تهريب الذهب عبر المطار.. لمن تدق الأجراس؟

by شوتايم4

تحقق شرطة قسم الدرجة الاولى حول ملابسات بلاغ تقدم به مدير ادارة جمارك مطار الخرطوم العميد الفاتح حسن دهب، ضد مدير عام شركة بدر للطيران، وذلك على خلفية اتهامه لجمارك مطار الخرطوم ومنسوبيها بتهريب الذهب الى الخارج. وكان مدير شركة بدر قد وجه اتهاماً مباشراً لمنسوبي جمارك المطار بتهريب الذهب، الا ان الجمارك رفضت التهم المنسوبة اليها واتخذت اجراءات قانونية، واكدت مصادر ان اى شخص من منسوبي الجمارك ثبت تورطه او حامت حوله شبهة تهريب احيل للمحاكمة، وقالت الجمارك انها لا تتهاون فى مثل هذه الجرائم وانها تقابلها بالحسم القاطع.

(الإنتباهة) تحصلت على احصائيات دقيقة حول تهريب الذهب، حيث يتضح ان (99%) من الذهب يتم تهريبه عبر مطار الخرطوم الى دول بعينها محددة بات اقتصادها يعتمد بصورة شبه اساسية على الذهب الذى يتم تهريبه اليها من السودان. وكشفت تقارير احصائية تحصلت عليها (الإنتباهة) انه منذ يناير من العام الجارى وحتى الآن تمكنت قوات جمارك المطار من احباط تهريب اكثر من (33) كيلوجراماً من الذهب الخالص، واشارت تقارير تراكمية رصدت منذ السادس عشر من فبراير من عام 2018م وحتى السابع عشر من مايو 2021م، الى ضبط (88) كيلوجراماً و (132) جراماً من الذهب الخالص، تم احباط محاولات متكررة لتهريبها خارج البلاد.

واشارت ذات التقارير الى ان العامين الاخيرين (2020 ــ 2021م) شهدا اربع ضبطيات لشركة الطيران المذكورة، واشارت التقارير الواردة الى انه خلال هذين العامين تم ضبط (49) كيلوجراماً و (254) جراماً من الذهب تم احباط تهريبها عبر طائرات تتبع لتلك الشركة وكانت فى طريقها الى دبي، وفصلت التقارير الواردة الضبطيات بالتاريخ، حيث ضبط بتاريخ الحادى عشر من فبراير 2020م (3) سبائك ذهب زنة (8179) جراماً ضبطت فى حقيبة داخل الطائرة، كما تم ضبط (3) سبائك اخرى زنة (7322) جراماً بتاريخ الثلاثين من ديسمبر 2020م وكانت داخل حقيبة اسفل احد المقاعد بالطائرة، وفى تاريخ السابع عشر من فبراير 2021م تم ضبط (6) سبائك ذهب كانت اسفل احد المقاعد داخل الطائرة، وكانت آخر تلك الضبطيات بتاريخ الحادي عشر من مايو حيث ضبطت (5) سبائك ذهب داخل سترة نجاة اسفل احد المقاعد داخل الطائرة، تم اكتشافها بواسطة احد طاقم الطائرة الاوكرانية المستأجرة.

وحسب التحريات فإن عدداً من الضبطيات التى ضبطت اسفل مقاعد الطائرة تكون دائماً المقاعد التى ضبطت اسفلها غير مقطوعة التذاكر، مما يشير الى وجود ارتباط وثيق واتفاق جنائي يقود الى عملية التهريب.

وفى ذات السياق طالب خبراء بضرورة فتح تحقيق واسع للتوصل الى المتورطين فى تهريب الذهب وتحديد مسؤوليات جميع الاطراف والكيفية التى يتسلل بها الذهب الى داخل تلك الطائرات.

وفى الحادثة الاخيرة كشف الفنى التابع للطائرة وهو اجنبي الجنسية اثناء التحرى معه، انه قام باجراء تفتيش لطائرته قبل دخول الركاب كاجراء احترازى متبع مستخدماً جهازاً يدوياً يساعد فى اكتشاف الاجسام الغريبة، واثناء التفتيش اطلق الجهاز صافرة انذار، ليقوم الفنى الاجنبي باستدعاء مضيف سودانى، وقاما سوياً بالامساك بالجسم الملفوف داخل الاكياس بحذر وفتحه، حيث تفاجآ بانه سبائك ذهبية، وتم ابلاغ قوة الجمارك وامن المطار الذين كانوا موجودين ارضاً اسفل الطائرة، وتم اتخاذ الاجراءات. وبحسبما نقلت مصادر فإن الذهب تم اكتشافه قبل اعطاء الإذن للركاب بالصعود للطائرة، واشارت المعلومات الى ان المقعد الذي وجد اسفله الذهب لم يكن محجوزاً لاى شخص ولم يتم قطع تذكرة برقمه نهائياً, ولفتت المصادر انه لولا الطاقم الاجنبي لكانت الطائرة قد غادرت المطار دون اكتشاف شحنة الذهب.

