في قضية القرض الهندي لإنشاء مصنع سكر مشكور تبرئة الجاز..التفاصيل الكاملة ..!!

by شوتايم3

وسط إجراءات أمنية مشددة أصدرت المحكمة أمس قراراً تبرئة وزير الصناعة الأسبق بالعهد المباد د.عوض أحمد الجاز ، ومدير عام شركة سكر مشكور د.محمد عبدالعاطي ، من خيانة الأمانة وتبديد مبلغ (150) مليون دولار أمريكي عبارة عن قرض هندي لإنشاء مصنع سكر مشكور في عام 2007م .
وأمرت المحكمة الخاصة المنعقدة بمحكمة مخالفات الأراضي بالديم شرق العاصمة برئاسة قاضي الاستئناف عبدالمنعم عبداللطيف أحمد ،بإطلاق سراح (الجاز ) و(عبدالعاطى) فوراً ما لم يكونا مطلوبين على ذمة بلاغات أخرى ، وذلك لعدم تقديم الإتهام بينات ترقي لإدانتهم على ذمة الدعوى الجنائية .
كما أمرت المحكمة تبرئة المتهمين من مخالفة نصوص المواد (22) الإتفاق الجنائي ، و(177/2) خيانة الأمانة للموظف العام وذلك من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م ، بجانب تبرئتهما من مخالفة نص المادة (14/29) من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2007م ، بالإضافة إلى تبرئتهما من نص المادة (22) من لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية لسنة 2011م .
في ذات الوقت تركت المحكمة باب (الإتهام ) مؤارباً أمام النيابة العامة للقبض على المتهم الهارب والأساسي في الدعوى وزير المالية في العهد المباد ورئيس مجلس إدارة شركة طيبة د.عبدالحليم المتعافي ، لمواصلة إجراءات الدعوى ضده .
فيما رصدت (الإنتباهة ) مثول (الجاز ) وسط حراسة شرطية أمام المحكمة وهو يرتدي الزي القومي للبلاد ، حيث لم تبد عليه علامات التوتر لإصدار الحكم ضده بل كان هادئاً تصدر إبتسامة خافتة منه وقد كان يقرئ السلام لمحاميي دفاعه ، وبل إمتد سلامه كذلك إلى المحامي د.عادل عبدالغني ، ممثل دفاع المبرأ الثاني من الإتهام .
في المقابل كانت هناك شابتين في مقتبل العمر تجلسن بالقرب من قفص الإتهام كان التوتر يسيطر عليهما وكانت كل منها تحمل (سبحة ) في يدها تسبح لله تعالى في سرها ولايصدر منهن أي صوت إلا حركة شفتاهما التي تدل على دعائهما ، حيث يبدو من توترهما وقلقهما أنهما تقربا للجاز ، وعقب إعلان المحكمة براءة المتهمين لم تتمالك الشابتين نفسيهما ونهضتا من مقعديهما و هرعتا بسرعة البرق وإرتميتا في أحضان (الجاز) ودموعها تسبقهما و يبكين بأعلى صوت في منظر تقشعر له الأبدان ترددا عبارات (مبروك ، والحمدلله ، والله أكبر ) ، حينها تدافع بعض ذوي المتهمين ناحية المتهمين للتهنئة بالبراءة ما جعل شرطة التأمين القضائية تحاول جاهدةً أن تبعد ذوي المتهمين عنهم وذلك للإجراءات ،وفي المقابل كانت وسط القاعة بعض النساء من ذوي المتهمين وأقاربهم يطلقن (زغاريد ) الفرح ووقتها ضجت قاعة المحاكمة وظلت دموع الجميع تسيل بإنهمار فرحاً بالبراءة ويقلدون بعضهم بعضا في فرح هستيري ، حيث رصدت ( الإنتباهة) أحد محاميي دفاع المبرأ الثاني من الإتهام يذرف الدمع إنتصاراً لبراءة المتهمين حيث لم تخف نظارته الزجاجية التي كان يرتديها نزول دموعه على خده الأيمن .
كلاكيت أول
كانت الأحوال بالشارع العام بالديم يوم أمس متقلبة لاسيما وأن هناك متاريساً وضعت هنا وهناك بشارع الأسفلت الرئيسي (شلت) الحركة المرورية وغيرت معها مسارها الطبيعى بشكله المعتاد ، وهنا تسلل لذهن الكثيرين المتابعين للقضية بأن المحاكمة لن تنعقد للأحوال الأمنية ، إلا أنه وبالتقدم خطوات إلى محيط مقر إنعقاد المحاكمة المطلة على نادي العلمين الشهير بالديم ، فأن أول ما يقع على بصرك البوابة الحديدية الشمالية للمحكمة التي كان يقف خلفها تماماً (دفار) شرطة التأمين بطاقمه المعتاد والحاضر دوماً لتغطية محاكمات رموز البلاد السابقين ، وحينها تتقدم خطوات أخرى حتى تعتلي مدرج المحكمة وصولاً إلى القاعة الرئيسية محل المحاكمة حيث كانت أيضاً مجموعة أخرى من شرطة التأمين تقف لترتيب الدخول للقاعة ، وبعدها تدلف إلى داخل القاعة حيث (رهبة الهدوء والصمت ) كانت العلامة الأبرز على وجوه الحاضرين حتى أعلن قيام المحكمة التي ظلت لمايقارب الـ(30) دقيقة تتلو حيثياتها حتى توصلت في مطافها الأخير لبراءة المتهمين.
لاخصومة سياسية أو معترك
وشددت المحكمة على أنه ورد في المرافعات الختامية لدفاع المتهم الأول بأن مجريات القضية قد شابها تناول إعلامي ضد المتهم الأول (الجاز) أحدثت واقعاً مغايراً أضرت به وألبت عليه الشارع العام ، وان ذلك يشمل النائب العام ، مشيرين في الخطبة إلى أن الأمر استمر كذلك حتى إحالة البلاغ للمحكمة دون توضيح أو تعديل ذلك إعلامياً لاسيما وأنه جاء في ظروف سياسية بالغة التعقيد مرت ولا زالت تمر بها البلاد .
