية أو الفرنسية منذ اكثر من 187عاما والتي اتت بإصرار وجهد من العالم الفرنسي شامبليون والذي يحمل احد شوارع القاهرة اسمه ايضا !! كان شامبليون لا يريد لها ان تكون في ميدان الكونكورد وعند مرضه أصر الامبراطور على وضعها في هذا الميدان فشكرا للإمبراطور والا ما كان بإمكان زكريا ان يحدد مكان اللقاء، وربما رجع الفضل ايضا الى الكورسيكي الذي فتح شهية العلماء للعلم والنهب معا .

كان الطقس باردا ومشوبا برياح وأمطار ولم يخفِ ذلك جمال وسط باريس التي تبدو كمتحف أكثر منها بمدينة وحينما تعرف لاحقا بباريس وجد ان هنالك باريس اخرى لا ينقلها الاعلام ودعاية وكالات السياحة ومعظم الافلام السينمائية وهي قطعة من بعض مدن افريقيا وبلدان المتوسط العربية تعج بالفقراء والمهمشين وارصفة المدن الافريقية التقليدية وفي الماضي ذهب الفرنسيون الى افريقيا وبلدان المستعمرات باحثين عن الموارد والثروات والان تم رد الزيارة بأطيب منها! وأصبح وجه باريس من أوجه ودماء متفرقة ولغات وثقافات ويشمل التنوع حتى بائعات الهوى!

وأدار زكريا حواراً مع نفسِهِ بعد سنوات وهو يتذكر -بمتعة مختلطة بالألم- ماري ميشيل لويس وباريس؛ وتوصّلّ إلى أن العولمة تركت بصماتها في كل المدن الكبرى، وباريس ليست استثناء، فهي تحمل في احشائها ملايين الشباب الغاضبين بلا حدود والقادمين من عوالم مختلفة وعدة ثقافات وأضحوا على هامش المدينة وجزء من اغانيها الحزينة وهم يكافحون لإيجاد رافعة الى قلب باريس، ويصدهم خطاب لوبان وابنته المحشو بالعنصرية وفوبيا وفزاعة المهاجرين، ان المدينة التي تبدو كمتحف تضمر في أحشائها الاخرى البلدان التي ذهب اليها الفرنسيون بحثا عن الموارد، وقضايا التنوع والاعتراف بالآخر وايجاد صيغة جديدة، فأصبحت قضايا التنوع محض فرنسية وعالمية معاً، ألم يكُن الفريق القومي الفرنسي لكرة القدم يشبه فريقاً لأحد الدول الافريقية، أكثر من كونِهِ فرنسياً؟! إن قضايا التنوع قابلة للانفجار في أوروبا مثل افريقيا مع اختلاف اشكالية العلاقة وقد انقلبت تلك العلاقة الى مشنقة او قنبلة موقوتة. إن العلاقة الكولونيالية تتأبط شرا بالكولونيالين أنفسهم وان الاستعمار يؤتي اكله المر ويحتاج الى معالجة انسانية بلا حدود مثلما انتجت فرنسا أطباء بلا حدود.

بقدر ما كان ذهنه يحسب الساعات المتبقية للقاء ماري لويس ببطء؛ بسرعة أكثر كان قلبه، كانت ساعة يده وهو ينظر اليها تبدو كساعة معطلة، توقّفَتْ عن قراءة الوقت والمدهش ان الشيء الوحيد الذي يتحرك بسرعة كان قلبه وتمنى أن تدور ساعة يده كقلبه .

جاء إلى المسلة قبل الموعد بنصف الساعة؛ لم يزعجه البرد القارس ولم يشعر به كما في سابقات الايام فلقد كان لديه وقود نووي من دفء المواعيد، وحينما اقترب الميعاد بدقائق لا تعد على اصابع اليد الواحدة بدأت الامطار تتساقط برفق وتؤدة لم يكترث كان كل من حوله يحمل مظلة للمطر إلا هو، فموعده فقط الذي يقيه من المطر! اخذ ينظر في جميع الاتجاهات وعند موعدها بالضبط رآها كما لم يراها في لقاء منتصف النهار كانت تفرد مظلة قرمزية اللون فوق راسها وتعتمر طاقية حمراء مع وردة سوداء لم تكن ترتدي ملابس ساعات العمل الرسمية سوى الحذاء عالي الكعب الذي حمل لونا مختلفا وبدلاً من البنطال ارتدت فستان بنفسجي يغطي جسمها من غير احتشام دون اكمام، حينما اقترب منها كأن عطر باريس وزينتها كلها قد جاءت؛ وطبعت قبلة رشيقة على خده كبرق خاطف وسارا قليلا وعرضت عليه ان يشاركها مظلتها .

ذكرت له أنها تعرف هذا المكان جيداً وحاناته ومطاعمه المنتشرة في زواياه، وطلب منها أن تختار وجهتهما وأنه تحت طوع بنانها، وسارا متلاصقين بأمر من المظلة والمطر، وباريس مدينة تحترم عاشقيها وبدأت رحلتهما ولغة جديدة، وابتعدا عن المسلة المصرية التي ولدت في بلاد الشمس المشرقة والحارقة في الأقصر أقصى الجنوب؛ والجنوبي يستمد حرارته من حرارة المكان، والمسلةُ التي أُخذت عُنوةً في رواية ما حينما ربط الكورسيكي حملته بالعلماء الذين أحبوا مصر وعلوم المصريات وحضارات وادي النيل القديمة التي اشعلت خيالهم؛ رغم أنهم في زمان ما وفي اعرق مؤسساتهم الأكاديمية رفضوا ولحوالي عشر سنوات أن يمنحوا العالم والمفكر الشيخ انتا ديوب رسالة الدكتوراة، فقد كانوا يعتقدون ان أوروبا هي مركز الكون والعلم. والمسلةُ الآن أصبحت عنوانا لباريس ولابد انها قد عانت مثلنا من البرد والثلوج والامطار المنهمرة واشتاقت للنيل وتمنت ان تعود اليه وتذكرت الفلاحين الذين قاموا ببنائها وقد قضت الكوليرا على معظمهم وربما خفف من وحشة المسلة الموضات والعطور الباريسية التي تحف بها من كل أرجاء المكان.

