النائب العام في القاهرة لمناقشة الملف.. تسليم (قوش).. هل حانت اللحظة؟

by شوتايم4

في باحة مطار القاهرة الدولي امس، كانت العربة الدبلوماسية ترنو نحو سلم الطائرة في انتظار ان يهبط النائب العام (مبارك محمود)، في زيارة تأتي كدعوة مقدمة له من قبل نظيره المصري، بشأن تعزيز اواصر العلاقات القضائية والعدلية بين البلدين، وعدد من الملفات يحملها معه (مبارك) اهمها وابرزها مناقشة تسليم رئيس جهاز الامن والمخابرات الوطني الاسبق (صلاح عبد الله قوش) المقيم بالاراضي المصرية منذ سقوط نظام البشير في ابريل 2019م ومعه آخرون، مما يفتح معه الباب امام عدد من التساؤلات حول امكانية تسليم الرجل. وفيما يرى كثيرون ان الامر لا يعدو كونه تكتيكاً وممارسة سياسة الالهاء على الشعب وصرفه عن الاوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها، يرى بالمقابل البعض الآخر جدية الأمر هذه المرة، سيما ان النائب العام المكلف يبحث عن كيفية تثبيت ارضيته بالنجاح في ملف مثل هذا، فهل حانت لحظة تسليم قوش؟
رجل المخابرات الغامض
مذ سقوط البشير والحديث عن (قوش) تهدأ وتيرته حيناً وتعلو حيناً آخر.. فتارة عن دوره في الثورة واسقاط النظام، وتارة اخرى عن نهجه ونهج جهازه في التعامل مع الثوار قبل السقوط، دون ان تشفع له شهادات قادة الثورة انفسهم بضلوعه في تمكين المعتصمين من الوصول الى ساحة الاعتصام بفتحه الجهة الغربية للقيادة بالاتفاق معهم، ليظل في خانة (سفك الدم) وقتل الثوار في شهور الثورة الاولى وبعدها. ولم تتوقف الاتهامات حياله رغم استقالته من عضوية المجلس العسكري الاول وابتعاده عن المشهد، غير انه وبحسب مصدر لـ (الانتباهة) قد ظل وراء الكثير من حرائق الاشتعال التي شهدتها البلاد. ويرى المصدر ان (قوش) خسر ترتيباته في الصعود الى السلطة بعد سهمه الكبير في اسقاط النظام، ولذلك ليس من السهولة ترك الاوضاع هادئة، غير ان المصدر في الوقت نفسه قلل من حديث النائب العام حول مناقشة الملف واعتبره محاولة لرفع اسهمه ليس الا، لاعتبارات ان ملف (قوش) (شائك) و (معقد).
وكان نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قد اتهم (صلاح قوش) بالوقوف وراء أحداث هيئة العمليات في يناير 2020م التي عدها تمرداً، مشدداً على تورطه عن طريق ضباطه الموجودين في الخدمة وخارجها في التخطيط للانقلاب على الوضع بحسب الاتهام. وفي ذات المنحى يرى المحلل السياسي وهبي السيد تسليم (قوش) هذه المرة أمر حتمي تقف عليه النيابة بنفسها، سيما عقب تكرار النشرات الحمراء في حقه ومعه آخرون.
ويذهب وهبي في حدثيه لـ (الإنتباهة) الى ان الملف العدلي ظل مقعداً منذ سقوط النظام، في وقت ظلت فيه سهام النقد توجه ضد القائمين عليه، وهو ما عجل بالاطاحة برئيس القضاء وقبول استقالة النائب العام. وقال ان الاختبار الحقيقي امام النائب العام المكلف هو تحريك هذا الملف، منوهاً بمنح النائب العام ضوءاً اخضر بشأن هذا الملف.
أمريكا.. المحك
وفي ذات السياق يرى مراقبون صعوبة تحرك ملف (قوش) الا بإذن من الولايات المتحدة الامريكية نفسها، لجهة انه رجلها القوي والممسك بزمام كثير من الملفات. ويرى المحلل السياسي خالد البشير ان امريكا ان لم تمنح القاهرة الضوء الاخضر لتسليم قوش فإن الأمر سيظل معلقاً.
