الخـرطـوم وأنـقـرة.. هل تعيد زيارة حميدتي الثقة للعلاقات؟

by شوتايم4

أعلن النائب الاول لرئيس المجلس السيادي الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قبوله دعوة نائب الرئيس التركي فؤاد اوكتاي لزيارة تركيا في الفترة من (٢٧) الى (٢٩) من هذا الشهر.

وكان فؤاد اوكتاي نائب الرئيس التركي قد زار السودان في نوفمبر ٢٠١٨م مترأساً وفد بلاده لاعمال لجنة التعاون الاقتصادي المشتركة.وشارك من الجانب السوداني معتز موسى رئيس الوزراء حينها، ولم تخرج أعمال اللجنة بنتائج ملموسة خاصة في مجال التعاون الزراعي، حيث فشلت وزارة الزراعة الاتحادية في تخصيص ارض زراعية خالية من الموانع لقيام المشروع التجريبي. كما انهارت المفاوضات الفنية مع الجانب التركي لتنفيذ مطار الخرطوم الجديد على نظام (البوت)، بعد خلافات على قيمة التكلفة، مع استعداد الجانب الصيني لتمويل تنفيذ المطار بواسطة شركة صينية، كما دلت التجربة في اكثر من دولة إفريقية. واختارت حكومة معتز موسى تجميد مشروع المطار الجديد وتوسيع وإعادة تأهيل المطار القديم.

الحكومة الانتقالية وتجاهل تركيا

ساهمت التطورات الاقليمية خاصة القطيعة الخليجية مع قطر وتدخل انقرة لدعم الدوحة لكسر الحصار الخليجي، في تأخير استئناف العلاقات بين الخرطوم وأنقرة.

اذ تملك الخرطوم الخوف من تطوير العلاقات مع انقرة مما يغضب الدول الحليفة خاصة الإمارات والسعودية. لكن عودة العلاقات الخليجية الخليجية وتطبيع العلاقات مع قطر رفع من الحكومة الانتقالية الحرج والتفكير في استئناف العلاقات. وكانت اولى المؤشرات زيارة وزير الدفاع السوداني الى تركيا، ورغم انه لم ترشح معلومات عن الزيارة الا ان التحليلات تشير الى محاولة استعانة الخرطوم بالقدرات العسكرية التركية في اطار استعدادها لاحتواء التوترات مع جارتها إثيوبيا في اطار بروتكول التعاون العسكري المشترك.

هل تعيد زيارة حميدتي العلاقات إلى طبيعتها؟

من طبيعة الوفد المصاحب للنائب الاول لرئيس مجلس السيادة الذي يضم وزراء مجلس شؤون الوزراء و والبنى التحتية والزراعة، فإن الزيارة تهتم بالجانب التنفيذي اضافة لطبيعتها السياسية.

ان قيادة النائب الاول لرئيس مجلس السيادة الوفد الى انقرة يحمل اكثر من رسالة، وهي ان الدول الصديقة في المحور الإقليمي خاصة دول الخليج لا تعترض على اعادة الاهتمام بالعلاقات مجدداً، خاصة بعد ان تبددت مخاوفها من استخدام جزيرة سواكن كقاعدة بحرية بواسطة القوات التركية.

وتبدو زيارة حميدتي تمهيداً ضرورياً لزيارة الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة بعد قبوله دعوة اردوغان لزيارة تركيا.

لكن هل يملك حميدتي تفويضاً من رئيس الوزراء للدخول في اتفاقيات ملزمة وهو المسؤول الاول عن الجهاز التنفيذي؟

ومن الواضح ان حمدوك لا يهتم كثيراً بالعلاقة مع تركيا، وينصب جل تركيزه على الدول الغربية خاصة الولايات المتحدة وأوروبا في اطار مخرجات مؤتمر باريس.

لكن من الواضح ان زيارة حميدتي تتم بترتيب وتنسيق وموافقة من حمدوك صاحب التفويض التنفيذي، ولعل في وجود خالد سلك في عضوية الوفد اجابة عن هذا السؤال. اذ انه يمثل رئيس الوزراء في هذه الزيارة.

