(1)
التصريحات التي قال فيها محمد حمدان دقلو ان انقلاب 25 اكتوبر تم بعد الاتفاق عليه مع المكون المدني في السلطة، وان رئيس الوزراء حمدوك وعضو مجلس السيادة ود الفكي والوزير خالد سلك حينها كانوا موافقين عليه، تشبه كما قال احد الناشطين قصة الرئيس المخلوع في اخر ايامه عندما قال في احدى خطاباته : (أحكي ليكم قصة، حصلت لي، حكاها لي واحد صاحبي). حميدتي يحكي لينا قصة حصلت له وحكاها له واحد صاحبه!!
اذا كان هذا الكلام صحيحاً لماذا وقع الانقلاب؟ ان كان هناك توافق بين المكون العسكري والمكون المدني الى هذا الحد لما كان هناك حاجة للانقلاب.
الانقلاب حدث نتيجة للخلاف وليس للاتفاق.
على هذا فان استشهاد اكثر من (94) شهيداً بعد انقلاب 25 اكتوبر تم بعد التوافق مع اولئك الشهداء ليقدموا ارواحهم في سبيل هذا الاتفاق الذي تم بين المكون المدني والمكون العسكري!!
السؤال الذي يفرض نفسه ما حاجتكم لهذا الاتفاق اذا كانت مخاطره وعواقبه كبيرة الى هذا الحد الذي اعاد السودان الى العزلة وحرمه من الكثير من المميزات التي حصل عليها بعد سقوط البشير؟ كيف يكون (الاختلاف) بينكما اذا كان هذا هو حال (الاتفاق)؟
هذا الانقلاب ادى لتوقف تدفق 1.4 مليار دولار من جانب المانحين الدوليين كان من المفترض أن تدعم الاقتصاد السوداني، في الوقت الذي يحدثنا فيه حميدتي عن شعورهم بالمشاكل والأزمات التي يعيش فيها الشعب السوداني والتي وصلت لانقطاع التيار الكهربائي والماء لأكثر من 10 ساعات في اليوم ونحن في شهر رمضان.
يبدو ان حميدتي اختلطت عليه الامور فهو بدلاً من ان يقول ان انقلاب 25 اكتوبر تم بالاتفاق مع الاسلاميين وقادة النظام البائد قال ان الاتفاق تم مع المكون المدني في الحكومة الانتقالية والدليل على ذلك انهم اطلقوا سراح رموز النظام البائد واعتقلوا رموز الثورة السودانية بما في ذلك قيادات لجان المقاومة في الاحياء.
هذا هو التفسير المنطقي الوحيد لـ (احكي ليكم قصة حصلت لي واحد صاحبي)!!
(2)
يسيطر حميدتي على كل شيء في الوقت الذي لا نجد فيه اثراً لعضو مجلس السيادة ابوالقاسم برطم في القصر غير دعوة الافطار لتعزيز العلاقات (الاجتماعية) بين ابناء الاقليم الشمالي، ولم يجد عضو مجلس السيادة الانتقالي، رئيس اللجنة العليا للطوارئ الصحية دكتور عبدالباقي عبدالقادر الزبير شيئاً غير اصدار قرار لتشكيل لجنة لدفن الجثث المتراكمة بثلاجات المشارح والمستشفيات.
وماذا عن الذين تم دفنهم احياء بسبب سياسات تلك الحكومة؟
هذا كل ما يمكن ان يفعله برطم وعبدالباقي في مجلس السيادة السوداني، حتى الافطار الذي دعا اليه برطم لم يجد قبولاً من المكون العسكري في مجلس السيادة. اما عبدالباقي فان سلطاته تبقى في حدود دفن الجثث، اما حياة الناس فلا تهمهم في شيء.
يحدث ذلك في ظل سيطرة تامة لمحمد حمدان دقلو لمجريات الامور في السودان فنحن في دولة تحت نفوذ حميدتي (من الغلاف للغلاف). هذا امر اباح به حتى وزير المالية جبريل ابراهيم عندما قال ان موارد الدولة كلها تحت قبضة حميدتي ورجالاته من خلال السيطرة على وزارة المالية ووزارة المعادن وبنك السودان المركزي والدولار ونضيف الى ذلك التطبيع مع اسرائيل والعلاقات مع روسيا في اطار يخدم نفوذ حميدتي في الدولة.
