الخطوط البحرية السودانية.. استعادة سمعة

by شوتايم3

تعرضت الخطوط البحرية السودانية للانهيار والدمار خلال السنوات الماضية، وعانت من الاهمال المتعمد للحد الذي افقدها الكثير من أصولها ووحدات اسطولها وكوادرها البشرية المدربة، وكانت شركة الخطوط البحرية السودانية تمتلك أسطولاً بحرياً كبيراً ساهم في رفد اقتصاد البلاد بمدخولات معتبرة على مدى عقود، ولعبت دوراً مهماً في النهضة والتنمية الاقتصادية في البلاد، وفي عام 2016 قامت حكومة الانقاذ بتصفية الشركة لصالح الحزب الحاكم، وفي سبتمبر من عام 2020م أعلنت الحكومة الانتقالية عن استعادة شركة الخطوط البحرية السودانية وإلغاء قرار تصفيتها.

رؤية جديدة

وخلال تدشين انطلاقة شركة الخطوط البحرية السودانية أمس الاول، أكد وزير النقل مهندس هشام أحمد أبو زيد أن البلاد تستشرف عهداً جديداً بتدشين الشركة باعادتها لسيرتها الأولى بفضل جهود كوادرها والحادبين عليها. وحمل الوزير الشركة المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقها في المرحلة المقبلة، ورهن تحقيق نجاحها بتضافر الجهود وخلق شراكات ذكية وطنية وعملية فريدة بين الشركة ورجال وسيدات الأعمال، كاشفاً عن سعي الشركة لوضع رؤية جديدة للنقل في البلاد لجعل السودان الأكثر إقبالاً في مجال النقل الوطني على المستوى الإقليمي وصولاً للممرات البحرية العالمية التي تسعى بدورها لتطوير الممرات التجارية الإفريقية. وأرجع الوزير الخطوة لزيادة العملات الأجنبية التي تسهم فى توفير العديد من الخدمات. وتابع قائلاً: (إننا نسعى لتعزيز رؤية الشركة من خلال قطاعات النقل المختلفة). ووجه وزير النقل بضرورة توسعة مكاتب ومرافق شركة الخطوط البحرية السودانية لاستيعاب أكبر عدد من أبناء الشرق، وشدد على ضرورة إطلاق خطة طموحة لرفع كفاءة الكوادر في جميع الأعمال لتغطية الحاجة في الكوادر المؤهلة بزيادة عدد الموانئ السودانية مستقبلاً، وفي ظل محاولة ارجاع الخطوط البحرية السودانية لسيرتها الاولى وجعلها صرحاً عالمياً يدعم الاقتصادي الوطني، يبقى هل يكتب النجاح والعودة للخطوط البحرية في ظل تأزم الموانئ البحرية ومعاناتها من انهيار البنى التحتية؟

استقرار سياسي

ويرهن وزير النقل السابق ميرغني موسى نجاح عودة الخطوط البحرية السودانية لسابق عهدها بحدوث استقرار سياسي في البلاد، ويشير الى صعوبة التعامل مع الخطوط البحرية (كجزيرة معزولة)، لجهة أنها جزء من نظام متكامل للدولة، وكي تنهض تحتاج إلى نظام سياسي مستقر، ويؤكد أن الاستقرار لن يأتي بمعزل عن الجميع حتى تستطيع الدولة أن تعمل وتسير الى الأمام، وتنبأ ميرغني في حديثه لـ (الانتباهة) بعدم نجاح عودة الخطوط البحرية السودانية في ظل الوضع السياسي الحالي، لجهة أنها شركة حكومية وجزء من المؤسسات الحكومية، ويضيف قائلاً: (جميع القطاعات الحكومية في ظل عدم وجود استقرار سياسي لن تحقق معدل النمو المطلوب ولن تسير إلى الأمام)، ويؤكد أن معدل النمو لاي قطاع في السودان لن يحقق فائضاً الا بالاستقرار السياسي، وأن تكون للجميع رؤية واضحة في الاقتصاد والأمن والقطاع المصرفي وغيره، وجزم بأن البلاد تتأذى بعدم الاستقرار السياسي، ويجب أن يكون هناك استقرار لجهة أن السودان بلد (عظمها قوي) وشعبها عظيم.

