يبدو أن ثمة معركة تلوح أفقها في الطريق هكذا يحكي واقع الحال فقبل أن يهدأ الحديث عن سحب الثقة من والي القضارف سليمان علي عقب تسرب مقطع (فيديو) يظهر من خلاله مشاركته في منشط يخص النظام، السابق أعلنت قوى الحرية والتغيير أمس سحب ثقتها من والي جنوب دارفور موسى مهدي ، لتكون بذلك الحادثة الثانية في أقل من أسبوع، ما يشير إلى أن عدداً من الولاة، خيبوا آمال قوى أعلان الحرية والتغيير، في إرضاء تطلعات جماهيرها بالولايات، لمجمل من الأسباب وهو ما جعلها تخطو في إتجاه نهج جديد وهو سحب الثقة منهم، وفق مراقبين، لكن في المقابل أيضاً، يرى البعض إن ما حدث يتزامن، وإقتراب موعد تعيين الولاة، أو بمعنى أصح (الصراع على المقاعد)، وذلك لإعتبارات أن التغيير لن يشمل الجميع إلا عقب تقييم للآداء، وهو ما يطرح معه تساؤل حول ما يحدث، فهل تقود قوى الحرية والتغيير نهج جديد في الإصلاح، أم أن الأمر لا يعدو عن كونه صراع مصالح؟
النتيجة (زيرو)
( أخوك كان حلقو ليهو بل رأسك) …مثل شعبي، لم يخطر ربما، ببال والي جنوب دارفور للحظة، موسى مهدي وهو يجلس في مكتبه يتابع أحداث وتداعيات حادثة والي القضارف، في أنه سيكون الوالي الثاني الذي تسحب قوى الحرية والتغيير ثقتها منه، في إدارة الولاية ولعل حال سليمان أفضل منه، في أن كتلته هي التي رفضت بقاءه في المنصب عقب مشاركة قديمة له للنظام السابق، لكن (موسى) خرجت ثلاث كتل من قوى الحرية والتغيير بالإضافة إلى حزب الأمة القومي بالولاية، معلنةً عن سحب الثقة منه مع المطالبة بإقالته عضو المكتب القيادي بحزب الأمة القومي محمد عبدالسلام أكد خلال المؤتمر الصحفي لتقييم آداء الوالي بنيالا، إنحيازهم للشارع ولصوت الجماهير رغم إنتماء مهدي لحزب الأمة، غير أن القيم والمبادئ فوق أي إنتماء، منوهاً إلى أنهم كحزب أمة يقفون مع التقييم الذي تم لأداء الوالي، بحسب استمارة التقييم المركزية والذي لم يحرز فيها أية نتيجة (زيرو)في كل نقاط التقييم الـ(٦) التي جاءت من المركز.
شبح النظام السابق
مرة أخرى يلاحق شبح النظام البائد ولاة الحرية والتغيير، ففي حين يستبعد خبراء فرضية صراع المناصب حول سحب الثقة عن الولاة، تؤكد القيادية بالتحالف بالولاية (مها رمضان) في المؤتمر، إن الكتل التي قامت بسحب الثقة عن والي جنوب دارفور الإجماع الوطني – لمجتمع المدني – حزب التحالف الوطني السوداني) وحزب الأمة القومي، لأنه لم يقم بإشراك قوى الحرية والتغيير في لجنة أمن الولاية فضلاً عن إنتهاج سلوك النظام السابق في حل الإشكالات القبلية من لجنة أجاويد النظام السابق بجانب الصرف على مؤتمرات الصلح القبلي بدون أية تأثيرات على الأرض مما تسبب في تكرار الأحداث القبلية بـ(مجنقري) لمرتين وأحداث قريضة للمرة الخامسة على التوالي دون حلول.
وأكدت مها أن تقييم آداء الوالي تم في (٦) نقاط أو بنود وهي( الأمن و التواصل والقبول المجتمعي والتنسيق والتواصل مع الحرية والتغيير والتنسيق والتواصل مع لجنة التمكين والفعالية السياسية والوضع الإقتصادي) ولم يحرز سوى (صفر).
