في ظل إغلاق عدد من مخابز الخرطوم أبوابها نتيجة لزيادة أسعار مدخلات الإنتاج، وعلى الرغم من المساعي الحكومية لحل الأزمة، تتفاقم أزمة الخبز يوماً بعد يوم، وشهدت المخابز بالأمس بوادر أزمة جديدة للخبز باصطفاف عدد كبير من المواطنين أمام المخابز بحثاً عن رغيف خبز تحوّل تأمينه إلى هاجس للأسر التي باتت تقضي جُلّ وقتها في طوابير الخبز، ونجد أن سياسات الحكومة في التعامل مع الأزمة تندرج تحت إطار (المسكنات)، إذ لا توجد خطط استراتيجية واضحة لحل أزمة الخبز والدقيق، الا أن الندرة في الخبز خلقت سوقاً موازية في خارج الأطر الرسمية مما زاد العبء على المواطنين، إذ أن الحل يراه مراقبون يكمن في ترشيد الدعم ووصوله إلى مستحقيه عبر إحصاءات دقيقة توفرها الدولة، ترصد الأكثر استحقاقاً للدعم، ليحصلوا عليه عبر البطاقات التعاونية التي انتظمت الأحياء بما يسمى (كرت الخبز) أسوةً ببعض السلع مثل الغاز وسلعتي، الا أن أصحاب المخابز غير ملتزمين بتطبيق هذه السياسة.
عدم الإيفاء بالالتزامات
وقال رئيس اللجنة التسييرية لشعبة المخابز عبد الله إسماعيل إنهم عملوا على تقديم عدة أطروحات للحكومة بشأن حل أزمة الخبز إلا أنها لم تر النور، وأوضح لـ (الانتباهة) أن أصحاب المخابز أصبحوا أمام خيارين، إما رفض استلام حصصهم من الدقيق والتوقف عن العمل أو السير في العمل ويشهدون عمليات مطاردات في المحاكم، مبيناً أن الشعبة عملت على رفض مقترح التعامل بالكيلو لجهة أنه نظام جامد وغير مرن ولا تستطيع أية جهة تحديد تكلفة الإنتاج بسعر معين لجهة أن أسعار السوق غير ثابتة، وتابع قائلاً: (عندما تم تحديد سعر الخبز بمبلغ ٥٠ جنيهاً وقتها لم يتجاوز سعر جوال الدقيق ٦٥٠ جنيهاً، بيد أن سعره الآن يبلغ ٨٥٠ جنيهاً، فضلاً عن ارتفاع سعر الخميرة من ١٠.٠٠٠ إلى ١٦.٠٠٠، علاوةً على ارتفاع سعر لتر الغاز من ١.٥ جنيه إلى ١٠ جنيهات)، وأضاف قائلاً: (أصحاب المخابز أصبحوا مجبورين بشكل أو بآخر على العمل)، واتهم جهات لم يسمها بقصدها ترك أصحاب المخابز للمهنة بطريقة أو بأخرى، وقال إن أصحاب المخابز يعلمون علم اليقين أن الحكومة لا تريد الإيفاء بالتزاماتها، وجدد مطلبهم بتحرير أسعار الخبز، في وقت اعترف فيه بأنها عملية شاقة لأصحاب المخابز، وقطع بأنهم حتى في حال تحديد سعر الكيلو أو إلغائه فإن الحكومة لن تستطيع حل مشكلة الخبز لاحتوائها على عوامل فنية ومن الصعب على الحكومة الالتزام بها، وأكد على فشل فكرة المخابز التجارية التي ابتكرتها الحكومة لأصحاب الكافتريات والمناسبات ولم يقوموا باستخدام الخبز المدعوم ويعملون على شراء الخبز المدعوم، ونبه إلى اشتراط الحكومة بعدم فتح منافذ مخابز الخبز التجاري للجمهور، بيد أن ما يحدث الآن ان جميعها تفتح منافذها للجمهور، وأشار إلى تضرر المخابز المدعومة منها لجهة اتجاه الأيدي العاملة للمخابز التجارية لمضاعفة الأجور، ولفت إلى أن هذا الأمر يعتبر استبدال تمكين بتمكين أكبر، قاطعاً برفضهم هذا النظام جملةً وتفصيلاً، وأبان أن المخابز التي تعمل بالجازولين ارتفع لديهم السعر من ١١.