شهدت الفترة الأخيرة استقراراً نسبياً في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، عقب اتخاذ الحكومة قراراً بتعويم الجنيه، ومنح البنوك التجارية الصلاحيات لتحديد سعر الصرف بشكل يومي، ومع صبيحة أمس الاثنين سجل سعر الجنيه السوداني تذبذباً قياساً امام العملات الاخرى في البنوك التجارية حيث تراجعت بعدد منها واستقرت باخرى فيما اقترب سعر الصرف لدى السوق الموازية من مؤشرات المصارف، وتجاوزها في بعض الاحيان، وارتفعت اسعار الدولار بنسبة طفيفة في تعاملات امس في الاسواق الموازية حيث بلغ متوسط سعر الدولار 565 جنيهاً ارتفاعاً من 560 جنيهاً وبلغ سعر بيع العملة الامريكية 570 جنيهاً اما سعر صرف الدولار استقر باغلب البنوك لكن ببعض البنوك سجل تراجعاً نسبياً ووصل اعلى سعر للدولار 580 جنيهاً وادنى سعر 560 جنيهاً.
وعند سؤال أحد تجار العملة في السوق الموازية عن سبب تراجع قيمة الجنيه عقب الاستقرار الذي شهدته في الفترات السابقة عقب تعويم الجنيه، أكد أن ارتفاع سعر الدولار اليومي قد يكون بسبب “طلبيات ” لتجار وشركات يريدون استيراد سلع وربما وقود من الخارج، وأبان التاجر الذي فضل حجب اسمه في حديثه لـ(الانتباهة) أن بعض التجار ربما يريدون استيراد سلع لـ”عيد” الفطر المبارك، الامر الذي حرك سعر الدولار اليوم في السوق الموازية، وأوضح أن سعر الدولار شهد زيادة بواقع “10 – 20” جنيهاً أمس، وقال إن سعر الدولار أمس وصل الى “580” جنيهاً و “570” جنيهاً، بحسب الطلبيات، بينما كان سعر الدولار أمس الأول مستقراً في سعر الـ”560″ جنيهاً، ونبه إلى ارتفاع اسعار العملات الاجنبية الاخرى في السوق الموازية، وذكر أن سعر الريال السعودي بلغ “152” جنيهاً ، والدرهم الاماراتي “155” جنيهاً ، و”610″ جنيهات لليورو .
وفي مسعى منها لوقف تدهور قيمة الجنيه شكلت الحكومة لجنة الطوارئ الاقتصادية في مطلع مارس الماضي برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، والذي أكد أنهم “لا يملكون عصا موسى” لوقف التدهور، ولكنهم سيتخذون قرارات حاسمة من أجل تحسين قيمة الجنيه، واتخذت اللجنة وقتها عدداً من القرارات أهمها تعويم قيمة الجنيه، ومنح البنوك التجارية الصلاحيات لتحديد سعر الصرف بشكل يومي، وبعد مرور قرابة شهر على الاجراءات التي اتخذتها اللجنة واصل الجنيه أمس رحلة هبوطه في السوق الموازية، في وقت سابق أكد فيه بنك السودان المركزي تمكنه من بناء احتياطي نقدي بالعملات الاجنبية لضخه في البنوك لمقابلة الطلب عليه، ومن أجل تحسين قيمة الجنيه ، ليبقى السؤال ما هو السر في الارتفاع المفاجئ للدولار رغم تدخل البنك المركزي وتغذية البنوك بالعملة الأجنبية ؟
ويؤكد الخبير الاقتصادي الهادي محمد إبراهيم أن الدولار يعتمد على العرض والطلب في ارتفاعه، ويكون ارتفاعه حاداً ومؤثراً عندما يكون طلب الدولار من الحكومة نفسها، لجهة أن الحكومة من أكبر المشترين للدولار ، حد قول الهادي ، ويشير إلى أن عدم مقدرة البنك المركزي بفتح الطلب يؤدي لارتفاع الدولار بالسوق الموازية ، ويؤكد الهادي في حديثه لـ(الانتباهة) أن الاقتصاد السوداني يعاني من اختناق في تدفق الموارد الأجنبية ، ويضيف كل ما يشاع عن تدفق الموارد الاجنبية للبنك المركزي غير مؤكد ، ويقول لا يوجد تمليك للمواطنين بالارقام والمستندات حول ما يشاع .
ويجزم الهادي أن الحصار الذي ضرب على السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر جعله غير مستفيد من المساعدات التي كانت في طريقها اليه ، والتي كان من الممكن أن تغطي احتياجات الحكومة وغيرها من النقد الأجنبي ، ويضيف أن عجز مصادر الحكومة عن تغطية النقد الأجنبي ، انعكست على أسباب ارتفاع الدولار بالسوق الموازية ، ويشير إلى أن الارتفاع الطفيف للعملة الاجنبية وتدهور قيمة الجنيه ، لجهة أن تجار العملة متحكمون في السوق نتيجة فشل الدولة في تغطية الاحتياجات اللازمة للطلب ، ويؤكد أن تجار العملة هم من يتحكمون في الدولار ويرفعونه ويوصلونه للرقم الذي يريدونه .
