أعلن البرهان بشكل مفاجئ عن خطوات سيتم اتخاذها لتهيئة المناخ السياسي بالبلاد من اجل اجراء حوار لتجاوز الازمة السياسية، وذلك بعد مضي نحو ستة أشهر على انقلاب (الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي)، ملقياً بالكرة في الملعب الساسي المنقسم، وبوصفها الفاعل الأساسي في الساحة الرافضة للانقلاب مازالت لجان المقاومة عبر لاءاتها الثلاث، مستمرة في تحديها للسلطة الانقلابية عبر تنظيمها المواكب والفعاليات ودعوات الإغلاق.
وعلى الرغم من أن لجان المقاومة لم تستطع ان تحقق النتائج المطلوبة وهي ازاحة السلطة الانقلابية، بدأت تظهر دعوات للجان المقاومة لتشكيل حزب سياسي يعبر عن رؤية جديدة للعمل الميداني والسياسي تعالج به حالة الانسداد السياسي في المشهد العام بالبلاد، خاصة مع فشل الاحزاب السياسية في التوحد لإسقاط الانقلاب وقلة فاعليتها السياسية والتنظيمية.
ويتساءل كثيرون حول امكانية اندماج لجان المقاومة في الاحزاب السياسية للمسارعة للإطاحة بالانقلاب، وبين تشكيلها حزباً سياسياً جديداً يمكن ان يشارك في السلطة في المستقبل، الأمر الذي يتعارض مع مبادئها في الوصول الى السلطة، مع رفعها شعارات اللاءات الثلاث (لا مساومة لا تفاوض ولا شراكة).
(١)
ويقول عضو المكتب السياسي بحركة حق مجدى عبد القيوم لـ (الانتباهة) ان القوام الاكبر للجان المقاومة من غير الملتزمين، لكن كذلك بينهم اعداد كبيرة من عضوية مختلف الاحزاب، وبالتالي هى اساساً منتمية فكرياً وتنظيمياً.
والنظرة الفاحصة تقول ان هذه اللجان وفقاً لبنائها الافقى غير مؤطرة فكرياً وتتباين فى هذا، ومن الصعوبة ان تتحول الى حزب بالمعنى المتعارف عليه، وقال: (ان الغالب الاعم ان مجموعات من هؤلاء ربما ينضمون لقوى حزبية كل حسب اقترابه من هذا الحزب او ذاك، لكن بشكل عام لا اتصور ان تتحول هذه اللجان الى حزب).
ومن واقع المتابعة اليومية يتضح ان فكرة ممارسة العمل السياسي تسللت خلسة من النوافذ للجان المقاومة باستمرار الانقلاب، لكن التطورات الاخيرة واتجاهها للموافقة على مواثيق للعمل السياسي تؤكد ان لجان المقاومة قطعت شوطاً كبيراً نحو ممارسة العمل السياسي اختياراً او قهراً، ولكن مجدى عبد القيوم قال فى هذا السياق ان ميثاق العمل السياسي المعد من قبل المجموعات المنظمة داخل صفوف لجان المقاومة، اما بخصوص ما يسمى ميثاق سلطة الشعب فان ما ورد به يعبر عن رؤية الحزب الشيوعى السودانى، الامر الذى جعل عدداً كبيراً من اللجان تنفى الصلة به.
(2)
وفي مقابل ذلك يرى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر خلال حديثه لـ (الانتباهة) ان المرحلة التى تعيشها البلاد الآن خاصة بعد نجاح ثورة ديسمبر، تمثل نقلة كبيرة للسودان، بعد أن تجاوز فيها الاحزاب التقليدية والعقائدية والاقليمية وأصبح فى مواجهة كيفية بناء السودان الواحد المتنوع، الامر الذى يحتاج لواقع جديد لا تمثله الا مجموعات لجان المقاومة التى تمثل الرأي العام السودانى القادم. وقال: (اذا لم تصبح لجان المقاومة حزباً ستكون الدافع الاول لتجاوز البلاد الاحزاب التقليدية والعقائدية والاقليمية والمحلية، وتشكيل واقع جديد يؤكد على السودان المتنوع). ويبدو ان خاطر ذهب فى اتجاه آخر فى التقليل من اهمية تحزب لجان المقاومة حيث قال: (ان ضغطها السياسي الآن متصاعد لان مظاهرات الشباب تحولت الى (كلنا معكم)، ثم تحول الامر الى عمل فكرى فظهرت مواثيق متعددة)، موضحاً ان رؤية المجتمع الدولى مع التدهور الحالي واضحة تجاه السودان، فهو يقف مع الشارع ومع المحاور الدستورية التى يناهض السودانيون من اجلها واصبحت ضمن شعارات الثورة.
(3)
وتعد لجان المقاومة المحرك الفعلي في خروج المظاهرات خلال الفترة الأخيرة، مما يجعلها رقماً صعباً في المعادلة السياسية حالياً، كما انها تعتبر كلمة السر في إسقاط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
الانتباهة
وفي تصريح سابق ارجع المتحدث باسم لجان المقاومة عثمان احمد تمسك اللجان بلاءاتها الثلاث (لا مساومة لا تفاوض ولا شرعية) الى ان حالة انسداد الافق انعكاس لما قام به المجلس العسكرى الانقلابي الذى اوصد كل الطرق امام التحول الديمقراطى المدنى وقطع طريق الوصول للدولة المدنية، موضحاً ان هذا الامر تشهد عليه الممارسات اليومية والقمع المفرط الذى يمارسه الانقلابيون مع المتظاهرين السلميين، مؤكداً أن أهداف الثورة السودانية مشتركة بين لجان المقاومة وكل القوى الثورية. ولجان المقاومة تعمل كجسم مستقل لتحقيق مطالب ثورة ديسمبر المجيدة، وجنباً الى جنب مع كل مكونات الشعب السوداني الذي يؤمن بقضية التغيير.
وشدد على أن لجان المقاومة جسم تأسيسي لا سلطوي ولن يكون شريكاً في السلطة بأي حال من الأحوال.