طبقت محطات الوقود في العاصمة الخرطوم زيادة جديدة في أسعار البنزين والجازولين امس السبت تزامنا مع أزمة حادة واصطفاف المركبات امام محطات الوقود التي شهدت تجفيفا من السلعة.
حيث بلغ سعر لتر البنزين (408) جنيهات في وقت بلغ سعر لتر الجازولين (390) داخل ولاية الخرطوم، وسبق وان شهد الثامن عشر من فبراير آخر زيادة لأسعار البنزين قفزت بمقدار 42 جنيها سودانيا إلى 362 جنيها للتر، فيما زادت أسعار الديزل أيضا بنفس المقدار 42 جنيها، لتصل إلى 347 جنيها في إطار عملية الإلغاء التدريجي لدعم الوقود، التي تهدف الآن إلى تطبيق الأسعار العالمية، وتأتي الزيادة تزامنا مع زيادات شهدها العام الجديد فرضتها الحكومة على المواطن شملت الكهرباء والخبز ومن المتوقع ان تطال زيادة الوقود الأخيرة بقية الخدمات التي يعاني المواطن الأمرين في سبيل توفيرها بسبب ضعف دخله.
“عمياء وسايقاها مجنونة”
والشاهد أن حكومة الفترة الانتقالية في نسختها الأولى قامت بتحرير جزئي في الثاني من أبريل 2020م، حيث قفزت بسعر المحروقات بنسبة 400%، وفي التاسع من يونيو من العام الماضي تخلت الحكومة في نسختها الثانية عن دعم الوقود وترك تحديد سعره وفقاً للأسعار العالمية، وقالت وزارة المالية وقتها في بيان لها إن السودان حرّر أسعار البنزين والديزل بالكامل، مضيفة أن الأسعار السابقة ستُلغى وستُطرح بدلاً منها أسعار جديدة قالت إنها تتماشى مع تكاليف الاستيراد، وتعد الخطوة ضمن الإصلاحات الصارمة التي طبقتها الحكومة بمراقبة صندوق النقد الدولي على أمل إنعاش اقتصاده والحصول على إعفاء من الديون واجتذاب التمويل.
وبدوره يصف وزير النفط والطاقة الأسبق مهندس عادل ابراهيم ما يحدث من زيادات في اسعار الوقود في حديثه لـ(الإنتباهة ) “عمياء وسايقاها مجنونة” ،رافضا التعليق أكثر من ذلك وأضاف هذا رأي.
زيادة تراكمية
وكشف مدير إدارة التشغيل بشركة بشائر مهندس صديق عبدالرحمن بان هناك اتفاقا مسبوقا مع وزارة الطاقة بأن في يوم 2 من كل شهر يتم تحديد سعر مشيرا الى ان الزيادة التي أعلنت نتجية لتراكم عدد شهرين او ثلاثة مبينا كان يجب أن تكون الزيادة من الشهر الماضي باتفاق من كل الشركات والاعلان عن سعر تأشيري ومن ثم على الشركات ان تتحمل التسوية بسعر جديد . وأضاف أن الشركات من حقها ان يكون السعر دائما او ناقص 5% حسب الاستيراد شرط ان لايزيد او ينقص 5 % .
وأضاف بسبب تأخير الوزارة من إعلان السعر خلال الشهر قبل الماضي وذلك تم زيادتها في الشهر الحالي.
وقال سيتم إخطار المحطات بتعديل الأسعار على ٤٠٨ جنيهات بنزين و ٣٩٠ جنيها جازولين بينما كانت الاسعار القديمة 362 جنيها للتر البنزين و347 جنيها للتر الجازولين.
، وقال صديق في حديثه لـ( الإنتباهة) بسبب عدم إعلان الوزارة للأسعار جعل أسعار ولاية الخرطوم ثابتة اما الولايات يتم تغييرها شهريا مما أحدث فارقا كبيرا.