ويقول البشير لـ (الإنتباهة) ان السلطات المصرية في وقت سابق عندما وجهت لها اسئلة من قبل الصحافيين عن اقامة (قوش) باراضيها انكرت هذا الامر ونفت وجوده، لأن الولايات المتحدة الامريكية لم تسمح لها بذلك. ويذهب في ذات المنحى الى ان عبارة (مناقشة تسليم) تعتبر فضفاضة وتؤكد على ان الحكومة المصرية ليست لديها القابلية التامة للتسليم. وتوقع البشير عدم مضي الملف الى الامام، لأن (قوش) يعتبر رجل امريكا بما يحمله من ملفات ومعلومات دقيقة تعينها في ملفاتها السياسية، فضلاً كونها التي تحدد مسار المشهد في السودان بأن يكون دولة محورية، وتابع قائلاً: (قوش الآن يتجول في شوارع القاهرة بحماية من الأمن المصري نفسه فكيف يتم التسليم؟)، ولذلك ما يحمله النائب العام مبارك محمود من ملفات بخصوص قوش ستظل كما هي معلقة، واكمل قائلاً: (الأمر من وجهة نظري محاولة للالهاء لانه لا تمر أربعة اشهر حتى يثار الحديث عنه)، لكن على الرغم من جدية سفر النائب العام الى القاهرة، الا ان مصر مازالت في انتظار اشارة خضراء من امريكا، التي تريد الحفاظ على كرتها الرابح وهي التي تحدد مدة بقائه من عدمها، وعندما تنتهي مصلحتها معه، فإن كل الخيارات ممكنة في تصفيته او تسليمه الى المحكمة الجنائية.
هل تفعلها مصر؟
هل ستوافق السلطات المصرية على تسليم (قوش) ومن معه من المطلوبين المقيمين على ارضها؟ سؤال يفتح الباب امام الكثير من التفسيرات على رأسها قرب المكون العسكري من الحكومة هناك. ففي حين يرى خبراء ان هذا الملف يعتبر وسيلة ضغط من قبل المكون المدني تجاه المكون العسكري، يرى بالمقابل البعض الآخر ان الأمر يعتمد في المقام الاول على سياسة الحكومة المصرية في القول الفصل. وفي هذا الخصوص يرى القانوني نبيل اديب أنه من الصعوبة بمكان التكهن بمآلات الاحداث بشأن هذا الملف، منوهاً في حديثه لـ (الإنتباهة) بأن الأمر الآن اصبح أقوى من مجرد كونه طلباً من السلطات الحكومية السودانية. وعلى الرغم ان اديب يرى ان سفر النائب العام بنفسه امر كبير، الا انه في نفس الاتجاه اكد ان الامر متعلق بسياسة الحكومة المصرية نفسها، مشيراً الى ان مصر كان لديها موقف ثابت حيال تسليم اي شخص لجأ اليها، وقد فعلت ذلك مع الرئيس الاسبق الراحل جعفر نميري في عهد الرئيس حسني مبارك، وقال: (الآن يصعب التكهن، لأن مصر الآن في عهد رئيس جديد وربما تكون السياسات قد اختلفت).
ومن جانبه يرى المحلل السياسي الرشيد محمد ابراهيم أن الأمر لا يعدو كونه خطوة تكتيكية وليست استراتيجية على حد تعبيره، مؤكداً في حديثه لـ (الإنتباهة) ان عمليات التسليم والتسلم عادةً تتم عبر مذكرات تفاهم، في وقت شدد فيه على ان (قوش) لا يواجه اية تهمة جنائية وانما كل التهم ضده تهم سياسية. ويذهب الرشيد في تحليله الى ان مصر لن توافق على تسليم (قوش) الا بموافقة المكون العسكري، مشيراً الى ان سفر النائب العام لا يخرج عن كونه تهدئة للرأي العام من الصدمات والأزمات التي تشهدها البلاد.

الانتباهة

Leave a Comment

14 + خمسة =