الأكثر انتشاراً في حكومة البشير وصفه المحامون بالإخفاء القسري.. اعتقال الثوار دون إخطار ذويهم بأماكنهم

by شوتايم3

لم يعد يمر على انقلاب الجبهة الاسلامية يومين حين توقفت سيارة أمام منزل الشاعر أبي ذر الغفاري حيث صعد إليها ولم يعد حتى الآن، هكذا قالت بعض المصادر، وإن اختلفت التفاصيل الا أن الثابت هو اختفاء عبد الله الحسن المكنى بأبي ذر الغفاري دون عودة.

اختفاء العالم عمر هارون

وإذا كان الشاعر أبو ذر أول المختفين قسرياً في عهد البشير، الا أن هناك شخصيات أخرى لم تسلط الأضواء على اختفائها، مثل الاختفاء المفاجئ لمساعد المستشار الاقتصادي بسفارة السودان بالقاهرة في حقبة منتصف التسعينيات عقب عودته منقولاً للخرطوم، كذلك كان اختفاء الباحث البارز في علم النفس بجامعة الخرطوم بروفيسور عمر هارون والمهتم بعلم يوس ماس، وقد أوردته الصحف آنذاك، حيث لم يتم العثور عليه حتى الآن، ففي في عصر الجمعة الرابع عشر من سبتمبر عام 2012م خرج البروفيسور من منزله بمنطقة الصافية بالخرطوم بحري، حيث كان يمارس رياضة المشي في كوبري شمبات، وعلى إثر ذلك قام شقيقه بفتح بلاغ لدى الشرطة، غير أن الشرطة لم تتمكن من فك طلاسم اللغز، لاسيما في ظل نظام قابض آنذاك تدخلت فيه ايادي النظام الاخطبوطية في كل مفاصل الدولة وعملت على طمس العديد من الحقائق واحالتها إلى كهوف مظلمة يصعب الوصول إليها وتتبع شيئاً من خطوطها.

يقول أبو بكر خليل شداد لـ (الحزيرة نت) إن بروفيسور هارون بدأ مشروعاً طموحاً للكشف عن الأطفال الموهوبين في مناطق السودان المختلفة الذي سماه (مشروع طائر السمبر).

ويعد مشروع (طائر السمبر) من أهم الأفكار والأعمال التي ابتدرها البروفيسور هارون وعقدت عليه آمال عراض.

مطبات عديدة

في عام 2017م اجرت صحيفة (التيار) حواراً مع شقيق بروفيسور عمر هارون اماط فيه اللثام عن العديد من ملابسات القضية، وكشف أنه كتب خطاباً لمدير الشرطة بغرض تحريك القضية والبحث عن شقيقه المختفي، وأشار إلى ان المدير احال الخطاب لمدير المباحث وأمر بالتحري في القضية، ويقول إنه لمس عدم الجدية حول القضية منذ فتح البلاغ، إذ ظل لفترة عامين في قسم الصافية، متهماً الشرطة بإهمال القضية.

وأشار إلى أنهم ظلوا صابرين طوال تلك الفترة، وأن العديد من المنظمات الخارجية اعلنت وقوفها معهم ولكنهم آثروا الصبر.

تكتم وإخفاء

ولأن من الواضح أن اختفاء بروفيسور عمر هارون كان اختفاءً قسرياً وفق المعيقات وعدم جدية الاجهزة الأمنية التي تعاملت بها مع القضية في تلك الحقبة، قال شقيق البروف في نفس الحوار: (لو سارت التحريات بالطريقة الصحيحة وكانوا جادين لكشفوا الغموض حول اختفاء البروف ووصلوا لنتيجة، فالسلطات لم تضعنا في الصورة بتاتاً وما ورونا الحاصل شنو).

