تناولت وسائط التواصل الإجتماعي بكثافة صور أسرة النائب الأول لرئيس المخلوع السابق علي عثمان المحبوس بسجن كوبر وهم يجلسون بالقرب من منزلهم المصادر الذي أخلي بالقوة الجبرية من قبل الشرطة بأوامر من لجنة التمكين بعد انتهاء المهلة التي حددت للأسرة لإخلاء المنزل .
وكانت لجنة إزالة التمكين قالت إن منزل المذكور قد قامت بتشييده شركة صينية بتكلفة بلغت ستة ملايين دولار بتمويل من جهاز الأمن والمخابرات في تلك الحقبة.
إعلام موجه
واستفاد الإعلام الألكتروني لعناصر النظام السابق من الحدث محاولاً أن يضرب على وتر البعد الإنساني وصبغ القرار بالتشفي والانتقام متشككين في حيثيات القرار وهو ما ذهب إليه علي عثمان في بيانه الذي أصدره حيث قال ( حاولت اللجنة المذكورة تبرير ما أقدمت علية من إخراج اسرتي من المنزل) المشار اليه بتلك الصورة المهينة التي استهجنها كل ذي عقل وخلق وضمير حي بأنها تعمل على استعادة أموال الشعب المنهوبة، وتحدى اللجنة ان تبرز الدليل الذي استندت إليه في قرارها، وقال
( عليها أن تبرز للرأي العام المستندات والوثائق التي تثبت صحة ادعائها الكاذب -وأنني على يقين قاطع بأنها لن تفعل لأنها لاتستطيع إثبات كذبا اليوم أو غدا أو في أي وقت لاحق لانها لا تملك دليلا واحدا على صحة ما تدعيه -وهي تعلم ذلك.
وواصل تحديه قائلاً ) ومع ذلك :-إن استطاعت لجنة الإفك أن تجعل المستحيل ممكنا وتقدم مستندات ووثائق صحيحة وقانونية تثبت دعواها الكاذبة =فانني أعلن استعدادي الكامل للقيام بالآتي:-
(أ) التنازل الفوري عن ملكية المنزل للصالح العام.
(ب)الإعتذار للشعب السوداني عن التعدي المزعوم على المال العام.
(ج) المثول أمام محكمة قضائية مختصة للمساءلة والمحاسبة القانونية..
يرى المراقبون أن علي عثمان يدرك أن من الصعوبة بمكان أو الاستحالة أن تثبت أي جهة قيام جهاز الأمن السابق بتقديم أي دعم لأي طرف حكومي أو أهلي نسبة للسرية العالية في مثل تلك الحالات وحتى جهاز امن نميري كان يقدم دعماً مالياً ولوجستياً لسياسيين حزبيين من النظام الذي انقض عليه النميري في انقلاب مايو 1969 ولم يتم التعرف على تلك الشخصيات حتى بعد حل جهاز الأمن بواسطة الحكومة الانتقالية .
ويرى المراقبون أن الأحاديث التي تحاول استثارة العواطف تجاه قرار مصادرة منزل عثمان ينسون أن النظام السابق قام بحصار اقتصادي شرس على المعارضين ومخالفي الرأي ومنعهم من العمل بل حتى ابناءهم مما عرض الكثيرين منهم للتشريد والطرد من منازل الإيجار .
والمعروف أن عناصر النظام البائد قد تملكت العديد من المنازل الفاخرة والأراضي في أماكن راقية مرتفعة القيمة التسويقية وهو ما اشارت إليه لجنة التمكين في العديد من بياناتها .
بل هناك أحياء معروفة في العاصمة اشتهرت بتملك واسع للمنازل والعقارات لعناصر النظام السابق .
انتهازية سياسية
بالرغم من أن عناصر النظام البائد انتقدوا بشدة بعض القرارات والاتفاقيات التي قامت بها الحكومة الانتقالية باعتبارها تمس بعض ثوابت الدين وكانت بالفعل محل جدل ولا تخلو من دخن، بيد أن هذه العناصر كما يرى المراقبون تناست مواقف حكومة (الإنقاذ) بشعاراتها الدينية التي تجاوزت ايضا بعض الثوابت والمفاهيم الدينية عند التعامل الربوي لاعتبارات رأت أن المصلحة العامة اقتضتها بل أن علي عثمان نفسه مهندس اتفاقية نيفاشا عندما تحدث البعض بأن اتفاقية نيفاشا التي قادها قد غيبت البعد الديني وأنها اتكأت على الحلول البرجماتية على حساب المرجعيات والثوابت التي طالما نادت بها الإنقاذ إلا أن طه رد على هذا الاتهام بطريقة غير مباشرة بقناة الجزيرة في ذلك الوقت بقوله ( إن اعتبار أن الإسلام لا ينجح إلا اذا كان الجميع مسلمين وإلا إذا كانت الدولة كلها موحدة العقيدة وإن الإسلام يصلح نظاما سياسيا لمجتمع تعددي الثقافات والأعراق هذا فيه انتقاص للإسلام وقال ( نحن نريد أن نقدم أنموذجا يقوم على ان الإسلام يحترم الخصوصية الثقافية الأخرى ) وعندما سأله مقدم البرنامج عن ما إذا كانت القوات المسلحة ستقاتل بعد الاتفاقية بعقيدة علمانية قال ( ان الاتفاقية لم تقص الدين من الحياة العامة وإنما أفضت ترتيبات معينة للمناطق التي تسود فيها العقيدة الإسلامية ) وقال ( ان التلاقي بين الطرفين في الدفاع عن الوطن يمكن ان يكون منطلقه هو العقيدة الإسلامية وقد لا يكون كذلك ) ومن الواضح أن ما أقرته حكومة العهد البائد آنذاك قبل نتيجة الاستفتاء حول مصير جنوب السودان عادت واعتبرت ما قامت به الحكومة الانتقالية حالياً تجاوزا لثوابت الدين واتباعا لتعليمات الغرب الكافر وأن الحكومة تعادي الدين ولهذا فهي تستنفر عناصرها لإسقاطها .
المعروف أن كل الانفلاتات القيمية والدينية التي ظلت تقوم بها حكومة البشير (الإسلامية !) كانت آلاتها الرئيسة هو ما يعرف بفقه الضرورة هو فقه لم يعرف الكوابح والاحتراسات المتفق عليها قيمياً ودينياً طوال حقبة الإنقاذ القاتمة كما يتفق جل المراقبين .
الانتباهة