لجنة إزالة المسكيت
جمال الدين حسين
إن الدول ذات القدم الراسخ في الممارسة الديموقراطية والتي سبقتنا بثوراتها التي قدمت ارتالا من الشهداء فدءا لتلك الديموقراطية قدمت لنا اول ما قدمت النموذج الأول في التضحية والتسامح ،وهي قيم لابد منها فالثورات لا تحتاج إلى ضجيج متواصل ،لان فترة ما بعد الثورة دائما تكون محتقنة ومليئة بالمشاعر الجياشة، وإذا لم يتم لجم تلك المشاعر فإن انفجارها يكون أعنف من الثورة ذاتها وبالتالي يكون انفجارا لا يبقي ولا يذر ،من حسنات الثورة السودانية أنها قدمت النموذج الأول الا وهو التضحية ،شباب في عمر الزهور ذهبوا متوشحين اكفانهم ومضمخين بدمائهم الزكية ،ذهبوا إلى رب غفور لا يظلم عنده احد ،ولكن الظلم الذي مورس باسمهم كاد أن يعصف بوحدة البلاد
لان التسامح الذي يعقب الثورة يصبح هو الأساس القوي لدولة الحريات والديموقراطية والعدالة ،إلا أن الأجهزة التي تمت تسميتها لحماية الثورة والمنوط بها بسط الحريات بعد إزالة ألاثار السالبة التي خلفها النظام البائد في كل مرافق الدولة ،هذه الأجهزة وعلى رأسها لجنة إزالة التمكين كان واجبها إزالة أثار نظام الإنقاذ بالتي هي أحسن اي بالاسوة الحسنة والمجادلة بالحسنى ،لا انتهاج ما تقوم به الأنظمة الدكتاتورية ومحاكم التفتيش ،والحق يقال ان الاستاذ وجدي صالح كإنسان وكحقوقي وسياسي لا غبار على سيرته حتى ما قبيل الثورة الا ان الرجل بعد الثورة اصبح شخصا آخر (كالثور في مستودع الخزف) وقد أضر اول ما أضر بالثورة وحاضنتها السياسية وأصبح أداة تنفير، خاصة بالتصريحات غير المسؤولة حتى ان ظريف المدينة قال إن كل من عاش في فترة نظام الإنقاذ فهو كوز وكل من عمل عملا شريفا أو تاجر أو انتظم في اي مجموعة دينية أو عشائرية أو قوة نظامية فهو فلول ،أما من ظهر في صورة مع مقرر اللجنة الشعبية لفريق ابو جلوف بمدينة النهود فهو قيادي عديييل في المؤتمر الوطني .
أنني في هذه العجالة لا انتقد أحدا أو أصم أحدا بصفة ما ولكني اتمنى فقط ان يستمع الأخوة في لجنة إزالة التمكين إلى صوت الشارع الذي أتى بهم ويقدمون مصلحته على روح الانتقام التي نمت لديهم حتى اعمت بصائرهم واغشت ابصارهم فاصبحوا وبالا على ثورة هي الانظف حتى إذاعة البيان الأول إلى أن حدس ما حدس
وعودا على بدء اعرج على العنوان وهو ليس استهزاءا باللجنة الموقرة واسمها ولكنها مقارنة طريفة فقط،فعندما غزت أشجار المسكيت….تلك النبتة المدمرة….المشاريع الزراعية القومية ضجت المحافل العلمية والسياسية وحتى مناسبات الاعراس باضرار المسكيت ووباله على الزراعة والأراضي الزراعية ،حتى إذا تم تكوين لحنة عليا بغرض محاربة المسكيت واصلت اللجنة في تدبيج الخطب وبث الاغاني الحماسية مع افلام وثائقية تصور الحرب الضروس على المسكيت في حين أن اللجنة لم تزيل شجرة مسكيت واحدة حتى شكا المزارعين من ضرر اللجنة وطالبوا بإعادة المسكيت وإزالة اللجنة التي اتت على الأخضر واليابس دون جدوى