ميناء متخلف

ويؤكد ميرغني أن الموانئ عبارة عن (سمعة)، ويشير إلى أن جميع الموانئ العالمية تخضع إلى قانون البحرية الدولية، والمنظمة العالمية هي التي تضع مطلوبات الرقابة وغيرها، ويضيف قائلاً: (كون انك غير موجود في المنظومة العالمية، فإن سمعة الميناء تجعله ميناءً متخلفاً وبعيداً عن الخطوط العالمية الكبيرة)، ويؤكد ميرغني أن نجاح عودة الخطوط البحرية السودانية مرتبط بعدة عوامل في مقدمتها الاستقرار السياسي والعودة للاسرة الدولية والالتزام بالقوانين الدولية، لجهة أن الموانئ ليست مسألة ايرادات فقط وإنما تخضع للمسائل العالمية ومدى التزام الدولة بها، ويشير إلى أن البلاد تمتاز بسواحل جيدة وميناء بورتسودان يتميز بموقع استراتيجي يطل على عدد من الدول، ورهن نهوض الموانئ بالمناولة العالية والبنى التحتية الجيدة.

سمعة سيئة

واستبعد ميرغني النهوض بالناقل البحري في ظل المشكلات التي تعاني منها الموانئ السودانية، ويؤكد عدم وجود موانئ وسفن مهيأة، واستدرك قائلاً: (لدينا موانئ تمتاز بمواقع جغرافية ممتازة وبها إشكالات يمكن أن تعالج)، ويشير إلى أن مشكلات المناولة بالميناء يمكن أن تعالج وتتطور بصرف الدولة عليها وتحسين بيئتها، ويشير إلى أن سمعة الموانئ السودانية سيئة وزادات سوءاً عقب إغلاق الشرق، لجهة أن اغلاق الميناء خطر على التجارة الدولية. وكشف ميرغني عن سحب شركات ملاحة كبيرة خطوطها بسبب اغلاق الشرق، ويشير الى حديثهم سابقاً مع قيادات الشرق بأن إغلاق الميناء سيتأذى منه السودان عامة والمواطنون وليس الحكومة ومجلس الوزراء فقط.

ويؤكد ميرغني أن مطلوبات عودة الخطوط البحرية السودانية لسابق عهدها عقب استعادتها، تكمن في تهيئة بيئة الموانئ واسترجاع السمعة التي فقدتها الموانئ السودانية، فضلاً عن عدم السماح لاي شخص أو مكون بأغلاق الميناء، ويضيف قائلاً: (يجب ارجاع الثقة، وعلى المؤسسات أن (تشد حيلها) للنهوض)، وجزم بأن شراء باخرة أو اثنتين ليست حلولاً ولن تقدم الموانئ.

الحظوظ متاحة

أما بالنسبة لعدد من الخبراء الاقتصاديين فإن حظوظ البلاد في عودة الخطوط البحرية السودانية لسابق عهدها وسيرتها الاولى متاحة، ويؤكدون ان حظوظها في الخليج والبحر الاحمر متاحة لحين استعادة سمعتها الجيدة في السوق العالمية، وشددوا على ضرورة سعي الشركة لبناء القدرات وإكمال تعيينات الهيكل الوظيفي وزيادة البواخر العاملة، مع التوسع في التوكيلات والمكاتب الخارجية، فضلاً عن قيامها بدراسة جدوى لمعرفة حاجات السوق في هذا المجال من ناحية ماذا يصدر السودان من سلع وماذا يستورد من بضائع؟ حتى تبنى عمليات شراء السفن الجديدة على معلومات ومواصفات دقيقة.
الانتباهة
فلاش باك

وجاءت فكرة إنشاء الخطوط البحرية السودانية في عام 1959م، وبدأت عملها مناصفة بين السودان ويوغسلافيا برأس مال قدره (400) الف جنيه سوداني نصيب السودان منها (200) الف جنيه. وفي عام 1967م اشترت إدارة الشركة نصيب الجانب اليوغسلافي الذي يبلغ (600) الف جنيه، وأصبحت بذلك سودانية بنسبة 100%. وخلال أقل من عشر سنوات على إنشائها تمت سودنة جميع الوظائف التي كان يشغلها اليوغسلاف. وبدأت الشركة عملها التجاري في عام 1962م بسفينتين ثم تنامى اسطولها ليصل إلى (20) سفينة.

Leave a Comment

1 × 5 =