تتزايد المخاوف من احتمال تكرار مأساة فيضانات العام الماضي التي أودت بحياة 117 شخصاً، ودمرت 100 ألف منزل، وشردت نحو 600 ألف شخص، لكن ما هي المؤشرات والأسباب المغذية لتلك المخاوف وكيف يمكن الحد من الخسائر؟ ولعل ابرز الأسباب الذي عززت تلك المخاوف ما راج قبل أيام بان صور الأقمار الا صطناعية اظهرت ان بحيرة سد النهضة عند منسوب 573 مترا فوق سطح البحر، مما يؤكد أن التخزين الثاني 3 مليارات متر مكعب عند منسوب 573 مترا بإجمالي 8 مليارات متر مكعب، مما يعني ان حجم التخزين الحقيقي لهذا العام صدمة للإثيوبيين الذين يعتقدون أن التخزين 13.5 مليار متر مكعب هذا العام، وبحسب مراقبين فان تأثير هذا التخزين المحدود ضعيف على مصر والسودان، وليس معنى ذلك أن أي تخزين لن يتسبب في ضرر لهما كما يدعي وزير المياه الإثيوبي، بل يعتمد الضرر على حجم التخزين في سد النهضة، وحالة الأمطار، وكمية المخزون في السدود السودانية والسد العالي، واكدوا أن التخزين الثاني توقف بسبب الإخفاق في الإنشاءات الهندسية وهجوم الفيضان مما اضطر إثيوبيا إلى سحب جميع المعدات والتوقف عند هذا الحد وهو تخزين كمية 3 مليارات متر مكعب بدلاً من 13.5.
وفي المقابل ووجهت السفارة الأمريكية في الكنغو الديمقراطية، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي الاسبوع الماضي رسالة إلى إثيوبيا بعد قيامها بالملء الثاني في سد النهضة الإثيوبي، مؤكدة ضرورة حل الأزمة، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي أهمية دور الاتحاد الإفريقي في الحد من الصراع والتوسط في أزمة سد النهضة الإثيوبي، وأعرب كلاهما عن التزامهما بالعمل معاً حتى تتمكن جمهورية الكنغو الديمقراطية من تسخير إمكاناتها الهائلة نحو الاستمرار في مسار إيجابي بأزمة السد.
اتفاق قانوني ملزم :
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، قد جدد موقفه الداعي إلى الوصول لاتفاق قانوني وملزم بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا حول سد النهضة وملئه بما يتماشى والقانون الدولي، وقال حمدوك في خطابه للشعب السوداني بمناسبة عيد الأضحى المبارك إن ملف سد النهضة يظل في مقدمة أولويات الحكومة الانتقالية وإنه ورغم إعلان الحكومة الإثيوبية عن اكتمال عملية الملء الثاني في مواصلة للتصرف في هذا الملف بشكل أحادي وللمرة الثانية، إلا أن السودان يظل متمسكاً بالوصول إلى اتفاق قانوني وملزم حول سد النهضة الإثيوبي، وأضاف حمدوك: «إننا نواصل الدعوة للامتناع عن الإجراءات المنفردة مع ضرورة التوصل لاتفاق قانوني وملزم يتماشى مع القانون الدولي ولن نألو جهداً في تحقيق هذا الهدف الذي يحفظ مصالحنا القومية في السودان».
خروقات :
ويشير الخبير الدولي في الموارد المائية د. احمد المفتي الى
قائمة خروقات القانون الدولي ، التي ارتكبتها اثيوبيا حتى الآن بأنها اكملت تعاقدات تشييد السد ، ووقعتها في مارس 2011 ، ووضعت حجر الاساس في الاول من ابريل 2011 ، ثم اخطرت السودان ومصر في مايو 2011 ، جازماً بأن في هذا الجانب اخلالاً واضحاً بمبدأ الأخطار المسبق، فضلاً عن انها لم تأخذ موافقة حكومة السودان قبل بدء التشييد ، كما تنص المادة 3 من اتفاقية 1902
لافتاً الى انها اشترطت ان تسير المفاوضات من دون توقف التشييد وانها اشترطت ان تكون مخرجات المفاوضات غير ملزمة، مما يبرر رفضها الآن التوقيع على اتفاق ملزم، وابان انه عندما اكتشفت اللجنة الدولية عدم وجود دراسات بيئية واقتصادية واجتماعية في عام 2013 رفضت اثيوبيا القيام بتلك الدراسات وتابع: (عندما اصبح القيام بتلك الدراسات التزاما قانونيا نص عليه البند 5 من اعلان مبادئ سد النهضة ليتم خلال 15 شهرا لم تف اثيوبيا بذلك الالتزام حتي الان ، مستدلاً بتصريح وزير الري السوداني ، قبل ايام بانه لم يستلم الدراسات حتي الآن ، واضاف قائلا : عندما اعلنت اللجنة الدولية عام 2013 ان السد غير آمن ، قامت اثيوبيا ببعض الأعمال ، ولكنها لم تقم بكل المطلوب لذلك التزمت اثيوبيا في المبدا رقم 8 من اعلان المبادئ ، ب « تكملة « امان السد ، ولكنها لم تفعل حتي الان ، والدليل علي ذلك ان وزير الري السوداني صرح قبل ايام ، بانه لم يستلم وثائق امان السد حتي الان ، انها لا تعترف باتفاقية 1902 ، على الرغم من انها اعتمدت عليها عام 1955 ، في المطالبة باقليم قمبيلا ، وعلى الرغم من ان المادة 3 من اتفاقية قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية لسنة 1997 ، تعترف باستمرار سريان الاتفاقيات المائية القديمة ، على اطرافها ، وقد حكمت محكمة العدل الدولية( ICJ) ، والتي هي احد اجهزة الامم المتحدة ، ونظامها الاساسي هو جزء من ميثاق الامم المتحدة واقوى وثيقة في العالم ، وتسود على كل الاتفاقيات الاخرى، حسب المادة 103 منه ، بأن تلك الاتفاقية اصبحت عرفا دوليا ، يلزم كل الدول حتى تلك التي لم توافق عليها ، مبينا انها نفذت الملء الاول بارادتها المنفردة ، على الرغم من ان مجلس الامن الدولي ، والاتحاد الافريقي ، قد طلبا منها ان لا تفعل ، وعلى الرغم من ان المبدا رقم 5 ينص عليها ان لا تفعل الا بعد الاتفاق علي المبادئ التوجيهية ،والقواعد العامة للملء والتشغيل ، وقال انها فعلت نفس الشئ مع الملء الثاني ، ولا يغير من ذلك انها لاسباب فنية ، لم تكمل الملء الثاني .
الانتباهة