وكشف صديق عن تباين الأسعار خلال الفترة الماضية، مبينا أن أسعار البنزين في البداية كانت بالطن منذ شهر يناير 715دولارا للطن وبنهاية الشهر 147دولارا للطن اما الجاز كان البداية بالبرميل حيث بلغ 80دولارا ووصل الى 103 دولارات وأردف الخام أيضا به زيادة وأضاف متوقع ان تستمر هذه الزيادة.
وحمل الدولة عدم التزامها بمعايير التحرير وكانت مواكبة فإن الزيادة ليست بسبب سعر الصرف لجهة ان محفظة السلع الاستراتيجية ثبت السعر ، بيد أنه أكد أن التأثير هو بسبب زيادة الأسعار عالميا ،وبرر الزيادة الكبيرة نتيجة لتراكم مابين شهرين الى ثلاثة لعدم المواكبة وتم تحديدها في وقت واحد.
وجزم صديق بأن الإشكالية الأساسية عدم المواكبة لا يتم الاشتراك لجهة ان إنتاج المصفاة فقط ٤٠% للجاز و٦٠% للبنزين وأردف اذا لم يتم الاستيراد لن يحدث انتاج . مضيفا لايمكن ان يتم البيع بتكلفة بأقل من الشراء، وشدد على ضرورة خفض الرسوم الحكومية والتي تقدر مابين ٢١ % الى ٢٣ % .
وجزم صديق بأن الوقود متوفر بصورة ضخمة ، ولكن يجب أن يكون هناك زيادة في الإنتاج.
كاشفا عن وجود عدد ثلاث بواخر بالميناء مدفوعة القيمة ولكنها لم تجد سعات للتفريغ.
وأضاف كل الشركات لديها الرغبة في الاستثمار .وأوضح أن تأثير الزيادة العالمية انعاكسها على الشركات في تضخم رأس المال مما يجعلها تضخ رأس مال أكبر يمكنها من الاستيراد.
موضحا أن وفرة الوقود ساهمت في القضاء على السوق الأسود.
كارثية
وقال مستورد بإحدى الشركات الخاصة فضل حجب اسمه ان عالميا الاسعار مرتفعة جدا نسبة لقلة الإنتاج العالمي جازما بانها ستكون مستمرة موضحا في حديثة لـ(الإنتباهة ) امس متوسط شهر ديسمبر الماضي بلغ ٨٨ دولارا للبرميل للمنتج المصفاة وخلال هذا الشهر بلغ ٩٨دولارا، وعزا قلة الإنتاج بسبب الى توقف مصفاة كردستان مما ادى الى انخفاض الى أكثر من ميلون برميل.
وقال الزيادة العالمية بالتأكيد تنعكس على السوق المحلي بعد تحرير الوقود.
وقال كل الدول الأخرى تطبق الزيادة لجهة أنها تطبق تحرير الوقود منذ فترة ولذلك لن تتأثر بها وتوقع انخفاض الأسعار في شهر مارس المقبل.
وقال محليا الزيادة تختلف من كل ولاية بسبب الرسوم المفروضة.
ويتوقع مراقبون اقتصاديون انعكاسات كارثية على المستهلك في حال رفع أسعار الوقود بنسبة عالية، لجهة أن أكثر من 60% من السودانيين يعيشون حالياً تحت خط الفقر، وسيتأثرون أكثر بهذه الزيادة التي ستنعكس مباشرة في تكلفة النقل، وبالتالي أسعار السلع والخدمات الاساسية، لاسيما أنه قبل الزيادة كان المستهلك يعاني كثيراً من أجل توفير احتياجاته الأساسية، ومن المؤكد أن الزيادة الحالية ستفاقم الأوضاع وتزيدها سوءا.
