بعد كلام اسامة داؤود لرويترز؛ الذي تحدث فيه عن انشاء ميناء جديد شمال مدينة بورتسودان؛ فقد أوردت الوكالة الاخبارية الأشهر؛ على لسان داؤود “ان دولة الإمارات العربية المتحدة، ستبني ميناءً جديداً على البحر الأحمر في السودان، بحزمة استثمارية تبلغ قيمتها 6 مليارات دولار ، تشمل منطقة تجارة حرة ومشروعاً زراعياً كبيراً ووديعة وشيكة بقيمة 300 مليون دولار لبنك السودان المركزي”
لكن في ذات اليوم نفت شركة “موانئ أبوظبي” ابرامها اي اتفاقية بخصوص السودان وقالت ان الشركة بصدد مناقشات مبدئية مع الجهات المعنية في السودان وذلك في ظل سعيها المستمر لدراسة وتقييم مشاريع جديدة .. وأكدت الشركة في إفصاح لسوق أبوظبي للأوراق المالية، أنها ستقوم بالإفصاح في حال تمت الموافقة أو اعتماد أي مشروع واستثمار لها وفق الأنظمة المتبعة في السوق.
ما يهم في الأمر ليس استغراب قيام مثل هذا المشروع الذي ربما كان في قيامه خيراً كثيراً للسودان؛ وربما تسبب في نهضة البلاد كلها؛ وهو برأي عدد من الاقتصاديين يمثل (رافعة اقتصادية) جديدة للسودان؛ لكن الأهم من ذلك لماذا الاعلان في هذا التوقيت بالذات وبهذه الكيفية؟
معلوم أن شرق السودان به العديد من الأزمات التي لم يسلم منها الميناء القديم نفسه؛ وقد تم اغلاقه بالكامل في السابق؛ الامر الذي تسبب في اختناق كل الدولة؛ ودخولها في أزمات كبيرة ومدمرة .. بعض المعترضين على المشروع تساءلوا هل لذلك علاقة بما يجري في شرق السودان؟ وقد جبل السودانيون على معارضة أي مشروع جديد حتى قبل أن يبتدئ.
والاهم هل الحكومة الحالية مخولة للدخول في مشاريع بهذه الضخامة؛ ومتوقع لها ان تثير مثل هذه الزوابع؟ خاصة بعد موجة الرفض التي تنامت في أوساط مكونات شرق السودان؟. طبعاً الاجابة أن الحكومة الحالية حكومة (انتقالية) ولا تملك ما يؤهلها للدخول في هذه المشاريع؛ لأن هذا يحتاج لبرلمان منتخب؛ ودراسات وتمحيص؛ وهو ما ليس متوفراً الآن؛ في ظل حكومة تعيش فراغاً تنفيذياً؛ ودخلت للتو في حوار سياسي قد يعيد قسمة كيكة وشكل السلطة القائمة.
أما السؤال الأهم الذي يجب الاجابة عليه؛ لماذا جاء اعلان المشروع من رجل الأعمال المعروف اسامة داؤود؟ صحيح قد يكون دخل في شراكة لقيام المشروع.. لكنه ليس الشخص المناسب للاعلان عنه. في اعتقادي ان وزارة المالية السودانية هي صاحبة الشأن في الادلاء بالرأي الفصل حول المشروع ولا أحد سواها.. فهل يخرج علينا الدكتور جبريل بمزيد من الايضاح في الأمر؟
الانتباهة
لا نعارض قيام المشروع؛ ولربما كان فيه نهضة للسودان وخير غير منظور الآن.. ولكن نعارض الطريقة والتوقيت التي اعلن بها؛ وجعلته اهلاً للاعتراضات التي تهدد انشاءه؛ حتى قبل توقيع الاتفاق حوله.. بعض من مآخذنا على القيادة السودانية الانتقالية الراهنة أنها لا تتخير الوقت الملائم؛ ولا الشخص الملائم للاعلان عن شيء ما.