متهمون بقتل ضابط شرطة محاكمة (توباك) و (الننة) وثلاثة آخرين.. التفاصيل الكاملة

by شوتايم3

يبدو أن محاكمة الثوار الاربعة (توباك) وأحمد الفاتح (الننة) ومحمد الفاتح (ترهاقا) ومصعب الشريف الى جانب طبيبة ثلاثينية، على ذمة توقفيهم بمقتل الفريق شرطة على بريمة طعناً بسكين ابان تظاهرات اندلعت مطلع العام الحالي بجوار معمل استاك الخرطوم ومخالفتهم نص المادتين (21) الاشتراك الجنائي و (130) وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م، يبدو انها ستذكر بسجلات التاريخ والتوثيق على مدى الزمان، لاسيما انه منذ صافرة بدايتها وضرب (مطرقتها) اعلاناً بانطلاق جلستها، رسمت (الدهشة) على جبين الحاضرين والمتابعين لها من القانونيين، عندما أصدر قاضي المحكمة المختص بنظرها زهير بابكر عبد الرازق قراراً يعتبر أول سابقة قضائية في تاريخ السودان بموافقته وسماحه لهيئة دفاع المتهمين الاربعة الثوار بالاطلاع على محضر التحريات، ضارباً بذلك (تغافل) قانون الاجراءات الجنائية لسنة 1991م عرض الحائط وعدم ذكره في نصوصه مطلقاً (سرية) محضر التحري قبيل الشروع في سماع قضية الاتهام، الامر الذي يشير الى ان دفاع المتهمين قد تهيأ بنسبة 100% لمجابهة كل ما سيحدث في القضية، وذلك لأن القرار السابق جاء نتيجة طلبهم، لاسيما ان الاعراف والعمل بالمحاكم السودانية قد جرت العادة فيه بعدم السماح لممثلي دفاع المتهمين بالاطلاع على يومية التحري قبيل الشروع في قضية الاتهام باعتبارها (سرية).
حشود
وفي المقابل أيضاً كانت الساحة الخارجية للبوابة الرئيسة لمدخل المحكمة التى تعقد بمعهد تدريب العلوم القضائية باركويت شرقي العاصمة (حاشدة)، حيث حضرت الشرطة باكرة واصطفت ناقلاتها المختلفة بضباطها وجنودها، وفي ذات الوقت كان ذوو المتهمين الاربعة موجودين هنا وهناك، ويحملون لافتات كان مضمون رسائلها واحداً وهو منح الحرية لجميع المتهمين، حيث كانت مجموعة من النسوة من ذوي المتهمين تحمل اوراقاً مقواة مكتوباً عليها (نثق في القضاء السوداني واكيد منتصرون.. محمد الفاتح ترهاقا ما قاتل، كلنا محمد الفاتح وتوباك واحمد الفاتح ومصعب الشريف.. نحن اسرة محمد الفاتح نطالب بالعدالة والحرية حق وليست منحة)، فيما رصدت الصحيفة عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامية د. رنا عبد الغفار وهي تجوب ذهاباً واياباً بالقرب من ذوي المتهمين واصدقائهم وتطالبهم بعدم ابداء اي احتكاك مع منسوبي الشرطة وتطالبهم بالهدوء، وحينها اجابها احدهم (اليوم لن نحرك ساكنًا لكي تسير المحاكمة بهدوء)، وقد كان ذلك حتى فرغت المحكمة من جلستها.
وبعد ان صوبت الشمس اشعتها نحو الحاضرين ببواية المحكمة ومنعتهم من الرؤية المباشرة الا باستخدام ايديهم، وقتها كانت عقارب الساعة قد اشارت الى التاسعة صباحاً، ورصدت (الإنتباهة) ما يقارب (50) شخصاً حضروا سيراً على الاقدام في خطوات متناسقة ويرتدي اغلبهم الزي القومي للبلاد الجلباب والعمامة ووقفوا امام المحكمة، واتضح من اللافتات التي يحملونها انهم ذوو المجني عليه (الفريق بريمة)، حيث كان مدوناً عليها (كلنا بريمة.. بريمة في قلوبنا.. دم الشهيد ما راح لابسنو نحن وشاح.. مكتوب عليه عديل فليعدم السفاح.. لا نرضى بغير القصاص بديلاً).
