(1)
بعد فشل حكومة حمدوك في وقف التدهور الاقتصادي والفوضى والضائقة المعيشية والغلاء، ليس هناك أمرّ وأفجع من هذا الفشل الذريع سوى الصراع الحالي بين مكونات قوى الحرية والتغيير حول المناصب والمواقع… هذا الصراع حول المناصب والمحاصصات والتكتلات والشلليات والحفر ومحاولات إقصاء بعض الفصائل والأحزاب هو الذي أدى إلى تأجيل التشكيل الوزاري عدة مرات، على ماذا يتصارع هؤلاء وفيما يتنازعون ويقصي بعضهم بعضاً، أعلى «جيفة « تركها تماسيح الإنقاذ وكواسرهم مُرغمين….
حال الاصطراع الذي يترآى لنا الآن بين قوى الثورة أشبه في أحسن حالاته بحال رجل مريض يُصارع سكرات الموت وحده في غرفته، بينما يتصارع أبناؤه العاقون حول «الترِكة» ولا يهمهم ما يجري لأبيهم في معركته مع الموت، هذا المشهد ينطبق تماماً على قوى الثورة المصطرعين على الوزارات دون الاهتمام بمعانات شعبهم الذي يصارع الموت تحت براثن العوز والحاجة ومخالب الغلاء وأنياب المرض….
(2)
الخلافات الحالية بين قوى الحرية والتغيير وصراع المحاصصات ومحاولات التكويش وطريقة الشلليات والتكتلات في الحصول على المناصب أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن هؤلاء المصطرعين غير مسؤولين وغير جديرين بتحمل الأمانة لأن الأمر عندهم مجرد مصالح حزبية ومنافع شخصية، كما أكد الأمر نفسه أن هؤلاء لا تهمهم مصلحة البلاد ولا استقرارها ولا المعاناة التي تعتصر الشعب… فكيف يروق لهؤلاء أن يتنازعوا حول الوزارات ويتسببون بهذا العبث في تأجيل تشكيل الحكومة والعدالة والتنمية والبناء والتشريع، وكيف يروق لهم الصراع بينما شعبهم يقف على حافة الهلاك، أليس فيهم رجل رشيد؟… بالله عليكم هل يستحق مدني عباس وولاء البوشي تأجيل تشكيل الحكومة من أجلهما والتمسك بهما للاستمرار في الوزارة؟
(3)
ارتفع لدي حاجبا الدهشة وأنا أطالع عنوان بإحدى الصحف يقول: (التمسك بمدني والبوشي يتسبب في تأجيل الحكومة الجديدة) ومضى الخبر يقول: (إن الخلاف بين قوى الحرية انحصر أخيراً في تمسك المكون المدني بـ «مدني عباس»، بجانب تمسك الجمهوريين بولاء البوشي).. والحقيقة التي يجب أن تمشي عارية ليراها الناس رأي العين هي أنه ليس مدني وحده ولا البوشي وحدها بل يجب أن يذهب كل طاقم الحكومة الفائتة لأنهم فشلوا بامتياز، ويجب أن تُتاح الفرصة لغيرهم ..
(4)
هذه المناصب ليست مكافأة لمن عارض نظام البشير وشهد السجون والمعتقلات، وليست جوائز يتم توزيعها لمن شوهد عاري الصدر بميدان الاعتصام، وليست مكافأة لثمن النضال ولا لمن تمردوا وحملوا السلاح ضد النظام المخلوع… هذه المناصب للكفاءات التي تستطيع العبور بسفينة الوطن إلى بر الأمان، فلماذا لا يكون منصب وزير المالية لخبير اقتصادي مثل د. التجاني الطيب وزير المالية الأسبق الذي يشهد بكفاءته القاصي والداني بدلاً عن جعله ثمناً لمكافأة الحركات المسلحة، ولماذا يظل مدني وزيراً بالحكومة بعد أن ثبت جلياً فشله الذريع؟ ولماذا يستمر حمدوك نفسه رئيساً للوزراء بعد هذا الشلل الذي أصابه وأقعده عن فعل أي شيء
… اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.
الانتباهة