٠٠٠ للبرميل إلى ٦٥.٠٠٠ جنيه للبرميل، مما أدى لتوقفها تماماً عن العمل ويبلغ عددها ٣٣٤ مخبزاً لجهة عجزهم عن شرائه، مبيناً أن هذا الأمر تسبب في جوع المواطن لجهة عدم وجود بدائل ودون أن تراعي الدولة هذه الفئة لجهة تحرير الجازولين، مشيراً إلى أن برمجة قطوعات الكهرباء ستخرج المخابز عن إطار الخدمة، وقطع بأن الحل يكمن في التحرير وتوجيه الدعم عن طريق (برنامج ثمرات) أو أية جهة أخرى، ونبه إلى أن التجاوزات والإخفاقات أصبحت تعلق على أصحاب المخابز دون وجه حق، موضحاً أن مدخلات الإنتاج ليست في يد الحكومة وهي تمثل ٣٥٪، وقال إن الخيار الأمثل الآن أمام أصحاب المخابز أصبح الإغلاق بدلاً من الدخول في مسائل قانونية بخرق القانون وإدخالهم في السجون وتجنباً للخسائر المالية وحفظ كرامتهم، وجزم بهروب الجهات المعنية لهذه المسؤولية، وقال إن الشعبة لن ترغم أصحاب المخابز على العمل بالخسارة، إذ أنه أشار إلى أنه تم تحديد مواقع عمل المخابز التجارية في الأسواق والشوارع الرئيسة فقط. ولفت إلى الفشل في هذا الجانب لجهة أن غالبية المخابز أصبحت تعمل كتجارية دون أية شروط ولا رقيب أو حسيب، مما أدى إلى تغول عدد كبير من الأشخاص على صناعة الخبز التجاري بإمكانات عالية، بيد أن أصحاب المهنة الحقيقيين تم تكبيلهم في إطار الخبز المدعوم، وأبان أن هذا الأمر يعتبر تمكيناً واضحاً من قبل الحكومة، مبيناً أنه طالب بالتدخل العاجل لحل هذه المشكلة.
معاناة
وحمل عدد من أصحاب المخابز حكومة الخرطوم مسؤولية عدم استلام المخابز للدقيق المدعوم ورفضهم العمل به، مشيرين إلى أن الحكومة لا تتفهم معاناة المخابز من الارتفاع المتزايد في تكلفة الإنتاج وتآكل رؤوس أموال أصحاب المخابز، مما أدى إلى توقفهم عن العمل بصورة تلقائية، وشددوا على تمسكهم بالقرار.
العمل بالخسارة
وقال صاحب مخبز بكري السر: (إن بوادر أزمة الخبز الحالية السبب فيها أن المخابز في أطراف الولاية التي تعمل بالديزل أصبحت تعمل بالخسارة، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الغاز وشحه مع ارتفاع مدخلات الإنتاج)، وكشف عن أن شركة الخرطوم للأمن الغذائي عملت على زيادة أسعار الدقيق من ٧٠٠ جنيه إلى ٨٠٠ جنيه، فضلاً عن زيادة تكلفة الغاز من جنيهين إلى ١٠ جنيهات، وارتفاع سعر كرتونة الخميرة من ٨.٠٠٠ جنيه إلى ١٥.٠٠٠ جنيه، فضلاً عن زيادة سعر الزيت من ٩.٠٠٠ جنيه إلى ١٢.٠٠٠ جنيه، فضلاً عن زيادة أجور العمالة وتوجه غالبيتهم إلى المخابز التجارية.
الانتباهة