مسلك النجاح بين الاكاديمية والصناعة

by شوتايم2

 

 

 

 

اقيمت يوم الخميس، 8 يوليو 2021، محاضرة بعنوان “مسلك النجاح في بناء نماذج تعاون فّعالة بين الأكاديمية والصناعة”، بمركز البحوث والاستشارات والصناعية، ضمن أنشطة المركز التي تنضوي تحت استراتيجيته الحالية والتي تهدف إلى تقوية دور المركز كمحرّك ومنسق للتفاعل بين عناصر “اللولب الثلاثي” – الحكومة والصناعة والأكاديميا – من أجل رفد التنمية الصناعية بالسودان.

قدم المحاضرة، واختار موضوعها، بروف نمر عثمان محمد البشير، أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة تكساس إيه آند إم بقطر، ورئيس مجلس جامعة الإمام المهدي، ومستشار الغاز بشركة سودابت، وأستاذ مميز زائر بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ومدير مركز أبحاث الغاز والوقود بمحطة تكساس إيه آند إم للتجربة الهندسية. والأستاذ البشير من أفضل من يتحدثون عن موضوع المحاضرة إذ يتمتع بخبرة واسعة في الأوساط الأكاديمية والصناعية ما يجعله مؤهلا لنقل تجربته للآخرين للاستفادة منها، على المستويين الفردي (للباحثين) والمؤسسي، إذ تركز أبحاثه على تصميم المفاعلات المتقدمة والمحفزات وعمليات التحويل للغاز الطبيعي وثاني أكسيد الكربون كما أسس وقاد العديد من نماذج التعاون البحثي العالمية الفريدة بين الأوساط الأكاديمية والصناعة، وله العديد من المنشورات العلمية في مجلات محكّمة عالية الصيت ودور نشر علمية عالمية.

في محاضرته، استعرض بروف البشير عدة أوجه للعمل والتعاون بين الأكاديميا والصناعة، مشفوعة كلها بخبرته المباشرة في قيادة فرق البحوث التي أفادت شركات كبرى بمخرجاتها ودرّبت العديد من الطلبة الجامعيين على جسر العلاقة بين شغفهم البحثي واحتياجات القطاع الصناعي، كما تميّزت مخرجات تلك البحوث التي قادها ببراءات اختراع وجوائز محترمة في مجالاتها. وبين المحتوى الفنّي والاستراتيجي، والدروس العامة من طرق الربط بين مطامح الأكاديميا ومتطلبات الصناعة، حاول المحاضِر أن يربط بين تلك الدروس وبين آفاق ذلك الربط في السودان، إذ ذكر نموذجا لذلك عبر تجربة إنشاء المعهد القومي لتكنولوجيا السكر – الذي تم تدشينه مؤخرا واستضافته بجامعة الإمام المهدي – والتي كان المحاضِر ممن قادوها عبر دوره كرئيس لمجلس جامعة الإمام المهدي. أفاد بروف البشير الحضور بمعلومات مهمة عن المعهد وكيف أنه أنشئ عبر تعاون فعّال بين شركات السكّر (الصناعة) وعدد من جامعات السودان (الأكاديميا)، كما أشار في حديث إلى أن مركز البحوث والاستشارات الصناعية كان أحد الموقعين على وثيقة التعاون بين المعهد الناشئ والمؤسسات البحثية السودانية القديمة، مثل جامعة الخرطوم وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وجامعة الجزيرة.

بجانب حديثه أعلاه، قدّم المحاضِر طرحا ناقدا لأوضاع منظومة البحوث بالسودان حاليا، وهو طرحٌ بذله منذ فترة في الدوائر المعنية (صنّاع القرار وقيادات الأكاديميا في الدولة)، إذ أن المنظومة حاليا تتسم بالتكرار الكثير والتضخّم الكمي لمراكز البحوث بدون مردود علمي أو إنتاجي يبرر ذلك، كما أشار إلى أننا إذا قمنا بتطبيق المعايير المتواضع عليها عالميا لتقييم أداء مراكز البحوث لربما لم يستحق مسمى “مركز البحوث” إلا عدد بسيط جدا من بين القائمة الكبيرة التي لدينا الآن. وفي ذلك الصدد ذكّر بروف البشير الحضور بأهمية وجود رؤية واستراتيجية على المستوى الوطني/القُطري، توضع تشاركيّا، وتتبعها سياسات وتطبيقات جادة، من أجل النهوض ببيئة البحوث في السودان حتى تكون أثرى من حيث القدرات والموارد والمخرجات وأنفع للتنمية الشاملة عبر تلك المخرجات، فالشاهد والمعروف في عالمنا المعاصر أن البلدان التي لا تستثمر في البحوث وزيادة المعرفة لا تحقق تقدما ملموسا في مجالات التنمية.
وجاء حديث الأستاذ نمر هذا متسقا مع استراتيجية مركز البحوث والاستشارات الصناعية 20-22، التي أجيزت في نوفمبر 2020 ويجري العمل في تنفيذ الخطة المستلة منها، كما جاء متشابها مع ما تدفع به إدارة المركز كذلك، وبالتعاون مع صنّاع القرار المعنيين (مثل مجلس الوزراء ) لجمع منظمات البحوث والتكنولوجيا (التابعة للقطاع العام والمستقلة عن الجامعات) لكي تقوم بمراجعة شاملة لأوضاع هيكل البحوث والابتكار والسودان كما يتمثّل في تلك المنظمات، وتكون مراجعة تشاركية ومبنية على معطيات الواقع المحلي والدروس من تجارب البلدان الأخرى، لتخرج بأجندة وحلول واضحة ومسنودة.

أمّ المحاضرة جمعٌ كبير، من داخل المركز وخارجه، إذ بجانب باحثي المركز كان هنالك حضور من جامعات متعددة (أساتذة وطلبة) كما كان هنالك تفاعل كبير بين المحاضِر والحضور بعد إلقاء المحاضرة.

Leave a Comment

ستة عشر − خمسة =