في وقت سابق زار رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مبنى جهاز المخابرات وقام بمخاطبة أفراد الجهاز من ضباط وضباط صف وجنود ، متحدثاً عن أهمية تطوير مقدرات الجهاز للقيام بدور فاعل سيما في الجوانب الإقتصادية وفي ظل التحول الديمقراطي مشيراً إلى أن إصلاح الأجهزة الأمنية يجيء ضمن محاور الدولة الخمسة التي حددتها الدولة مؤخراً في إطار خطة الإصلاح .
لكن بالطبع فإن زيارة حمدوك يمكن تقييمها في إطار العلاقات العامة فرئيس الوزراء مكبل بوثيقة دستورية تحد من صلاحياته تجاه الأجهزة الأمنية وحاضنة سياسية تملك على الأقل صوتاً عالياً وإن لم يعد مؤثراً بفعل التحولات السياسية بعد خروج بعض التيارات السياسية من كنفها
وثوار فاعلين يقفون على الرصيف بيد أن توحيدهم الجمعي بات صعباً في ظل الإنشقاقات والاستقطابات المتباينة ، بالإضافة إلى دخول الحركات المسلحة ساحة الحكم وفق تحالفاتها التي في معظمها تتقاطع مع رؤية التيارات (الرايدكالية) في الساحة ، ولهذا فرئيس الوزراء ولج إلى مبنى جهاز الأمن وفي علمه اليقيني إن جهاز المخابرات خارج صلاحياته فهو لا يملك سلطة تعيين مديره ولا إقالته بطبيعة الحال ولا هيكلة الجهاز ، من هنا فإن زيارته تأتي في إطار التطبيع السلمي مع الجهاز من أجل تفعيل آداء الجهاز سيما في الناحية الإقتصادية والأمنية حيث أشتعلت التفلتات الأمنية والصراعات القبلية وتوسعت رقعة التهريب للمحاصيل النقدية والسلع الاستراتيجة عبر ممارسات سالبة من بعض دول الجوار تضر بالإقتصاد الوطني ، وهي مشاهد رسمها رئيس الوزراء في خطاب سابق حينما قال: (تحوَّل الأمر في بعض الحالات من تحركات للتعبير عن الرأي إلى أحداث سلب ونهب للممتلكات وترويع المواطنين في عدد من المناطق، وإعتداءات مباشرة، سبقتها حوادث قتلٍ وتعدٍّ على عدد من الثوار، وهناك حالات عنف وإعتداء على النساء بصورة غير معهودة). ثم أضاف بوضوح لا لبث فيه قائلاً: (وقال إن التدهور الأمني الآن يعود بالأساس للتشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، والذي ترك فراغاً تسلَّل منه أعداؤها وأنصار النظام البائد، ولكنه أكد ثقته في قوى الثورة لإحداث التماسك مجدداً وخلص إلى أن إصلاح القطاع الأمني هو الأساس وهي مما نضعه نصب أعيننا ونعمل لأجله ليل نهار، فبدونه لا يمكن إجراء هذه الإصلاحات الضرورية وإلا ستظل بلادنا نهباً للمخاطر الداخلية والخارجية.)
زيارة البرهان
سجل أمس الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والمسؤول الأعلى عن القطاع الأمني لمبنى جهاز المخابرت لتلقي تهاني عيد الأضحى المبارك وخاطب الضباط والجنود و أكد بحسب ما نقلت الوسائط الإعلامية على أهمية الدور الكبير الذي يلعبه جهاز المخابرات العامة في حماية و حفظ البلاد .
و أوضح بأن الهجمة التي تعرض لها الجهاز ما هي إلا لذلك الدور المتعاظم له في ظل تلك المعطيات التي تمر بها البلاد .
و أكد أن كل المنظومة الأمنية هي العين الساهرة لحماية الوطن و إنسانه مقدمة المهج و الأرواح فداءً.
ما بين الزيارتين
يلاحظ إن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لديه وجهة متباينة من رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك حول آدء الأجهزة الأمنية حيث ألمح في زيارته لجهاز المخابرات إن الزيارة تأتي من منطلق أهمية إصلاح الأجهزة الأمنية ، كما دعا في خطاب سابق إلى تغيير مديري الإدارات في جهاز المخابرات فضلاً على إنه رسم صورةً حزينةً عن التدهور الأمني الذي شهدته البلاد في العاصمة والولايات ، فحين أن الرئيس البرهان أعتبر إن الجهاز يتعرض إلى هجمة مشيداً بما وصفه بدوره المتعاظم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد .
ويبدو أن البرهان بهذا التقريظ بدا وكأنه لا يرى أية حاجة لإصلاح الجهاز أو هيكلتة مكتفياً بالهيكلة المحدودة التي تمت في وقت سابق سيما في ظل المطالبة بإنشاء جهاز للأمن الداخلي يتبع لوزير الداخلية للعب دور أكثر فاعية في مجال الأمن الداخلي ، بيد أن تلك الخطوة مازالت متعثرة ولم يبرح مشروع القانون مكانه حتى الآن تماماً مثل قيام المجلس التشريعي ، ومن الواضح إن إعلان جهاز المخابرات في الوسائط الإعلامية لشغل وظائف ضابط مرتين في ظل تعديل مهامه وإختصارها على جمع المعلومات وتحليلها وفق الوثيقة الدستورية لعله يثير نقاطاً تائهة تحتاج إلى تبيان .
الانتباهة