كان فستان البنفسج الذي ترتديه يلتف حول جسدها ويغطيه بالكاد، كأن العناية قد رسمته كلوحة باهظة التكاليف من عصر الموناليزا وليوناردو دا فنشي، فقد كانت تشبه أجمل اللوحات في متحف اللوفر .

كانت دائرة الفستان حول خصرها كحدوة حصان اخذ مقاييسها بدقة، والسماء تحتفي بلقائهما وقد ازدادت الأمطار وضوء ماري ميشيل وجمالها امتداداً مأخوذاً من مدينة النور.

استقر المقام بهما عند حانة ومطعم (القلب النابض) مكانها المفضل في تلك الناحية من باريس، وسرعان ما اشتعلا في نقاش طويل حول أصل المسلة، ومن الذي بنى الاهرامات، الملوك أم الفلاحين؟ ومن الجدير بأن يُسجَّل تاريخه؛ آلاف الفلاحين والعمال والمهندسين والفنانين منهكي الاجساد الذين بنوا الاهرامات، ام الملوك؟ وهل المسلة هدية أم نهبٌ وسرقة؟ ذكّرها أن هذا النقاش حول المسلّة لم يبدأ اليوم، بل إن رفاعة رافع الطهطاوي هو من ابتدرَهُ حينما أتى إلى باريس في عام 1826م مع البعثة المصرية التي ابتعثها محمد علي باشا لتقود النهضة العلمية المصرية لاحقاً، وقد لخّص ملاحظاته حول باريس في كتابه الشهير “تخليص الإبريز في تلخيص باريز (باريس)” والحوار لم ينتهِ وها نحن نواصلُهُ معاً مرةً أخرى وفي باريس.

واصلا الحوار هل الإتيان بالمسلة الى باريس هو عنوان للتواصل الانساني للحضارات؟ وإذا كانت الفلسفات والعلوم الانسانية تقبل التبادل دونما احتجاج ويستفيد الجميع من منتجاتها في الهندسة والطب والزراعة لماذا لا يتم تبادل اثار الحضارات القديمة حتى تعم كل البشر؟ هل هذا نهب وتدمير لهوية شعب أم توسيع وانتشار لتلك الهوية؟ هل كسبت مصر ووادي النيل وهي تطل من قلب باريس أم خسرت؟ لماذا نحد من الفضاء البشري ونربطه بمحدودية الجغرافيا ومحدودية الدولة الوطنية؟ وهل الدولة الوطنية هي بداية ام نهاية الفضاء الإنساني، وتوقفا عند رحلة الجنرال الكورسيكي لمصر.

وكلما ازداد النقاش حرارة بينهما واتسع وامتد لجغرافيا العالم امتدت اياديهما رويداً رويداً في حوار بنفس حرارة افكارهما والجدل بينهما وتحدثا عن قيمة المصالحة الانسانية بين الحضارات والاعراق ومساهمات جميع الاعراق في صنع وبناء وانتاج الحضارة الانسانية وقال لها ان هذه فكرة من افكار الشيخ انتا ديوب عالم التاريخ وعلم الاجتماع السنغالي وقد احتوتها رسالته للدكتوراة في جامعة السوربون حول الاصول السوداء لحضارة وادي النيل ومع الحوار امتدت ارواحهما لجغرافيا جديدة، وعلى ذكر السوربون حدثته عن الحي اللاتيني الذي تحفظه عن ظهر قلب واتفقا على زيارته معاً؛ وحدثها أن رسالة الدكتوراة للشيخ انتا ديوب يطلق عليها انجيل التاريخ الافريقي وتحدثا عن فكرة فرنسا التي كانت نتاج المكونات الاوربية واختلاط الاجناس البشرية والتي تركت بصماتها في اللغة والثقافة، واعطت الفرنسية والفرنسيين حيزاً مميزاً في الفضاء الانساني الحيوي.

انتقلا بحديثهما إلى مطاعم باريس وطعامها المميز ذو الأصول الفرنسية والتي أتت من خارج باريس، ان قائمة الطعام في باريس مأخوذة من كل اجناس الطعام البشري والحضارات الانسانية وان بإمكانك في باريس ان تتناول كل يوم وجبة مختلفة طوال العام من أطعمة لا حصر لها تمثل المطبخ الفرنسي وبقاع الارض الأخرى، إن مطاعم باريس هي انعكاس لثراء فرنسا وتنوع الحضارة الانسانية كما ان الازياء الباريسية والموضة والعطور لا تمثل اصولها الفرنسية فحسب بقدر ما تمثل الانفتاح على ثقافات الأرض بلمسة فرنسية ومذاق كوني لا يخفى على أحد؛ كان الوقت يمضي بمعدل مضاد لساعات انتظاره الرتيبة لهذا الموعد وتنقلا من حانة الى حانة حتى تسلل ضوء الفجر واستقلّا عربة إلى جهة لم يُفصَح عنها بعد.

