بيت الشورة عمرالكردفاني….يا حليلو

by شوتايم2

 

 

 

 

لم تكن الفتاة البريطانية الارستقراطية تدري ان شغفها بالفن وحبها للالوان المختلفة قد تقودها كل هذه الأميال بعيدا عن الأسرة الممتدة والدعة ورغد العيش في لندن إلى آفاق من الدهشة لم تكن تحلم بها ،إذ لا خيال لديها يمكن أن يمزج  بين الخضرة والصحراء والشموخ والكبرياء والجروف وتدفق الماء كما وجدته في دامر المجذوب،لم تكن الفتاة الأنيقة الرقيقة لتدري أن حبها لهذا الاسمر الوضئ قد يلقى ترحابا من مجتمع صوفي غارق في البداوة حتى وضعت رجلها على أرض السودان التي تصفها الصحافة الإنجليزية بأن وحوشها تقاسم سكانها شوارع العاصمة وازقة المدن الكبيرة، فوجدت عاصمة أنيقة جميلة نظيفة مضاءة ذكرتها بريف لندن ووجدت مجتمعا منفتحا في غير تهتك ومحافظا في غير تكبر ومضيافا في غير تكلف ،فاحبت فتاها أكثر في هذا النسيج المبارك

إنها الفنانة التشكيلية جريزالدا التي ربط القدر مصيرها بالفتى الذكي الالمعي عبد الله الطيب ،جمع الحب بينهما كما يجمع اي قلبين واحاطا حبهما بالسرية حتى اينع فتزوجا، كما قالت الراحلة المقيمة:،تزوجته سرا ،وذلك مزجا بين تقاليدها الإنجليزية في الصداقة الطويلة التي تفضي إلى الزواج ،وليس كما يرى بعضا من عابري الثقافات (علاقة مفتوحة) وبين تعاليم فتاها الإسلامية في تطبيق سنة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم(من رغب عن سنتي فليس مني).

حياة مليئة بالحب والاحترام ثرية بالعلم والعمل حية بالتسفار حول العالم ،قضت الأسرة الكريمة حياتها في التنقل بين مدن العالم وجامعات الدنيا ،تجمعهما إلفة أنيقة وحب جعل كل منهما يتقن ثقافة الثاني ويحترم مجتمعه فكان البروفسير عبد الله الطيب من اكثر علما العالم العربي اتقانا للغة (الفرنجة) وكانت (جوهرة) كما يسميها تحن إلى دامر المجذوب وتجعل لزيارته مواسم ،وحتى استقرارها في مجتمع جامعة الخرطوم كان فرصة للتعلم والتعليم ورسم ما تراه بعين خيالها فتضرب بفرشاتها اللوحة لترسم مبنى عتيقا الا انها تزينه بالوان توحي بفصل من العام ،فتجد طغيانا للون الأخضر في ايحاء إلى أن الفصل خريف ،وترى تدرجات الأصفر هي الغالبة لتعلم أن الصيف على الأبواب ولربما رسمت عدة أغنام سوداء اللون لتوحي للرائي أن جفافا ضرب مجال اللوحة فاضطرت الاغنام إلى تسور البيوت لتأكل من خشاش الأرض.

ثم ماذا بعد ؟

ليس في الإمكان الإحاطة بسيرة الراحلة المقيمة في عجالة كهذي، ولكن ما دفعني للكتابة امران لا ثالث لهما ،الأول هو ما افصحت عنه الراحلة بأن  البرفسير إنما توفي جراء الإصابة بالعين حينما رآه احد السودانيين في رحلته التي جاء منها محمولا على كرسي متحرك إذ قال ذلك السوداني :،هو دا لسة عايش؟

والأمر الثاني هو هذا الحب الجارف للزوج الذي يستاهله وهذا الثناء الوارف لشخص كان كل حياتها منذ شبابها الغض إلى عمرها الذي وصلت ببركة من الله ،هو هذا الوفاء لزوج أحبت فيه علمه وعمله تواضعه وكبرياءه، وفاءه وطيبة قلبه ،كل ذلك اجتمع في قلب الراحلة وهي تقف على قبره في نهاية فيلم تسجيلي وهي تطلق تنهيدة عميقة صادقة وتطلقها بذات العمق قائلة جملة من كلمتين جمعت عمرا وعلما وفاء وعرفانا :يا حليلو

Leave a Comment

ثلاثة × 3 =