إجراءات أمنية وتفتيش
وعند التاسعة والنصف صباحاً شرعت الشرطة القضائية وفق اجراءات امنية مشددة في ادخال محامي الدفاع والاتهام عن الحق العام والخاص وفق الكشوفات المرفقة لديهم، وبعدها تم ادخال مندوبي وكالات الاعلام المحلية والعالمية، ومن ثم اجرت الشرطة القضائية بواسطة ضابطتين تفتيشاً على حقائب جميع السيدات لسلامة الاجراءات، وبعدها جلس كل في مقعده المحدد ومن ثم انطلقت المحاكمة.
فحص جراء التعذيب
ويبدو أن الجلسة الاولى للمحاكمة قد (بانت) معالمها بأنها ستكون محاكمة حامية الوطيس ومجالدة قانونية بين طرفى الدعوى الجنائية، حيث لم تمر دقائق معدودة من انطلاقها حتى (زاحمت) هيئات دفاع المتهمين المحكمة بمجموعة طلبات متتالية كالسيل المنهمر، وفى المقابل كانت المحكمة جاهزة للفصل فى تلك الطلبات، حيث التمست هيئة الدفاع في اول طلب من المحكمة فك الاصفاد (القيود) الموضوعة على ايدي المتهمين وهم بقفص الاتهام، وحينها استجاب قاضي المحكمة فوراً للطلب وامر الشرطي بفك الاصفاد، ولم تقف هيئة الدفاع عند ذلك الحد بل عاجلت المحكمة بالعديد من الطلبات، حيث قررت المحكمة ابتداءً في جلستها امس عرض المتهم الاول محمد آدم الشهير بـ (توباك) و (3) آخرين معه على ذمة القضية على القمسيون الطبي، وذلك للتأكد مما اذا كانوا قد تعرضوا للتعذيب ابان القبض عليهم واثناء سير التحريات معهم، الى جانب التعرف على الادوات التي عذبوا بها.
وأرجعت المحكمة برئاسة القاضي زهير بابكر عبد الرازق الحسن، ارسالها المتهمين الأربعة الى القمسيون الطبي بناءً على الطلب الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن المتهمين برئاسة المحامية إيمان الحسين، واكدت المحكمة موافقتها على طلب الدفاع، وذلك حتى لا تختفى آثار الضرب والتعذيب ان وجدت على المتهمين حسب الطلب، ونبهت المحكمة الى أنها تقدر التماس ممثل الاتهام عن الحق الخاص عن أولياء الدم المجني عليه (بريمة) ارجاء الرد على هذا الطلب كتابة الى جلسة قادمة، وذلك حتى لا تختفى آثار التعذيب بعامل الوقت، لا سيما أن طلب الدفاع لا يضر بقضية الاتهام البتة فهو حق من حقوق المتهمين كفله لهم القانون، كما أن ممثل الاتهام عن الحق العام (النيابة) طالب هيئة الدفاع في رده على الطلب بإحضار الأدلة التي تثبت تعرض المتهمين للتعذيب والضرب خلال التحريات.
(دربكين) للتعذيب
وجاء قرار المحكمة بعرض المتهمين على القسميون الطبي لفحص آثار التعذيب على اجسادهم، وذلك بموجب الطلب التي تقدمت به هيئة الدفاع عن المتهمين التمست خلاله عرض المتهمين الأربعة على الطب الشرعي والقمسيون الطبي بغرض الفحص، وارجعت ذلك لتعرض المتهمين بعد القبض عليهم وأثناء التحريات معهم على ذمة القضية للتعذيب والضرب، مشيرة الى أن المتهمين وفقاً لذلك قد اهدرت حقوقهم، اضافة الى أن النيابة سبق أن رفضت طلباتهم المتعلقة بمقابلة المتهمين طوال (26) يوماً الأولى من حبسهم، وشددت على ان النيابة كانت تخفي مكان احتجاز المتهمين، والتمست من المحكمة أن يعرض المتهمون أجسادهم امامها لترى آثار الضرب والتعذيب الظاهرة عليهم بعينها، وأوضحت المحكمة أن المتهمين تعرضوا للتعذيب بآلات حادة مختلفة، حيث تعرض المتهم الأول (توباك) للتعذيب بواسطة (دربكين) بينما تعرض المتهم الثاني (الننة) للتعذيب بواسطة السياط، اضافة الى تعرض المتهم الثالث (محمد الفاتح) للتعذيب بوضع (الـسكين) على رقبته، وشدد الدفاع في طلبه على ضرورة عرض المتهمين على الطب الشرعي لمعرفة تاريخ تعرضهم للتعذيب والآلات التي استخدمت في تعذيبهم والأماكن التي تظهر عليها تلك الآثار، وتمسكت هيئة الدفاع بطلبها مؤكدة أن التعذيب الذي تعرض له المتهمون خلال التحريات قد ترك آثاراً صحية ونفسية عليهم، على حد قولها.
