بيت الشورة
عمر الكردفاني
(البصاص) وعلم الخواص
كما أن المصائب يجمعن المصابين وكما أن ذات المصائب تريك معادن الرجال فقد عركت هذه الحرب رجالا فظلوا صامدين على ذات المبدا ،عرضا هنا لنتطرق إلى ما يقوم به صديقي عبد الله محمد الحسن في برنامجه ذائع الصيت (بنك الثواب) فالرجل لم يركن إلى محنة الحرب وينسى منحة الرحمة فظل كما هو فقط نقل بنك ثوابه إلى فروع الولايات فانتهز الفرصة أن يوسع أكثر من مظلة برنامجه ليزور المرضى في ولاياتهم بدلا من أن يذهبوا اليه في الخرطوم الجريحة.
رحل آخر بل هم رجال قدموا للوطن أعظم خدمة بحفظهم لمعلومات وزارة التربية والتعليم منذ العام 1964الى عامنا هذا فلم يفقد طلابنا معلوماتهم الأكاديمية وعلى رأس هؤلاء الأخ الوزير الحوري وطاقم ادارته الذين اختار منهم اليوم أخي وصديقي ابو عبيدة البصاص وهو موضوع هذا العمود.
ومن لا يعرف ابو عبيدة فهو رجل موسوعة يعرف كيف يدير عالمه الواسع في هدوء وروية ففي الخرطوم ما أن تدلف مكتبه مرة واحدة الا ويقوم بارشفة ما تريد في هدوء ويتابع معك ويناديك باسمك ولو أتيت اليه عشرة مرات (ما شاء الله ) المهم في الأمر انه يقابلك بذات الابتسامة بل اذا غضب منك تزداد ابتسامته اتساعا ،انتهز البصاص فرصة الحرب وأصبح طبيبا نفسيا وفتح صفحته العامرة بالفيسبوك ينشر عبرها الأمل والاطمئنان والايمان والثقة بالله ،وقد يميل قليلا إلى الأدب او يتحدث يوما حديث العارفين عن (الشاي) كأنما هو من برامكة دارفور .
من وصاياه اللطيفة هي أن نطمئن بعضنا في هذه الحرب الضروس وينصح بالقول:إذا أتاك احد من للعاصمة او إحدى المناطق المشتعلة فلتستمع اليه بهدوء لأكثر من ايام حتى يخرج كل ما يعتمل بداخله من هلع وضجر بسبب الحرب،ولعمري هي نصيحة نبيلة من فيلسوف لأننا الآن إذا التقينا أحدا قد أتى حديثا من مناطق الحرب يفكر أحدنا أولا كيف يهرب منه ومن تكاليف مسكنه وماكله ومشربه ولكن نصيحة الحبيب البصاص تقفز فوق كل ذلك باعتباره شأن أقل ويذهب بك الرجل إلى أن تتعامل مع ضيفك بالاستماع أولا حتى (يفضفض) وهي مرحلة مهمة جدا تمنح الآخر هذا الهدوء النفسي والطمأنينة ومن ثم قد لا تحتاج إلى معاونته بشئ لانه سيفكر بعد ذلك بهدوء في حل مشاكله.
ثم ماذا بعد ؟
انني الآن في حالة رعب ليس من الحرب فتلك حفرة ما زلنا بداخلها ولكن ثم ماذا بعد الحرب ؟ هل سنبني هذا الوطن ككل الشعوب الإنسانية ام سنعود كما كنا للحسد والتباغض والتناحر واكل اموال بعضنا البعض ؟
هل سنعالج أخطاء الماضي ونعود للإنتاج وتسوير بلادنا بالعدل ام نعود إلى سابق سيرتنا النتنة في الكسل والخنوع والتناحر من أجل اكل اموال المساكين عبر التوظيف والاستوزار،
انا متفائل ولكنه تفاؤل حذر في اننا قد نعي الدرس وننهض كأي أمة محترمة ونبني بلادنا من الصفر لأننا أن لم نفعل فقد أتى الجنجويد ببديلنا جاهزا من اراضي الشتات ولنتناحر نحن في صفوف اللوتري والهروب إلى مصر واثيوبيا وتشاد