تحصلت (الإنتباهة) على نسخة من تقرير مجلس تحقيق كشف عن اضخم عمليات فساد بمعتمدية اللاجئين التابعة لوزارة الداخلية وكشف تقرير مفصل عن تجاوزات مالية وادارية، فيما أمضى المراجع العام مايقارب العام دون ان يقدم تقريره النهائي للادارة الجنائية توطئة لتقديمه مستنداً في البلاغات المقيدة بطرف نيابة الفساد .
مجلس تحقيق
ويذكر ان وزير الداخلية الأسبق الفريق اول الطريفي ادريس كان قد اصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق وتقصي حقائق حول ما ورد من اتهامات حول معتمدية اللاجئين، ثم ان وزير الداخلية السابق الفريق اول عزالدين الشيخ كان قد واصل في نفس خطى الوزير الاسبق وشدد على ضرورة تشكيل لجنة للتحقيق بخصوص الفساد المالي والاداري بمعتمدية اللاجئين .
وتم تشكيل لجنة برئاسة كبير مستشاري وزارة العدل وعضوية آخرين وقامت اللجنة بالتحري مع مجموعة من المتورطين في مخالفات تتعلق بقانون الاجراءات المالية والمحاسبية وقانون التعاقد والتخلص من الفائض والقانون الجنائي، وشمل مجلس التحقيق اربعة ملفات رئيسية وهي ملف التعاقد بين المعتمدية وشركة “كوشايت”، ومباني الضعين ومباني كوستي وملف الوظائف الوهمية.
ملف (كوشايت)
وتم التعاقد بين معتمدية اللاجئين وشركة كوشايت لتوريد وطباعة وثيقة سفر اللاجئ علماً بان التمويل يأتي من المندوب السامي لشئون اللاجئين ويتم دفعه بالعملات الحرة (الدولار) الا ان هنالك شرطا رئيسيا وضعه المندوب السامي ضمن بنود العقد ينص على عدم تحويل الدولار الى عملات سودانية عند سداد الاقساط لشركة كوشايت الا بموافقة المندوب السامي وذلك تحسباً لتقلبات سعر الصرف واهدار المال وذلك نتيجة للممارسات السابقة للمعتمدية فيما يتعلق بالمباني.
عقب سداد قسطين أخلت المعتمدية بالشرط الرئيسي المدرج في الاتفاق وضربت به عرض الحائط وقامت بتحويل العملات الاجنبية بالدولار الى عملات محلية بالجنيه السوداني وتمت عملية تحويل الدولار الى جنيه سوداني دون تحديد الغرض او السبب الذي من أجله تمت عملية التحويل.
فقدان الثقة
نجم عن عملية التحويل عجز في سداد القسط الثالث أدى لفقدان الثقة بين المعتمدية والمندوب السامي فتأخر المشروع في الفترة من 2018م وحتى نهاية 2020م، وقتها اتخذ وزير الداخلية الفريق اول عزالدين الشيخ قراراً شجاعاً قضى بإكمال المشروع الامر الذي اضطر المعتمدية للتخلص من بعض العربات تخلصاً اكتملت فيه كل الجوانب الفنية والقانونية والمالية وذلك في محاولات جاهدة لإعادة بناء الثقة بين المندوب السامي ومعتمدية اللاجئين والمانحين.
بحسبما اشارت المعلومات الواردة فان المسئولية التقصيرية في تعثر سداد أقساط كوشايت وتحويل الأموال الى عملات محلية تقع على عاتق المعتمد الأسبق لمعتمدية اللاجئين ومدير الشئون المالية والادارية السابق، ويبقى السؤال اين ذهب باقي مبلغ التمويل ؟؟
معلومات صادمة
وتجاوز المبلغ الكلي الذي وقعت عليه التجاوزات مبلغ (887) الف دولار واثناء المراجعة الداخلية تبين ان هنالك تجاوزات تتعلق بوظائف وهمية وأسماء تصدر في كشوفات ملحقة بكشوفات المرتبات وبلغت جملة تلك الوظائف الوهمية (70) وظيفة وهمية تم التحقق منها بإرسال مخاطبات لمساعدي المعتمد بالولايات ومدير شئون العاملين بالرئاسة لتوضيح الموقف الاداري وما اذا كانت الأسماء الواردة بالكشوفات ضمن طاقم الموظفين والعمال او لا، جاءت كل الإفادات صادمة حيث اكدت الإفادات بان كل الأسماء الواردة في كشوفات الصرف عبارة عن اسماء وهمية ظلت تصرف لها مرتبات لمدة ستة اشهر وكانت تصرف نقداً وبالعملات الحرة من الخزنة مباشرة وتبدأ مرتباتهم من (390) دولاراً وحتى (166) دولاراً وبلغت جملة المرتبات التي صرفت للأسماء الوهمية حوالى (71.5) الف دولار.
مباني كوستي
تعاقدت معتمدية اللاجئين مع ثلاث شركات في النيل الابيض بغرض إنشاء مكاتب وقسم للشرطة ومراكز تسجيل وسكن للموظفين وسكن للاجئين حوالى (400) قطية.
فيما يتعلق بالعطاءات تم تشكيل لجان عطاءات لم يتم الإعلان عنها بالصحف اليومية وتبين لاحقاً ان الشركات التي تم التعاقد معها غير مسجلة كشركات مؤهلة بمعتمدية اللاجئين كما تبين ان العقودات التي أصدرتها المعتمدية غير موثقة من المستشار القانوني للمعتمدية ولا من وزارة الداخلية ولا من وزارة العدل.