واشارت المصادر الى ان وقوف الطائرات قرب (الهناقر) الخاصة بالشركات يعتبر احدى اكبر الثغرات التى تستغل فى عمليات تهريب الذهب، اضف الى ذلك ان هنالك استثناءات لبعض سيارات شركات يسمح لها بالدخول الى التارمك بصورة تمكن من زيادة فرص التهريب. واضافت مصادر ان وقوف الطائرات قرب الهناقر الخاصة بشركاتها قد يقود الى ذريعة للدخول الى متن الطائرة بحجة انفاذ اعمال صيانة او نظافة، ومن ثم يوضع الذهب فى المكان المخصص بالطائرة، وبعدها يتم اعلان الركاب بالصعود الى الطائرة، واشارت المصادر الى ان منطقة الهناقر بعيدة عن رقابة السلطات، كما انها غير مغطاة بكاميرات مراقبة، علماً بانه غير مسموح بفتح الطائرة او وضع اى شيء بداخلها، واضافت المصادر انه احياناً يتم تهريب الذهب عبر الطعام الى داخل الطائرة، كما ان هنالك رصداً لبعض حالات التهريب الطفيفة عبر القوات النظامية وامن الطيران او عبر عمال المناولة الارضية الا انها انحسرت أخيراً.

وكشف المدير العام الاسبق للجمارك الخبير الجمركى الفريق صلاح الدين احمد الشيخ، قائلاً: (ان الجمارك جهاز منوط به مكافحة التهريب، ومن غير المنطقى اتهامها بالتهريب، وهو امر يحمل الكثير من التجنى على هذه المؤسسة التى تحفل سجلاتها بالضبطيات المهولة)، واوضح الفريق صلاح انه من المفترض ان تكون شركات الطيران اكثر اهتماماً بمنظومتها الامنية، خاصة ان ضبطيات الذهب التى يتم ضبطها كان بالامكان ان يوضع بدلاً منها نصف كيلو من القنابل، وهى كافية بتفجير الطائرة وقتل العشرات من الابرياء، ووصف صلاح تهريب الذهب عبر الطائرات بانه يعتبر اختراقاً خطيراً للمنظومات الامنية بالطائرات مما يستوجب الوقوف عنده، واضاف صلاح انه من الصعب لفرد عادى ان يهرب كل تلك الكميات، فربما هنالك جهات او نافذون متورطون فى عمليات التهريب تلك، اذ انه لا يستطيع شخص عادى تهريب كل هذه الكميات ما لم تكن لديه حماية قانونية تمكنه من التهريب، وقال: (اضف الى ذلك ان مطار الخرطوم به عدة ثغرات يمكن استغلالها فى عمليات التهريب، وهو غير مطابق لمواصفات المطارات العالمية، ولا ننسى عمال الطيران الذين قتلوا بسبب تهريب الذهب، مما يشير الى انها ليست الحادثة الوحيدة وان هنالك حوادث مماثلة لم يتم اكتشافها، خاصة ان نسبة المضبوط دائماً لا يتجاوز (10%) فى احسن الدول).

وكشف الفريق صلاح ان هنالك سفريات مشبوهة تكون رحلاتها عند منتصف الليل او الساعات الاولى من الصباح، وهو ما يشجع عمليات التهريب، قائلاً: (فاذا نظرنا للمطارات العالمية مثلاً مطار هيثرو، نجد انه يتم ايقاف كامل للطيران عقب الثانية عشر ليلاً، حفاظاً على المدن من التلوث الصوتى ووقف عمليات التهريب، وغيرها من الاسباب التى يجب مراعاتها من قبل سلطة الطيران المدنى)، مطالباً بضرورة تنظيم جداول الرحلات، بجانب مراجعة العاملين بالمطار ومراجعة بطاقات الدخول والتفتيش الدوري خلال اليوم.

الانتباهة

Leave a Comment

خمسة × اثنان =