ويمثل التحدي الاول لنائب رئيس مجلس السيادة في هذه الزيارة اعادة اهتمام تركيا للاستثمار في القطاع الزراعي، خاصة بعد ان انفق الجانب التركي أموالًا طائلة في البحوث وفحص التربة والتخطيط، هذا اضافة لإحياء التعاون في مجالات التدريب وترقية التبادل التجاري وتسهيل المعاملات البنكية ومعالجة متأخرات الديون التركية خاصة في مجال البنيات التحتية مثل تشييد الكباري (المك نمر والدباسين) ومشروعات الصرف الصحي داخل ولاية الخرطوم، وكيفية جذب مزيد من استثمارات القطاع الخاص التركي للسودان.

أوكتاي أنموذج غير مشجع

يتذكر الرأي العام السوداني القضية التي فجرها عضو لجنة التفكيك صلاح مناع في وجه المكون العسكري، وهو انه من وجه بعدم القبض على رجل الأعمال التركي (اوكتاي) الذي يتمتع باستثمارات ضخمة في مجال مصانع الملابس والنسيج واغراض القوات النظامية.

وكان رد المجلس السيادي حينها ان التوجيه صدر عن المجلس السيادي وليس من الأفراد، مما اضطر أعضاء المكون المدني في المجلس للتبرؤ من هذا الإعلان.

لكن هل الأوضاع القانونية السائدة خاصة قرارات لجنة ازالة التمكين وما حدث لاستثمارات لجنة رجل الأعمال ( اوكتاي) يمكن ان تشجع القطاع الخاص التركي على الاستثمار مجدداً في السودان دون ضمانات كافية من السلطة السياسية؟

والسؤال الأهم هل يستطيع حميدتي أن يقدم ضمانات كافية للقطاع الخاص التركي للاستثمار دون معيقات؟

الإسلاميون في إطار الصورة

نشطت الحكومة الانتقالية من قبل في ملف اعادة بعض الإسلاميين لمحاكمتهم في السودان. وكان رد السفير المصري في الخرطوم حينها بأن وجود قوش في القاهرة تم بتفاهم مع السلطة في الخرطوم.

ثم تسرب في الصحافة ان وزارة الخارجية استدعت السفير التركي للسؤال عن طبيعة وجود الاسلاميين في تركيا، ولم يتسن للصحيفة معرفة ما دار بين الطرفين.

لكن افاد مصدر مطلع بان تركيا لا تقدم اي دعم سياسي أو مادي للسودانيين المنسوبين للنظام السابق الذين اختاروا تركيا مقراً للإقامة، وعلى رأسهم غازي صلاح الدين ومهدي ابراهيم ومدير المخابرات الأسبق محمد عطا والعباس شقيق الرئيس السابق عمر البشير ود. عصام البشير وغيرهم.

وقال إن تركيا ظلت ملاذاً لملايين اللاجئين من مختلف أنحاء العالم، وعلى رأسهم أفراد الشعب السوري في اطار الإقامة القانونية.

وقال امونيا ان هذه القضايا تحل في الإطار القانوني الذي يحكم نظم تبادل المتهمين في الدولتين. وتفضل معظم الدول تسليم المتهمين ممن صدرت ضدهم احكام قضائية نافذة في اطار اتفاقية ملزمة، ولا يتم التسليم لمجرد توجيه اتهامات تقتضي التحقيق في ظل نظام عدلي مشكوك في نزاهته.

واكد محللون ان وجود بعض الإسلاميين في تركيا لا يمثل عائقاً لتطوير العلاقات، واستشهد بأن الخلاف السياسي بين مصر وتركيا لم يؤثر في مستويات التبادل التجاري بين الدولتين، كما ان العلاقات التجارية بين تركيا واسرائيل رغم الخلافات السياسية مازالت مستمرة ومتطورة، اذ تعتبر تركيا الشريك التجاري الثامن لاسرائيل.

لكن العامل المؤثر في العلاقات بين السودان وتركيا لا يكمن في مجرد الرغبة المشتركة، ولكن في مواقف وقبول الدول الخليجية الراعية للفترة الانتقالية. ويبدو من المعطيات الراهنة ان ابو ظبي والرياض منحتا الخرطوم الضوء الأخضر للتقارب مع انقرة.

ومن المؤكد ان حميدتي وهو يحل ضيفاً على الدولة التركية يحمل تفويضاً كاملًا من رئيس المجلس السيادي ورئيس مجلس الوزراء، لإعادة الثقة والحيوية للعلاقات بين الخرطوم وأنقرة.

الانتباهة

Leave a Comment

تسعة عشر − 4 =