السودان: تظاهرات اليوم في الخرطوم… وإضراب عمال سكة الحديد في عطبرة

by شوتايم3

عاد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، أمس الأحد، إلى الخرطوم، بعد زيارة للأمارات استمرت لأربعة أيام التقى خلالها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، في وقت أعلنت لجان المقاومة السودانية عن تظاهرات مليونية، اليوم الاثنين، مواصلة للتصعيد الرافض للانقلاب العسكري. وشهدت مدينة عطبرة وسط السودان، أمس، احتجاجات واسعة وتظاهرات رافضة للانقلاب العسكري ولتدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع المياه والكهرباء، بشكل كامل عن المدينة يومي السبت والأحد، بينما أعلن عمال السكة حديد في عطبرة الإضراب بسبب تأخر المرتبات.
في الموازاة، يزور البرهان يومي الأربعاء والخميس، الرياض وكمبالا، في إطار البحث عن تسوية تخرج البلاد من تداعيات انقلاب العسكريين في الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقال وزير الخارجية المكلف علي الصادق، في تصريحات صحافية أمس، بمطار الخرطوم، إن زيارة البرهان لأبو ظبي كان محورها الأساسي الملف الاقتصادي.
ورافق البرهان خلال الزيارة وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم، ووزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم علي مفضل، بالإضافة إلى المدير العام لمنظومة الصناعات الدفاعية ميرغني إدريس، ورئيس اتحاد العمل السوداني هشام حسن السواط.
وتناولت الاجتماعات الثنائية، حسب الصادق، مسار العلاقات والقضايا ذات الاهتمام المشترك، بالتركيز على الجوانب الاقتصادية، باعتبارها محور اهتمام السودان في هذه المرحلة، فضلاً عن مناقشة الأوضاع الراهنة في السودان ومساعي تحقيق التوافق الوطني وصولاً إلى الانتخابات.
وقال الصادق إن أبو ظبي أكدت دعمها الكامل للتوافق الوطني المفضي إلى استقرار السودان، مشيراً إلى اتفاق الجانبين على إقامة شراكات اقتصادية استراتيجية ضخمه في مجالات الطرق، والموانئ والسكة حديد والتعاون في المجال العسكري وتبادل الخبرات.
وأضاف: “اتفقت الحكومة والقطاع الخاص في البلدين على دعم البنوك السودانية بمبالغ مقدرة، تمكنها من أداء دورها في تنمية الاقتصاد السوداني، في وقت لم يحدد قيمة الدعم أو قيام البلدين بتوقيع أي اتفاقيات في الصدد”. ووصف الصادق الزيارة التي تعد الأولى لقائد الجيش منذ الانقلاب العسكري، بالناجحة والمثمرة.
وقالت تقارير صحافية إن البرهان التقى رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، خلال زيارته لأبو ظبي في إطار تسوية تسعى لإعادة الأخير للحكم، في محاولة لاستقطاب المجتمع الدولي، في ظل أزمة سياسية واقتصادية وأمنية حادة، تواجه قادة الانقلاب العسكري في السودان.
ووقع البرهان وحمدوك في 21 من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتفاقاً سياسياً أعاد حمدوك إلى رئاسة الوزراء بعد أربعة أسابيع قضاها في الإقامة الجبرية عقب الانقلاب العسكري.
والاتفاق الذي كان ينتظر أن يهدئ الشارع الغاضب ويعيد الشرعية الدولية لحكومة الانقلاب، لم يصمد لأكثر من ستة أسابيع، حيث قدم حمدوك استقالته مبرراً ذلك بعدم نجاحه في خلق توافق سياسي ينهي الأزمة الراهنة في البلاد.
وبعد حوالي أربعة أشهر على الانقلاب، ما زال التصعيد الشعبي الرافض للانقلاب العسكري مستمرا، بينما ترفع لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين وقوى الحرية والتغيير، شعارات “لا تفاوض، لا شرعية، لا مساومة”.
وقتل خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات الرافضة للانقلاب العسكري، منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، 87 متظاهراً بينهم 13 طفلاً، بينما أصيب أكثر من 3000 شخص.
وتطالب المعارضة السودانية بخروج العسكريين من المشهد السياسي في البلاد، حيث تنطلق اليوم الأربعاء تظاهرات مليونية جديدة رفضاً للانقلاب العسكري والاعتقالات التي طالت عدداً من القادة السياسيين ولجان المقاومة والناشطين في مدن السودان المختل، وبينما تدفع عدداً من الأطراف الدولية والمحلية بمبادرات لحل الأزمة الراهنة في البلاد، يبدو أنها لم تفض إلى نتائج حتى الآن.