غير منطقية
وقال صاحب طلمبة وقود موسى محمد عن ان الزيادات التي تم تطبيقها مؤخرا كبيرة وغير منطقية مبينا ان سعر جالون البنزين ارتفع من ١٦٥٠ جنيها الى ١٨٣٦ جنيها ، بينما بلغ سعر جالون الجازولين ١٧٥٥ جنيها، وقال موسى في حديثه لـ(الإنتباهة) ان هذا الوقت لم يكن مناسبا لتلك الزيادة لجهة ان المواطن يعاني من ضغوط اقتصادية يصعب فيها تحمل هذه الزيادات واضاف حسب قوله من غير المنطقي ان يتم تطبيق هذه الزيادات في ظل ضعف في المرتبات، واضاف لايمكن للمواطن تحمل هذه الزيادة ما لم تزاد المرتبات كأقل تقدير الى ٨٠ الف جنيه لعدم وجود دعم في سلعة الوقود، وجزم بأنه حال لم تتم زيادة المرتبات سيتوقف العمل بصورة كبيرة في كثير من المجالات، مشيرا الى الصفوف الطويلة و الازدحام الشديد في طلمبات الوقود لجهة ان هناك وقودا بالتسعيرة القديمة لم ينته بعد وحال لم ينته لاتتم برمجة الطلمبات بالتسعيرة الجديدة، لافتا الى ان هناك طلمبات انتهى فارغة من الوقود القديم وتم برمجتها بصورة مباشرة بالأسعار الجديدة، واستبعد ان يتم تهريب الوقود القديم المتوفر بالطلمبات بيد انه أكد على ان التحكم في المستودعات يحدد انتهاء الوقود او توفره في الطلمبات، واسترسل قائلا : سبب الزيادة يعود الى ارتفاع سعره عالميا ، وكشف استيراد بواخر محملة بالوقود مؤكدا على انه لم يتم تفريغها بسبب عدم السداد .
غير مطمئن
من جانبه أكد مصدر فضل حجب اسمه بغرفة النقل والمواصلات العامة ان هناك شحا شديدا في الوقود بالطلمبات أدى الى اصطفاف المواطنين أمام محطات الوقود وتابع المصدر : الوضع الحالي غير مطمئن ولاتوجد جهة مسؤولة ليتم التواصل معها لمعرفة الحقائق، واضاف حسب قوله (والوضع الحالي ما عاجبنا) وقال في حديثه لـ (الإنتباهة) هناك عدد ٥ بواخر بميناء بورتسودان محملة بالوقود لم يتم تفريغها وكان من المفترض ان تفرغ منذ الأسبوع الماضي ولم تدخل ضمن الأسعار العالمية اذ ان وجودها الى اليوم دون تفريغها يعود لمشاكل فنية وحال عدم تفريغها ستعود أزمة الوقود الى سابق عهدها.
زيادة متوقعة
بالمقابل أشار رئيس قسم الدراسات الاقتصادية بمركز الراصد الفاتح عثمان فيما يتعلق بزيادة اسعار الوقود انه وفقا لحديث وزير المالية سيتم صرف المرتبات الجديدة وفق الزيادة الكبيرة التي أجيزت في الموازنة واكد في حديثه لـ (الإنتباهة) ان الأفضل للموظفين زيادة المرتبات بدلا من دعم الوقود الذي ارتفع بسبب زيادة أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية واسترسل قائلا : بما أن الحكومة حررت أسعار الوقود فإن الزيادة كانت متوقعة موضحا ان الزيادة جاءت في وقت غير مناسب للمواطنين السودانيين الذين يعانون بشدة من الفقر ونقص الغذاء والركود الاقتصاد الذي أدخل المنتجين السودانيين في خسائر كبيرة خاصة بعد عجز المصدرين من تصدير القطن والسمسم والفول السودانى والماشية.
موضحا ان زيادة المرتبات ستخفف من آثار زيادة الوقود على العاملين في القطاع الحكومي لكن بقية المواطنين سيتأثرون بشكل مباشر بهذه الزيادة المفاجئة التي ستحدث ربكة كبيرة في المواصلات العامة وايضا ربكة في حصاد القمح في حين ان هذه الزيادة كان لابد من تطبيقها لجهة أن الحكومة رفعت يدها تماما عن دعم الوقود وبات يخضع لتقلبات الأسعار في السوق العالمية ولا تستطيع الشركات المستوردة بيع الوقود بالخسارة والبديل سيكون انعدام الوقود وهو خيار غير مقبول أو إعادة الدعم وهو أمر لا تستطيع الحكومة تحمل فاتورته.
الانتباهة