عندما التقى بها للمرة الاخيرة لايزال يتذكر شقتها المليئة بالألوان والورود الطازجة والخزف والأواني القديمة ولوحات الحائط والقماش ونباتات الظل الذي يبحث بعضها عن الضوء والرسومات والأشغال اليدوية والفلكلور الافريقي وتشكيلات من أثاث ذو طراز باريسي قديم يعكس روح المدينة منذ ثورتها المطالبة بالحرية والاخاء والمساواة ذات الأثر الكوني، والتي طبعت الحركات المدنية اللاحقة في أوروبا بطابعها وأثرَت الفضاء الانساني العريض، وفي زاوية من زوايا شقتها الأنيقة تقبع مكتبة صغيرة في حجرة الاستقبال؛ تضم كتبا باللغة الفرنسية والانجليزية وبطاقات تهاني لمناسبات مختلفة وازهار جافة في عدة مزهريات؛ كان ما يميز أثاث الشقة انها اشترت معظمه من أسواق باريس الاسبوعية التي تبيع عفش المنازل القديمة وقد أكل منها الزمن ولم يشرب، وباريس مشهورة بهذه الاسواق لمن زارها وهي ومضة من ومضات الماضي تحتفظ ببصمات أصحابها وتقلبات المشهد الثقافي الباريسي وتشكل عالم هذه المدينة الانساني الجميل والمجنون معا. إن باريس هي أجمل فاتنة لم تستطع شروخ الزمن احتوائها بالكامل يبدو عليها الاعياء الذي لا يخفي جمالها؛ لقد كان منزل ماري ميشيل شاهد على ذلك وهو ينم عن ذوق رفيع وشغف بالحياة .

استيقظ زكريا عند منتصف نهار الأحد واحتوته عطور باريس وأخذ يستجمع ذاكرته وتسونامي الذي ضربها في أقل من 24 ساعة؛ تذكر بعض النقاشات العاصفة بشكل متقطع في البداية ….. ماذا تضيف المسلة لباريس؟ وهل خسرت القاهرة والأقصر بغيابها؟ هل أضافت المسلة لمصر ووادي النيل في غيابها أكثر من الحضور؟ رجع بذاكرته الى رحلة الجنرال الكورسيكي وتاريخ المسلة والملايين يزورون المسلة كل عام تذكر انه في احدى اللحظات قال لماري ميشيل هل يسقط الحق بالتقادم؟ حتى ولو تجاهلته الملايين! هل يهم أن الكورسيكي ايطالي أو فرنسي؟ انه جزء من أمجاد فرنسا وبنائها ورموزها؛ تذكر سؤالها له عن اسمه الابراهيمي هل هو سطو ام تبادل انساني ام استلاب واغتراب وهيمنة ثقافية؟ وهل نشرب من كأس الاخرين دون إذن ونسي كل ذلك، ورائحة القهوة تنفذ اليه من جواره ومعها تحية صباحية او نهارية لا يهم .

كانت ماري ميشيل محايدة في عواطفها الدينية وتهتم بما تفعله في حياتها على الارض اكثر من رحلتها نحو السماء ولا تستنكف التصريح بانها مسؤولة عن حياتها في دنياها مع البشر وما تقدمه لهم من فرح انساني؛ اما عن السماء فهذه حياة لم تعشها بعد وغير معنية بإشكالاتها القادمة وستتصرف كما ينبغي حينما يصدق انها ستنتقل الى السماء ومع ذلك فهي تتمتع بقيم انسانية رفيعة مع نفسها ومع الاخرين وكان زكريا موسى حالة مغايرة لها في وحدة الفضاء الانساني؛ فهو يعيش في الارض ولا يتجاهل تذكرة السماء وحينما انخرط معها في النقاش مجددا وهما يحتسيان اكواب القهوة كانت الارض والسماء والانسان محور نقاشهما.

ماري ميشيل في حوارها معه عن العالم الآخر قال لها: “إن تذكرة العالم الآخر تُشترى من الأرض، لا عند الوصول إلى السماء”، قالت ساخرة: “إنها لا تُضيع وقتها في الدنيا من أجل شراء تذكرة للسماء” فإذا صعدت إلى هناك سوف تحصل على تذكرتها هناك، وأضافت: “إذا كانت تذكرة السماء سيحصل عليها كل البشر اللذين مروا على الأرض منذ الخليقة، فهل من الممكن تخيُّل ذلك؟” ردّ عليها: “إن الذي استطاع بدء الخليقة وسيل البشر منذ بدايتهم، هو قادرٌ على توفير تذكرة لكلٍّ منهم”، وأضاف: “إن طريق السماء طريقان، لا يؤديان إلى نفس المكان ولا نفس النتيجة، فهناك طريق من نعيم وآخر من جحيم، حسب ما تحصده أفعال المرء في الأرض، لا في السماء”، ضحكت، وحولت النقاش إلى موضوعٍ آخر، وكانت في الغالب لا تحب الجدل في القضايا ذات الطابع الديني والإيماني، وترى أن ذلك محض حرية شخصية، تزداد تعقيداً عند طرحها في الفضاء العام.

قالت إنها تريد أن تذهب معه إلى محطة الباستيل، أحد الأمكنة التي دارت فيها أحداث الثورة الفرنسية، وسألته: “أتعلم لماذا يُصرُّون عليك أن تأخذ كأساً أخيراً للطريق؟” ولم تنتظر ردَّهُ وأجابت: “إنهم في سجن الباستيل حينما كانوا يدفعون بالضحايا نحو المقصلة، يعطوهم كأساً أخيراً لوحشة الطريق”، وأنخرطا في نقاشٍ عن الثورة الفرنسية، انتهى بالحديث عن جوزفين، وقالت أنها تحب روح الإمبراطورة جوزفين الطلقة، وعدم تقيدها بالمراسم والطقوس والتقاليد الملكية، وأنها أقرب لليدي ديانا، وحينما تزوجت نابليون للمرة الثانية عاشت حياتها كما اتفق، فالكورسيكي باحثٌ عن الأمجاد في الجغرافيا، وهي تبحثُ عن الحياة، ولا تمانع في مشاركة حياتها مع الآخرين، وحتى مع الضابط شارل الذي كان تحت قيادة فرقة نابليون، ومع ذلك احتفظت بعلاقتها مع من يبحث عن الأمجاد، وكان قد قرأ سيرة جوزفين من قبل.

