مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية العالمية نهاية يناير الماضي 2021 كشف عن إحتفاظ السودان بموقعه في ذيل قائمة الدول الأكثر فساداً بإحرازه لـ(16) درجة بفارق (27) درجة عن المتوسط العالمي المحدد بـ (43) درجة..
ماذا يقول الخبراء؟
رئيس منظمة الشفافية السودانية د.الطيب مختار يذهب في حديثه لـ(السوداني) الى أن بيانات منظمة الشفافية الدولية عن السودان تشير الى أن متوسط ما حصل عليه السودان في الفترة من 2003م الى 2020م هو ( 16 ) درجة في الحد الأقصى، و(11) درجة في الحد الأدنى، منوها الى أن ترتيبه رقم 174 من 180 دولة.
ولفت د. مختار للآثار السالبة المترتبة على التقرير في إحجام الدول المانحة والمنظمات والممولين والمستثمرين والدائنين عن التعامل مع دولة تقبع في ذيل مؤشر مكافحة الفساد..
لماذا يتذيل السودان؟
وبحسب رؤية مختار فإن احتفاظ السودان بهذه الدرجة طيلة الأعوام الماضي يعود لعدم حرص الحكومة السودانية على تحسين متطلبات المؤشر العالمي للفساد من خلال السعي لإكمال مؤسسات وتشريعات مكافحة الفساد المطلوبة في نظام النزاهة الوطني في السودان الذي تصدره الشفافية السودانية سنويا وإنشاء مفوضية مكافحة الفساد، وتوفير الحماية اللازمة للمبلغين عن الفساد وتفعيل قوانين حق الحصول على المعلومات وإبراء الذمة وتفعيل المؤسسات الرقابية والمراجع العام وجهاز الاتصالات والبريد.
وطالب د. مختار الحكومة بتبني مبادرة بأن يكون العام 2021 عام لتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد في السودان وتهيئة البيئة لمكافحة الفساد لتفعيل التعاون الدولي على مستوى الحكومات والمؤسسات والأفراد.
رؤية (قحت)
في المقابل يرى عضو اللجنة الإقتصادية بقوى الحرية والتغيير د.كمال كرار في حديثه لـ(السوداني) ان السودان ظل منذ فترة طويلة في ذيل قائمة الدول الأكثر فسادا وكان مؤملا إحرازه تقدما إيجابيا عقب ثورة ديسمبر التي أطاحت بنظام البشير غير ان الحكومة الإنتقالية الحالية لم تهتم بإجتثاث منظومة الفساد التي أسسها النظام السابق التي تسيطرعلى مجالات وانشطة إيرادية كبرى كالتعدين بإختلاف.
كم يخسر السودان؟
وقدرت منظمة الشفافية السودانية الخسائر السنوية للفساد بالسودان بأكثر من (18) مليار دولار بسبب غياب الرقابة وضعف القوانين، فيما لفت كرار لأهمية إنشاء مفوضية لمكافحة الفساد لمحاصرته ومنع التفرقه بين القبائل، ملمحا لوجود متاريس وتيارات داخل الحكومة تحول دون إنشائها حماية للمتورطين.
تفاصيل أكثر عمقا
وتسببت الصلاحيات غير المحدودة التي منحها نظام الحكم السابق في السودان للشركات الحكومية والأخرى الموالية للنظام في جر الاقتصاد السوداني نحو حافة الإنهيار طيلة الأعوام الـ(30) الماضية جراء التلاعب في ممتلكات وأصول الدولة والفساد المالي والاداري الكبير واستغلال السلطة والنفوذ في العمليات التجارية والصناعية والاستثمارية.
وألزم المجلس العسكري الانتقالي العام الماضي الهيئات والمؤسسات والشركات والكيانات الحكومية وجميع الجهات التي تمتلك حكومة السودان فيها حصة، بتقديم البيانات اللازمة حول الحسابات المصرفية والإيداعات والأوراق المالية والمبالغ النقدية أو أي معادن نفيسة أو مجوهرات داخل وخارج السودان وتسليمها لبنك السودان المركزي والجهات المختصة.
في وقت كشف فيه المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء آدم حريكة عن أن عدد الشركات الحكومية المدنية خارج سلطة وولاية وزارة المالية أكثر من عدد الشركات العسكرية، مؤكداً على ان عددا كبيرا من الشركات التابعة لوزارة الطاقة خارج سيطرة وزارة المالية، واضاف في ندوة سابقة: لذلك سنشرع في مراجعتها اولا قبل الشركات العسكرية، متابعا: هذا لا يعني اننا سنصمت عن الشركات التابعة للجيش.
وأكد حريكة ان وزارة المالية حاليا تعمل على اعادة كل الشركات الحكومية “عسكرية ومدنية “لكن القضية تحتاج لوقت طويل، مشيرا في الوقت ذاته إلى ان عددا كبيرا من شركات الجيش لا تدفع ضرائب، كاشفا عن تسليم الجيش وزارة المالية معلومات مهمة حول شركاته، مؤكدا الغاء الاعفاءات الجمركية والضريبة التي كانت تتمتع بها هذه الشركات