حميدتي لا يملك المؤهلات التي يملكها اعضاء مجلس السيادة المدنيين من ناحية (اكاديمية) وهو كذلك لا يملك قدرات وخبرات اعضاء مجلس السيادة العسكريين من ناحية (عسكرية) مع ذلك هو الرجل الثاني في الدولة الذي يأتي قبل الرجل الاول!!
(3)
حميدتي اضحى يحسب عدد (براميل) النفط التي تستخرج في اليوم وكمية الذهب الذي يصدر للخارج بالقنطار والجرام، ويحدد سعر الدولار الجمركي فهو رئيس اللجنة الاقتصادية، بل هو اللجنة الاقتصادية كلها. وكان حميدتي عن صعود الدولار خلال الايام الماضية قد أوضح أن البعض كانوا فرحين بتنامي أسعار العملات لافتًا الى الوطنيين من ابناء السودان شغالين الآن بكل جهدهم (عشان الدولار يدق الواطة)، وتابع (الان شغالين في المحاكم والنيابة عشان تاني الدولار كان لقيتو في النقعة تجري منو).
رجل دولة يريد ان يرفع قيمة الجنيه السوداني بعد (ان يدق الدولار الواطة). والدولار عملة تملك من القوة والنفوذ والقدرة ما يحميها من هذه الهرطقات.
ما هو الفرق بين هذا الذي يحدث الآن وما حدث في العهد البائد عندما تمت محاكمة البشير على حيازته لكمية كبيرة من (الدولارات) في منزله وتمت محاسبته بعد ذلك على تلك الحيازة غير المشروعة باعتباره (سمسار) عملة.
الحكومة الآن هي حميدتي ولا يمثل اعضاء مجلس السيادة فيها غير انهم اعضاء مجلس الشرف.
حميدتي هو الذي يحدد ساعات العمل لعمال الموانئ في بورتسودان.
قدم نائب رئيس المجلس السيادي وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو دعماً تمثل في سيارات بوكس بكاب جديدة لوزارة التعليم والبحث العلمي، وقد استلمت الوزارة أول دفعة منها عدد (2) بوكس بكاب ثم تليها أخريات.
بحثت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة ؛ محمد حمدان دقلو التحديات والعقبات التي تعترض عمل هيئة مياه ولاية الخرطوم.
انظروا الى اين وصلت مرحلة توغل حميدتي على حياة السودانيين؟ للدرجة التى اضحى فيها يسيطر حتى على (مصل) العقارب، بعد الدولار والنفط والذهب، ليُحقن المواطن بهذا المصل وهو شاكر وحامد لقوات الدعم السريع. أعلن الفريق أول محمد حمدان دقلو، نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، تخصيص (5) آلاف مصل (عقارب) لأهالي ومواطني قرى “المناصير” بمحلية البحيرة ولاية نهر النيل.
يمتنون على الشعب بمصل العقارب!!
علماً ان الناس في بلدي يحصدهم الرصاص والغاز المسيل للدموع في الطرقات في احتجاجات سلمية، ويعاني المواطنين من تفلتات امنية يعيشها الشارع السوداني وحميدتي يتحدث عن (مصل) العقارب … ما يمكن ان يحدث للناس من العقارب اهون مما يحدث لهم في مواكب الاحتجاجات والمعتقلات.
الانتباهة
قالت هيئة الدفاع عن المقبوضين بتهمة قتل العميد علي بريمة إن المعتقل محمد الفاتح عصام “ترهاقا” يتعرض لأبشع انواع التعذيب من قبل سلطات سجن كوبر. وأوضحت أن محمد الفاتح مقيد بالسلاسل ويقبع في زنزانة انفرادية تحيطها مياه الصرف الصحي وينتشر فيها البعوض والعقارب.
لا تنسوا محمد الفاتح من نصيبه في (مصل) العقارب.
(4)
بغم /
لا اعرف هل الاتفاق الذي تم بين المكون العسكري والمكون المدني على قيام انقلاب 25 اكتوبر تضمن ايضاً الاتفاق على دخول قيادات المكون المدني الى السجن واتهامهم بالعمالة والخيانة والاستيلاء على المال العام؟ وهل اعضاء لجنة ازالة التمكين كانوا ايضاً جزءاً من هذا الاتفاق؟
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).