(هنالك رغبة في تشارك المعلومات للوصول إلى حلول دبلوماسية وبناء الثقة بين الأطراف في ما يخص قضية خلاف سد النهضة).. بهذه الكلمات بين المبعوث الأمريكي دونالد بوث أسباب زيارته للبلاد أمس، مستفسراً عن التوقيت الذي يتناسب مع السودان في المرحلة الثانية من تعبئة السد، وإمكانية تقارب وجهات النظر في هذه القضية، مؤكداً سعيهم للوصول إلى اتفاقيات مرضية لجميع الأطراف ومساندة السودان للتحول الديمقرطي أثناء الفترة الانتقالية، ويأتي ذلك تزامناً مع التصريحات النارية التي أطلقها رئيس جمهورية مصر عبد الفتاح السيسي عقب إبلاغ إثيوبيا مبعوث الولايات المتحدة في السودان بتمسكها بالملء الثاني للخزان في يوليو المقبل، ووجه تهديدات شديدة اللهجة إلى إثيوبيا التي تتمسك بملء سد النهضة في يوليو المقبل حتى دون التوصل لاتفاق مع السودان ومصر، وقطع السيسي بأنه لن يستطيع أحد أن يأخذ نقطة ماء واحدة من مصر .
أولها كلام
ويرى عضو اللجنة الدولية لسد النهضة السابق د. أحمد المفتي في حديث السيسي أن مصر تصرح بالحرب، بعد أن كانت تلمح، وذلك بعد أن قال الرئيس المصري خلال مؤتمر صحفي: (إن يد مصر طويلة، ولا يتصور أحد أنه بعيد عن قدراتنا، ومياه مصر لا مساس بها، والمساس بها خط أحمر، وسيكون رد فعلنا في حال المساس بها الإقدام على أمر سيؤثر في استقرار المنطقة).
وذلك لجهة تطهير إثيوبيا مساحة (5000) هكتار من الأشجار، بتكلفة جاوزت (80) مليون بر إثيوبي، استعداداً للملء الثاني، مما يعني أنها ماضية في الملء الثاني بإرادتها المنفردة، وقد كثفت ترتيباتها، وتابع المفتي قائلاً: (من الواضح أن الرئيس المصري قد يئس من الوصول الى بعد استمرار إثيوبيا في تعنتها، وأراد أن يرسل رسالة واضحة لأمريكا وأوروبا، بأنه لن يتردد في اللجوء للحل العسكري، خاصةً بعد أن بات السودان يقف بالكامل حكومةً وشعباً في خندق واحد مع مصر، لأنه يواجه تهديداً وجودياً أيضاً)، وأضاف قائلاً: (تلك التصريحات تذكرنا بالخط الأحمر الذي حدده الرئيس المصري في الأزمة الليبية، وذلك ما يؤكد جديتها)، ونوه بأنه قد ورد في الأخبار أن من بين الاستعدادات للحرب، إرسال مصر أنظمة دفاع جوي إلى السودان لحماية أجوائه من أي رد فعل إثيوبي، وإيفاد خبراء لدراسة طوبغرافيا المنطقة الحدودية السودانيّة الإثيوبية القريبة من سد النهضة، لوضع الخرائط اللازمة تحسباً للجوء إلى الخيار العسكري، وزاد المفتي قائلاً: (ولا يفهمن أحد أننا ندعو إلى الحرب أو نروج لها، بل أننا من دعاة التكامل السوداني المصري الإثيوبي، ولكننا نتحدث عن واقع فرضه التعنت الإثيوبي المنافي للقانون الدولي، وغاية أمانينا أن توقف إثيوبيا الملء الثاني وتعود إلى طاولة المفاوضات، للوصول إلى اتفاق ملزم يحقق طموحات الجميع)، مؤكداً أن ذلك ليس مستحيلاً عقب وصول المبعوثين الأمريكي (بوث) والأوروبي (ألكسندر روندوس) إلى الخرطوم، مبديين رغبتهما في التوسط للوصول إلى اتفاق حول سد النهضة.
وفي المقابل أعلن السفير الإثيوبي في القاهرة، ماركوس تيكلي ريكى، أمس، أنه سيتم استئناف المفاوضات بشأن سد النهضة مع مصر والسودان قريباً، للتوصل إلى اتفاق مرض مع جميع الأطراف برعاية الاتحاد الإفريقي، وأضاف ريكي، خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر السفارة الإثيوبية في العاصمة المصرية قائلاً: (لم يتم التواصل مع إثيوبيا رسمياً بشأن لجنة الوساطة الرباعية التي اقترحها السودان، وسمعنا عنها من وسائل الإعلام فقط).
واقترح السودان في فبراير الماضي تشكيل آلية رباعية تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والولايات المتحدة، وهو أمر رحبت به مصر ورفضته إثيوبيا.
وأكد السفير الإثيوبي في القاهرة أن بلاده دائماً تركز على المفاوضات وتعمل على حل الخلافات بطريقة سلمية، وذلك في معرض رده على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن سد النهضة، وأوضح السفير الإثيوبي لدى القاهرة، أن بلاده تقوم ببناء السد منذ عام 2011م وكانت شفافة تجاه مصر، وأن بلاده منفتحة على الحوار وترغب في اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف، مؤكداً أن سد النهضة لن يسبب ضرراً لدولتي المصب، وأوضح أنه من مصلحة إثيوبيا الوصول إلى اتفاق ومستعدون لذلك، على حد تعبيره، وأضاف قائلاً: (كان هدفنا ملء السد خلال ثلاث سنوات، ولكن وافقنا على الملء من (5 ــ 7) سنوات نزولاً على رغبة دول المصب)، وشدد السفير الإثيوبي لدى القاهرة على أن أديس أبابا ملتزمة بالمفاوضات والحلول السلمية، وتركز على المفاوضات في الوقت الراهن.
مرونة مطلوبة
بيد أن الخبير الاقتصادي باللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير، يرى أن الموقف الإثيوبي هو الذي أوصل الأمور الى التوصل لاتفاقية بين البلدان الثلاثة بشأن التشغيل والملء حتى لا ينعكس ذلك لإحداث إصرار دول المصب، وقال إن إثيوبيا رحبت بالمبادرة الرباعية مشروطة بعدم الإحالة دون الملء الثاني وفي نفس مواعيده، واعتبر ذلك في حديثه لـ (الإنتباهة) أنه يهزم أية محاولات لحل في قضية لا بد من حل لها، واضاف ان تعنت الموقف الإثيوبي دفع وقد يدفع أطرافاً أخرى للتدخل كوسطاء لإيجاد حل لأهمية موقعي النيل والسد عليه وتأثيرات ذلك، لافتاً إلى أن مجرى النيل محكوم باتفاقيات دولية بجانب الاتفاقيات الإقليمية والدولية، مؤكداً أن الصواب أن ترجع الأطراف الثلاثة مصر وإثيوبيا والسودان للتفاوض بشكل مباشر دون شروط.
وفي ما يتعلق بمدى تأثير التدخل الأمريكي والأوروبي عبر مبعوثيهما بالبلاد، قال عادل: (إن الأمور بخواتيمها، وما يجعل الخواتيم محققة لمصالح جميع الأطراف عدم تدخل أطراف أخرى، ومطلوب مرونة من الموقف الإثيوبي.
الانتباهة