لمن لا يعرف (الرزة) فهي حفيدتنا الصغيرة المدعوة رزان إبراهيم إبنة إبنتنا الحبيبة إشتياق عبدالرحمن هذه الثائرة الصغيرة البالغة عاماً وعشرة أشهر تم فطامها قبيل أيام ولكن الأمر لم يعجبها فتتبعت كافة الأساليب لإحباط قرار فطامها حيث قامت بالإمتناع عن الطعام لأيام، ثم أصبحت تعبر عن غضبها وسخطها بالـ(دردقة) على الأرض ورفض النوم على فراشها والإصرار على النوم أرضاً ثم أنها حينما تشعر بالجوع تتناول القليل من الشيكولاتة وترفض تناول الرفاهيات أمثال الحليب بالشيكولاتة وعصير الفاكهة ولكنها حينما تشعر بشدة الجوع لاتستخدم أسنانها فتكتفي بإمتصاص اللقمة المقدمة لها سواءً كانت شرائح بطاطا أو قطع لحم أو أي غذاء وتقوم بإلقائه عقب إمتصاص بعضه في محاولة فاشلة منها للتعبير عن مدى فشلها وعدم قدرتها على مضغ الطعام وتنظر لجدتها وأمها بعين استجداء الرحمة وتطالب بإرضاعها في عبارة إحتجاجية صغيرة تطلقها قائلة (سو.. سو) .
هذا هو حال ثوارنا الآن الذين باتت الحكومة لا تكترث لنداءاتهم المتكررة بالإصلاح الإقتصادي والسياسي وإعادة تقييم الأوضاع وتسريع ملف الإعتصام الذي ما زال يجد تراخياً وتماطلاً ملحوظاً بينما رئيس الوزراء حمدوك لا يحرك ساكناً وكأنه هو جزء من ذلك التراخي، والثوار يلهثون مطالبين بإجتهاد إعلان نتائج لجنة فض الإعتصام ولسان حالهم يقول (سو..سو)، بينما الحكومة تمضي في حالها وهي تفعل ما تريد دون إكتراث لأمر المواطن وبلا أدنى إهتمام بإرتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية .
الآن بات الشعب في مرحلة فطام قاسية ولم يعد سلاح التصعيد الثوري الذي كان يرفعه بالسابق مخيفاً بالنسبة لحمدوك ورفاقه طالما أنهم استطاعوا التمكين لأنفسهم بخلق قاعدة متينة كفيلة بأن تجعلهم يضربون بمطالب الثوار عرض الحائط .
أحسب أن هنالك من باع القضية وقبض الثمن وأكبر دليل على ذلك أن التظاهرات فقدت بريقها ولم تعد مربكة للحكام ولم يعد الثوار قادرون على تنظيم تظاهرات جاذبة بل وأصبح الكثير منهم يماطل ممانعاً في الإشتراك وآخرون يحرضون الشارع للخروج ولا يخرجون فتخرج فئة قليلة تجوب الشوارع ثم ما أن تلبث قليلاً حتى تبدأ في الإنحسار والتفتت وكل مجموعة تتجه صوب مواقف المواصلات في طريقهم إلى منازلهم كأن لم يفعلوا شيئاً وكأن لسان حالهم يقول حضرنا ولم نجدكم .
لجنة فض الإعتصام طال أمدها ولا ننسى أنها استمدت قوتها من رئيس الوزراء تعددت تصريحات زعيمها أديب وأحسب أنها تصريحات جوفاء لا تنم سوى عن مماطلة وتراخ واضح يلوح بأنه لن تكون هنالك نتائج في القريب العاجل وكل من لا يعجبه الأمر فعليه أن (يلحس كوعه)، حمدوك لايهتم لأمر شهداء الإعتصام وكأن صمته ذلك يأتي من منطلق إتفاق مسبق أو مساومة تقودها المصالح المشتركة وأني لأخشى أن تصدق تنبؤاتنا وندرك في وقت متأخر أن ما يحدث ليس سوى لعبة تدار خيوطها بحكمة من قبل جهات محددة وأن بعض كبار المسؤولين ليسوا سوى أرجوزات تتلاعب بهم نخب الخليج ومخابرات أمريكا وإسرائيل .
الانتباهة