اغالب دموعي منذ ثلاثة أيام وانا اتابع بشغف بالغ احتفال جمهورية مصر العربية العظيمة ورئيسها المفخرة وشعبها الرائع المبدع ….باليوم العالمي لذوي الإعاقة، لقد ابدع المصريون في إخراج هذا اليوم بصورة تدعو إلى الفخر والثناء ،والله العظيم قبل ثلاثة أيام كنت من أكثر كارهي مصر واصبحت اليوم احبها اكثر من اي دولة عدا بالطبع بلد المصطفى صلى الله عليه وسلم التي لا تدخل اي منافسة.
لقد تابعت بشغف كيف تعامل المصريون ،ساسة وفنانين وأسر المعاقين ،كيف تعاملوا مع هذا الحدث المهم حتى أدق التفاصيل ،والرئيس المصري جالس بكل هيبة وهدوء وهو يشجع الأطفال ذوي الهمم وهم يقدمون ابداعا يعجز عنه الاسوياء ،لقد انبهرت جدا والمخرج يسلط الضوء على أصابع الطفل احمد عازف البيانو حتى وانك تشعر بأنها فعلا (أنامل ذهبية ….بل ماسية).
وسبب انهمار دموعي هو عجزنا عن القيام بأمر كهذا مع انه غاية في السهولة واليسر ولدينا مبدعين من ذوي الهمم يصنعون المستحيل ،على الصعيد الشخصي اعتز بابنة اخي الشهيد العميد صالح آدم شين(زينب) وهي مبدعة إلى درجة الابهار وقد ولدت باعاقة لم تمنعها من إكمال دراستها وقيادة زملائها بولاية جنوب دارفور إلى سماوات الإبداع والتميز وقد حضرت لها عرضا منعني من متابعته انهياري وانا أرى مبدعين بهذا المستوى لا تكلف الحكومة نفسها أن تحضر فقط عروضهم لتشجعهم.
انا شخصيا عندما أرى شخصا من ذوي الهمم وهو يتسول اغضب منه جدا واغضب من نفسي ومن حكومة بلادي أكثر، لان لذوي الهمم وفق قانون الخدمة المدنية نسبة مقدرة للتوظيف ،وهم دائما يتميزون في أداء عملهم بصورة تفوق التصور.
صديقي الاستاذ والمربي الفاضل اسامة عتموري وهو برغم فقدانه لنعمة البصر الا انه واصل دراسته وتخرج وعمل في سلك التعليم ،وكان يزورني بمنزلي وازوره،وقد زرته يوما بدار المكفوفين ببحري وهالني أن أرى هذا العدد من ذوي الهمم فاقدي نعمة البصر وهم يتجولون في حرية ويضحكون فانزويت في ركن وانا ابكي بكاءا حارا فسمعته يسأل عني ،وبحاسته أتى إلى حيث أقف وقال لي :لا تبكي فنحن راضين بقدرنا.
شكرا مصر ام الدنيا ،شكرا شعب مصر العظيم ،شكرا سعادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ،والله لو لم تفعل في حياتك غير هذا الاحتفال والرعاية ،ولو لم تذرف في حياتك غير هذه الدموع الغالية وانت ترعى هؤلاء الموهوبين والله لو لم تفعل الا هذا طوال رئاستك والله لكفاك والله لكفاك والله لكفاك حفظ الله مصر وشعب مصر ورئيس مصر.
ثم ماذا بعد هذا؟
اتعب دائما عند كتابة عمودي ، لسببين لا ثالث لهما :من أين أجد القضية وكيف امسك دموعي،فأنا لا اعترف بعمود لم تغمس دواته في دموع الألم أو الجزع أو الفرح ،ولا احب كتابة لا تلامس واقع الناس وتتحدث عن قضاياهم ،وقضية ذوي الهمم في السودان ذات ابعاد كثيرة اولاها نظرة المجتمع وثانيها جهل الأسر وأهمها أن السودان دائما يحكمه أناس معاقون فكريا ونفسيا لذا يبغضون ذوي الهمم من ذوي الاعاقات التي لا تصرفهم عن الإبداع.