النيابة ترفض الطلب
وفي ذات السياق اعترض ممثل الاتهام عن الحق العام على الطلب، ملتمساً من المحكمة رفضه، مرجعاً ذلك الى أن النيابة وأثناء التحريات قد عرضت المتهمين على الطبيب بناءً على طلب ممثلي الدفاع عنهم، وأكد الطبيب سلامتهم، واردف قائلاً: (إذا كانت للدفاع أية بينة تؤكد تعذيب المتهمين عليه وضعها امام المحكمة)، وفي ذات الوقت التمس ممثل الاتهام عن أولياء الدم (بريمة) منحه فرصة للجلسة القادمة حتى يتسنى له الرد كتابةً على طلب الدفاع.
بلاغات ضد النيابة والشرطة
وبعد مرور ما يقارب (20) دقيقة من عمر زمان انعقاد المحاكمة بالامس، أزاحت رئيس هيئة دفاع المتهمين المحامية ايمان الحسين الستار للمحكمة وكشفت لها عن معلومات خطيرة تفيد عن تقدمهم بطلب الى منضدة النائب العام أحمد خليفة أحمد بتاريخ 23 فبراير 2022م، التمسوا خلاله الإذن لهم بفتح اجراءات بلاغات ضد نيابة الخرطوم شمال وشرطة التحقيقات الجنائية وإدارة السجن القومي كوبر، وذلك استناداً لنص المادة (115/2) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وذلك لتسترهم على التعذيب الذي تعرض له المتهمون ووضعهم في حراسات لا تليق بالإنسانية، واستنكرت في ذات الوقت عدم فصل النائب العام في طلبهم حتى الآن وظل قابعاً (على طاولته).
اطلاع لعدم السرية
ولم يقف بقية اعضاء دفاع المتهمين عند هذا الحد، ودفعت المحامية د. رنا عبد الغفار بطلب آخر طالبت فيه بالسماح لهم بالاطلاع على محضر التحري حتى يتسنى لها استجواب المتحري في القضية، لا سيما أنهم قد منعوا (تماماً) من مقابلة المتهمين خلال التحريات، وبالتالي لا يعرفون ما حدث في يومية التحري، وابانت في طلبها أن نص قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م لم يذكر صراحةً سرية وعدم الإطلاع على محضر التحري بعد أن يصبح دعوى امام المحكمة، وتمسكت المحامية بطلبها معللة ذلك بأن القانون قد سكت عن ذلك، فبالتالي لا توجد سرية، كما أنهم لا يستطيعون مناقشة المتحري دون الاطلاع على محضر التحريات.
عرف وسوابق قضائية
وفي المقابل رفض ممثل الاتهام عن الحق العام طلب الدفاع الاطلاع على محضر التحريات والتمس من المحكمة رفضه، معللاً ذلك بأن السوابق القضائية والعرف بالمحاكم اعتبروا يومية التحري بمثابة (السرية التامة) ولا يسمح بالاطلاع عليها الا بعد سماع قضية الاتهام.
