حسمت السلطات السودانية الجدل حول مشروع وادي الهواد الزراعي في السودان لصالح الحكومة الإماراتية، عقب تنازع مع دول خليجية أخرى؛ حيث وافق مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبدالفتاح البرهان، مبدئيا، على منح المشروع الواقع في ولاية نهر النيل للحكومة الإماراتية. وتبلغ مساحة المشروع نحو 2.4 مليون فدان، سيخصص منها جزء للشباب السوداني.
وكشف مصدر مطلع في جهاز الاستثمار لـ”العربي الجديد” أن مجموعة “الظاهرة الزراعية القابضة” الإماراتية، سوف تستثمر مليار دولار في المرحلة الأولى لمشروع وادي الهواد، على أن تصل التكلفة إلى 10 مليارات دولار في المراحل المقبلة.
وقالت صحف سودانية، إن اللجنة الفنية التي كوّنها البرهان منذ نحو عام، لإجراء دراسة الجوانب الفنية لقيام المشروع، رفعت تقريرها إلى مجلس السيادة الانتقالي، وسلّمت نسخة أخرى منه إلى مجلس الوزراء، لبدء الملاحظات حوله، ومن ثم عقد المجلسين اجتماعا لإجازة التقرير بالصورة النهائية، وبالتالي منح مشروع وادي الهواد إلى دولة الإمارات.
وقال وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، مؤخرا، إن الحكومة مهتمة بدعم مشروع الهواد للتنمية المتكاملة.
وأكد الوزير دعم الحكومة وإسنادها لخطط المشروع التي تشمل برنامج تطوير النظم الزراعية، بموجب الاتفاقية الموقّعة مع جامعة كاليفورنيا، وبرنامج تقنين وحوكمة أراضي أصحاب الحقوق التاريخية، بتمويل من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية “إيفاد”.
وأوضح التزام شركة الهواد القابضة الدولية فور قيامها بتخصيص أسهم لملاك الأراضي، بهدف استيعابهم في استثمارات المشروع بطريقة منصفة.
وادي الهواد يعتبر من أكبر الوديان التي تشق سهل البطانة من الشرق إلى الغرب، وينتهي مصبه عند نهر النيل بالقرب من كبوشية، وتمثل أراضيه قيمة اقتصادية عالية الخصوبة لممارسة الزراعة، خاصة محصول الذرة.
ويعول السودان في أعلى مستوياته السيادية كثيرا على هذا المشروع الاستراتيجي لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تم وضع هذا المشروع على رأس قائمة المشاريع التي تم طرحها في مؤتمر باريس في مايو/أيار 2021.
ويمثل المشروع إضافة حقيقية لمنظومة المشروعات القائمة والمخطط لها، خاصة أن الرؤية التي يقوم عليها المشروع والبرامج التي يستهدفها تنسجم تماماً مع الأهداف السبعة عشر للتنمية المستدامة التي تبنتها الأمم المتحدة حتى عام 2030.
ويعد مشروع وادي الهواد نموذجا جديدا في البلاد لمعالجة إشكالات التنمية المتكاملة والاستثمار الزراعي، ويمكن تطبيقه في مناطق أخرى بالبلاد، حسب مراقبين.
وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي السوداني بابكر التوم لـ”العربي الجديد” إن المشروع يشمل عددا من المحاور، من بينها تمكين الشباب وريادة الأعمال الزراعية، إذ يستهدف 50 ألف شاب وشابة من مختلف أنحاء السودان، عبر تخصيص 250 ألف فدان زراعي لهم في القطاعين الزراعي والحيواني والتصنيع والتدريب وصقل المهارات في الحقل، وكل ما يرتبط بهما من عمليات الري وتحضير الأرض والإنبات والتسميد ومكافحة الآفات والحصاد وإدارة الأعمال والتشغيل والتصنيع والتسويق.
وشدد التوم على أهمية الممارسة الحقلية والميدانية للمشروع الجديد، ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد القومي، إضافة إلى تطوير الثروة الحيوانية، حيث يغطى مساحات كبيرة، ويستهدف قيام ثاني أكبر مزرعة رعوية في العالم بعد أستراليا.
وكان محافظ المشروع محمد عطا المنان قال، في تصريح صحافي، إن المشروع يعد معبرا عملاقا للتنمية، ومن أكبر الأودية بولاية نهر النيل، حيث يطبق فيه مفهوم الشراكات الاستثمارية وسلاسل القيمة المتكاملة، ويشمل الزراعة والإنتاج الحيواني والصناعات تحويلية والتسويق. وأوضح المنان أن المرحلة الأولى لمشروع وادي الهواد تتضمن إطلاق برنامج تقنين أراضي أصحاب الحقوق التاريخية.
وادي الهواد يعتبر من أكبر الوديان التي تشق سهل البطانة من الشرق إلى الغرب، وينتهي مصبه عند نهر النيل بالقرب من كبوشية
في إبريل/نيسان من عام 2021، أعلنت وزارة الزراعة عن تأسيس بنيات تحتية متطورة في الري الانسيابي والمحوري ومحطات الطاقة الشمسية الكبرى، وقيام كتلة اقتصادية متطورة للإنتاج الزراعي والصناعات التحويلية.
وقالت الوزارة إن مشروع السودان القومي في منطقة الهواد أكبر من مشروع الجزيرة للري الانسيابي، مؤكدة أن امتداداته المستقبلية الشرقية حتى أطراف مشروعي الجنيد والرهد، بالإضافة إلى المشاريع القومية القائمة (الجزيرة، الجنيد، الرهد) ومشاريع سكر سنار وأبو نعامة والسوكي.
وأضافت: بدون احتساب سهول الزراعة الآلية المطرية بولاية القضارف، فإن تلك المشروعات مجتمعة تشكل معبرا قوميا عملاقا للتنمية يخترق ست ولايات: نهر النيل، الخرطوم، كسلا، القضارف، الجزيرة، سنار، بمساحة تتجاوز 12 مليون فدان.
وأكدت الوزارة أن قيام معبر الهواد للتنمية ينسجم مع رؤية قيام أحزمة التنمية الخمسة، إذ أن تطوير المنطقة يتواءم مع توصيف ما أطلق عليه حزام الأنهار.
وقالت إن “مفهوم مشروع الهواد للتنمية المتكاملة يستند إلى قيام معبر تنمية سوف يكون الأول من نوعه في بلادنا بتأسيس بنيات تحتية متطورة في الري الانسيابي والمحوري ومحطات الطاقة الشمسية الكبرى، وقيام كتلة اقتصادية متطورة للإنتاج الزراعي والصناعات التحويلية وانبثاق مراكز حضرية ومدن جديدة”.
العربي الجديد