(1)
عندما سمعنا السيد البرهان ذات مرة يتوعد (الكيزان) ويتعهد بتنظيف صفوف القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية من صنف (الكيزان)، أدركنا بمعطيات التحليل السياسي وأدواته البسيطة أن الرجل لم يقصد ما يقول وإنما أراد التمويه واستدرار عواطف الثوار، خاصة وأنه كان بحاجة ماسة لإبعاد شبهة علاقة (الكيزان) بانقلاب 25 اكتوبر، وهو الانقلاب الذي حصد ثماره النظام المخلوع من خلال معظم القرارات التي اصدرتها سلطة ما بعد 25 اكتوبر …
(2)
أما التمويه فقد كان واضحاً في حديث السيد البرهان وقتها من خلال توعده وتعهده بتنظيف صفوف القوات المسلحة والمؤسسة العسكرية من (الكيزان )، فهو مضطر يومذاك لهذا التمويه حتى يبعد كل الشكوك كي يطمئن الناس بأنه يمتلك حساسية مفرطة ضد (الكيزان)وأنه لن يسمح لهم بالتسلل إلى مفاصل الدولة مرة أخرى، كما أن الكلمات ذاتها رسالة تطمين لدول إقليمية مصابة ب(فوبيا الإخوان)، كانت السلطات ولا تزال تطمع في دعمها، لكن الواقع الذي عايشناه بعد الانقلاب فضح كل المقولات.
(3)
ولمزيد من تطمين الشارع الثائر لم يقف السيد البرهان عند حد التعهد بتنظيف القوات المسلحة من (الجماعة) بل طفق يردد في كل خطاباته الدعوة لحوار شامل لكل القوى السياسية عدا المؤتمر الوطني، إمعاناً في التمويه والتطمين…لكن ماذا يريد المؤتمر الوطني من الحوار طالما كل شركائه ومواليه الذي كانوا يأكلون على مائدته ويحملون افكاره وممارساته يمثلونه الآن على الطاولة، وماذا يريد من الظهور طالما سمحت له قرارات 25 اكتوبر بالتسلل وممارسة نشاطه السري والعلني..
(4)
أما استدرار العواطف في خطابات البرهان، فيبدو جلياً في استمالة الثوار والتودد إليهم واستعطافهم وتطمينهم بإظهار عدم المودة للكيزان ، مثل هتاف الامين العام لمجلس السيادة الفريق الغالي حينما ردد :(اي كوز ندوسو دوس، وتعهد هو الآخر بتنظيف صفوف القوات المسلحة من الكيزان)، فهذه كلها ربما تأتي إمعاناً في التمويه، ومن أجل إبعاد الشبهات..
(5)
الإسراف في إظهار الخصومة شكلياً على نحو يخالف الواقع فهو أدعى للتشكيك وترجيح محاولات التمويه..
(6)
حديث البرهان الأخير واتهام جهات بقطع الكهرباء اثناء افتتاح محلات البيع المخفض بأم درمان، وقوله:( مهما وضعتو العراقيل ومهما قطعتو الكهرباء نحن سنمضي في خدمة شعبنا..) فهو حديث يأتي في اطار التهويش واستدرار العواطف والاستقطاب السياسي، لكن قطعاً الدول لا تدار بالعواطف والاستعطاف ولا بهذا الضعف في لغة الخطاب.. بل بالحكمة والحنكة، والحسم والشدة، واللين والرحمة وكلٌ في موضعه تماماً.. الحسم والشدة في موضعهما، واللين والرحمة في موضعهما، وكذا الحكمة والحنكة وحسن التدبير..
الانتباهة
..اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.