وينتظر أن تكون المحطة الخارجية التالية للبرهان العاصمة السعودية الرياض، التي يزورها الأربعاء المقبل، حسب مصدر دبلوماسي مطلع تحدث لـ”القدس العربي”، مبيناً أن الزيارة تأتي في إطار مناقشة الأزمة السودانية الراهنة والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
والخميس، يسافر البرهان إلى العاصمة اليوغندية كمبالا، حيث يعقد اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس يوري موسيفني، يناقش الراهن السوداني وموعد انعقاد قمة الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد) القادمة، لجهة التعقيدات التي واجهت القمة التي كان من المزمع انعقادها الشهر الماضي بخصوص السودان. وكانت الخارجية السودانية، وقتها، قد أعلمت المنظمة الإفريقية رفضها انعقاد قمة حول السودان الذي تواجه رئاسته للدورة الحالية لـ”إيقاد”، تحديات كبيرة بسبب الانقلاب العسكري، وفراغ مقعد رئيس الحكومة بعد استقالة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك. والأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة عن آلية مشتركة لتيسير حوار بين الأطراف السودانية بالتعاون مع “إيقاد”، مؤكدين أن البلاد مهددة بمخاطر كبيرة حال عدم الوصول لتسوية مرضية لجميع الأطراف.
ويبدو أن مشاورات حول حوار سوداني- سوداني، قد انطلقت الأيام الماضية، عطفاً على تصريحات عضو المجلس السيادي السوداني ياسر العطا، الذي كشف عن مشاورات جارية بشأن عقد حوار سودانى- سودانى، مؤكداً أنه أصبح ضرورة مُلحة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار الدولة، حسب حوار أجرته معه “الشروق”
وقال العطا “إن جميع الأطراف السودانية أدركت ضرورة الانخراط في حوار بالاستفادة من أخطاء وتجارب ثورة ديسمبر والثورات السودانية السابقة، مؤكداً أن المكون العسكري يتفاعل مع الحوار وما يثمر عنه “بصدق ووطنية وحيادية” وهدفه “انتقال مدني ديمقراطي تحت قيادة أمينة وذات كفاءة متوافق عليها من كل الكتل الثورية لبناء دولة السودان الحديثة”.
ومضى العضو العسكري في المجلس السيادي في اتجاه موقف قائد الجيش المتحفظ على العملية السياسية التي تيسرها بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، قائلاً: “أرى أن رئيس البعثة فولكر بيرتس، إذا ترك مشاوراته تتجه نحو التعمق في التناقضات السياسية السودانية فلن يحرز تقدماً ملموساً، مؤكداً على ضرورة وجود لجنة وطنية مستقلة تدعم رئيس البعثة الأممية في بلورة تلك الرؤى المتفق والمختلف عليها والحلول المقترحة، ومن ثم دعوة الجميع لمائدة الحوار، فضلاً عن ضرورة توافر عامل السرعة، حتى يتحقق النجاح.
وأكد أنهم يرحبون بالمبادرات الدولية والإقليمية، ولكنهم يفضلون المبادرات الوطنية بشكل أكبر، في وقت كشفت تقارير محلية عن تحركات دولية وإقليمية واسعة للوصول لتسوية للأزمة السودانية قد تتضمن عودة حمدوك رئيساً للمجلس السيادي أو مجلس الوزراء، بينما يذهب البرهان وبقية العسكريين إلى مجلس الأمن والدفاع المعني بالقضايا الأمنية. ويتضمن المقترح أيضاً تكوين مجلس وزراء من التكنوقراط ومجلس تشريعي يضم القوى السياسية ولجان المقاومة.
ويرى الصحافي والمحلل السياسي عبد الله رزق، أن الأزمة المتمثلة في المواجهة اليومية بين الحكام العسكريين والمواطنين، والتي تخلف شهداء وجرحى، تشكل مصدر قلق للآخرين في الداخل والخارج لجهة التطورات التي يمكن أن تنتهي إليها تلك “المواجهة غير المحسوبة”.
وقال لـ”القدس العربي” إن “أحد أوجه الأزمة الراهنة يتمثل، من جهة، في عدم استطاعة المعارضة حتى الآن إسقاط الانقلاب، فيما تعجز سلطة الانقلاب عن إدارة البلاد وإيجاد حلول ناجزة لمشكلاتها الملحة من الجهة الأخرى، لذلك فإن من المتوقع أن تبادر العديد من الجهات ذات الصلة أو ذات المصلحة، من الداخل والخارج، لتقديم مبادرات ومشاريع حلول تتسق مع مصالحها”.