مخالفات الدفعيات
بالنسبة للدفعيات فانها كانت تتم بدون شهادة انجاز صادرة من المقاول او شهادة استلام من المعتمدية وهو امر مخالف للضوابط والإجراءات المحاسبية وكانت عمليات الدفع تتم عبر مذكرات يصدرها مدير الشئون المالية والإدارية سابقاً او محاسب بمكتب مساعد المعتمد كوستي كما ان معظم الشيكات لم تحتو على توقيع المستفيد بالاستلام مما ادى لفشل الشركات في تنفيذ المنشآت وذلك باعتراف مدير الشئون المالية والادارية السابق في مذكرته الخاصة بالتسليم والتسلم حيث برر أسباب الفشل بانها تعود لضعف المتابعة والمراقبة الفنية والإدارية والمالية مع الاخذ في الاعتبار انه هو نفسه رئيس اللجنة العليا للمباني فكيف لا يقوم بمراقبتها ؟.
من خلال التحقيق ثبت ان الشركات تسلمت أموالاً اكثر من استحقاقها في الأعمال المنجزة وتقدر المبالغ التي استلمتها الشركات بنحو (5) ملايين و(600) الف جنيه وان ما تم انجازه لم يتجاوز (35%) فقط كما تلاحظ عموماً ان هنالك ضعفا فنيا وسوء تنفيذ وهو ما اكدته اللجنة التي شكلها الوزير الفريق اول عزالدين الشيخ لاستلام المباني بالوضع الراهن والتي كشفت في تقريرها بان الشركات التي نفذت المشاريع تتسم بالضعف الفني والهندسي والمالي.
مباني الضعين …
في الضعين تم التعاقد مع عدة شركات لتنفيذ عدة مشروعات بمدينة الضعين سواء للمجتمع المستضيف او مراكز دخول اللاجئين واتضح من خلال التقارير التي تحصلت عليها الصحيفة ان إجراءات العطاءات جاءت مماثلة لمخالفات عطاءات مباني كوستي المذكورة اعلاه وتبين ان الشركات استلمت اموالاً أكثر مما تستحق مع ملاحظة ان كل الشيكات الصادرة من المعتمدية لاتحوي توقيعات باسم المستفيد او الشركة التي استلمت مما يثير الشكوك حول المستفيد الأخير ويطرح سؤالاً حول الحساب الذي وردت فيه جميع تلك الشيكات.
فساد إداري…
هنالك خلل في تعيينات الفصل الأول الدرجة التاسعة الدفعة الأخيرة حيث تبين ان هنالك (88) وظيفة شغلها اشخاص راسبون في امتحانات لجنة الاختيار ولم يجتازوها ورغم ذلك تم تعيينهم بتلك الوظائف وأشارت التقارير الى ان اللجنة المسئولة عن هذا التجاوز وهذه التعيينات ترأسها مدير الشئون المالية والادارية السابق واكدت التقارير بان هذه التعيينات تخالف المادة 22 من الفقرة (1) البند (و) من قانون الخدمة المدنية القومية لسنة 2007م والذي نص على اجتياز الاختبار اللازم كشرط لشغل الوظيفة علماً بان هذه الدفعة أطلق عليها اسم (وظائف المشروع القومي السادس).
مخالفة توظيف …
من بين الموظفين الذين تم تعيينهم بطريقة مخالفة للوائح التوظيف هنالك موظفة تم تعيينها بالدرجة الرابعة دون استيفاء الشروط وذكر في خطاب تعيينها الصادر في الثالث من اغسطس 2017م بالقرار رقم 45/2017م بان لديها خبرة سبعة عشر عاماً ونصف علماً بان هذه المعلومة تخالف ماعثر عليه بملفها تماماً حيث اتضح بان لديها شهادة صادرة من احدى الشركات الاعتبارية للفترة من مارس 1996م وحتى يناير 2003م ولديها شهادة اخرى صادرة من شركة انتاج إعلامي للفترة من مايو 2011م وحتى يناير2014م وهذا يخالف المادة (6) الفقرتين (أ/ب) والمادة 22 الفقرة(1) البند(و) والمادة 35 الفقرة (أ) والمادة 36 الفقرة (أ) من لائحة الخدمة المدنية القومية لسنة 2007م .
نتيجة لكل ما حدث فقد المندوب السامي ثقته في معتمدية اللاجئين وترتب على ذلك إيقاف كل الإنشاءات التي تتم عبر المعتمدية وعدم زيادة دعم المشروعات لخمس سنوات وتقليص التمويل حتى ان المانحين أنفسهم أصبحوا على علم تام بما يدور بمعتمدية اللاجئين .
من المحررة …
في الحلقات القادمة سنفتح ملف شرق السودان المعسكرات والمباني وما يدور في سلسلة ستطول وسنتعرض للمستفيد الأول من الشيكات المذكورة أعلاه وسنتابع بهمة ما يدور ولماذا يتأخر المراجع العام عن تسليم ما لديه من ملفات علماً بانه مر على عمله ما يقارب العام دون أن يسلم تقريراً للنيابة المختصة للسير في إجراءات القضايا.
السودان..فساد معتمدية اللاجئين… سد أنفك…!!
122