ويؤكد الهادي أن الحكومة تستطيع السيطرة على سعر الدولار والتحكم فيه ، من خلال تحكمها في حصائل الصادر ، والتوجه للانتاج ، ويقول” حصائل صادر ممتازة وإنتاج ممتاز ، تستطيع من خلالهما الحكومة السيطرة على سعر الدولار ” ، ويجزم الهادي بعدم وجود ما يؤكد صحة تغذية بنك السودان المركزي للبنوك والمصارف الاخرى بالعملات الاجنبية ، ويقول لو كانت هناك وديعة سعودية فعلاً لكان البنك المركزي تدخل فوراً ، وأوقف تدهور سعر صرف الجنيه وارتفاع سعر الصرف ، ويشير الهادي إلى أن سياسة تعويم الجنيه التي اتخذتها الحكومة ، فشلت في توفير احتياطيات من الدولار ، وبالتعويم وضعت الحكومة سعر الدولار “في سوق الله أكبر” ، وتركته لالية العرض والطلب ، وينبه إلى أن سياسة تعويم العملة الوطنية من أخطر السياسات ، لجهة أنها تدخل البلاد في تدهور مستمر للعملة .
أما بالنسبة لتاجر عملة بالسوق الموازية فان زيادة سعر الدولار أمس وانخفاض قيمة الجنيه ، ربما يكون بسبب طلبيات لتجار “قطاعي وتجار شنطة” ، ويشير في حديثه لـ(الانتباهة) أن الزيادة في طلب الدولار ، في ظل انعدام المعروض ادت لتدهور الجنيه وارتفاع الدولار ، ويقول إن الزيادة كانت طفيفة وبواقع “10” جنيهات ، وقال إن سعر الدولار أمس وصل الى “580” جنيهاً و “570” جنيهاً ، بحسب الطلبيات ، بينما كان سعر الدولار أمس الأول مستقراً في سعر الـ”560″ جنيهاً ، ويؤكد أن هذه الزيادة أتت ، لجهة أن التجار يريدون شراء سلع وبضائع لها علاقة بالعيد ، وشكك في امكانية امتلاك البنك المركزي لاحتياطي من النقد الأجنبي ، ويقول ربما تدخل الحكومة نفسها للسوق وساهمت في رفع سعر الدولار .
والشاهد عند حدوث اي تراجع في سعر الجنيه يحمل البعض مسؤوليته لسياسات بنك السودان المركزي وراء الارتفاع منذ ان بدأ الجنيه في التهاوي تحمل مسؤوليته للمركزي لعدم وجود رؤية واضحة لكن الارتفاع هذه المرة اكده الخبير المصرفي د. لؤي عبد المنعم محمد الى أن الزيادة في سعر الصرف زيادة “وقتية” ولن تستمر أكثر من يوم يومين، ويقول ربما هناك تجار يريدون استيراد سلع اساسية ، ويشير إلى أن البنك المركزي ضخ عملات أجنبية للبنوك خلال الايام الماضية ، ويضيف في حديثه لـ(الانتباهة) ربما هناك شركة تريد استيراد وقود او قمح اوغيره من السلع ، والحصة التي تحصلت عليها من البنك المركزي غير كافية لذلك ، لجأت للسوق الموازية كي تشتري دولار ، وزادت الطلب عليه ، ويشير إلى أنها زيادة “وهمية” ومضاربة تجار يريدون شراء وقود ، ويجزم لؤي أنه خلال اليومين القادمين سوف يبدأ انهيار الدولار ، ويقول ” خلال أسبوع الدولار سوف يدق “الدلجة” و “اي زول عندو دولار يبلو ويشرب مويتو” .
ويؤكد لؤي أن الدولار “اتحرق” في كل العالم ، عقب ربط الحكومة الروسية “الروبل” بالذهب ، ويقول الان كل الاشخاص اصبحوا يشترون “الروبل ” الروسي ، ويتركون الدولار واليورو ، الامر الذي جعل المصارف الامريكية في حالة خوف دائم ، عقب اتجاه التجار لتحويل المبالغ المالية “لروبل” حتى يتكسبون أكثر ، ويضيف قائلاً الان التجار والمصارف بدوأ يتخلصون من سندات الخزينة الامريكية ومن احتياطات الدولار ، ويشترون “الروبل” الروسية ، لجهة أنها مربوطة بالذهب ، ويشير الى أن روسيا ربطت “اونصة” الذهب “بالروبل” ، ويقول إن اونصة الذهب بها “28” جراماً اي ما يعادل “140” ألف روبل .
ويؤكد لؤي أن نهاية الدولار قد أوشكت ،أو بداية الحرب العالمية الثالثة ، ويقول سيتم التخلص من سندات الخزينة الامريكية و الاحتياطيات بالدولار و يدخروا أموالهم بالروبل المربوط بالذهب الذي ترتفع قيمته يومياً، فضلاً عن أن روسيا لن تبيع الوقود والقمح الا بالروبل المربوط بالذهب.
الانتباهة
والثابت ان سعر الصرف بدأ في الانفلات الجنوني عقب إجراءات ٢٥ اكتوبر وحل الحكومة وتصاعدت قيمة العملات الأجنبية امام العملة الوطنية بصورة مخيفة ومدمرة للاقتصاد الوطني وهي احد إفرازات السياسات الاقتصادية التي اتبعها بنك السودان المركزي بتحرير سعر الصرف والتي وصفها الاقتصاديون بتنصل عن المسؤولية وان السوق الموازية بالأصل لم يختف، ان الفترة السابقة حدث بها الكثير من الإجراءات مثل تعويم الجنيه وغيرها والتي شهدت تضليلاً إعلامياً لجهة ان موارد النقد الأجنبي في البنك المركزي خلال الثلاث سنوات السابقة كانت ضئيلة ولا تتناسب مع حجم الأموال المطلوبة للاستيراد او العلاج مما نتج عنه السوق السوداء، هذا بجانب ان المحفظة أنشئت لامتصاص هذا الاثر ولتوفير عملات اجنبية للسلع الاستراتيجية أصبحت هي نفسها تشتري من السوق السوداء.