تساؤل
ولعل سحب الثقة من واليي (القضارف وجنوب دارفور) تطرح تساؤلاً عريضاً حول إمكانية ودور الحرية والتغيير في إقالة الوالي، لأن الشاهد في الأمر وفق مراقبين أن الحرية والتغيير ليس لديها الصلاحيات الكاملة لسحب الثقة من الولاة، كما أن الحكومة لا تعمل كثيراً بالقرارات التي تتخذها الحرية والتغيير، وحادثة والي القضارف سليمان ليست ببعيد، التي لم تبت فيها الحكومة حتى الآن، رغم إعلان رئيس الوزراء قبل يومين، منحه مهلة(٢٤) ساعة لتقديم استقالته أو إقالته، ونجد أن المهلة إنقضت دون أن يستقيل أو يقال إلى الآن، وقد كان والي القضارف، نفسه ذكر أن ذهابه من الولاية، يتوقف على المواطنين إذا قالوا له أذهب فإنه سوف يذهب، لكن بالنظر من زاوية أخرى سيما في حادثة والي القضارف، فإن الأمر يبدو معقداً بعض الشيء، فوفقاً لمراقبين فإن إقالة والي القضارف ربما تدخل البلاد في صراعات قبلية، لجهة أن البعض يعتبر إقالته أستهدافاً للبني عامر، خاصةً بعد الذي صاحب إقالة والي كسلا السابق (صالح عمار)، ليبقى السؤال حول أن هذه الإقالات تعتبر استهدافاً لمكون قبلي، مما قد يقود البلاد إلى مواجهات جديدة، أم ماذا؟
معايير خاصة
القيادي بالحرية والتغيير عضو اللجنة المركزية للمؤتمر السوداني نور الدين صلاح يقول أن (الحرية والتغيير) بجنوب دارفور رأت أن تقييم آداء الوالي دون الطموح لذلك قررت سحب الثقة منه.
ويشير نور الدين في حديثه لـ(الانتباهة) إلى أن كل جهة لديها معايير التقييم الخاصة بها، ولها الحق في إتخاذ الموقف الذي تراه مناسباً، في وقت أوضح فيه أن تنسيقيات (الحرية والتغيير) بالولايات ، لا تعمل بشكل موحد ، نتيجة لخلافات بينها.
وقال أننا نشهد في عدد من الولايات حالةً مؤسفة، من تتعدد البيانات، والمنصات التي تعبر عن الحرية والتغيير داخل الولاية، وأضاف: (الحرية والتغيير بالمركز عليها واجب كبير في أن تنظم صفوفها في بعض الولايات التي تشهد نوعاً من التصدع) .
يأتي ذلك في وقت أكد فيه نور الدين أن تنسيقيات قوى إعلان الحرية والتغيير بالولايات تعاني من تصدعات كبيرة ، وشدد على ضرورة إبتكار منهج جديد ، والتوافق عليه من قبل الجميع لتلافي الخلافات ، وأشار إلى أن عدم وجود منهج يؤثر في صناعة القرار داخل (الحرية والتغيير)، وذكر أنهم بحاجة لعمل إصلاحات داخلية، تخص الأحزاب المنضوية، داخل الحرية والتغيير ، للوصول إلى موقف متفق عليه يعبر عن كافة الأطياف السياسية.
الآداء هو المحك
من جانبه يرى المحلل السياسي محمد الأمين أن تكرر سحب الثقة من ولاة الولايات في بعض الولايات ، يرجع إلى ضعف آداء الوالي ، في حين لم يستبعد في حديثه لـ(الانتباهة) أن تكون الصراعات الداخلية بين مكونات (الحرية والتغيير) بالولاية، سبباً في سحب الثقة من الوالي المعني.
وذكر أنه ربما توجد كتل تدعم الوالي وأخرى لا تريده ، في وقت أكد فيه أن استجابة الحكومة لقرارات (الحرية والتغيير) في سحب الثقة من الولاة ضعيفة.
واستبعد محمد الأمين أن تستخدم (الحرية والتغيير) (عصي) سحب الثقة ضد الولاة، مؤكداً أن هؤلاء الولاة هم من أتت بهم، وأضاف: (سحب الثقة متوقف على آداء الوالي في ولايته، وهذا ما يقيمه المواطن على أرض الواقع ).
الانتباهة