(1)
إذا أردت أن تعطي للعالم نموذجاً للحكم المدني والديمقراطي فان اول من يقف ضد هذا النموذج هي الدول ذات الطابع الدكتاتوري والشمولي والعسكري. فليس هناك خطر على تلك الحكومات اكثر من نجاح الحكم المدني الديمقراطي.
اما اذا كنت تقع جغرافياً في محيط الدول ذات الحكم الدكتاتوري والعسكري والشمولي فان نجاح الحكم المدني الديمقراطي سوف يكون مستحيلاً ان لم يكن هو المستحيل نفسه.
السودان يدفع الآن فواتير دول المحور الاقليمي على النطاق العربي والنطاق الافريقي. دول المحور الاقليمي تريد ان تقدم السودان نموذجاً للفشل والتمزق والحروب، حتى يقولوا عنه هذا جزاء كل من يفكر في حكومة مدنية وديمقراطية في المنطقة.
الثورات الشعبية في العالم كله تُحارب من الخارج وليس من الداخل، وقد قدمت الحكومات الشمولية نموذجاً للفشل ممثلاً في سوريا واليمن والعراق.
الوعي الشعبي في السودان يفترض ان يكون اكبر وأعظم من المخاطر التى تهدد البلاد حتى يتم التغلب عليها.
الرهان على الشعب السوداني ما زال قائماً – خاصة ان رصيد هذا الشعب من الخبرات في الثورات الشعبية كبير.
مع ان (ثروات) البلاد عظمية إلّا ان (ثوراتنا) اعظم.
علينا ان نعلم جميعاً ان (ثروتنا) الحقيقية في (ثورتنا).
قد تكون المصاعب كثيرة والمخاطر تحدق على البلاد من كل جانب ، لكن مع ذلك سوف يتحقق الخلاص.
النكسة الحقيقية والخطر الاكبر هو في ان نجهض ثورة ديسمبر المجيدة ونهزمها. الخسارة الوحيدة سوف تكون في التراجع، اما التقدم فهو سبيلنا الى الخلاص والعبور والانتصار.
البحث عن الفرج الاكبر يستوجب المزيد من المعاناة والضيق ، فلا تيأسوا مما تسطره لكم الاقدار.
(2)
ابحث عن المستفيد عن الاوضاع الحالية في السودان سوف تدرك من الذي يقف وراء تلك الاحداث؟
هناك دول كثيرة مستفيدة من الوضع (اللا دولة) الذي تمر به البلاد. وضع (اللا حكومة) هذا يستفيد منه الكثيرون بما في ذلك الحكومة نفسها.
نعم الحكومة نفسها مستفيدة من (اللا حكومة).
تفلتات امنية ونهب وسلب وتهريب وتمكين – كل هذه الاشياء لا يمكن ان تحدث في وجود الحكومة ، لذلك هم غيبوها عن قصد.
لقد عزلت حكومة الانقلاب رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وقامت باعتقاله لمدة تجاوزت الشهر ثم اجبرته على الاستقالة حتى تصل الى هذا الوضع المتمثل في (اللا حكومة).
قرابة الثمانية اشهر منذ انقلاب 25 يونيو والسلطة الحاكمة وقائد الانقلاب عاجز عن تعيين رئيس وزراء لحكومة الانقلاب.
تركوها هكذا – حكومة (سائبة) لتكون اموالها (سائبة).
جبريل ابراهيم ومبارك اردول ومناوي وعقار تركوا لهم الحبل على الغارب ، لا يستطيعون ان يسألوهم او يحاسبوهم وهم يلوحون بكرت (العنصرية).
حميدتي هو المستفيد الاول من هذا الوضع الذي يجعله يمسك بكل الملفات.
(3)
الكثير من دول المحور الاقليمي للسودان استفادت من الاوضاع التي يمر بها السودان من خلال الانتفاع بثروات البلاد التي تهرب لهم.
ذهب السودان حتى روسيا استفادت منه وأصبح ملاذاً لها في ازمتها الاقتصادية تسيّر به ميزانية الحرب.
ثروات السودانيين في دول المحور (العربي) تمد اقتصاد تلك الدول بأكبر دخل من العملات الصعبة.
تلك الدول لم تعمل لإجهاض (الثورة) السودانية فقط خشية من ان يقدم السودان للعالم نموذجاً مشرفاً للثورات… تلك الدول استفادت بصورة مباشرة من (الثروة) السودانية التى يمكن ان تصلها عن طريق (التهريب) او عن طريق (الاستثمار).
السودان الطارد بحكومته الانقلابية تلك لم يكتف بطرد المستثمرين الاجانب فقط وإنما قاموا ايضاً بطرد المستثمرين الوطنيين.
لهذا نقول ان فوائد دول المحور الاقليمي من الاوضاع الحالية في السودان كبيرة.
الانتباهة
لذلك علينا اولاً ان نتغلب على تلك القوة الدولية الخطيرة اذا اردنا النجاح لثورة ديسمبر المجيدة.
(4)
بغم /
ابحثوا عن الذين اغتنوا وعلوا في ظل هذه الاوضاع التى يحدث فيها كل ذلك الانهيار.
حميدتي يتحدث عن الفشل والمعاناة في الوقت الذي يحقق فيه النجاح على المستوى الشخصي.
هذا الفشل والإخفاق انتم المستفيدون منه – لذلك من مصلحتكم ان يستمر.
وكل الطرق تؤدي الى (المدنية).