إنطلق قطارها أمس.. آلية مبادرة حمدوك.. هل ستجد الضوء في آخر النفق؟

by شوتايم4

على مشجب الترقب السياسي، كان لفيف من القوى السياسية والمهتمين والصحفيين وأهل الإعلام، بقاعة الصداقة صباح أمس، في إنتظار إنطلاق أول إجتماع لآلية مبادرة الأزمة الوطنية وقضايا الإنتقال( الطريق إلى الأمام). وفيما كان عدد من التساؤلات تترى حول جند الآلية المثيرة للجدل ومقدرتها في رأب الصدع وإعادة اللحمة الوطنية بين جميع المكونات، كان بالمقابل يتساءل البعض عن إمكانية إعتذار رئيس الوزراء عن المبادرة في أعقاب إعتذار البعض من آليتها !!.هذا التساؤل بتوقيت الأمس، وأن كان يبدو غريباً لإعتبارات كثيرة إلا أنه سؤال مشروع، ربما تجيب عنه الأيام المقبلة، ولكن المهم في الأمر أن حمدوك سعى من خلال فاتحة كلمته إلى توضيح أن جميع من شملتهم الآلية تمت مشاورتهم وموافقتهم، مؤكداً أن الهدف من المبادرة هو تجميع كل القوى صاحبة المصلحة في الثورة والتغيير في كتلة واحدة. وفي حين حظيت المبادرة بجدل واسع وكثيف ما بين مؤيد ورافض، يرى مراقبون أنها لا تعدو عن كونها وسيلة للحشد والكسب السياسي، لتصبح بذلك قاب قوسين أو أدنى من العبور وتلمس الضوء في آخر النفق، أو الإجهاض مثلما أجهضت مبادرة (القومة للوطن)؟

تعقيدات

باسترجاع تاريخ الدولة السودانية عبر نظمها المتعاقبة، نجده يضج ويزدحم، بالمبادرات الوطنية، ففي عهد النظام السابق كانت مبادرة الوفاق الوطني لرأب الصدع بين المكونات السياسية هي الأشهر. هذا التاريخ من المبادرات نجده يحكي محاولة السيطرة على أشرع السفينة كلما أرادت الرياح العصف بنظام ما، ولكن في فترة الإنتقال تكون للمرحلة حساباتها المختلفة، لإعتبارات أنها مرحلة ذات خصوصية وحساسية في آن معاً، تحيط بها الكثير من تعقيدات بعض الملفات الهامة. وفي المرحلة الانتقالية الراهنة نجد أن الإنقسامات السياسية وعدم الإنسجام بين مكونات الإئتلاف الحاكم، وشركاء الفترة الإنتقالية، والسيولة والتفلتات الأمنية، إلى جانب الركن الأساسي وهو الأزمة الإقتصادية الطاحنة، تحيط بالفترة إحاطة السوار بالمعصم. وهذا ما جعل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك يطلق مبادرته بمحاورها السبعة. وفيما يعتبر المحور الأمني والعسكري أحد أضلع المبادرة، ينتقد كثيرون غياب مكونات عسكرية عن الآلية في وقت شملت فيه جزءً من الحرية والتغيير ولم تشمل الجزء الآخر منه، وكذلك الأمر بالنسبة للجبهة الثورية. ووفقاً لخبراء في الشأن السياسي، فإن الواعظ الوطني والإرادة السياسية والوطنية هي التي تكون شاملة للجميع، وتحقق الانتقال، وتخرج البلاد من وهدتها الذي لم تزل فيها دون تحقيق المشروع الوطني منذ الاستقلال. وفي الأثناء يرى المحلل السياسي عبده مختار أن الأمر لا ينصب في الإرادة السياسية فحسب وإنما في حاجة رئيس الوزراء لفريق من الخبراء يضعون له خطة طريق على أسس علمية وبمنهج سليم.

مؤكداً لـ (الإنتباهة) أن الآلية بهذا التقسيم لن تفيد حمدوك ولن تفيد الفترة الإنتقالية لأن شخصيات الآلية هم عبارة عن شخصيات إعلام ورموز وأعيان وزعماء قبائل ورياضيين وهذا لا يفيد في نقل الوضع من الثورة إلى الدولة.

أهداف معطلة

وحين أعلن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك عن آلية مبادرته، طالت الإتهامات مستشاره السياسي، بسعيه إدراج أصحاب الأزمة في ماعون واحد لن يفضي إلى حل بل إلى المزيد من التعقيدات، وهو ما دعا إلى توالي الإعتذارات التي بدأت بمناوي وترك وأعقبهما آخرون، ولم تسلم على مستوى الأحزاب السياسية أيضاً، فقد رفضها حزب البعث الذي عدها مخالفة للوثيقة الدستورية، وكذا حزب المؤتمر الشعبي الذي أعتبرها مجرد برنامج، بخلاف حزب المؤتمر السوداني الذي حدد معيار نجاحها وهو توفر الإرادة السياسية الكافية.