تذكّر زكريا من تلك السيرة كيف نجت الإمبراطورة جوزفين من عنف الثورة، الذي جزّ عنق زوجها الأول “الفيكونت” وتحول إسمها من روز إلى جوزفين، وأحب نابليون الاسم الأخير، لم تكُن تخَف من نابليون، ولم تخفي خياناتها الزوجية عنه، وكتبت كل ذلك في سيرتها التي خطها كاتب السير الشهير بيير فرانسوا في “جوزفين سيرة إمبراطورة” وهو الذي كتب أيضاً سيرة العظيم فيكتور هوغو، وذهبا إلى الباستيل وأمضيا النهار هناك بأحد أحياء باريس القديمة.

التقيا مراراً في باريس ولندن، وفي مُدُن افريقية وأوروبية عدة، ثم انقطعا عن اللقاءات لمدة عامين، أخذتهما فيها الحياة في اتجاهات مختلفة، فقد ذهبت ماري ميشيل لويس إلى أنغولا لتغطية الأخبار في حرب جوناثان سافيمبي والتي قضى فيها نحبه، ولم تعُد إلى باريس إلا بعد عامين، تبادلا الرسائل المحتشدة بالأشواق، والمكتظة بالذكريات وجمال الروح واللقاءات.

وقبل لقائهما الأخير في باريس، التقط من صفحتها على وسائل التواصل الاجتماعي أن الطبيب قد أخبرها خبراً محزناً، ولكنها كتبت عنه بحياد وكحقيقة من حقائق الحياة والأخبار غير الطيبة التي تحملها أحياناً، وخففت على معارفها هول الصدمة، كانت شجاعة، وهي تدرك أنها نهايات الطريق، ونشرت العديد من صورها، وبدا أن المرض قد أنهك جسدها ولكنه لم يطَل روحها، وأناقتها، وظلت تتحدث عنه باتزان، وهي تقاتل رحلتها الأخيرة، وتراجع طبيبها، وتنظر إلى قدرها مثلما تنظر في مرآة الحياة، ولا شئ ينُمُّ عن الهلع في تصرفاتها بقدر ما يشي بروحها المقاتلة، وحبها للحياة والإنسانية وذكريات الأمس، وأخذت تتأقلم مع السرطان المعتدي الأثيم، وهي في الأصل كانت تأخذُ الحياة كرحلة في قطارٍ أو طائرة، زمنها محدود، مهما عظُمت المسافة بين وقت المغادرة وزمن الوصول، وأدركت منذ البداية أن الأهم في كل ذلك هو كيف لنا أن نستمتع بالرحلة، ونجعلها مفيدةً للآخرين، وأن الرحلة لا تُقاس بالنهايات، بقدر ما تُقاس بجمال الطريق، والبصمات التي نتركها أكثر خلوداً من الرحلة نفسها، كانت ماري ميشيل لويس تعشقُ السياحة والسباحة في النفس البشرية.

أتى خصيصاً لزيارتها في باريس، وهاتفها زكريا موسى من المطار، طلبت منه أن يحدثها في اليوم التالي لأنها أخذت جرعة من العلاج الكيميائي صبيحة ذلك اليوم، وتريد أن تستجمع طاقتها للحديث، وتمنت له وقتاً طيباً في المدينة، وأنهت المحادثة القصيرة.

لم تعتَد في الأشهر الأخيرة أن تقابل معارفها وأقربائها، ولا حتى أصدقائها، اكتفت بدائرةٍ صغيرة من أسرتها وبعض الأصدقاء، وحينما هاتفها في اليوم التالي كان يريد أن يلتقيها، وكانت تريد أن تضع حائطاً من الصد أمام ذلك اللقاء، وقالت له بصوتٍ واهٍ أنها تريد أن يحتفظ بصورتها الأولى، ولكنه ألحّ، وطلب أن يراها حتى ولو عند باب شقتها وذكرها بكلمة المرور والرقم السري عند بوابة الدخول، ضحكت لأول مرة، وأكدت أنها ستأتي للقائه غداً، وتتمنى أن يكون يوماً مشمساً ودافئ، يليق بالنهايات.

حدد المواعيد بالقرب من منزلها الذي سجل له عشرات الزيارات من قبل عند محطة “منبرناس” حينما التقاها عند المحطة طلبت منه أن يتمشيا في تلك الجادة والشارع الطويل المؤدي إلى سان جيرمان، وأن يجلسا عند حانةٍ قديمة تواجه كنيسة سان جيرمان العتيقة، أمسكت بيده وهما يسيران في الطريق، لم يتحدثا، احترم صمتها، وعند منتصف الطريق، ضغطت على يده، وابتسمت، وطلبت منه فجأةً أن يُغيّرا خطتهما، وأن يذهبا إلى اتجاهٍ آخر، لقد كان اختيارها الجديد مزيجٌ من الماضي والحنين لذكريات الأمس وصور البدايات والحدس الذي يرى النهايات. إن النهاية قد تُماثِلُ ألف بداية ويجب أن يكون ختام كل سيمفونيةٍ جيدة مثل مدخل بداياتها، والحنين لا يخلو من الألم وفرح البدايات.

كانت ماري ميشيل إمرأةً عنيدة بقدر ما هي مُحبّةٌ للحياة، وكانت ساخرة وتأخذ الحياة ببساطة، وكانت بادية الأناقة عند اللقاء الأخير مثلما كانت في لقائهما الأول وهي سليلةُ أسرةٍ باريسيةٍ عريقة أخذت من باريس ملامحها المزدانةِ بدقة الأناقة والذوق الرفيع، ومع ذلك فهي منفتحة وحُرّة التفكير، تنتقي كلماتها بعناية، تماماً كما تنتقي ملابسها وزينة يومها، ويعكس طابع حياتها اليومي انفعالها بما حولها وبالحياة، وعندما التقيا غلب على مُحيّاها الصمت والكبرياء الرفيع الذي لم يأخذ منهما المرض إلا قليلاً، ولم يخفِ المرض فتنتها بقدر ما أخفت فتنتها ما بصحتها من عِلل.

