فجر المحقق وكيل النيابة أحمد التني مفاجأة مدوية في قضية اتهام (11) من منسوبي المخابرات الموقوفين على ذمة مقتل الشهيد طالب كلية الطب محجوب التاج، وكشف من خلال تحريه تناوب ما يفوق (5) أفراد من قوات الجهاز بالضرب على جسد الشهيد محجوب التاج بواسطة عصا عادية وأخرى كهربائية، منوهاً بأن تقرير التشريح الطبي أكد أن سبب وفاة الشهيد هو الضرب على رأسه.
إحاطة الطلاب بالصندوق
وكشف المحقق الثاني وكيل ثاني النيابة أحمد التني عند استجوابه بواسطة ممثل الاتهام عن الحق العام وكيل أعلى النيابة ماهر سعيد، كشف أن مدير جامعة الرازي أحمد رزق أبلغه بالتحريات معه أنه يوم الحادثة وجه إدارة الجامعة بإخلاء الطلاب من داخل حرم الجامعة وإغلاقها مما تسبب في تجمهر الطلاب أمام البوابة الخارجية للجامعة، ونبه المحقق للمحكمة إلى أنه ومن خلال عرض (الفيديو) مستند اتهام (9) فإن الحركة المرورية يوم الحادث كانت عادية ومنسابة، مشدداً على أنه في تلك الأثناء حضرت قوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات على متن سيارات أمنية، وجاءت إلى مسرح الحادث أمام جامعة الرازي وقامت بإحاطة الطلاب على شكل صندوق على حد تعبيره، مشدداً على أن تلك القوة ترجل بعضها من على متن السيارات التي حضروا بها إلى داخل الصندوق فيما تبقى السائقون داخل تلك السيارات، كاشفاً أن القوة دخلت في مكان وجود الطلاب بالصندوق بطريقة منظمة وممنهجة دون اتخاذها أي شكل من أشكال التدابير المقررة عند فض التجمهرات، كما لم تقم قوة أفراد الجهاز باستخدام القوة مع طلاب وطالبات الجامعة، وأشار المحقق للمحكمة إلى أن القوة تتكون من عدد من الأفراد بعض منهم يرتدي الزي المدني وآخرون منهم يرتدون الزي المميز لقوات الأمن، مبيناً أن تلك القوة حضرت إلى مسرح الحادث بسيارات منها عادية وأخرى سيارات (مموهة) تتبع لهيئة عمليات جهاز المخابرات العامة، موضحاً أن القوة كانت لا تتناسب مع المظهر في مكان الحادث ولا تتناسب مع أعداد طلاب وطالبات الجامعة الذين ظهروا في (الفيديو)، مشيراً إلى أنه ومن خلال (الفيديو) الذي عرض أمام المحكمة أن أعداد طالبات الجامعة محل الحادث أكثر من الطلاب، وقال المحقق للمحكمة إن القوة وبوصولها لمسرح الحادث وزعت أدوارها على أفرادها، حيث كان جزء منهم يقوم بالضرب على الطلاب مستخدمين العصا العادية والعصاة الكهربائية، بينما كان جزء من تلك القوات يقوم بمطاردة الطلاب وإحضارهم إلى الصندوق الذي نفذوه للإحاطة بهم.
تناوب في ضرب الشهيد
وأكد المحقق التني للمحكمة أن الشهيد محجوب التاج ظهر خلال مقطع (الفيديو) بسلوك (عادي) ولا تبدو عليه أية أعراض، إضافة إلى أنه كان يتحرك بصورة عادية وطبيعية ولم يبد أية معارضة أو مقاومة مبدئية وكان أعزل مثل بقية زملائه طلاب جامعة الرازي، وكشف المحقق للمحكمة أنه من خلال (الفيديو) تبين تعرض الشهيد للضرب من قبل عدد كبير من قوات جهاز المخابرات العامة، وتناوب ما يفوق (5 ــ 6) منهم في الاعتداء ضرباً على الشهيد مستخدمين العصا العادية والكهربائية، منوهاً بأن أفراد الأمن الذين تناوبوا في ضرب الشهيد كان بينهم ملثمون وآخرون منهم يرتدون خوذات، ومنهم كان بدون أي شيء، مشدداً على أن أكثر الأماكن بجسد الشهيد التي تعرضت للضرب من قبل أفراد الأمن هي (رأسه وظهره وأسفله)، مبيناً أن الضربات التي تلقاها الشهيد على رأسه بواسطة العصا كانت هي السبب في وفاته، ولم يكن ضربه بواسطة عصا كهربائية بحسب تقرير تشريح الطبيب الشرعي وأقواله التي أدلى بها بالتحريات، وأفاد المحقق للمحكمة بأن المسافة بين سقوط الشهيد على الأرض ونقله على متن العربة لاسعافه بالمستشفى قد استغرقت وقتاً طويلاً، كما أنه من خلال (الفيديو) لم تظهر أية مظاهر للقوة للقيام باسعافه وهو على الأرض، وإنما كانت قوة الأمن تقوم بالضرب على جسد الشهيد بالعصا الكهربائية وهو مستلق على الأرض، وكشف المحقق للمحكمة أنه وبالتحريات فقد تبين اسعاف الشهيد بعد وصوله إلى مستشفى الأمل التابع للأمن عند الساعة الثانية عشرة ظهراً بيوم الحادثة، في وقت نفى فيه المحقق إمكانية تحديد الوقت الذي سقط فيه الشهيد على الأرض.
