أنا من أكثر المؤيدين لمبدأ التمسك بالحقوق لكن دون إضرار بمصالح الآخرين، ففي الإعلام كنا قد قررنا الإضراب والتوقف عن العمل إلى حين توفيق أوضاعنا المالية كصحفيين ولكن حينما نظرنا إلى مصلحة الشعب على الرغم من انحسار معدلات إقبال المواطنين على شراء الصحف الورقية إلا أننا آثرنا احترام قرائنا الكرام الذين يواظبون على قراءتنا وقررنا التصعيد بممارسة ضغوط أخرى إلا الإضراب فحينما يتخطى أثر الإضراب ويتضرر منه الكثيرون ينبغي وقتها أن يتم إيقافه .
سادتي أساتذة جامعة الخرطوم الكرام، ما تقومون به من إضراب متواصل منذ العام الماضي أثر سلباً على الأعوام الدراسية بالجامعة وامتد أثره إلى الأسر التي أرهقها الصرف على أبنائها والأسر التي كانت تحلم بتخرج أبنائها حتى يعينوها على لقمة العيش، ما تفعلونه سادتي من إضراب لا جدوى منه خاصةً أن الجهات التي تخاطبونها والوزراء الذين تتحدثون إليهم ليسوا مسؤولي عهد البشير الذين كانت تطالهم المساءلة فكانوا يخشونها ويخافون سطوة البشير ويعملون على حل المشاكل وتذليل الصعاب حتى لا تطالهم المساءلة، هؤلاء المسؤولون الذين يتربعون على عرش السلطة الآن بعضهم ليس لديه أدنى إحساس بالمسؤولية وإدراك لخطورة ما يحدث، هؤلاء لا يهمهم أن تعلم أبناؤنا أو حتى إن أصبح شباب السودان بأكمله عاطلاً وفاقداً تربوياً هؤلاء لا يهمهم موت الشباب نتاج المخدرات والاحتجاجات ولا يهمهم تفشي العطالة التي تقود إلى مزيد من السيولة الأمنية وليست لديهم أدنى معايير المسؤولية التي يجب أن تتوفر لدى مسؤول حتى نستطيع أن نقول إن الإضراب سيأتي بنتيجة .
سادتي أساتذة جامعة الخرطوم إن استمر إضرابكم لسنوات في ظل هذا النظام فأبشركم بأنه لن يثمر ولن يؤتي أكله بل ستجنون نتائجه مزيداً من الخراب والتفلتات الأمنية وتفشي الجهل والبطالة وانحدار المجتمع نحو القاع .
الانتباهة
لأول مرة أجدني أشعر بأن بتأييد لمديرة جامعة الخرطوم د. فدوى عبدالرحمن وأرى أنها حادبة على مصلحة الجامعة من خلال مناشدتها التي أطلقتها للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم حيث ناشدتهم بمراعاة مستقبل الجامعة ورفع الإضراب في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد. وقالت إنه في حال استمر إضراب الأساتذة وعدم مبالاة الدولة فإن سمعة الجامعة ستكون على المحك.
السيدة فدوى فى هذا المقام لا تهمنا سمعة جامعتك ان تكون الأولى او الطيش ولكن يهمنا الطلاب الذين يجب ان ينالوا تعليمهم كما ينبغي ان يكون وان يكملوا الجامعة خلال الحقبة الزمنية المحددة والمنصوص عليها طبقا للوائح وأسس التعليم الجامعي بالبلاد، الآن بجامعتك آلاف الطلاب وما يقارب ستة دفعات تكدست في دفعة وتفاقم أعداد الطلاب والبعض آثر تقديم استقالته وهذا في حد ذاته تقليل من شأن الجامعة وإشانة لسمعتها، علما بان جامعة الخرطوم التي كانت حلما للكثيرين أصبحت الآن بلاء للطلاب الذين ارتادوها، علما بان هنالك من أمضى بهذه الجامعة أكثر من ست او سبع سنوات ولم يتخرج حتى الآن فماذا يحدث بالله .
أساتذة جامعة الخرطوم الكرام يسيؤني ان أنقل لكم بان الدولة لن تستجب لمطالبكم وأخشى ان أقول ان نفوسكم لن تسمح بتضييع مستقبل ابنائكم لذلك عودوا الى عملكم وابحثوا عن آلية أخرى للضغط على الدولة لنيل حقوقكم، فميثاق العمل وأخلاقيات المهنة لا أظنها تسمح لكم بالإضراب وتعليق دراسة الطلاب وإرهاق الأسر بهذا الشكل .