في المقابل أكد قاضي المحكمة في حيثيات قراره رداً على ما ورد في مرافعات دفاع (الجاز) بأن المحكمة ليست محلاً لإثارة مثل تلك الخطب السياسية والإعلامية وليست مكاناً لأي معترك لأسباب شخصية أو غيرها ، وشدد القاضي على أن المحاكم فتحت أبوابها لتحقيق العدالة بإعطاء كل ذي حق حقه بالبينات دون التأثر بالدعوى في إطار تناولها إعلامياً أو كرأي عام أكثر من نظيراتها من الملفات لذا يتوجب على الجميع أن يعي ذلك خصوصاً وأن مسؤولية أي (قاض) في المقام الأول أخلاقية ومسؤولية (ربانية ) ، فضلاً عن أن النائب العام ووكلاء النيابة لكل دوره يؤديه وفق لما توفر له من مهام وعلى المحكمة وزن البينات للوصول للحكم العادل في الدعوى ، كما أن المتهم لابد أن يجد حظه من المحاكمة العادلة والمعاملة (اللائقة ) التي تشعره بأن العدالة يتلقاها الفرد سواءً كان ذلك بإدانته أو براءته ، وأكدت المحكمة بأن الجميع يقف أمام القانون متساوون بدرجة واحدة دون النظر للألوان السياسية أو الجهوية أو الثقافية .
لاشبهة
وأشارت المحكمة في حيثيات قرارها إلى أنه وحتى تصل للقرار العادل لابد لها من مناقشة عناصر الإتهام التي وجهتها للمتهمين في وقت سابق ، ونبهت إلى أنه وبمراجعة جميع البينات لم تتوصل إلى إدانة المتهم الأول (الجاز) أو الثاني (عبدالعاطي ) على ذمة القضية وذلك لإنهيار عناصر إتهامهما بإشتركهما دون إتفاق في تبديد مال العقد القرض الهندي أو استفادا منه أو قاما بتحويله لمصلحتهما الشخصية أو تصرفا في المال بإهمال فاحش ، وشددت المحكمة على أنه لم يثبت لديها ثمة وجود (شبهة) جنائية في إتفاقهما لتبديد مال العقد مطلقاً ، وأكدت المحكمة بأنه وبالبينات فأن مبلغ (2) مليون دولار أمريكي محل الإتهام والذي تم توريده من مبلغ القرض إلى شركة (طيبة) المبرأة من الإتهام سابقاً في الدعوى إتضح بأن المتهمين لاعلاقة لهما به وذلك ما أكده شاهد دفاع المحاسب المالي لـ(طيبة) عند مثوله بالمحكمة – لاسيما وأن هناك متهم هارب في الدعوى لم يقبض عليه وهو وزير المالية بالعهد البائد ورئيس مجلس إدارة شركة (طيبة) د.عبدالحليم المتعافي ، فضلاً عن عدم توجيه الإتهام نيابة مكافحة الفساد وجرائم المال العام إلى مدير عام شركة طيبة وقت العقد معاوية البدوى الذي وردت معلومات بأنه قد توفي لرحمة مولاه .
دائرة إتهام المتعافي
في ذات الوقت أوضحت المحكمة في حيثيات قرارها إلى عدم ثبوت لديها بالأدلة أو البينات مخالفة المتهمين الأول والثاني لقانون أو لائحة الإجراءات المالية والمحاسبية فيما يتعلق بقرض البنك الهندي لصالح مشروع سكر مشكور ، ونوهت المحكمة إلى أنه ثبت لديها بالفعل أن المتهم الأول الجاز ووقت وصول القرض الهندي قام بتفويض المتهم الثاني لمتابعة إجراءات بالرغم من أنه ليس موظفاً بالمالية ولكن بموجب المستندات فأنه يحمل شهادات عليا وكبير الاستشاريين في البلاد في مجال صناعة السكر ، وأبانت المحكمة بأنه وبالبينات فقد إتضح لها أن مبلغ (2) مليون دولار أمريكي محل الإتهام وجزء من القرض الهندي لصالح مشروع السكر قد ورد من البنك قطر بالخرطوم لصالح حساب شركة (طيبة) ووقتها كان رئيس مجلس إداراتها ووزير المالية د.عبدالحليم المتعافي وليس (الجاز) – لاسيما وأنه ووقتها قد غادر الوزارة قبل وصول دفعات القرض الهندي بشهرين .
قطعت جهيزة
وشددت المحكمة على أنها استخدمت سلطاتها وفق نص المادة (140) من قانون الإجراءات الجنائية وإعلانها شاهد المحكمة المدعو (فتح العليم ) ، وهو موظف درجة ثانية ويعمل في وزارة المالية منذ 1982م الذي أحضر جميع السندات والمستندات خاصة المشروع والتي جاءت إفاداته حول المشروع كـ(قول جهيزة التي قطعت قول كل خطيب )– لاسيما وأنه واكب عملياً ومستندياً إجراءات جزء من قرض المشروع – وذلك يعني وبصورة جازمة أن إجراءات المشروع تمت داخل إروقة وزارة المالية ، كما أشارت المحكمة في حيثياتها أن شاهد الدفاع الأول عن المتهم الثاني خالد بشير قدم شرحاً وصفياً دقيقاً حول التصرف في الأموال عبر اللجان التي شكلت لتنفيذ المشروع في شهادات الإعتماد والجرارات والسيارات وغيرها ، كما أنه إتضح للمحكمة بأن المتهم الثاني (عبدالعاطى) لم يكن ضمن إجراءات التصرف في مبلغ (2) مليون دولار – وإنما تم التصرف للآليات من قبل رئيس مجلس إدارة شركة (طيبة) عبدالحليم المتعافي ومدير عام الشركة المرحوم معاوية البدوي.
دراسة جدوى ومتطلبات
وأبانت المحكمة في حيثيات قرارها إلى أن هناك مستندات وإجراءات تتعلق بوزارة المالية للحصول على القرض السلعي – إلا أنه لم يتم إبراز المستند المتعلق بموافقة رئاسة الجمهورية عمر البشير آنذاك للتوقيع إنابةً عن حكومة السودان على عقد إتفاقية إنشاء المشروع ، في وقت نبهت فيه المحكمة إلى تقدم دفاع المتهم الأول بمرافعات ختامية مشتملاً فيه على دراسة الجدوى للمشروع ، وأشارت المحكمة إلى أنه كان الأجدى تقديمه كمستند دفاع للتأشير عليه ويصلح كذلك وقت التحري – وعادت المحكمة وأفادت بأقوالها ألا أنه وبوجود دراسة الجدوى فإن ذلك أحد المتطلبات اللازمة التي تقوم عليها إتفاقية القرض .