إسعاف الشهيد
وكشف المحقق الثانى وكيل ثاني النيابة أحمد التني للمحكمة أن مستند اتهام (2) أورنيك (8) جنائي صادر عن قسم بحري شرق ولم يحمل أي عنوان لمستشفى، إلا أنه يحتوي على فحص معمل للشهيد وهو مستشفى الأمل، منوهاً بأنه وبحسب التحريات فإن مستشفى الأمل التابع لجهاز المخابرات الذي نقل إليه الشهيد لاسعافه من قبل المتهم الأول يبعد مسافة بعيدة تستغرق (45 دقيقة إلى ساعة) للوصول إليه من مسرح الحادث جامعة الرازي بحي الأزهري جنوب الخرطوم، في وقت نبه فيه المحقق إلى وجود عدد من المستشفيات منها مستشفيات (الجامعة الوطنية والأطباء وبشائر والامتداد والساحة بأركويت والشرطة والخرطوم وعدة مستشفيات بشارع الحوادث الخرطوم) قريبة من موقع مسرح الحادث بالخرطوم، قبل الوصول لمستشفى الأمل ببحري كوبر التي اسعف الشهيد بها، مشدداً على أن مسرح الحادث جامعة الرازي به مستشفى ملحق بالجامعة ويتبع لها.
كر وفر الطلاب
وقال المحقق للمحكمة عند استجوابه بواسطة محامي الاتهام عن الحق الخاص عن أولياء دم المجني عليه الشهيد، إن القوة التي جاءت لمسرح الحادث أمام جامعة الرازي قوة أمنية تتبع لهيئة عمليات جهاز المخابرات العامة ورئاستها بالرياض الخرطوم، منبهاً الى أن القوة عند حضورها إلى مسرح الحادث طوقت طلاب جامعة الرازى داخل صندوق وانهالت بالضرب المباشر عليهم ومن بينهم الشهيد، موضحاً أنه من خلال عرض (الفيديو) فإن المظهر الأمني كان طبيعياً وعادياً، إلى جانب أن الطلاب كانت حركة خروجهم من داخل الجامعة عادية ثم ظهرت بمقاطع (الفيديو) حركة لهرولة الطلاب في حالة كر وفر. وفي سياق متصل نوه المحقق بأن هناك إجراءات تتخذ من قبل أية قوة نظامية في التعامل مع أحداث فض التجمهرات تبدأ بحضور القوة لمسرح الحادثة وارتكازها ومن ثم تقوم بعمل فاصل بينها وبين مجموعة المتجمهرين، ومن ثم تتم المخاطبة مع الجمهور بمكبر صوت أو مباشرة، ومن ثم انتظار القوة النظامية وتقديرها للموقف لاستخدام القوة وما يتناسب معها وقتها وفقاً للإجراءات واللوائح القانونية، مشدداً على أنه يشترط وجود قوة نظامية تتبع للشرطة لمجابهة مثل تلك التجمهرات باعتبارها المنوط بها ذلك لاختصاصها، إلا أنه وبالتحريات ومقطع (الفيديو) ومخاطبته لمدير شرطة محلية جبل أولياء لم تكن قوة الشرطة موجودة يوم الحادثة أمام الجامعة.
