وسائل الإعلام ومواقع التواصل باتت تنقل في الفترة الأخيرة بين يوم وآخر – بل ربما في بعض الأوقات تنقل كل يوم – أخبار وقوع الجرائم ، بين خبر وقوع جريمة قتل أو سطو أو نهب أو ترويع للآمنين أو أخبار القبض على لصوص مدججين بأسلحة فتاكة أو أخبار القبض على مروجي المخدرات ، أو الإخبار بوقوع الجرائم في القضايا الأخلاقية ، أو الخيانات المالية ، من سرقة المال العام أو الخاص ، وغيرهم.
وإن وقوع الجرائم بأنواعها له أسباب كثيرة ، منها دعوة شياطين الإنس والجن وتزيينهم للباطل ومنها الغفلة والجهل وضعف البصيرة وضعف الإيمان وعدم الخوف من الله تعالى وهو نتاج فساد المعتقد ، ومنها الطمع ومنها سهولة اقتراف المنكر بهتك حدوده التي توصل إليه ، ومنها توقّع النجاة من الوقوع في أيدي الجهات الأمنية أو النجاة بعد الوقوع في أيديهم ، وغير ذلك من أسباب.
وإن دور الجهات الأمنية ومسؤوليتها عظيمة أمام أداء الواجب الكبير بحفظ الأمن وحماية الأنفس والأعراض والممتلكات ، فإن هذه التفلتات بحاجة إلى حزم سلطان وسيف بتار يجعل بعض هؤلاء المجرمين موضع عظة واعتبار ، ومع هذا فإني أقول : إنه يجب على الجهات الأمنية وعامة الناس إدراك أن (الوقاية خير من العلاج) ، وإن الوقاية من الوقوع في الجرائم يكون في التربية على العقيدة الصحيحة وغرس الإيمان في القلوب وتزكيتها بوحي الله تعالى.
إن تضييع الأمانة ؛ أمانة الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وهذه هي الضرورات الخمس لهو أمر خطير ، ومؤسف أن تضييع كل هذه الأنواع من الجرائم أصبحنا نطلع عليه في الصحف بين وقت وآخر، وقد ينشغل محللون ويكتب كتّاب ويستضاف في برامج متحدثون، وتكلّف جهات بإعداد تحليل وتقريرات..
وإن هؤلاء وغيرهم يجب عليهم أن يدركوا أن حل كل هذه الإشكالات في إصلاح المعتقد بغرس العقيدة الصحيحة وتنحية العقائد الباطلة وتقوية الإيمان وتربية الناس كباراً وصغاراً عليه.
لقد اعتنى النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالدعوة إلى أساس هذا الدين والتربية على ركنه الأعظم: التوحيد والإيمان بالله.. فدعا إلى التمسك بالمعتقد السليم والاستقامة عليه وحذر من الشرك بكل صوره وأنواعه كبيره وصغيره، وهذا ما اتفق عليه كل الأنبياء..
فحذر عليه الصلاة والسلام هذه الأمة من الوقوع في الإشراك بالله تعالى ونهى عن اتخاذ آلهة أو أنداد مع الله سبحانه وتعالى.
فقد اعتنى النبي صلى الله عليه وسلم بالعقيدة والتوحيد وتصحيح المعتقد لأن الإنسان لا يفلح إلا إذا كان إيمانه صحيحاً ومعتقده سليماً وهذا ما كان يُكثِر من توضيحه وبيانه حتى أنه في فراش الموت يحذر من الضلال والانحراف فيه. ويقوي الإيمان لأن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب، ولن يستقيم الناس على الجادة والصواب إلا إذا كانت قلوبهم سليمة وإيمانهم قويماً.
وإن الفساد في العقيدة هو أصل كل فساد!!
فأساس الصلاح والإصلاح صحة المعتقد وتحقيق الخوف من الله وتعظيمه والإيمان بأسمائه وصفاته وألوهيته وأنه وحده المستحق للعبادة والإيمان بربوبيته ومُلكِه لهذا الكون وأنه وحده المصرف لأمور خلقه ، وبتحقيق الخوف من أليم عقابه والرجاء لحسن جزائه، وبمراقبته سبحانه، والخوف من المصير في الآخرة. فإن صدقنا في أنا ننشد العلاج الناجع فلنجتهد في تربية أنفسنا ومن حولنا على مراقبة الله تعالى والخوف منه واليقين بأنه يطلع علينا ولا تخفى عليه منا خافية (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله) (واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) (أحصاه الله ونسوه) (يعلم السر وأخفى).
فسبحان من وسع سمعه الأصوات ولا تخفى عليه من خلقه الخفيات..
نؤكد تأكيداً موثّقاً على هذا السبيل وأثره في الإصلاح ، وهو الذي صلحت به الأمة وسلمت به من الفتن كالشرك والبدع والأهواء وسائر مظاهر الانحرافات ، وبه سادت الأمة على الأمم في قرون الخيرية ، و(لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) .
الانتباهة