هذا العمود تم نشره بصحيفة المستقلة مايو2018
فما أشبه الليلة بالبارحة!!!!!
بيت الشورة
عمر الكردفاني
فن ادارة الازمات
فن ادارة الازمات اصبح علما يدرس في الجامعات بعد ان كان مجرد خبرات تراكمية ,والانسان بطبعه كائن متكيف في احدى التعريفات التى تبدأ بانه كائن اجتماعي ,نحن في السودان لدينا مشكلة كبيرة قد ترقى الى مشكلة شعب ,,,الذي لا ينسى ولا يتذكر , الا ان مشكلتنا في السودان اعمق لانها تتعلق بمن يدير الازمة وليس كيف تدار ,والمعروف ان كل الدول تقوم بتصعيد عباقرتها الى الدرجات الاعلى في الادارة والعمل العام حتى تنعم بنظام متناسق يدير البلاد اولا ويجد الحلول لازماتها ثانيا ,نحن في السودان للاسف صعد على اكتاف الجميع انصاف المواهب على سلالم الطبقية والمحسوبية بصورة جعلت من ادارتنا العليا مجموعة من التنابلة لا يفقهون شيئا سوى البصم بالايجاب وهز الراس مع القليل من الريالة ,وجاءت فترة حكم المؤتمر الوطني لتكرس لكل ذلك بصورة اسوأ فصعد الى كل الادارات بلا استثناء اناس اقل ما يمكن وصفهم به انهم محدودي الذكاء وهذا هو اسم الدلع لكلمة الغباء,بل وصل الحد بالكثيرين الى تكسير مجاديف كل من يحاول العمل بذكاء لحل اي مشكلة وتكرست فكرة اننا شعب يعمل بجد ضد الناجح حتى يفشل في حين ان الدول المتقدمة تعمل بمبدأ الوقوف خلف الفاشل حتى ينجح لان نجاحه فلاح لامته ,واذا عدنا الى مصطلح ادارة الازمة فهو مبسط كنطقه اذ يبدأ الامر بالتعرف الى المشكلة او الازمة والاعتراف بها وهنا تكمن مشكلتنا الكبرى اذ دائما ما يبدأ امرنا بانكار وجود ازمة من اساسه فيظل المسؤول في خانة الانكار حتى تستفحل الازمة وتطيح بادارته بدلا من ان تطيح ادارته بالازمة والامر الاساسي هو ان ذات المسؤول اصلا يكون جاهلا بامر ادارته او مغيبا عنها ,هذا عن ازمة الادارة اما عن ادارة الازمة فهو امر قد لا نصل اليه قريبا مع هذا الجيش الجرار على رؤوس المؤسسات الحساسة حتى ان بعضهم كما شرح الاستاذ ضياء الدين بلال في احد اعمدته الرائعة كيف ان كل مدير مؤسسة يعمل جاهدا على ان يضع في موضع الرجل الثاني بادارته ضعاف الشخصية والذكاء حتى ينعدم البديل فيظل هو الى ان يقضي الله امرا كان مفعولا
ان الرؤيا الاستراتيجية للاشياء مهمة في كل مناحي الحياة والدول لا تبنى بسياسة رزق اليوم باليوم ابدا لكننا نصر على ذلك الى ان وصلنا الى ما نحن عليه الان مثالا للدولة الفاشلة رضي من رضي وابى من ابى
ثم ماذا بعد؟
نعم وصل الحال بالكثيرين الى ان الامر ميؤوس منه لكن ذلك ايضا جزء من المشكلة او اساسها فالوقوف في مربع اللا حل من شأنه تعميق المشكلة ولكن الاعتراف الان اننا في وضع مأزوم هو بداية الحل ولكن ليس كما يقترح البعض باعلان فشل الدولة او فرض حالة الطوارئ بل باعلان حالة تقشف كاملة تشمل كل المسؤولين بالدولة بايقاف استيراد السيارات الحديثة والصرف البذخي على الاجتماعات والمؤتمرات وخاصة الخارجية وتحويل كل بنود الصرف الى تشجيع الرزاعة والصادر منها خاصة والعناية بالثروة الحيوانية والغابية لاغراض الصادر ,بهذه الخطوات ربما نهضت هذه الدولة خلال موسم واحد ولكن بالمكابرة وانعدام الحس الامني والوطني سنظل في هذا المربع الى ابد الابدين والله اعلم