بدأت المشكلات تتجمع امام ميناء سواكن في سلسلة تزيد حلقتها كل يوم، ليتفاجأ مصدرو الماشية بغرق الباخرة (بدر) في ميناء عثمان دقنة، وكانت تحمل على متنها نحو (16) ألف رأس من الضأن متجهة الى المملكة العربية السعودية في منتصف ليلة السبت. وتعد الحادثة التي سببت خسائر فادحة للمصدرين الأولى من نوعها ومؤشراً لقضية الاقتصاد الكلي، مستنكرين كيفية غرف السفينة على الرصيف، وشددوا على ضرورة محاسبة كل مخطئ في هذا الملف.
فتح بلاغات
وشرعت شعبة مصدري الماشية الحية في فتح بلاغات في حادثة غرق السفينة (بدر)، فيما ابدى رئيس الغرفة القومية للمصدرين عمر بشير خليفة اسفه على حادثة غرق الباخرة (بدر) التي كان على متنها نحو (١٦) الف رأس من الضأن، وقال ان الباخرة كان يمكن انقاذها بأقل جهد.
ونبه الى انها ليست الحادثة الأولى التي يتضرر منها مصدرو الماشية الحية، قائلاً: (مازالت حادثة الباخرة (مرزوقة) عالقة دون تعويض، ودور المصدر ينتهي بتسليم الحيوان للجهات المختصة في الميناء، والمصدرون ظلوا يتعرضون للهجوم والظلم، ورغم ذلك لم نقف في خط الهجوم)، وجزم بالقول ان الغرفة تحمل كل الجهات العاملة في عمليات الصادر مسؤولية الحادثة لجهة ان دورهم المحافظة والحماية.
ودعا البشير لتكوين لجنة تحقيق محايدة من قبل وزارة العدل والنائب العام لكشف المتسببين في هذه الكارثة والحاق اضرار بالغة بالمصدرين.
علامة استفهام
وشدد رئيس الشعبة صالح صلاح سليم على ضرورة تحمل الجهات المسؤولة من وزارة الثروة الحيوانية وهيئة الموانئ البحرية المسؤولية، واضاف ان هنالك علامة استفهام للشركة الصينية السودانية التي لها امكانات ضخمة، واردف قائلاً: (نحن لا نريد اتهام شخص ولكن نحتاج الى تحقيق عاجل، وهل كانت هنالك زيادة في الحمولة وعدم الالتزام)، وكشف صلاح عن انتشال (٧٠٠) رأس ماشية قائلاً انها وضع حرج وفي الغالب آيلة للنفوق، ونبه الى ان الباخرة تحمل على متنها (15،858) رأساً بقيمة (١٤) مليون ريال سعودي، واستبعد اتهام اي شخص في هذة القضية، وقال صلاح ان غرق الباخرة حدث استثنائي، وان شحنات الضأن لأربعة مصدرين، وان جملة المواشي تقدر بحوالى (١٦) الف رأس، وان الخسائر تقدر باكثر من (١٤) مليون ريال سعودي بما يعادل تريلوني جنيه سوداني.
وجزم بالقول ان الماشية ثروة قومية، الا انه تأسف قائلاً: (لم تكن الجهات المسؤولة قدر التحدي)، واستدرك قائلاً: (اكثر من ساعتين وكل جهات الميناء عاجزة عن انقاذ الباخرة، وليست هنالك اية عوامل طبيعية)، مشدداً على ضرورة تكوين لجنة تحقيق محايدة ومحاسبة الجهات التي تسببت في الكارثة وتعويض المصدرين، والتعامل مع موارد البلاد بكوادر متخصصة بامكانات عالية، مبيناً ان المصدرين يدفعون رسوم نولون بقيمة (١.٥) دولار على كل رأس، وأردف قائلاً: (يفترض ان نحمي ثرواتنا ونكون جاهزين).
حمولة الباخرة
وقال صالح: (ان الباخرة (بدر) كانت أقصى حمولة لها (٩.٥) آلاف رأس، وتم بيعها للشركة السودانية الصينية قبل خمس سنوات، وتم شحن حوالى (١٢) الف رأس في شحنة سابقة، ثم جاءت حادث الغرق بنحو (١٦) الف رأس)، متسائلاً: (هل الزيادة التي تمت في الطوابق العليا تتوافق مع إمكانات الباخرة؟ ونحن لسنا بصدد اتهام احد ولكن نريد توضيح الحقائق)، مؤكداً ان المصدرين تكبدوا خسائر فادحة ويطالبون بالتعويض لأنهم فقدوا ثروات، وقال: (نتمنى تكوين لجنة محايدة تتولى كشف الحقائق).