وحينما طلبت منه فجأةً أن يُغيّرا خطتهما، وأن يذهبا إلى المسلة بدلاً من سان جيرمان، وإلى حانة “القلب النابض”، لم تنتظر اجابته فكانت عيناها مشعتانِ بضياء الكون، وأومأت لسائق التاكسي بالوقوف، وتوقف، وكأنه ينتظرُ منها الإشارة، وحينما هبطا في جوف التاكسي، اعتذرت له عن تغيير وجهتها الأولى، وقالت إن هذا اللقاء ربما يكون الأخير لذا فإنها قد فكرت في الذهاب إلى حيث ما كانت البدايات، ثم صمتت، لم يشأ أن يرد عليها، فقد عجبته الفكرة وأخذه الحنين، وأومأ برأسه إيجاباً مع ابتسامة، وتذكر أنه حينما هاتفها من المطار لم تكُن ترغب في هذا اللقاء، وحاولت الاعتذار بأن المرض يمتصُّ رحيق حياتها، ويتركها في أرضٍ يباب، لكنه كان يرغب في رؤية ذاك الوجه المحفور في الذاكرة، كان يريد أن يراها حتى ولو من خلف باب شقتها أو خلف الضباب، حتى وإن لم تُتح له فرصة مصافحتها، وإلا فلا معنى لقدومه لباريس.

في التاكسي وضع يده على كتفها، فأرخت رأسها على صدره، كانت جميلة بقدر ما مضى، كان وجهها شاحباً برسمٍ من جمال، استرخت، لم يشأ أن يزعجها، وأفاقت عند صوت سائق التاكسي وهو يقول لها بلغةٍ فرنسية، وبشكل ينُمّ عن التهذيب الباريسي: “لقد وصلنا سيدتي!” ضحكت ضحكة خافتة، ونادرة تلك الأيام، وقالت بلغةٍ إنجليزيةٍ رصينة، لقد وصلنا قبل المواعيد!

ذهبا إلى المسلّة ثمّ إلى حانة “القلب النابض” انتظرها علّها تطلب شرابها المُعتاد، والمفضّل، لكنها طلبت قهوة تركية، وفعل مثلها، قال لها: “إن شعرك يبدو جميلاً، لا يعلوه جديد، وليس كما ذكرتِ أنه قد تساقط”، ودون أن تنظر في عينيه، قالت له: “إنه ليس بشعري، بل هو يشبهه، عن قصدٍ واختيار، وخلعت شعرها المستعار” وبدت بيضة رأسها وعينيها اللتان تشبها رابعة النهار، وكأنها تُجرب موضةً باريسية حديثة، مع بعض الإرهاق، وذكر لها أن الفتيات الباريسيات سيقلدنّ هذه الموضة، إذا التقطت بعض الصور، فضحكت، ثم أسدلت شعرها المستعار مرةً أخرى، وقال لها أنكِ أجمل دون شعركِ المستعار، فضحكت مرةً أخرى، وأخبرته أنها لم تضحك منذ شهور كما ضحكت اليوم، وأن هذا لُطف معتاد منك، وأنها سعيدة بهذا اللقاء، وأنه قد أدخل البهجة إلى نفسها وهي سلعةٌ غالية كانت تبحثُ عنها.

تعمّد أن يحتسي قهوته ببطء، وكان يُدرك أنها تقيسُ سرعة احتسائها شرابها أو تناولها طعامها مع الشخص الذي تشاركه الشراب أو الطعام كنوعٍ من الإتيكيت الباريسي، وبمجرد أن احتسى قهوته طلبت منه أن يأذن لها بالذهاب، لم يُلِحّ عليها، كان الإرهاق قد بدأ يعلو وجهها، رغم أنها اجتهدت في إخفاء ذلك، ولاحظ دوائر وهالات سوداء على عينيها، اللتان لم ينطفئ بريقهنّ.

نظر إليها بعمق وبرقّة، وبادلته النظرات، وبرقت عينيها للحظة، واحتضنتهُ، واستسلمت وهي تودعه، وسقطت من عينيه دمعة، أخفاها قبل أن تراها، ودعته، وغادرا المكان وسارا بمحاذاة بعضهما إلى محطة “الكونكورد” وكانت ستأخذ قطاراً معاكساً له في الاتجاه، طلب أن يرافقها، فاعتذرت بلطف وبرقّتها المعتادة، وأخذت مكانها في عربة المترو، انتظر حتى غادر قطارها المحطة، أشارت له من مقعدها ولوحت يدها مع ابتسامة.

كانت تلك هي إشارة الوداع الأخيرة، هاتفته في يومه الأخير قبل مغادرة باريس، قائلةً إن الصور التي التقطاها في كل الأمكنة لا تزال تُزيُّنُ منزلها، وتؤنس وحشتها، وشكرته عليها، كانت محادثةً لا تخلو من الوجع!

لم يلتقيا مجدداً، ثم التقط خبر رحيلها إلى بارئ الأرواح من خبرٍ أوردتهُ محطة الأخبار التي كانت تعمل بها، ولا يزال يزورُ صفحتها على وسائل التواصل الاجتماعي، التي توقفت عن تجديدها منذ زمن، ويلقي عليها التحية من حينٍ لآخر، ويسترجعُ كلماتها الأخيرة، وهي تحاول التملُّص من لقائهما الأخير، لا تزال صورها تحمل ابتساماتها التي لم يعلوها غبار الزمن، ولم تصدأ بفعلِ الغياب.