لاوجود لتفويض البشير
وقالت المحكمة في خواتيم قرارها بأنه يبقى الأمر (معلقاً ) حيث أن وزارة المالية والاقتصاد الوطني تولت تنظيم القرض وفق للمستندات التي قدمت مؤخراً بواسطة شاهد المحكمة حول القرض عدا وجود تفويض الرئيس الأسبق عمر البشير ، باستثناء مبلغ (2) مليون دولار تم صرف مبلغ (575) الف دولار لشركة (طيبة) الهندسية ، فيما ذهب المتبقي لصالح شركة سكر مشكور وتم التصرف فيه ، فيما نبهت المحكمة في قرارها فأن متبقي القرض وقدره (125 ) مليون دولار لم يكن محل النظر للإتهام بإعتبارها ديوناً مستحقة من دولة الهند على السودان .

أصل الدعوى
يذكر أن تم تقييد دعوي جنائية في مواجهة المتهمين على ذمة القضية تأسيساً من تقرير صادر من جهاز المخابرات العامة وديوان المراجعة القومية يتهمون فيه بموجب القرض الهندي السلعي الوارد لحكومة السودان بغرض أنشاء مصنع سكر مشكور بولاية النيل الأبيض (150) مليون دولار أمريكي على أن يتم سداد الأقساط على دفعتين الأول بمبلغ (25) مليون دولار ، والثاني بمبلغ (125) دولار ولك لسد حاجة البلاد من إنشاء مصانع لسلعة السكر ، منبهاً إلى أنه وحسب العقد فأن أرض التجهيزات تتم على أرض البلاد على أن يؤسس شركة مصنع سكر مشكور وإنشاء مزرعة لذلك ، على أن يتم ذلك مع المساهمين مع الشركة المنفذة للمشروع سوى كانت رئيسية أو فرعية ، ونبهت المعلومات إلى أنه وأثر توقف بنك الاستيراد والتصدير الهندي الممول للمشروع تم تقييد الدعوى الجنائية في مواجهة المتهم الأول وزير الصناعة الأسبق د. عوض الجاز ومدير مصنع سكر مشكور د. محمد عبدالعاطي ،ومدير شركة (طيبة) محمد عبدالحفيظ الذي شطبت المحكمة الإتهام في مواجهته سابقاً لعدم كفاية الأدلة .

Leave a Comment

سبعة + 7 =