في الحلقة السابقة تحدثنا عن الخطأ الكبير الذي سقطت فيه حكومة الإنقاذ وعجل بنهايتها بسبب وزيرها الركابي الذي قام بزيادة سعر الدولار الجمركى من (6) جنيهات إلى (18) جنيهاً وهو ما أدى لاندلاع احتجاجات كانت السبب في نهاية الحكومة فعلى مدار نحو (100) عام لم يتجاوز الدولار الجمركى مبلغ (28) جنيهاً بالسودان فقد ظل الدولار الجمركى على سعر ثابت لخلق توازن السوق الذي يؤدي لخلق توازن الاقتصاد القومي وهو ما لم يضعه جبريل إبراهيم في الحسبان .
من الجهل والغباء أن يتم إلغاء ما يسمى بالدولار الجمركي بين عشية وضحاها بما يجعل سعر الدولار الجمركي يرتفع من (28) جنيهاً إلى (475) جنيهاً هذا يعني أن أسعار السلع سيتجاوز سعرها إلى نحو عشرين ضعفاً وهذا أمر خطير بل كارثي وقد يطيح بهذه الحكومة في رمشة عين .
الحكومة قد تستثني بعض السلع الغذائية ولكنها ستتسبب في رفع أسعار جميع السلع بطريقة غير مباشرة وكما ذكرنا في زاويتنا السابقة فإن الأصل في عمل المورّدين هو النقص والغالبية العظمى من عمليات التوريد يتخللها أخطاء ونقص مستندات وهذا يتم التعامل معه بموجب القانون من خلال دفع تسوية أو غرامة مالية لصالح سلطات الجمارك وهذه الغرامة غالباً ما يحولها المورد إلى المواطن الذي يدفع ثمنها أخيراً وبالتالي هذا يعني أنه لا انخفاض فى أسعار أية سلعة .
وهذا يعني بالضرورة أن رفع أسعار الجمارك سينسف كل ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي أطلقه مجلس الوزراء أمس وأن كل الوعود التي أتى بها المؤتمر لن تكفي لشراء طلب فول فالزيادات المعلن عنها للرواتب بنسبة 25% لن تكفي لشراء مستلزمات المنزل ليوم واحد وهذا يجعلنا نعتبر حزمة القرارات المتخذة من قبل مجلس الوزراء لتخفيف أعباء المعيشة ليست سوى حزمة لتخدير الشعب لأنها لن تكفي لمجابهة الزيادات المهولة القادمة في حال تطبيق القرارات الجمركية وإطلاقها .
إن هذه القرارات تعتبر كارثة كبيرة لأنها ستوقف عجلة التبادل التجاري والسلعي وسيحجم الموردون عن الاستيراد وسترتفع أسعار البضائع وسيحدث جفاف عام في الأسواق السودانية وما سيحدث بالضبط هو نفس الذي كان يحدث قبيل حكومة الإنقاذ إبان عهد حكومة الأحزاب يعني باختصار (بقروشك وما تلقى الحاجة العايزها) .
لن تجدي سياساتكم في إنعاش الاقتصاد بل ستقود البلاد إلى نفق مظلم ليس في آخره “نقطة ضو“ وأتعجب كثيراً لمتخذي السياسات في وزارة المالية ومجلس الوزراء وكثيراً ما أتخيل أنهم لا علاقة لهم بعلم الاقتصاد وربما مارسوا العملية الاقتصادية انطلاقاً من دكاكين أحيائهم، فاقتصادنا بحاجة إلى خبراء بالفعل وليس تجار سياسات ومراهقين سياسيين لا يجيدون لغة الأرقام ويجهلون أبسط قواعد الحساب، ولا يضعون أي اعتبار لمصلحة الشعب والمواطن الغلبان فمتى ستفيقون من غيبوبتكم يا هؤلاء. .؟.
الانتباهة