شر البلية ما يضحك، فقد فاجأتنا المستشار القانونية لوزارة الداخلية، وطبعاً عندما نقول (مستشار قانونى) نعنى موفداً من وزارة العدل، المهم بعد اكثر من سبع جلسات امام المحكمة الادارية بالمحكمة القومية العليا، وهى تكشف فضيحة هى الاخطر والاسوأ من نوعها على مر تاريخ العالم، وهى فضيحة كشوفات الاحالات التى تمت فى فبراير من عام ٢٠٢٠م، واحيل بموجبها (١٠٦٠) ضابط شرطة برتب مختلفة للصالح العام، الفضيحة تمثلت فى انه لم تكن هنالك مخاطبات وكشوفات وتوصيات رسمية، وان ما تم حينها كان عبارة عن توجيهات كلامية شفاهية من وزير الداخلية آنذاك الفريق اول الطريفي ادريس الى اللجنة.
الغريب فى الامر ان السيدة المستشار التى لم تورد رداً مكتوباً للمحكمة، لم تفسر ماهية تلك اللجنة التى تلقت تعليمات سماعية غير مكتوبة من الوزير، وتواطأت معه فى اصدار الكشوف وخرجت بتلك الفضائح.. فيا ترى هل هى لجنة الترقيات التابعة لوزارة الداخلية التى من المعروف انها لا تعمل الا عبر مستندات واوامر مكتوبة؟ أم هى لجنة ازالة التمكين التى عاثت فساداً فى ذلك الحين وتلاعبت بالكشوفات واقدار الضباط؟ ام هى اللجنة المختصة بالمجلس السيادى؟ ام هى لجنة شباب المقاومة الذين كانوا يسعون لاملاء اوامرهم والسعى لتحقيق مكاسب بحضورهم الدائم لمكتب الوزير، باستغلال اسم لجان المقاومة التى احسب انها بريئة منهم؟ ام يا ترى هى لجنة الـ (….)؟، فالأمر باختصار خطير جداً خاصة انه تلاعب واطاح بخيرة ضباط الشرطة فى كشف صنف بانه الاضخم من نوعه فى تاريخ الشرطة، وقد استهدف القيادات والقيادات الوسيطة وحتى الضباط الشباب الذين نعتوا بالكوزنة، وتمت الاساءة اليهم ووصمهم بصفات لا تليق بمقامهم ولا بمقام اى شرطى ولا ترقى لمستوى مؤسسة عريقة محترمة لها تاريخ ناصع وحافل بالانجازات الجليلة.
ان ما حدث فى تلك الحقبة لأمر مشين ومعيب، وان تلك المجزرة التى تعرض لها الضباط وسبق ان تبرأ منها المجلس السيادى والآن تتبرأ منها لجنة الترقيات والاحالات من خلال افادة المستشار القانونية، تعتبر فضيحة كبرى ووصمة عار فى جبين القادة السابقين الذين تلوثت اياديهم بتلك الاحالات وتلطخت وجوههم بآثار تلك المجزرة الخطيرة التى ألقت بظلالها على مؤسسة الشرطة، تلك المؤسسة التى ظلت على مر العقود تعمل بمؤسسية وحيادية، وتأتى كشوفاتها السنوية متزنة وليست كالتى خرجت وفاحت رائحة المكر النتن الذى حاق بها، وألحق الاذى بالكثيرين من ابنائها.
الانتباهة
إن صح ما نقلته المستشار القانونية وثبت بالدلائل الدامغة تورط السيد الوزير الاسبق فى امر هذه الاحالات وثبتت مسألة اصداره التعليمات شفاهةً، فهذا حتماً سيترتب عليه كثير من الحقوق والواجبات، اولها ان المحكمة فى حال الاستيثاق ستصدر امراً باعادة اولئك الضباط الى عملهم فوراً وسيكون امرها نافذاً وملزماً، وثانياً سيصبح من حق اولئك الضباط مقاضاة وزير الداخلية الاسبق وكل من يثبت تورطه فى الأمر، وثالثاً من حق اولئك الضباط المطالبة بتعويضات مجزية لما تعرضوا له من ظلم واهدار للعدالة فى زمن رفع فيه مجازاً شعار الحرية والعدالة التى ذُبحت تحت اقدام الراقصات.