الخرطوم
12 يناير 2021م

18 يناير، 2021 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

عمرالكردفاني …شوتايم نيوز…….فتح جديد في عالم الصحافة الإلكترونية

by شوتايم2 17 يناير، 2021
written by شوتايم2

 

بيت الشورة

عمر الكردفاني

شوتايم نيوز……فتح جديد في عالم الصحافة الالكترونية

 

بحمد الله تعالى نقدم لكم موقع (شو تايم نيوز) الإخباري السياسي العالمي وهو بالطبع جاء بعد الكثير من المشاورات والاقتراحات من الكثير من الزملاء،وعهدنا مع القارئ أن يكون ملبيا لما يطمح إليه خاصة فيما ينقص الكثير من المواقع وأعني السرعة مع المصداقية والتجويد وهي الثلاثية التي ترعب صاحب كل موقع  فمن وجد السرعة يفتقد  المصداقية والتجويد ومن وجد التجويد يفتقد الضلعين الآخرين وهكذا دواليك.

لذا فقد قمنا بانتخاب مجموعة ممتازة من المحررين الذين يمتازون اولا بالتناغم والسعي الحثيث للمعرفة والازدياد من بحور العلم ،ولا ندعي اننا وصلنا القمة او ان هذا الموقع ولد باسنانه ،فالولادة بالأسنان يعتبرها بعض الأطباء عيبا ،وليس عيبا خلقيا كما يقال لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وحاشاه العيب ولكنه نقص ما في بعض البروتينات أو ما يتواصل حين تخلق الجنين ….المهم في الأمر نضع امامك القارئ الكريم عصارة جهد وتجربة قام بهما كاتب المقال مع مجموعة من الزملاء وعلى رأسهم المهندس المسؤول عن التصميم والذي نعتبره الأول في المجال بالسودان ولا أذيع سرا اذا قلت إن بعض الزملاء من إحدى الدول العربية يستعينون به لتصميم مواقعهم  لخبرته التراكمية التي لا يشق لها غبار،ولا ننسى مدير التحرير الزميلة البارعة تغريد ادريس كواحدة من ألمع محرري المواقع الالكترونية وهي من ابرع محرري الاخبار بالإضافة إلى الترويج وإدارة مواقع التواصل الإجتماعي

زملاء رائعون ستجدون بصماتهم الانيقة على صفحات شوتايم نيوز وسيكون الجميع مسرورا بمراسلاتكم عبر مواقع التواصل الاجتماعي

ثم ماذا؟

عبر شوتايم نيوز سنقدم العديد من القضايا ونقتل الكثير منها بحثا وسنقف مع الحق أينما كان ونصبح صوتا لكل ثائر ووقودا لكل ثورة تبحث للانسان السوداني عن حقه المضاع كما سنقدم بعضا من المسابقات التي ينال الفائز فيها جائزة قيمة وذكرا مرفوعا إن شاء الله في منظومة الكردفاني الإلكترونية.

 

17 يناير، 2021 2 comments
6 FacebookTwitterEmail
المقالات

العيكورة: ها ناس (الفاتحة)

