فوجئنا أمس بصدور قرار من المحكمة العسكرية أدين بموجبه رئيس الأركان الاسبق الفريق اول ركن هاشم عبدالمطلب وعدد من الضباط وحوكم القائد بالسجن تسع سنوات ورفاقه بالسجن خمس سنوات وخفض الرتبة والطرد من الخدمة .
القرار الذي أصدرته المحكمة العسكرية قرار غريب جدا حوى كثيرا من التجني والظلم وأخشى ان أقول ان هذا القرار ذو طابع سياسي اكثر من كونه ذا طابع قضائي لان صدور مثل هكذا قرار يعتبر إهدارا للعدالة والحقوق ومخالفة صريحة للدستور .
لذلك اعتقد ان صدور القرار تقف خلفه جوانب سياسية في توقيت كهذا لشغل المواطنين اذ كان الأولى للمحكمة العسكرية ان تكون هي الأكثر عدالة وإنصافا تيمنا بالمحكمة المدنية الجنائية التي نظرت ذات القضية لمن أطلق عليهم قادة العملية الانقلابية المزعومة من المدنيين، ولما كانت السلطة القضائية السودانية تتمتع بعدالة ونزاهة وانصاف لا يختلف عليه اثنان، وحين نظرت القضية ارتأت المحكمة انه لا قضية ولا دلائل فأمرت بتبرئتهم في مرحلة سابقة لتوجيه التهمة نسبة لعدم كفاية الأدلة وامرت المحكمة بإخلاء سبيلهم وبالفعل أخلي قادة المخطط المزعوم .
انتظرنا لأكثر من عامين وكانت الادانة والسجن والتجريد والطرد وهذه سبة تحسب ضد القضاء العسكري، ولا نريد ان نقول ملامح الظلم تبدأ مع بداية المحكمة ورفض بعض الطلبات وبعض العقبات التي توضع أمام الضباط المحاكمين ولا نريد ان نعود لنذكر القراء بما جرى من هضم للحقوق ابان محاكمة موسى هلال منذ العام ٢٠١٨م حيث النظام البائد .
إن صدور هكذا حكم يعد أمرا محبطا للعامة بل وسيرفع سقف المطالبين بإنهاء الحكم العسكري وتسريع تسليم السلطة للمدنيين ونخشى ان نقول ان بصدور هذا الحكم يفقد القضاء العسكري بعض هيبته وتقديره حتى من قبل داخل المؤسسة .
هاشم عبدالمطلب ورفاقه ليسوا متهمين أساسيين وليسوا المخططين للانقلاب الذي جاء في وقت لم تكن فيه وثيقة او دستور وبالتالى تنتفي جميع القوانين فمن أين أتى القضاء العسكري بقوانين سارية لمحاكمة أولئك الضباط ؟؟
كان ينبغي للمحكمة العسكرية ان تبرئ الضباط من التهم التي نسبت لهم وان كان لابد من الإدانة فكان بإمكانها ان تكتفي بمدة اعتقالهم لعامين وان تفصلهم من الخدمة على اسوأ فروض ان لم تبرئهم وتطلق سراحهم، كان الامر سيكون عادلا ولكن ان ينتهي الأمر بهذه الطريقة ففيه كثير من التجني على هؤلاء الضباط وأسرهم .
سبق وان قلنا انه حين أعلن المجلس العسكري في ٢٠١٩م عن هذا الانقلاب وسارع باعتقال هؤلاء الضباط وقتها البلد بلا دستور وعدم وجود دستور كفيل بإسقاط اي تهم واعتقدنا جزما ان قصة الانقلاب هذه كان الغرض منها تسريع عملية التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المدنيين والعسكر .
الانتباهة
سبق وان قلنا ان مياها كثيرة جرت أسفل الجسر وان هنالك الكثير من الدواعي تقف خلف إدانة هؤلاء الضباط وتلك الأحكام القاسية التي صدرت في مواجهتهم والتي تفسر الكثير من المواقف وتبرر للعديد من الإجراءات السياسية ومستقبلا سنفتح الباب على مصراعيه حول تلك الخبايا ويوما ما سنفرج عن الكثير من الحقائق للقراء .
كسرة …
هذه الإدانة شرف ومكسب للمحكومين وسيقف الى جانبهم الشعب بأكمله فهنيئا لهم الإدانة والفوز بتعاطف الشعب .