منذ عملية فض الاعتصام بالقيادة العامة في عام ٢٠١٩م واصابع الاتهام ظلت تلاحق قوات الدعم السريع بارتكاب الجريمة، الا ان قادة الدعم السريع ظلوا على الدوام في عملية نفي مستمرة، وفيما تحدث البعض عن انتحال شخصيات ضباط تابعين للدعم السريع، اكد البعض الآخر ان هناك اوامر صدرت لضباط لتنفيذ الامر، وبين هذا وذاك يخرج قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) أمس الأول، ويؤكد ان اي شخص من قواته شارك في عملية فض الاعتصام تم تسليمه للعدالة، لتضع هذه التصريحات علامات استفهام متعددة، لاسيما انها تتنافي مع حديث سابق عقب فض الاعتصام.
هوية المسؤول
ففي عام ٢٠١٩م قال نائب رئيس المجلس العسكري الفريق محمد حمدان حميدتي إن السلطات تمكنت من تحديد هوية المسؤول عن عملية فض اعتصام القيادة، مؤكداً توصلهم للشخص المتسبب في القضية، متحفظاً على هويته، قائلاً: (ليس هناك داعٍ لذكره حتى لا يؤثر ذلك في التحقيق)، وقطع بأن كل شخص مشارك سواء من القوات النظامية أو مدني سيتم تقديمه لمحكمة علنية، كاشفاً وقتها عن اعتقال لواء يقوم بتجنيد أشخاص للدعم السريع ويقدم لهم بطاقات، فضلاً عن القبض على (23) شخصاً يرتدون زي قواته يوقفون المواطنين في بورتسودان، واعتبر أن فض الاعتصام كان (فخاً) لقوات الدعم السريع وفق ما ذكر.
حيادية
وبالأمس اصدر نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع توجيهات لكل الأجهزة الأمنية، الدعم السريع، الجيش والشرطة ببسط هيبة الدولة وتطبيق القانون على كل المتفلتين والمجرمين، واكد ان قواته تعمل وفق القانون ولا تحابي او تجامل اي فرد من افرادها ارتكب ما يخالف القانون، وأن قادتها من ضباط القوات المسلحة والشرطة، لافتاً الى أن هناك عدداً من الحالات في بعض الولايات ارتكب بعض منسوبيها مخالفات وتم تسليمهم للعدالة، وأضاف قائلاً: (نحن لا نتدخل في عمل العدالة، وأن كل من شارك من قواتنا في فض الاعتصام سلمناهم للعدالة).
تغبيش قانوني
ويذهب في ذلك رئيس الحزب الناصري دائرة العدالة الاجتماعية القانوني ساطع الحاج الى ان اية تصريحات تتعلق بتسليم مرتكبي مجزرة الاعتصام إلى العدالة قبل اعلان نتيجة لجنة التحقيق برئاسة نبيل اديب محاولة لتغبيش قانوني امام الرأي العام، لذلك قبل اعلان هذه النتيجة يصبح اي تصريح لهذا الامر غير مقبول، لأن القضية امام اللجنة شبه القضائية، واضاف ساطع في حديثه لـ (الإنتباهة) قائلاً: (عندما يقال في تصريحات انه تم تسليم الجناة من الدعم السريع الى العدالة، فإن هذا يعني انه تم تسليم جميع الجناة وليس هناك جناة آخرون، وهذه خطورة مثل هذه التصريحات، لأن لجنة التحقيقات لم تنه تقريرها، وربما يكون هناك جناة غير الذين تم تسليمهم، فأي تصريح مثل هذا غير مقبول، ويجب ان ننتظر نتائج اللجنة المكلفة بالرغم من ان عملها أخذ وقتاً طويلاً، ولكن ليس هناك خيار آخر غير انتظارها).
حديث مكرر
ولكن مراقبين انتقدوا حديث (حميدتي) بشأن تسليم المتورطين في فض الاعتصام للعدالة، لجهة تكرار ذات الحديث منذ عام ٢٠١٩م ولم تتحقق اية عدالة، وقالوا ان نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي سبق ان كشف عن تقديم كل من تجاوز حدوده إلى محاكمة علنية، وتساءلوا لماذا لم تتحقق العدالة منذ ذاك الوقت الذي تحدثوا فيه عن القاء القبض على المسؤول عن العملية، إذ ان هناك استفهامات كثيرة تطرح نفسها.
استهلاك لحظي
اما المحلل السياسي صلاح الدومة فيقول: (هذا ليس اول حديث يكذب فيه حميدتي، وهو يعلم ان حديثه ليس حقيقة وللاستهلاك اللحظي وذر الرماد على العيون)، وأضاف الدومة في حديثه لـ (الإنتباهة) قائلاً: (اذا كان هناك اناس شاركوا وتم تسلميهم فإن حميدتي قد نسي اهم شخصية وهي شخصه هو)، وتابع قائلاً: (حديث حميدتي بعيد عن الواقع، وليست هذه اول مرة يقول فيها مثل هذا الحديث، بل انه اعتاد على ذلك)، وأضاف قائلاً: (المتضررون من فض الاعتصام لم ولن يتوقفوا).
أزمة عدالة
ومن جانبه اعتبر المحلل السياسي د. راشد المبارك ان فشل لجان التحقيق في التوصل إلى نتائج نهائية حتى هذه اللحظة امر يؤكد ان العدالة في البلاد تواجه ازمة حقيقية، واعتبر حديث حميدتي عن تسليم متورطين للعدالة امراً مشكوكاً فيه، وقال المبارك في حديثه لـ (الإنتباهة): (اذا كانت هناك عدالة حقيقية فأين هي خلال اعوام قاربت الخمسة؟ ولماذا لم يتم الكشف عن أسماء المتورطين علنياً للشعب، علماً بأن الحادثة شملت مجموعة كبيرة من الضحايا المدنيين)، واعتبر ان اي حديث عن تسليم متورطين طمساً للحقائق وليس لتحقيق العدالة، او ربما مجرد تطمينات بأن التحقيقات مستمرة والعمل جارٍ في محاكمة المشاركين، لافتاً إلى أن مسؤول طب شرعي أقر بتدخلات في عمل اللجان اعاق مسيرتها بالشكل المطلوب.