محاسبة وتعويض
واكد الامين العام للغرفة القومية للمصدرين مأمون قيلي ان حادثة غرق الباخرة قضية اقتصاد كلي، واستنكر غرق باخرة في (الرصيف)، متسائلاً: (ألا توجد معدات وآليات إنقاذ في ميناء سواكن؟ لأن الحالة اقل من عادية، ولا بد من متابعة الشحن ومراعاة اتزان الباخرة، والحادثة تتطلب المحاسبة والتعويض العاجل حتى لا يتكرر ذلك، لأن السكوت يسمح بإعادة الحادث).
علامة فارقة
وقال الامين العام لشعبة مصدري الماشية الحية د. أحمد إبراهيم الشيخ ان الحادثة فقد لموارد البلاد وثروة المصدرين وجاءت في ظروف اقتصادية صعبة، وقال ان الحادثة ستكون علامة فارقة لتصحيح اوضاع الصادر بالبلاد، وأضاف قائلاً: (لن نتعامل بسياسة إطفاء الحرائق دون معرفة اسباب الحريق، والمسؤوليات محددة في عملية الصادر، والشعبة ستستمر في التقاضي لرد الحقوق لاهلها)، مشيراً الى انها قضية رأي عام وستصل لكل المنابر، وقال: (نحن اصحاب وجعة، وسيتم تمليك الجهات المختصة كل المستندات والحقائق).
وفي السياق ذاته تولى المستشار القانوني عادل عبد الغني قضية غرق الباخرة (بدر)، وقال ان الدولة يفترض ان تساند المصدرين، موضحاً ان ملامح القضية تشير الى انها مسؤولية كل الجهات، والتحقيق سيمضي لتحديد المسؤولية المحاسبية الصارمة، مشدداً على محاسبة اي شخص متورط، للعظة والاعتبار حتى لا يتكرر ذلك.
أعطال سابقة للباخرة
ودعا رئيس شعبة مصدري اللحوم ونائب رئيس الغرفة القومية للمصدرين خالد المقبول، إلى وضع ضوابط لحركة البواخر لنقل المواشي في ظل غياب الناقل الوطني، مؤكداً على أهمية تأجير البواخر بمواصفات ومعايير السلامة.
ونقلت الوكالة السودانية للأنباء (سونا)، امس، عن المقبول قوله إن الخسائر الناجمة عن غرق الباخرة (بدر) المحملة بالمواشي في ميناء عثمان دقنة بمدينة سواكن مساء أمس تقدر بـ (15) مليون ريال سعودي.
وأضاف أن الباخرة محملة بـ (16) ألف رأس من الضأن متوجهة للمملكة العربية السعودية وتعرضت للغرق في بداية تحركها من الميناء، مؤكداً على أهمية وضع ضوابط واشتراطات مستوفية للمعايير المطلوبة الخاصة بالوزن والحجم والعنابر المطلوبة الخاصة والجودة والتهوية والعنابر المستخدمة في نقل المواشي.
وقال إن الباخرة بها أعطال وسبق أن تمت صيانتها بقناة السويس، مشيراً إلى أهمية أن يكون الشخص المشرف على شحن المواشي ذا خبرة كافية بالضوابط بشأن توزيع المواشي في الباخرة لتفادي تأثير حركتها داخل الباخرة، والكشف عن غرف الباخرة عند مدخل الميناء.
وبين أن غرق الباخرة تسبب في إغلاق ميناء سواكن، وفي ذلك خطر على انسياب الصادر والوارد، خاصة أن البلاد مقبلة على عمليات صادر الهدي، وأن المواشي موجودة في المحاجر.
الانتباهة
جريمة
وحمل مقرر شعبة الماشية السابق خالد محمد خير المسؤولية لوزارة الثروة الحيوانية متمثلة في محجر سواكن، جازماً بأن ما تم من إجراءات شحن الباخرة يوضح ان هنالك مخالفة واضحة للإجراءات الخاصة بشحن صادر الثروة الحيوانية ومخالفة اشتراطات شحن المواشي المنصوص عليها في لائحة الموانئ البحرية لعام٢٠١٠م التى توضح مسؤولية وزارة الثروة الحيوانية، وقطع بأن إجراءات شحن الحيوان تتم داخل الباخرة، وكذلك كميتها وتوزيعها داخل الحظائر ومدى توفير الاشتراطات اللازمة، لذلك ما حدث يعد جريمة توجب محاسبة كل من قام بذلك، ويعد ذلك ضرراً بالغاً بالمصدر وسمعة الصادر السوداني، واردف قائلاً: (النكران وعدم تحمل المسؤولية شيء مؤسف في ظل وزارة منكوبة وصادر مهدر).
اختلال توازن
وأفاد إعلام شرطة ولاية البحر الأحمر في بيان له عبر صفحته على (فيسبوك) أمس، بأن الباخرة غرقت نتيجة لاختلال توازنها عند مغادرتها رصيف الميناء. كما أفاد البيان بأن فرق الإنقاذ تمكنت من إنقاذ البحارة، إلا أن جهودها لمنع غرق الباخرة لم تنجح.