يبدو أن محاولات الإقناع تمضي على قدم وساق بشأن إجلاس المجلس المركزي للحرية والتغيير مع المكون العسكري من قبل وساطة سعودية أمريكية، بدأت الخميس بلقاء غير رسمي دعت اليه طرفي الوساطة التي تأتي تحت مظلة الآلية الثلاثية المشتركة بين الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والايقاد. فقد كشفت مصادر لـ (الشرق) عن اجتماعين منفصلين سيعقدهما تحالف الحرية والتغيير (اللجنة المركزية) مع المكون العسكري والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد، لطرح رؤية التحالف على الآلية في ما يتعلق بترتيبات دستورية جديدة ووضع برنامج لإنهاء الأزمة. فيما يهدف الاجتماع للخروج من حالة الانقلاب، بالإضافة لبحث موقف التحالف من الاجتماعات المباشرة التي تُيسرها الآلية الثلاثية، مما يطرح تساؤلات حول مستجدات الخطوة عقب تشديد قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي على عدم خوض اي حوار لا ينهي الانقلاب ويبعد العسكر عن السلطة؟
نقد
انتقادات لاذعة واجهت قوى الحرية والتغيير عقب لقائها مع العسكر، ليس من قبل تجمع المهنيين ولجان المقاومة فحسب، وإنما من داخل المكون نفسه، في وقت أشارت فيه أصابع الاتهام من قبل كثيرين لها، وذلك لرغبتها في الجلوس مما جعلها تدفع بقيادات متقاربة مع العسكر. وقال حزب البعث العربي الاشتراكي في بيان صادر عنه إن اللقاء الذى تم مع المكون العسكري دون التشاور مع الأطراف المقترحة للجبهة الشعبية الواسعة.
واستنكرت لجان المقاومة اللقاء وأكدت عدم رغبة الحرية والتغيير في الوقوف مع مطالب الشارع، فيما أعلن تجمع المهنيين رفضه أي حوار مباشر او غير مباشر.
واتهم في ذات الأثناء حزب البعث العربي الاشتراكي المكون العسكري بمحاولة شق صف قوى الثورة مجتمعة، داعياً إلى ضرورة التوصل إلى حل، مؤكداً في الوقت نفسه ان هذا ما ظل يسعى له قائد الانقلاب ومن هم وراء محاولات اضعاف قوى الحرية والتغيير، بإشاعة أجواء عدم الثقة بين قوى الانتفاضة والتغيير على حد تعبير البيان.
موجة الشارع
وعقب لقاء رسمي جمع المكون العسكري مع الحرية والتغيير بدعوة سعودية أمريكية، سارع المجلس لتوضيح أسباب اللقاء ومن ثم عقد مؤتمر صحفي أوضح فيه تفاصيل ما جرى، مشدداً على رفض حوار السلام روتانا الذي يقود إلى شرعنة الانقلاب، قبل أن تخرج السفارة السعودية ببيان وكذا مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية (مولي في) بتصريح اكدا خلاله موافقة الأطراف على إنهاء الأزمة السياسية بالبلاد، مما خلف علامات استفهامات واسعة. وذهب كثيرون إلى أن اختيار قوى التغيير كل من ياسر عرمان والواثق البرير وطه عثمان، ممثلين لها للقاء المكون العسكري له دلالات محددة تشير الى سير التفاوض في منحى الموافقة، لجهة ان هذه القيادات ذات تقارب مع المكون العسكري.
وبحسب المحلل السياسي نصر الدين بابكر لـ (الانتباهة) فان الدعوة السعودية الأمريكية نجحت في إحداث حالة تقارب بعد أن فشل فولكر وود لبات في جمع الطرفين. ويذهب بابكر إلى أن جميع المؤشرات تؤكد رغبة الحرية والتغيير في التوصل إلى حل، وذكر القيادي خالد عمر يوسف خلال تصريحات له ضرورة الجلوس مع العسكر والحوار مما يؤكد عزمها على ذلك غير أن موجة الشارع عالية.
دماء ودمار
وفي يوم الخميس الماضي التأم لقاء غير رسمي جمع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي والمكون العسكري، بمنزل السفير السعودي بالخرطوم، بدعوة من مساعد وزير الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية (مولي في) في اطار مشاورات الحاقها بالحوار المباشر.
وفيما انتقدت قوى الثورة اللقاء وعدته انحرافاً عن مطالب الشارع عقب انقلاب ٢٥ أكتوبر، استنكرت في المقابل قوى سياسية أخرى رفض الحرية والتغيير الجلوس مع العسكر لإنهاء الأزمة.
ويرى بدوره المحلل السياسي محجوب محمد ضرورة تحكيم العقل وجلوس كل الاطراف مع بعضها لحل الازمة وتقديم تنازلات. وأكد خلال حديثه لـ (الانتباهة) انه في ظل هذا التعنت كل الاطراف خاسرة، وقال: (العسكر قدم تنازلات وهيأ المناخ ولا بد لقوى التغيير من الجلوس والاتفاق على صيغة مرضية، وفي ظل هذا التنازع لن يكون هناك سوى المزيد من الدماء والدمار).
الخروج من الانقلاب
وابلغت مصادر لـ (الشرق) أمس السبت، إن اجتماعين منفصلين سيعقدهما تحالف الحرية والتغيير (اللجنة المركزية) مع المكون العسكري والآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والإيقاد، لطرح رؤية التحالف على الآلية في ما يتعلق بترتيبات دستورية جديدة ووضع برنامج لإنهاء الأزمة. وأضافت أن هدف الاجتماع الخروج من حالة الانقلاب، بالإضافة لبحث موقف التحالف من الاجتماعات المباشرة التي تُيسرها الآلية الثلاثية.
وكانت مصادر متطابقة قد أكدت لـ (الشرق) أن اجتماعاً منفصلاً يضم ممثلين من المكون العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير من المتوقع أن يُعقد بغرض حل الأزمة السياسية، فيما أوضحت أن الاجتماع سيعكف على إعداد وتسليم خطة عمل لإنهاء الأزمة بين الطرفين وإيقاف تنفيذ القرارات المتعلقة بإعادة عناصر من النظام السابق للخدمة العامة وغيرها من الملفات.
الانتباهة
اشتراطات
وظلت قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ترفع شعار اللآلات الثلاثة (لاشراك، لا تفاوض، لا شرعية) مع العسكر، في وقت باءت فيه كل المبادرات بالفشل، ومع انطلاق مشاورات فولكر للحل سلمت رؤيتها الكاملة الرافضة لشرعنة الانقلاب التي تتمثل في انهائه والتأسيس لوضع دستوري ذي مشروعية شعبية، على أن يكون هدف العملية السياسية هو تأسيس سلطة مدنية كاملة تختارها قوى الثورة والتغيير وفقاً لترتيبات دستورية جديدة تنأى بالمؤسسة العسكرية عن الحكم وتقر إصلاحات جوهرية تضمن التحول الديمقراطي المدني. وفيما رحبت قوى الحرية والتغيير بمبادرة الأمم المتحدة دفعت بمطلوبات منها تهيئة المناخ السياسي واطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإنهاء حالة الطوارئ خطوة استباقية قبل البدء في اية عملية حوار.