by شوتايم نيوز 13 أغسطس، 2020
written by شوتايم نيوز

بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)
وعلا صراخهم و وجلهم على سفينة (قحت) الغارقة يوماً بعد يوم وطفقوا يسدون النصح بصوت لاهج متهدج ولعابهم يسبق حبرهم ، بعض الأقلام المحسوبة على الحرية والتغيير لم تعد تكابر وتراهن على الفشل وبدأت تلك الاقلام خلع (الهدوم) قالوا نعم ان (قحت) لا تمثل الشعب السودانى وقالوا صائحين (الحقوا) المُحاصصة و (التكويش) على المناصب إنها أهلكت من كانوا قبلكم ، وقالوا أن هناك حملة تشويه سُمعة (للأمورة) قحت و محاولة لتقليم أظافرها وقالوا أن أي إنتكاسة لقحت تعنى العودة لحكم (الكيزانبعُلو) ودعوا الى توحيد الصفوف بشكل عاجل وسد الذرائع و إبعاد العناصر الفاشلة من الوزراء وإن تطلب ذلك إعفاء السيد حمدوك و هتفوا وطالبوا بأصلب العناصر لأصلب المواقف (نفس كلام أركان النقاش بالجامعات) وإعترفوا بالترضيات والمُحاصصة التى يمارسونها الآن . وإعترفوا بممارسة التخدير والخداع فقال إن ما تقوم به (قحت) من إعتقالات لأعضاء النظام السابق ما هو إلا تنشيط لذاكرة الثوار لتبقى حية سمّاها (بالذاكرة الثورية) ليس إلاّ ! و أبدت بعض الأقلام القحتاوية أسفها لتطاول صفوف الرغيف وما تمارسه (شلّة المزرعة) فى (تدوير) السيد حمدوك وتحسرت على طاقات الناس التى تهدر خلف الصفوف وبكت طويلاً عند الكهرباء والمواصلات والأسعار وإستحيت وهى تُجفف دموعها بظاهر كفها من أن تقول (يا حليل الانقاذ) ،ثم حذّرت تلك الاقلام مِن مَن سمتهُم (بالكيزان الجدد) داخل الحرية والتغيير ! شئ مُضحك حالة من الذعر والخوف غير مبرره أين الكيزان من الحكم يا أخى ! وقالت و بصوتٍ مُتهدج إن الشعب لن يصبر أكثر من هذا مُتوسلةً أن تري بوادر أمل كإفتتاح مشروع أو سفلتة طريق أو حملة نظافة او غرس بذرة ثم يممت تلك الاقلام كعادتها صوب (حائط المبكى) معرفةً (الكوزنة) أنها ليست تنظيماً وإنما سلوكاً مُتهمةً بعض وزراء (قحت) وسمّتهُم بأسمائهم أنهم (كيزان) . وكفى بالمرء إثماً أن يكون (كوزاً) .
كل هذه المرثية القحتاوية المُضحكة كانت بالأمس القريب من أقلام لم تتوقف من قرع طبول التأييد الأعمى وبث الكراهية والحقد ضد الاسلاميين بل ومنهم من نادي بنصب المشانق بلا محاكمة وإعدام المهربين والمضاربين بالدولار (كده) بلا قانون و إستمر (النباح) والتحريض دون تقديم أى برنامج أو حرفاً واحداً عن معالجة الالوضع الاقتصادي المتردي يساعد حكومتهم الهزيلة فكانوا كمن يراهن على حصانٍ أجرب هذيل فى سباق . نعم فشلوا وخسروا وسيفشلوا ، فضحتهم الصفوف وأرهقتهم (الرغيفة) والسيولة الأمنية وتوفير الدواء والكهرباء والغاز فمثل هؤلاء لا يُطالبون بإفتتاح مشروع لا يملكون مجرد همّة التفكير فيه ناهيك عن تنفيذه أو إفتتاحه ، يا سيدى الحكم رجال وبرنامج وسند شعبى فماذا تملك (قحت) من ذلك ؟ فالهتافات لن تبنى وطن و(إسدال الشعر المضفور) لن يشيد مصنعاً والبنطلون الناصل لن يحمل (كوريقاً) ولا (كدنكة) ولا (واسوق) يا سيدى لا تبكوا على (قحت) فالبكاء لن يحيي ميتاً فقد ماتت (قحت) ينتظرُ قطيعها (جنازة بحر) فلا عبروا ولا صبروا ولن ينتصروا ومتى إنتصر القاعدون والقواعد؟ إحترقت كل الأوراق بسرعة لم يتخيلها أسوأ المتشائمين فلم تعد هناك وسيلة لالهاء شعب جاع ومرض ويئس وخُدع وسُرقت ثورته فى وضح النهار ، إنتهت اللعبة يا سادتى وأضحت ورقة من تاريخ السودان سيطويها الزمن قريباً وسينساها الناس فلا تبكوا يا كتاب (قحت) فما ترونه هو الوضع الطبيعى لا الصور الوردية التى ظلتم ترسمونها مع بواكير التغيير . و إن كنتم فاعلين فقسموا سطوركم فثلثٌ لشرابكم وثلث لنفسكم وثلث لقحت فالدنيا دواره فلا تحرقوا مراكب العودة ولا تكونوا (قحتاويين) أكثر من القحت ولا إقطاعيين أكثر من القطيع فالكل يُعلف فمن بالمزرعة يُعلف ومن بالمكاتب يُعلف ومن يهتف يُعلف و(قصع الجرة) يكون بعد الرعي وويقول الظرفاء أنه مدعاة للتأمل . والى كل (قحّتاوي) أو مخموم أو مُخّدر يحلم بإصلاح الحال (هاك) منى هذه الطرفة : يُقال أن أهل قرية ذهبوا لعيادة مريض من أقاربهم فى قرية مجاورة ويبدو أنهم وجدوا المريض (يحتضر) فطال إنتظارهم ولكن لم يحين الاجل . وفى اليوم الثالث نهض كبيرهم مُتأبطاً عصاه رافعاً يدية (بالفاتحة) قائلاً لهم (آأ ناس راجيانا زراعة وبهائم وقفانا أعوج دحين آآ أخوانا الفاتحة الفاتحة) . فهل تفهمها (قحت) أو (حمدوك)؟ أو يقبلها القطيع الفاتحة الفاتحة .
قبل ما أنسي :ــــ
عزيزي القارئ كم عدد الشيوعيين فى (حلتكم) ؟ أقسمهم على عدد سكان السودان ، أختار أي تعداد يعجبك ثم أضرب الناتج فى مائة كم النسبة المئوية ؟ بعد كم صفر من الفاصلة العشرية وجدت رقماً صحيحاً ، بعد عُدّة أصفار اليس كذلك ؟ هل فهمت عزيزي القارئ لماذا نقيق ثلاثة من (الضفادع) فقط يمكنها أن تمنعُنا النوم ليلاً ؟

13 أغسطس، 2020 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
المقالات

بروفيسور عارف الركابي: يا أهل بورتسودان: الجماعة رحمة والفُرقة عذاب

by شوتايم نيوز 13 أغسطس، 2020
written by شوتايم نيوز

(الجماعة رحمة) و(الفرقة عذاب) يردد هذه العبارة وما في مضمونها أئمة الإسلام ، وإن التأليف بين القلوب مهمة سامية ، ونعمة من الله عظيمة كريمة ، قال تعالى : (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً) ، فإن فقد الإلفة نقمة .. يحزن عليها ويتألم لفقدها ..وحيث كان التنازع والتناحر والاقتتال عقبه الفشل والهوان قال تعالى : (ولا تنازعوا فتفشلوا) ..

فإن الافتراق مذموم والتحزب للأشخاص والجماعات والقبائل والجهويات ممقوت شرعاً ، وعواقبه في إضعاف المجتمعات – بل في دمارها – لا تخفى مع ما ينتظر أهله من وعيد أخروي بالحكم عدلٌ وإنه ليقضى يوم القيامة بين المتخاصمين حتى في (اللطمة) فما بالك بالقتل وسفك الدم ، وإحراق المنازل والمحلات وترويع الآمنين ؟! .

