رفضت المحكمة أمس ايقاف استجواب النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه ومدير ديوان الحسابات الأسبق محمد الفاتح محمد بك والأمين العام السابق لمنظمة العون الإنساني والتنمية سراج الدين مصطفى، في قضية تجاوزات في منظمة العون الإنساني والتنمية.
وعلل قاضي محكمة جنايات الفساد المعز بابكر الجزولي رفضه إيقاف الاستجواب لحين فصل المحكمة في طعن بالتزوير في مستند اتهام (4) المتعلق باقرار شاهد الاتهام السادس مدير طاقم حراسة (طه)، علل ذلك بأن القاضي السابق رافع محمد نور معلا الذي كان ينظر ملف القضية سبق أن فصل في طعن الدفاع حول مستند اتهام (4)، وذلك في قراره بإلزام الاتهام نيابة الأموال العام بإحضار أصل مستند اتهام (4)، منوهاً بأن النيابة لم تحضر اصل المستند الا أن ذلك ليس سبباً يستدعي المحكمة لتأجيل جلستها المحددة لاستجواب المتهمين.
وعقدت المحكمة جلسة الامس في غياب ممثلي الاتهام عن الحق العام وكلاء نيابة الاموال العامة بالرغم من اعلانهم مسبقاً بموعد الجلسة، وقررت المحكمة اعلانهم عبر النائب العام للمثول امام المحكمة في الجلسة القادمة.
اتفاقية المقر
ومثل المتهم الأول الأمين العام السابق لمنظمة العون الإنساني والتنمية سراج الدين عبد الغفار مكي، وافاد خلال استجوابه أمام المحكمة بأنه احد المؤسسين للمنظمة، واكد ان المنظمة خاصة وليست حكومية.
شراء العربات
وقال المتهم الأول للمحكمة خلال استجوابه إن القضية بدأت في عام 2015م عقب اكماله كافة إجراءات التسليم والتسلم مع اللجنة المختصة بالمنظمة بعد اعفائه من منصبه بسبب خلافاته مع رئيس المجلس الاستشاري للمنظمة حول تحويل أصول المنظمة لشركة، وأكد أنه قام بتسليم كافة الاصول الثابتة والمتحركة بتاريخ 12/8/2016م، موضحاً أنه اجتمع مع مندوب المراجع العام وتحدثا حول مبلغ (3) ملايين جنيه دعم من المالية للمنظمة، وكشف عن تحري النيابة معه حول المبلغ واستخدامه في شراء السيارتين معروضات البلاغ، مؤكداً للمحكمة أنه وبتاريخ 29/12/2014م تسلمت المنظمة مبلغ (3) ملايين دعماً من المالية للمنظمة، منوهاً بأنه وقتها تم توريد المبلغ في حساب المنظمة الجاري بالرغم (5606) بنك النيل فرع عفراء، لافتاً للمحكمة قيامهم بتحويل مبلغ الدعم من حساب المنظمة الجاري الى حساب الوديعة بذات البنك بالرقم (6574)، ومن ثم تم التصرف في المبلغ عبر تحويله في حسابات المنظمة وتنفيذ مشروعاتها، ونفى المتهم الأول للمحكمة استخدامهم مبلغ دعم المالية في شراء عربتين له في شخصه كأمين عام للمنظمة وللمتهم الثاني المستشار المالي، موضحاً أنه وبتاريخ 8/11/2014م تلقى خطاباً من المتهم الثاني المستشار المالي بمدارس القبس التابعة للمنظمة فحواه أن المتهم الثاني يطلب السماح له بشراء سيارة من موارده الذاتية واستخدامها في خدمة المنظمة مع الاستفادة من ميزة الإعفاء الجمركي، مشيراً الى أنه وقتها كانت المنظمة تعاني من مشكلات مالية لا تمكنها من شراء سيارات لموظفيها، مشدداً للمحكمة على أنه وقتها وافق على طلب المتهم الثاني مع الاشتراط بشراء السيارة من موارده الشخصية فقط، مشيراً الى أنه وقتها اتفق مع المتهم الثاني على أن يسدد له ايضاً قيمة شراء سيارة أخرى، لافتاً للمحكمة الى أن المتهم الثاني بالفعل قام بتحويل مبلغ (3) ملايين جنيه في حسابات المنظمة بتاريخ 3/12/2014م مقابل شراء سيارتين ماركة لاندكروزر، الا أنهم قاموا بشراء سيارتين ماركة ميتسوبيشي بمبلغ (930) الف جنيه من شركة دال للسيارات، واكد أنه اتفق مع المتهم الثاني على أن يسدد له قيمة شراء سيارته على أن يسدد له مبالغها في وقت لاحق، منوهاً بأنه بالفعل قام بسداد قيمة عربته للمتهم الثاني لاحقاً، واكد أن العربة معروضات البلاغ برقم اللوحة (106/1) تخصه وهي مسجلة باسم المنظمة وتحمل لوحتها المرورية، وقام باستخدامها في مأموريات وأعمال المنظمة بالخرطوم والولايات بحكم منصبه كأمين عام للمنظمة، منوهاً بأنه خلال اجراءات التسليم والتسلم قام بتدليل السيارة حتى يتمكن من تحويلها من المنظمة لاسمه، الا أنه لم يتم اجراء الدلالة لفتح إجراءات البلاغ الماثل أمام المحكمة، موضحاً أن النيابة سبق أن حجزت عربته على ذمة إجراءات البلاغ وقامت بفك حجزها فكاً نهائياً، وأكد أن المتهم الثاني دائن للمنظمة بمبلغ (22) مليون جنيه وتم التسديد له منها بمبلغ (14) مليون جنيه.
