قد لا يعلم الكثيرون أن جامعة ستانفورد الأمريكية اسسها مزارع توفي ولده فاراد أن يخلد ذكره بإنشاء قاعة بالجامعة التي كان يدرس بها الا ان مدير تلك الجامعة سخر منه قائلا:إن تكلفة القاعة تساوي نصف مليون دولار ،فعرف المزارع أن تكلفة إنشاء جامعة غير كبير فقام بتأسيس جامعة ستانفورد تخليدا لذكرى ابنه ،اذا صحت القصة ام لا الا ان الولايات المتحدة لم تصبح دولة عظمى الا بثلاثة قوائم، الدستور الذي يكفل حرية الفرد ويقيدها حينما تبدأ حرية الجماعة، والايمان بأن الوحدة هي القيمة الحقيقية للقوة وان المزارع والراعي والحرفي هم الضامن الأول لرفاه الشعب لذا وجب احترامهم وتسخير كافة إمكانيات الدولة من أجل حمايتهم وكفالة أن يظلوا منتجين،
لذا فإذا انت حاولت تطبيق القواعد أعلاه تجدها معكوسة تماما عندنا في السودان ،لأنه غني عن التوضيح اننا لا نملك دستورا ولا ينبغي لنا والتفسير في الفقرة الثانية وهي اننا لا نرغب في توحيد كلمتنا ولا يطيق أحدنا الآخر لذا فإن انفصال الجنوب الحبيب ليس آخر المطاف ما دمنا نقسم بعضنا إلى عبيد وسادة وما دامت أكثر نكاتنا إضحاكا تلك التي تسخر من القبائل وما دمنا لا نعترف بافريقيا التي تحبنا ونتعلق باحذية العرب الذين يسمونا على الملأ عبيدا،والفقرة الثالثة وهي مربط الفرس أن أسفل السلم الاجتماعي لدينا محجوز بكامله للمزارعين والرعاة والحرفيين ،وهؤلاء للأسف هم الذين يديرون مصانعنا وسياراتنا وطائراتنا ،ويرفدون خزينتنا بالموارد من تصدير منتجاتهم .
نعود إلى قصة القمح ليتبدى لنا عجز دولتنا حتى عن قراءة مستجدات العالم ،العالم الذي بدأ منذ الآن في تخزين القمح توخيا لما ستسفر عنه تداعيات الحرب الروسية الاوكرانية ،وانا لا أتحدث عن العجز المادي بل عن العجز العقلي وعدم الفهم ثم بعد ذلك العيب الكبير الذي قال عنه الشاعر:
ولم ار في عيوب الناس عيب ……كنقص القادرين عن التمام.
لان منصرفات دولتنا كلها تتركز في رفاه من هم على سدة الحكم والصرف البذخي على السفه اعزكم الله ،والله ان تسيير سيارات ومكاتب وحراسة ومراسم دولة العجز….اقصد دولة السودان لمدة أسبوع ليكفي شراء قمح مزارعي السودان ثلاثة مرات ولينبري لي اي احد في مناظرة ومعه آلة حاسبة وساهزمه شر هزيمة.
ثم ماذا بعد؟
من أكبر مظاهر عجز دولة العجز هذه أن يحتاج البنك الزراعي إلى سلفة من شخص ،ومن هو !نائب رئيس مجلس السيادة الذي يملك المبلغ المطلوب عشرات المرات وللاسف يرفض بل ويبدأ إعلامه(كل إعلام البلاد للاسف) في التندر بالحادثة ومرمطة سمعة البنك الزراعي ،والله حقا قد هان من بالت عليه الثعالب ،إن من أكبر الابتلاءات هو حاجة الكريم إلى اللئيم وأسوأ منها أن يحرمه ويستهزأ به ،هذا زمانك يا مهازل فامرحي قد عد كلب الصيد في الفرسان