ونحن في أشد الحاجة إلى الاجتماع وبذل أسبابه وإيقاف نزيف الخصومات والمشاحنات والضغائن والأحقاد ، والاجتهاد في العمل بالحق والاحتكام إلى ميزان القسط الذي يجمع المفترق ويقرب البعيد ، هذا ينبغي أن يكون هم كل مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ، فهو مأمور به شرعاً ، ويؤكده العقل والواقع. لابد من الحرص على أسباب الاجتماع على الحق والبعد عن أسباب الفرقة ومن أهمها عدم الخوف من الله تعالى والنعرات القبلية والانتصار للجهوية والتفريط في حقوق الخلق والأطماع الدنيوية والتعصب المقيت والتقليد الأعمى والإشاعات والقيل والقال.

والواجب الشرعي والفرض المؤكّد يقتضي أن يحرص المسلم على الاجتماع على الحق مع أخيه المسلم من أي قبيلة كان ورعاية حقوقه ، فبينهما أعظم رابطة وهي رابطة الإيمان ، قال الله تعالى : (إنما المؤمنون إخوة) ، وفي المقابل فإن من أوجب الواجبات أن يبغض ويبتعد عن الفرقة ، ويكون أداة من أدوات الوحدة ، ويسهم بقدر جهده وطاقته في ذلك.

يا أهل بورتسودان المقتتلين تحت دعاوى ونداءات (القبلية) ، من المستفيد من هذه الأحداث المؤلمة المؤسفة ؟! إن جميعكم خاسر ، فإن كل من يشارك في هذه الفتن سواء بالتحريض أو التزيين للاعتداءات ، مشاركاً بلسانه ، أو بيده ، فإنه قد وقع في الحرام ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مبيناً خطورة هذه الاعتداءات التي شهدتها أحياء وشوارع مدينتكم التي يضرب بها المثل في الهدوء والحياة الطيبة الآمنة : (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا) ، ويا لها من خسارة عظيمة .

وإن الفوضى التي تجري في مدينتكم خسارتها تصيب الجميع ، بطريق مباشر أو غير مباشر. وإن المستفيد هو عدوكم جميعاً الذي يحلم بمدينة لا أمان فيها ولا استقرار بين أهلها ، يعيش أهلها كما يعيش سكان الغابة ، يأكل القوي الضعيف ، وإذا فقد الأمن فإن الناس تبقى بلا شعائر ولا تجارة ولا تعليم ولنعتبر ببعض البلدان من حولنا.

إن معالجة ما حدث ضروري جداً وتتم المعالجة بحصول الاجتماع والتنازل والعفو والصفح عن أي مصيبة وقعت وتقديم المصلحة العامة ، وإن المصلحة العامة إذا روعيت وقُدّمت كان هذا من أهم الأسباب المعينة على اجتماع الشمل وجمع الكلمة ، إن على المشاركين في هذا الهرج والمرج أن يدركوا أهمية الحرص على المصلحة العامة وضرورة العيش في بلدة واحدة بسلام وأمان ، وأن يعلموا مكانة الاجتماع وفضل الجماعة وليراجعوا مواقفهم ولينظروا في واقع مدينتهم وليتفكروا وليتعظوا بما آلت إليه الأمور وليفوتوا الأمر على أعدائهم الذين يؤججون نيران الفتن بينهم.

ولا بد من الأخذ على أيدي (المتفلتين) من كل القبائل والمجموعات ، وزجرهم وتخويفهم ومحاكمة المتورطين منهم في الاعتداءات ، فإن حسم الأسباب ضروري ، وقيام جهات الاختصاص في القوات الأمنية بواجبها هو من الضروريات ، وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

وأختم رسالتي بهذه الأحاديث النبوية التي وجه بها خير البشرية عليه الصلاة والسلام :
قال عليه الصلاة والسلام : ( .. من قاتل تحت رايةٍ عُمِيّة يدعو إلى عصبيةٍ أو يغضب لعصبية ، فقتل ، فقتلته جاهلية ) رواه النسائي ، وفي لفظ : (.. ومن قتل تحت رايةٍ عُمِيّةٍ يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة فليس من أمتي ) أخرجه مسلم في صحيحه ..والعصبة : بنو العم ، والعصبية أخذت من العصبة .
وقال : ( من قتل تحت راية عمية يدعوا عصبية أو ينصر عصبية فقتلته جاهلية ) رواه مسلم
وقال : ( .. ومن دعا بدعوى الجاهلية فهو من جثاء جهنم ) رواه الإمام أحمد. والدعوة للعصبية هي من الدعوات الجاهلية كما جاء في حديث (ما بال دعوى أهل الجاهلية.
وقال عليه الصلاة والسلام : ( ليس منا من دعا إلي عصبيةٍ ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبيةٍ ) رواه أبو داود وله شاهد ، وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم .

13 أغسطس، 2020 0 comment
0 FacebookTwitterEmail
  • 1
  • …
  • 34
  • 35
  • 36
  • 37

الأكثر مشاهدة

  • 1

    صالون_الريس أفراح بلا سلاح.. شبابٌ قاوموا الرصاص بالوعي وانتصروا للوطن  د/أشرف الريس

    14 يوليو، 2025
  • 2

    معرض الجامعات التركية بالسودان ….فرصة لا تعوض

    18 أبريل، 2025
  • 3

    محمد خير عوض الله ….تحت الشمس:فريد محمد أحمد.. الشُّهب تُضيء وتمضي سريعاً..!

    15 يوليو، 2022
  • 4

    فوبيا الكيزان وإنفصال دارفور بقلم /النذير إبراهيم العاقب

    17 يوليو، 2023
  • 5

    رسالة بالدم والدموع من السلطان ابراهيم ابكر هاشم لابناء دارفور الدستوريين

    11 أبريل، 2023
  • Facebook
  • Twitter

حقوق النشر محفوظة لشوتايم نيوز 2021م

شوتايم نيوز
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • الإقتصاد
  • العالم
  • الفيديو
  • المقالات
  • المنوعات
  • تحقيقات وتقارير
  • حوادث وجريمة