وابدى المتهم الأول استغرابه للمحكمة عند استجوابه من وجود المتهم الثالث النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان كمتهم في القضية، نافياً وجود أية علاقة لـ (طه) بالسيارتين موضوع البلاغ، منوهاً بأنه تم الإفراج عنه بالضمانة الشخصية في إجراءات القضية.
إيداع أموال
ومثل أمام المحكمة المتهم الثاني في القضية محمد الفتح محمد بك، وأفاد في استجوابه بأنه يعمل في الاستشارات المالية والمحاسبية والاقتصادية ولديه مكتب متخصص باسم (مكتب بك) بالخرطوم، موضحاً أنه بتاريخ 10/2/2010م قام بإبرام عقد للعمل كمستشار مالي مع مدارس القبس باعتبارها اسم عمل مملوكاً لشركة الخرطوم للتعليم الخاص المملوكة لمنظمة العون الإنساني والتنمية، منوهاً بأنه وبتاريخ 24/4/2014م تلقى خطاباً من منظمة العون الإنساني تطالبه فيه بأن يسدد عنها التزامات مالية لبنك النيل، موضحاً أنه وافق على طلب المنظمة وظل منذ عام 2014م وحتى 24/4/2016م يقوم بإيداع مبالغ مالية في حسابات المنظمة ببنك النيل، منوهاً بأنه اودع مبلغ (22.374.536) جنيهاً سودانياً، مؤكداً أن المنظمة اوفت جزئياً بالتزاماته المالية عليها فيما مازال لديه مبالغ مالية بطرف المنظمة حرك بموجبها قضية.
أموال شخصية
وقال المتهم الثاني إنه بتاريخ 3/12/2014م قام بتحويل مبلغ (3) ملايين جنيه في حسابات المنظمة لشراء عربتين ماركة لاندكروزر من موارده الذاتية اسوة بالمستشارين العاملين بمدارس القبس للاستفادة من الإعفاء الجمركي الممنوح لمنظمة العون الإنساني، منوهاً بأنه وقتها ارفق خطاباً للمتهم الأول الأمين العام السابق للمنظمة يوضح فيه أن المبلغ تم تحويله لشراء سيارتين احداهما له والعربة الأخرى للمتهم الأول، منوهاً بأنه ولصعوبة الحصول على تصديق بشراء سيارة لاندكروزر من وزارتي المالية والخارجية قاموا بشراء سيارتين ماركة ميتسوبيشي بمبلغ (930) الف جنيه، وقامت المنظمة بإعادة متبقي مبلغ الـ (3) ملايين جنيه له وهو مبلغ (2.070) مليون جنيه، وذلك بموجب شيك مصرفي من حساب المنظمة، موضحاً للمحكمة أنه وبتاريخ 29/12/2014م اتهمته النيابة بمخالفة نص المادة (181) من القانون الجنائي السوداني التي تتعلق باستلام المال المسروق، وذلك مبلغ (2.070) مليون جنيه من المنظمة متبقي مبلغ شراء السيارتين معروضات البلاغ، مؤكداً للمحكمة أن السيارتين تم شراؤهما من مبلغ الـ (3) ملايين الذي قام بتحويله في حسابات المنظمة وليس مبلغ الـ (3) ملايين المصدق به من المالية كدعم للمنظمة، سيما أن مبلغه جاء سابقاً لدعم المالية، منوهاً بأنه وقتها قام بمراجعة كشف حساب المنظمة ببنك النيل برفقة المراجع العام، واتضح من خلال المراجعة أن السيارتين تم شراؤهما من مبلغ خاص بالمنظمة وليس مبلغ دعم المالية، وأكد المتهم الثاني للمحكمة أنه تسلم العربة معروضات البلاغ التي تحمل لوحات منظمة العون الإنساني بالرقم (106/3) في عام 2015م وظل يستخدمها حتى تاريخ 29/10/2019م، منوهاً بأنه خلال اجراءات التسليم والتسلم في اغسطس 2016م طلبت منه لجنة التسليم والتسلم تقديم تقرير حول المبالغ التي قام بتوريدها في حساب المنظمة ببنك النيل كدين، توطئة لسداد ما تبقى من التزامات مالية يطلبها من المنظمة. وظهر خلال الإجراءات مبلغ الـ (3) ملايين الذي قام بإيداعه لشراء السيارتين، مؤكداً أن اللجنة تأكدت وقتها أن مبلغ الـ (930) الف جنيه قيمة شراء السيارتين لم يكن من مبلغ دعم المالية.
