الجنرال حسن فضل المولي يكتب في ذكري البروفسور عبدالرحيم السيد كرار

by شوتايم2

 

 

 

 

الجنرال حسن فضل المولي يكتب في ذكري البروفسور عبدالرحيم السيد كرار

أرسلت إليَّ المستشار القانوني
( نهى جعفر ) ، و التي عملت معي
( بقناة النيل الأزرق ) ، هذه الصورة ،
التي تجمعنا في إحدى المناسبات
السعيدة ..
و هي من حيث لا تدري ، فقد
نفحتني بذكرى ( رجل ) سَمْحٍ ،
لم يبرح بالي و لم يُغادر خيالي ..
إنه الراحل العالِم الموقر البروفيسور ( عبدالرحيم السيد كرار ” بُرعي” ) ،
أستاذ ( الطب البيطري ) و ( علم
الفيروسات ) في ( جامعة الخرطوم ) ..

و عندما أذكره ، تنهمر عليَّ سحائبٌ
من السمو و اللطف و الأريحية
و البشاشة و السلاسة و الكياسة ..
فما وجدته في مكان إلا و انجذبت
إليه ، و سعدت بمجالسته التي
تُنْعِشُك و تُبهجك و تعلو بك في
مراقي الراحة و الاطمئنان ..
و الذي يسِمُهُ أنه لا يلقاك إلا و هو
حفيٌّ بك ، و يُطربك بثنائه عليك
و مدحه لك ، و التغني بما يخلعه
عليك من صفاتٍ و مناقُبَ يُغَلِّفُها
بعباراتٍ أنيقةٍ مسجوعةٍ مُرتجلة ..
مرة صحبته إلى الأستديو ، و عندما
اقترب من المذيعة التفت إليَّ قائلاً :
( حسن جِيد لينا
بالمذيعة الزينة
الخاتية الشينة
الماها إضينة ) ..
و هكذا ..

و لا أزال أذكر يوم أن كنا نُشَاطِرُ
الأخ ( محمد عكاشة ) أحزانَه في
وفاة و الدته ، و كيف تَحَلَّقْنا حوله
في ( صيوان العزاء ) ، بحضور دكتور
( عمر محمود خالد ) ، فَهَفَت إليه
القلوب و أصغت الآذان ، و تمنينا
أن لا يُغادر المكان ، و قال فيما
قال ، موجهاً حديثه لدكتور ( عمر )،
و هو يفتي في بعض الأمراض :
( إن أقبح مرض يصيب الإنسان ،
ذلك الذي يصيبه في “هذا الموضع”) ،
و ذكره بلا تحفظ ، إذ لا حياء في
( الطب ) ، فقلت له :
( خَفِف علينا شوية يابروف ) ..

و بحكم تخصصه فقد درجنا على
استضافته في ( عيد الأضحية )
فيسرح بنا و يمرح في ( الخروف ) ،
كيف نختاره ، و من أي مكان نجِسُهُ ،
و ماذا نأكل من أطايبه ، و ماذا ندع
مما لا يطيب ، و يُزاوج في حديثه
بين خلاصات تجربته العلمية
و العملية و الحياتية ، و يُراوح بين
الجد و الهَزَل ، و هو هزَلٌ مُسْتَلذٌ
مُسْتَحَبٌ طاعمٌ ..

و هو طيب ( الأرومة ) ، إذ أنه من
منبت طيبٍ ، و انتسب إلى بيت
رفعة و منعة ، باقترانه ( بجلاء
إسماعيل الأزهري ) ، و التي
أنجب منها إبنه الوحيد( لؤي ) ..
و هذا ماتلمسه و أنت تخالطه ،
من حبه للناس و القيام على
خدمتهم و حراسة مصالحهم ،
و من ذلك أنه عمِل ضمن
مجموعات الجهدالشعبي لتطوير
مدينة ( أم درمان ) ، و ترأس
( مجلس إدارة مستشفى أم درمان
التعليمي ) ، و الذي كان لي شرف
عضويته ، منذ أن تولاه الرجل
الهُمام الراحل ( أمير عبدالله خليل ) ..

و كان يوماً حزيناً بالنسبة لي ،
و نحن نُودِعُه ( الثرى ) بمقابر
( البكري ) ، يوم الجمعة ١٢ مارس ٢٠٢١ ، بعدأن وجدت ( الكورونا )
طريقها إليه ، و أنشبت ( أظفارها )
في جسده ..
( كان صديقاً عزيزاً ، قبل أن يكون
“عديلي” ، و بفقده فقدنا رُمانة
الأسرة و مصدر بهجتها و أيقونة
فرحها و مسرتها ، و يُعد الفقيد
“برعي” من ظرفاء أم درمان
و بفقده فقدت المدينة فاكهة
مجالسها ) ..
هذا ما قاله لي ( عديلُهُ ) الدكتور ( الفاتح حمدتو ) ، و الذي بكاه
بمرثيةٍ موجعةٍ جاءت بعنوان ..
( فَرَقْتَ معانا ) ..

الليلة بَوادْعَك بطريقتَك
زي سَجْعَك دايماً بغُنانا ..
زي ما بِتْرَكِّبْ كلماتك
وتْرُصْ القافية الطربانة ..
بس بالتأكيد الليلة حزين
بختار النغمة الحزنانة ..
ابكيكَ عديل .. يا أغلى عديل
كتير والله فَرَقْتَ معانا ..

كيف تاني نقالِد قفشاتَك
في وسِطنا تقولا وتتحكّر ..
تستلم المجلس بصفاتَك
بي عِلمك وأدبَك في المِنبر ..
خلّيتنا وراك نحنا يتامى
نجترَّ الماضي ونِتذكّر ..
يا حليل دكتورنا وهِندامو
الزانو دوام حُسن المظهر ..

يا برعي تعال شوف طلّابك
راجين اطلالتَك في القاعة ..
سمعو الأخبار المجنونة
ما صدّقو بس قالو إشاعة ..
دايرين بي عِلْمَك تحميهم
من غدْر الدنيا الخدّاعة ..
لكن يا حليلك فارقتَ
ودّعتَ نفوسنا المُلتاعة ..

جيناك الجمعة المبروكة
ومعانا (لؤي) من برّه وصلْ ..
ما قدرنا نسارع في الشارع
ولقينا خلاص أمر الله حصلْ ..
أرقد بسلام .. نلقاك قِدَّام
لي كل إنسان في الدنيا أجَلْ ..
مكتوب يا برعي يتم اليوم
لا مِنّو رجوع لا ليهو بَدَلْ ..

اللهم ارحم عبدك ( برعي ) ،
و اغفر له ، و آنس وحشته ، و وسع
قبره ، اللهم اجعل عيده في الجنة أجمل ، اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة ، ولا تجعله حفرةً من
حفر النّار ، اللهم ارحمه رحمةً تسع السماوات والارض ، اللهم اجعل
قبره في نور دائم لا ينقطع ، واجعله
في جنتك آمنًا مطمئنًا يارب العالمين ..
آمين ..

والسلام ..
حسن فضل المولى ..
الأثنين ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٣ ..

Leave a Comment

1 + 8 =