أول سابقة قضائية
وشهد طلب الدفاع بالاطلاع على محضر التحريات حالة من الشد والجذب بين الدفاع والاتهام، الا ان قاضي المحكمة زهير بابكر عبد الرازق فصل في الطلب وحسم الجدال بينهما حينما فاجأ الجميع بقاعة المحكمة باصداره قراراً بالموافقة لهيئة دفاع المتهمين بالاطلاع على محضر التحريات، مما يعتبر (اول سابقة قضائية في تاريخ السودان) تسمح وتوافق لهيئة الدفاع عن المتهمين بالاطلاع على يومية التحري الذي كان يعتبره المشرع سابقاً سرياً ويحرم الاطلاع عليه قبل سماع المتحري، وذلك وفقاً لما جرى عليه العرف والعمل بالمحاكم، وشددت المحكمة على أن سرية يومية التحري وردت في قانون الإجراءات الجنائية للأعوام (1925و1974و1983م)، الا أن قانون الإجراءات الحالي جاء خالياً تماماً من الإشارة لسرية يومية التحري، ونبهت المحكمة الى أن حجية سرية يومية التحري بشأن إجراءات التحقيق والاستعانة بالأدلة قد تؤثر في سير الإجراءات، فإن ذلك غير صحيح في مرحلة المحاكم، كما ان آخرين اعتبروا ان سرية يومية التحري بغرض عدم التأثير في الشهود، الا أن المحكمة تجد ان تقديم الشهادة يقوم على التحمل في المقام الأول، اما مسألة حماية الشهود فهي واجب على المحكمة اذا رأت ان هنالك سبباً لذلك، مشددة على أن الإطلاع على يومية التحري حق من حقوق المتهم واحد مقتضيات العدالة حتى لا يفاجأ بأية بينات في مرحلة المحاكمة ضده دون أن يكون على علم بها، فيما لم تقف المحكمة عند ذلك الحد، بل اشارت الى ان قرارها حول اطلاع الدفاع على محضر التحري سابقة قضائية، وبالتالي تسمح عدالة للاتهام في الحق العام والخاص بالاطلاع على نص قرارها، لاسيما ان لديهم الحق فى استئنافه لدى المحاكم الاعلى.
بعيداً عن مسمع الشرطة
والمتابع لجلسة الأمس يجد ان هيئة دفاع المتهمين كمن (فتحت شهيته) على التهام مائدة ما يسمح خلال المحاكمة، خصوصا انهم امطروا المحكمة بوابل من الطلبات وجدت الاستجابة، ليضعوا على طاولتها كذلك طلباً آخر يتعلق بالسماح لهم بمقابلة موكليهم المتهمين حتى يستنى لهم الدفاع عنهم ومناقشة المتحري وفق القانون والدستور، ووافقت المحكمة ايضاً على طلب هيئة دفاع المتهمين بالسماح لهم بمقابلة المتهمين على مرأى من حراسة الشرطة وبعيداً في ذات الوقت عن (مسمعها)، ووجهت المحكمة في قرارها بأن يسمح لمحامي الدفاع بمقابلة موكليهم المتهمين وفقاً للضوابط القانونية لحماية المتهم ومحاميه وحقوقهم حتى يتمكن المحامي من اداء واجبه.
طلب غياب واعتراض
وظل المتابعون داخل قاعة المحاكمة امس في حالة (جذب) لمجريات تلك المحاكمة ومفاجآت طلبات دفاع المتهمين، وحينها لم تمر الدقائق حتى باغت رئيس هيئة دفاع المتهمة الخامسة (الطبيبة) الثلاثينية بطلب لمنضدة المحكمة يلتمس فيه محاكمتها غيابياً استناداً لنص المادة (34) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، حيث قدم دفاعها مستنداً يتحوي على تقرير طبي عن حالتها الصحية التي تبين خلالها اصابتها بـ(امراض) وحاجتها للعلاج المستمر بالأشعة فوق البنفسجية، وفي ذات الوقت اعترض ممثل الاتهام عن الحق العام على الطلب والتمس من المحكمة رفضه، معللاً ذلك بأنه طالما المتهمة قادرة على الحركة والذهاب الى الطبيب للاستشفاء الأحرى في المقابل أن تمثل امام المحكمة لمحاكمتها على ذمة الدعوى الجنائية لأنها تواجه اتهاماً مع بقية المتهمين، اضافة الى أنها مفرج عنها بالضمانة منذ بداية الإجراءات.

الانتباهة
موافقة مشروطة
وفي ذات الاتجاه وافقت المحكمة على طلب محاكمة المتهمة الخامسة (الطبيبة) غيابياً استناداً لنص المادة (134) من قانون الإجراءات الجنائية والتقرير الطبي المودع امامها وتقديراً لظروفها الصحية وحاجتها المستمرة للعلاج من امراض تستوجب علاجها بالأشعة فوق البنفسجية، الا ان المحكمة اشترطت حضور المتهمة الخامسة امامها وذلك عند تلاوة أقوالها بواسطة المتحري، ومن ثم الإذن لها بالغياب لحين تماثلها للشفاء.
وعند مرور ما يقارب الساعة ونصف الساعة من عقد المحاكمة، رفعت المحكمة جلستها الى اسبوعين، اي بعد (15) يوماً، ومن ثم الشروع في سماع اقوال المتحري.

Leave a Comment

10 + واحد =