اختفاء محمد الخاتم

في عام 2005م اختفى محمد الخاتم ابن الكاتب الصحفي المعروف والمنتمي للحركة الإسلامية موسى يعقوب إبان نظام المؤتمر الوطني، وفشلت كل المساعي التي بذلها والده رغم اتصاله بكبار رجالات الدولة، وقالوا إنهم شكلوا لجنة لكنها لم تتوصل لأية معلومة عن اختفائه، واتهم موسى يعقوب جهاز أمن الطلاب والأمن الشعبي، وذلك عبر حوار اجراه الصحافي اسامة عبد الماجد بصحيفة (الانتباهة) في وقت سابق، ويقال إنه كان ينتقد اساليب التنظيم الذي ينتمي إليه علناً.

حقبة (25) أكتوبر

وعقب الانقلاب على الحكومة المدنية وحلها، تواصلت العديد من مواكب الاحتجاج التي تنظمها لجان المقاومة بالخرطوم والولايات الأخرى، وبحسب المصادر فقد حاولت السلطات الأمنية الحد من تلك التظاهرات بالقيام بعمليات اعتقال لأفراد فاعلين من لجان المقاومة وبعض الناشطين. وفي هذا السياق أعلنت لجنة المفقودين ومحامي الطوارئ وفق (دبنقا) عن تنامى ظاهرة الاختفاء القسرى للثوار، وحملوا الاجهزة الامنية والشرطية كامل المسؤولية، باعتبار أن السلطات لم تخطر ذويهم بأماكن اعتقالهم.

وكشف محامو الطوارئ في تصريحات صحفية عن تسجيل اكثر من عشر حالات اختفاء قسري للثوار، آخرها اختفاء كل من معتصم (تشكيلي) ومحمد بالقرب من مستشفى الجودة يوم الخميس الماضي، واوضحوا ان الظاهرة جديدة لكنها متنامية بشكل مقلق، وتحدث بعد انتهاء المواكب او قبلها وفى اماكن سكن الثوار. واوضح محامو الطوارئ انهم تواصلوا مع بعض المتحرين فى حراسات التحقيقات الجنائية واقسام المباحث الفيدرالية، وافادوا بأن اغلب الموجودين فى كشوفات البحث متحفظ عليهم فى اجراءات قانونية. ووصموا ما يتعرض له هؤلاء الثوار بالمخالف للمعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان والاخفاء القسري، كما انه يخالف وثيقة الحقوق وقانون الاجراءات الجنائية، وليس له توصيف غير الإخفاء القسري بحسب قولهم.

المعاهدات الدولية

صادق السودان على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقية حقوق الطفل. وتحظر هذه المعاهدات استخدام التعذيب والاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاعتقال السرّى، وتنص أيضاً على الحق في الحياة والحق في المحاكمة العادلة والحق في الاعتراف بالشخص أمام القانون.

والحقوق المنصوص عليها في الصكوك الدولية التي تحمي الأشخاص من الاختفاء القسري، منصوص عليها في المادة (27/3) من الدستور القومي الانتقالي للسودان لسنة 2005م، وهى جزء لا يتجزأ من (وثيقة الحقوق) في الدستور الانتقالي. وقد نصّت المادة على ما يلى: (ينظّم التشريع الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا القانون، ولا ينتقص من أي من هذه الحقوق)، ومع ذلك فقد لاحظت لجنة الأُمم المتحدة لحقوق الإنسان التالي: (على الرغم من المادة (27) من الدستور القومي الانتقالي لعام 2005م، لم يتم الاعتراف بالحقوق التي يحميها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية).
الانتباهة
الاختفاء القسري عربياً

يصعب تحديد حالات الاختفاء القسري في العالم العربي، نسبةً لارتباط هذه الظاهرة بوجود حكومات قابضة تعتمد على الآلية الأمنية كوسيلة للتضييق على معارضي الرأي، وبالرغم من أن ثورات الربيع العربي أطاحت بحكومات استبدادية قمعية متوحشة، لكن بعض هذه الدول لم تفعّل معايير حقوق الانسان حول حرية الرأي وحقه في الاحتجاج السلمي والمشاركة السياسية الشفافة في الحكم.

Leave a Comment

إحدى عشر + ثمانية =