بيت الشورة
عمر الكردفاني
ما خاب من استخار والباشا توهج ولم يحترق واشعل شمعة بدلا من لعن الظلام
قبل أن يوافق على التكليف وزيرا للداخلية طلب اللواء م (فريق في الخدمة حسب قرار المحكمة العليا) خليل باشا سايرين من المجلس السيادي مهلة للاستخارة وهي اول مرة تحدث تقريبا في عصرنا هذا أن يستخير انسان قبيل قبوله وزارة سيادية بهذا الحجم ، المهم في الأمر وهو بيت القصيد
وقد كتبت إحدى الزميلات الفضليات أن السيد الوزير بقبوله للمنصب قد لوث تاريخه الناصع كما تعرفه هي عن كثب.
الا إنني لم اتعمد الرد على الزميلة المحترمة التي هاجمت الرجل وهي تقدم بين يدي هجومها أنها تعرفه منذ وقت بعيد وهو أمر مستغرب فمن يعرف الاخ الوزير خليل باشا لا يمكن أن يصفه بالضعف أو الخور أو التهافت على منصب ،فالرجل الذي بقي بمنزله بالحاج يوسف إلى أن تم تكليفه بالوزارة لم يبقى حبا في البهدلة ولكن لأنه اولا موقن أنه لن يصيبه الا ما كتب الله له والأمر الآخر والله اعلم لم يكن يملك رفاهية أن يخرج من الحاج يوسف إلى أقرب مدينة ايجار الغرفة فيها باثنين مليار وانا متأكد أنه لو طلب من أي جهة من الجهات التي عمل أو يعمل بها أن تستأجر له فيلا لكان له ما أراد ولكن لعفة نفسه وانفته لم يسعى إلى ذلك وكله أمل أن تتوقف الحرب وتعود الحاج يوسف سيرتها الاولى فيقود سيارته العتيقة إلى وزارة المالية ومكتبه الضخم الخالي من اسباب الرفاهية ثم إلى وزارة التجارة لعقد مؤتمر اسفيري مع كبار مستشاري منظمة التجارة العالمية ومن ثم إلى أم بدة السبيل لزيارة أقارب أو تقديم واجب فرح أو عزاء ثم العودة مرة أخرى إلى منزله المتواضع بالحاج يوسف.
لقد قبل خليل بالوزارة اولا لانه استخار ورأى الخير فيما اختاره الله وثانيا كما أسلفت الزميلة المحترمة أنه لاقى الأمرين في عهد الإنقاذ بل وحتى في عهد البرهان لا لشئ سوى لانه انسان نظيف الوجه واليد اواللسان بعيد كل البعد عن ألاعيب السياسة إلا أنه عسكري منضبط واداري محنك ،هل تدري الزميلة العزيزة وهذا سر أقوله لأول مرة والله على ما اقول شهيد أن بعض زملاء الرجل في قوات الجمارك يصفونه بصفة (ملاك في شكل إنسان ) لانه لم ولا يبدر منه إلا القول المهذب والبشاشة المبذولة والاحترام والتقدير للكبير والصغير الرفيع والوضيع .
وانا وضعت رتبة الفريق بين قوسين في صدر المقال لأن الرجل عندما تمت إقالته ظلما من قوات الجمارك لم يبك على اللبن المسكوب ولم يملأ الدنيا ضجيجا ولم يسمح لنا عارفي فضله أن نكتب في الصحف بل مضى في هدوء إلى القضاء السوداني وقاتل لمدة أربعة سنوات عجاف حتى نال ما يستحق من إعادة إلى الخدمة وهي اول مرة أن تنتصر محكمة على رأس الدولة ولكن وزارة الداخلية التي يتسنم مقعدها الآن استأنفت القرار فعاد وكابد حتى نال قرارا من المحكمة العليا بإعادته إلى الخدمة وترقيته مع زملائه إلى رتبة الفريق .ولكن وزارة الداخلية رفضت تنفيذ القرار .ولو أشار فقط بيده لكان الإعلام قد قال في مؤسسات عريقة كالداخلية والجمارك ما لم يقل مالك في الخمر إلا أن الرجل ولتهذيبه وصدق انتمائه لم يستغل اي سر من اسرار المؤسسة التي عمل بها لصالح قضيته بل والله كان يحثني شخصيا أن ادافع عن قوات الجمارك في كافة المنابر .
رجل كهذا ايتها الزميلة المحترمة ممن يقال في حقهم أنه اشعل شمعة بدلا من لعن الظلام ومن حقه علينا ما دمنا نعرف خلقه وأخلاقه أن ندعمه فيما يقوم به من أجل أن تنار بلادنا بالشموع بدلا من لعن الظلام خاصة وأن هنالك آلاف المظالم تحت يده الآن فدعونا نعمل معه حتى يزيل مظالم عشرات الآلاف من الأسر السودانية بدلا من يخلي المقعد لطالب سلطة يجلس على الكرسي فقط لخدمة نفسه ومنسوبيه.
ثم ماذا بعد ؟
الزميلة كاتبة المقال اعرفها جيدا وهي ليست ممن يكتبون من أجل الابتزاز والا لكنت تركت الأمر للزمن ولكنها إنسانة شجاعة كما أنها تعرف سعادة الوزير جيدا لذا فمن حقه عليها اولا أن تعرف ظروف وطريقة قبوله بالمنصب بدلا من الهجوم عليه وفي ظني أنه هجوم من أجل المصلحة العامة وتحذيرا للرجل مما أسمته مستنقعا ولكن مثل خليل لا خوف عليه فما من مستنقع يوقفه من فعل الخير وتحري الحلال والسعي إلى العدالة ،فمن قاتل لوحده ستة أعوام من أجل حقه وهو (أعزل معزول) يمكنه أن يلقي صخورا في برك العدالة التي تحتاج إلى مثله صلابة وقوة شكيمة من أجل العدالة لعموم منسوبي الشرطة من المظاليم.