الانتباهة
ولا يتعلق الأمر بعودة حمدوك فقط، حسب رزق، وإنما بالبرنامج الذي تتم في إطاره هذه العودة، وعما إذا كان مثل هذا البرنامج يلبي مطالب الشارع الملتهب وقواه السياسية.
وأضاف: “المجتمع الدولي وحلفاؤه الإقليميون، في المجالين العربي والإفريقي، والذي يشعر بالقلق إزاء عدم الاستقرار الذي يعيشه السودان، يرى في حمدوك أحد مفاتيح الحل لجهة تركيز المبادرات المطروحة على استعادة الوضع الدستوري السابق لانقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي”، مشيراً إلى وجود مستجدات تجعل مثل هذه العودة غير مرحب بها.
وتابع: “هناك قوى جديدة هي لجان المقاومة، ولا بد أن يكون لها مكان ضمن إعادة ترتيبات المرحلة الانتقالية، وكذلك الأمر فيما يتصل بدور العسكريين وبالشراكة معهم، لافتاً إلى تبلور مطالب جديدة منذ 25 أكتوبر لم تعد استعادة المسار الانتقالي بقيادة حمدوك تكفي للوفاء بها.
ويرى رزق أنه في ظل “الشعارات المتشددة” التي تسود الشارع، لا يتوقع نجاح المبادرة المطروحة من قبل الإمارات، ولا تلك التي يشتغل عليها المبعوث الأممي فولكر بيرتس، بالتفاهم مع الاتحاد الإفريقي، مشيراً إلى وجود هوة واسعة تفصل بين تلك المبادرات ومطالب قوى الثورة، بما فيها تحالف قوي الحرية والتغيير ولجان المقاومة، والتي ترفض حتى التفاوض مع قادة الانقلاب في إطار تلك المبادرات، مثلما ترفض الشراكة أو إضفاء شرعية على العسكريين.
ويعتقد أن تشظي القوى السياسية وعدم إنجازها لوحدتها، وانشغالها بتناقضاتها ومعاركها الثانوية، يوفر مناخاً ملائماً لتقدم تلك المبادرات، والتي ستسعى، لأجل تحقيق أي قدر من النجاح، للاستثمار في خلافات القوى السياسية، ومحاولة كسب أطراف منها. مشيراً إلى أن عدم استيعاب التطلعات الجذرية للمواطنين سيبقي الشارع ملتهباً.
وتابع: “نجاح أي مبادرة لا بد أن يستند، ابتداء، إلى تصفية الانقلاب، وتسليم السلطة للمدنيين، ومساءلة الانقلابيين على تقويض النظام الدستوري وإغراق البلاد في “مستنقع دماء”.
وتمثل وحدة قوى الثورة، حسب رزق، في جبهة عريضة تتأسس على توافق على برنامج المرحلة وفق ترتيب جديد لأولويات مهام الانتقال ووثيقة دستورية، شرطاً لا غنى عنه لاستئناف المسار الديمقراطي بقيادة مدنية.

Leave a Comment

خمسة × واحد =