وبحسب القيادي بـ(الحرية والتغيير) محمد الهادي محمود فأن الأزمة السياسية بالغة التعقيد بين شركاء الفترة الإنتقالية و(الحرية والتغيير).

ويؤكد الهادي في حديثه لـ(الإنتباهة) أن الخلافات بين الشركاء الثلاثة (العسكر والمدنيين والجبهة الثورية)

كبيرة، في وقت كان يتوجب فيه عليهم إدارة الفترة الإنتقالية لتحقيق أهداف الثورة بدلاً من تعطيلها.

ويذهب في الوقت نفسه إلى اضطرار حمدوك لإنقاذ الوضع على أعتباره رأس السلطة التنفيذية و(يدو في النار) إلى المبادرة.

ويرى الهادي أن الأحرى بالمبادرة هو أن تقوم بطرحها القوى السياسية والجبهة الثورة وأطراف السلام والمكون العسكري لأنها تحوي سبعة محاور شاملة لكل الإشكالات الماثلة، غير أنه يرى ضرورة إشتمالها على عسكريين لأن هناك محور الأمن والقوات النظامية الأخرى والقوات المسلحة والشرطة التي تحتاج لعلاج وترتيبات وهيكلية وهذا يعتبر محوراً كبيراً وخطراً يشمل الترتيبات الأمنية ولا يمكن أن تديره هذه الآلية بحد تعبيره.

تباين الآراء

وفيما تتباين الآراء بشأن الآلية، يرى القيادي بـ(الحرية والتغيير) محمد الهادي، أن تشكيل هذه الآلية وبهذه الصورة لن يقود للمطلوب لحل الأزمة السياسية بالغة التعقيد. مؤكداً لـ (الإنتباهة) أن الآلية كان يتوجب أن تشمل الجميع حتى يستطيعوا إنجاز التوافق والبرنامج الوطني الذي يخرج الفترة الإنتقالية إلى بر الأمان ويخرج البلاد من الهاوية.

وفي ذات السياق قلل القيادي بـ(الحرية والتغيير) مجدي عبدالقيوم من ما أعتبره رفضاً واسعاً للمبادرة.

ويرى عبد القيوم في حديثه لـ( الإنتباهة) إلى أن المبادرة أيضاً وجدت تجاوباً واسعاً والدليل على ذلك أن جملة مايربو على الـ (70) شخصاً هم أعضاء بالمبادرة.

وقال أن الذين إعتذروا حتى الآن هم ثلاثة أفراد فقط.

وعلى الرغم من تحفظ بعض القوى على الآلية إلا أنه أمر طبيعي في ظل المناخ والمران الديمقراطي.

بالمقابل يرى المحلل السياسي عبده مختار أن مستشاري رئيس الوزراء لا يجيدون قراءة الرأي العام كي يقرر بشأن أو مصير هذه المبادرة من حيث تعديلها هيكلياً، وتوسعة النقاط التي حوتها المبادرة (الحمدوكية).

ويذهب في تحليله لـ (الإنتباهة) إلى أن تغيير المبادرة تغييراً جذرياً أو إلغاءها أو الأتيان بمنهج آخر أو فكرة أخرى بمشاورة أهل الشأن لا يتأتى إلا بأن يكون لحمدوك مرجعية من العلماء والمتخصصين.

وأعتبر عبده أنه من ناحية منهجية فقد أخطأت الحكومة لأنها لم تستعن بمتخصصين من الخبراء والعلماء وإنما جاءت هذه المبادرة وكأنها حشد سياسي.

أسس تكتيكية

وصاحب المبادرة نقد كبير من الداخل، وصل حد الإختلاف داخل الحزب الواحد، مثلما حدث بين رئيس حزب الأمة القومي فضل الله برمة ناصر وبين نائبه د. إبراهيم الأمين، كما صاحبها تهديد من قبل لجان المقاومة الرافضة لآلية المبادرة الوطنية لحل الأزمة، والتي أعتبروها خطوة تجاه المصالحة مع النظام السابق، فيما وجدت تنديداً من قبل بعض زعماء مسار الشرق مثل ناظر الهدندوة ترك وناظر البني عامر دقلل.

وفي هذا المنحى يرى المحلل السياسي الرشيد محمد إبراهيم أن الرفض الواسع للمبادرة يعتبر مؤشر فشل.

مؤكداً في حديثه لـ (الإنتباهة) أن المضي في المبادرة والإصرار على إنفاذها ومحاولة تطبيقها على أرض الواقع سوف يجعلها تصطدم بإشكالات كثيرة جداً دون الوصول إلى نتيجة.

ورجح الرشيد وجود إشكالية في تعديل وتوسيع المبادرة، مشيراً إلى أنها لا تسند إلى أسس تكتيكية وقال🙁 إذا كان هم حريصين عليها لكونها مخرجاً للأزمة السودانية ممن تؤدي أغراضها فكان يجب أن تكون تكتيكية حتى لا تموت كما ماتت مبادرات كثيرة وذات طبيعة مختلفة منها مثل القومة للسودان وغيرها يمكن القياس بها تذهب مع الرياح(.

الانتباهة

Leave a Comment

ثلاثة × واحد =