تناقض واعتراف
وفي ذات الوقت برر المحقق للمحكمة توصيته بتعديل مراكز المتهمين القانونية المبلغ وشاهد الاتهام الثاني ووضعهما كمتهمين أول وثانٍ في القضية، وعزا المحقق ذلك إلى تناقض المبلغ في أقواله بيومية التحري بوصفه مبلغاً وما بين اعترافه بوجوده بمسرح الحادثة، في وقت شدد فيه المحقق على أن المتهم الأول وبوصفه مبلغاً في الإجراءات الأولية قام بنقل الشهيد للمستشفى بناءً على أوامر المتهم الثاني باعتباره قائداً للقوة التي كانت تتوافر بمسرح الحادثة.
تضارب الأقوال في وفاة الشهيد
ونفى المحقق وكيل النيابة أحمد التني عند استجوابه بواسطة المحامي جعفر كجو ممثلاً لدفاع المتهمين من الأول إلى الخامس، نفى علمه بتزامن أحداث البلاغ مع اندلاع ثورة ديسمبر أو تظاهرات وأحداث سياسية صاحبتها تفلتات، كما أفاد المحقق بعدم تحريه عن استنفار الدولة وقتها لطاقاتها وأجهزتها الأمنية وتشكيلها نيابات ومحاكم طوارئ لمجابهة تلك التفلتات، مشيراً إلى أنه لم يقم بالتحري مع أي من المتهمين بقفص الاتهام، كما لم يقم بمطابقة وجوه قوات الأمن التي اعتدت بالضرب على الشهيد مع وجوه المتهمين بقفص الاتهام، فيما أوضح المحقق أنه وبالتحريات تبين أن الشهيد تم التعرف عليه بالمشرحة، وأثناء الإجراءات الأولية لم يكن معلوماً بأن المجني عليه هو الشهيد محجوب التاج طالب بجامعة الرازي، في وقت تقدم فيه الاتهام للمحكمة بمستند اتهام (10) عبارة عن تقرير صادر عن الأدلة الجنائية يبين نتائج فحص مستند اتهام (6) فلاشة (الفيديو)، مبيناً أن الأدلة الجنائية قامت بفحص (الفيديو) وذلك للتأكد من صحته وسلامته وجودته ومصدره، مبيناً أنه وفي تاريخ 3/4/2019م وردت إفادة الأدلة الجنائية حيث تبين استقطاعها من (الفيديو) (16) صورة لأشخاص وجدوا في أماكن الاعتداء على الشهيد، بجانب استقطاعها (14) صورة لوضع الشهيد على متن عربة بوكس، إضافةً إلى استقطاعها صورتين للشاب المعتدي عليها الشهيد قبل سقوطه على الأرض، بينما استقطعت الأدلة الجنائية كذلك صورة لعربة تتبع للقوة الأمنية تم التعرف على رقمين من لوحتها، وكشف المحقق للمحكمة أن شهود الاتهام أفادوه بذهابهم إلى مستشفى الأمل لمعرفة أحوال الشهيد، إلا أن الإفادات كانت متضاربة حول وفاته، مشدداً على أن المدير الطبي لمستشفى الأمل وبالتحري معه لم يشر إلى حدوث شيء غير طبيعي.
ضرب الطالبة الجامعية
ومن جانبه قال المحقق عند استجوابه بواسطة محامي دفاع المتهم العاشر إن مدير جامعة الرازي نفى وجود كامير أمام بوابة الجامعة لرصد الأحداث بالخارج، مبيناً أنه وبالتحريات لا يعلم إذا كان الشهيد ميتاً أم حياً عند لحظة رفعه على متن العربة البوكس بواسطة الأفراد، نافياً وجود أية قوة نظامية أخرى سواء شرطة أو وكلاء نيابة بمسرح الحادثة، سوى قوة جهاز المخابرات العامة، فيما نبه المحقق المحكمة عند استجوابه بواسطة محامي دفاع المتهم الحادي عشر إلى تعرض شاهدة اتهام في القضية ــ وهي طالبة بجامعة الرازي ــ إلى الضرب من قبل قوات الأمن يوم الحادث أمام الجامعة.
إحضار فني (البروجكتر)
وفي خواتيم جلسة الأمس استجابت المحكمة إلى طلب محامي دفاع المتهمين من السادس وحتى التاسع الذي يتعلق بإحضار الفني المختص بتشغيل جهاز (البروجكتر)، وذلك لإعادة عرض مستند اتهام (6) (الفيديو) أثناء استجواب المتحري الثالث في الجلسة القادمة.
الانتباهة