وأكد أنه بعدها شرع في تكملة إجراءات تحويل السيارة لملكيته الخاصة، بعد أن اصدرت المنظمة خطاباً يفيد بأن سيارته ضمن السيارات التي ترغب المنظمة في التخلص منها وتسليمها لأصحابها، منوهاً بأنه شرع في إجراءات تخليص العربة وسداد رسومها الجمركية، الا أن المنظمة خاطبت النيابة واوقفت اجراءات العربة لحين الفصل في إجراءات البلاغ.
لا علاقة لي بـ (طه)
ونفى المتهم للمحكمة وجود اية علاقة له بمبلغ الـ (3) ملايين جنيه المصدق به كدعم من المالية للمنظمة، كما اكد المتهم الثاني ايضاً للمحكمة أنه لا علاقة له البتة بالمتهم الثالث في القضية النائب الأسبق للرئيس المعزول (طه)، نافياً وجود أية تعاملات سابقة تجمعه به، مؤكداً للمحكمة أنه لم ير (طه) من قبل الا ابان استجوابه ابتداءً كشاهد على ذمة اجراءات القضية بالنيابة، وشدد المتهم الثاني على أن تقرير المراجع (مستند الاتهام في القضية) به تغييرات كثيرة ولا يتطابق مع مبلغ ضمانتهم وهو مبلغ (16) مليون جنيه، منوهاً بأن التقرير تم اعداده بواسطة المراجع والنيابة لإثبات واقعة يعرفونها هم.
ملفات أشرف عليها
ومن جهته كشف المتهم الثالث النائب الأسبق للرئيس المعزول علي عثمان محمد طه للمحكمة أنه وإبان عمله في منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية في عام 2013م وتقع منظمات العمل الطوعي الوطنية والأجنبية ضمن الملفات التي يشرف عليها، كشف عن تلقيه اتصالاً هاتفياً في منتصف عام 2013م من المتهم الأول الأمين العام لمنظمة العون الإنساني، طالبه خلاله المتهم الأول بمخاطبة وزير المالية حينها بدر الدين محمود للنظر في طلب دعم المنظمة لتنفيذ مشروعاتها، كاشفاً للمحكمة أنه تجمعه علاقة معرفة بالمتهم الأول منذ عام 1995م ابان شغله منصب وزير التخطيط العمراني، واكد للمحكمة مخاطبته وزير المالية وطالبه بالنظر في دعم المنظمة، الا أن (طه) أكد للمحكمة أنه لم يحدد خلال خطابه لوزير المالية لا المبلغ ولا الكيفية التي يتم بها دعم المنظمة، موضحاً للمحكمة أن رئاسة الجمهورية بها موظفون مختصون بمتابعة تنفيذ التوجيهات الصادرة عن رئيس الجمهورية ونوابه واجراءات تنفيذها حسب الأسلوب المتبع بالرئاسة، مؤكداً أن مدير مكتبه وقتها تابع خطابه لوزير المالية المتعلق بالنظر في طلب دعم المنظمة، ووجد أن المالية لم تدعم المنظمة حتى لحظة اعفائه من منصبه كنائب أول للرئيس في نهاية عام 2013م، منوهاً بأنه بعدها غادر منصبه ولا علاقة له بما جرى بعد ذلك من استجابة المالية لدعم المنظمة من عدمه، مؤكداً للمحكمة أن المالية قامت بدعم المنظمة في عام 2014م بعد مغادرته منصبه بعام كامل.
(أنا الجابني شنو؟)
وأبدى (طه) استغرابه امام المحكمة خلال استجوابه من ضمه كمتهم ثالث في اجراءات البلاغ، قائلاً للمحكمة: (أنا المستغرب فيهو الجابني شنو للمحكمة؟)، وقال للمحكمة إنه لا علاقة له بالمبلغ موضوع المحاكمة، مشدداً للمحكمة على أنه اكد للنيابة أنه لا علاقة له بالمبلغ الا أنها اصرت وطالبته بتوريد مبلغ (3) ملايين جنيه باسم المالية باعتباره استحقاقاً مالياً، منوهاً بأنه استجاب لطلب النيابة وقام بتوريد المبلغ، مؤكداً للمحكمة أن الـ (3) ملايين جنيه الذي قام باستلامه من رئيس المجلس الاستشاري للمنظمة عادل البترجي، عبارة عن تسوية مالية خاصة بينه وبين البترجي لا علاقة لها بأية جهة حكومية على حد قوله للمحكمة.
لا علاقة لي بالمبلغ
وكشف (طه) للمحكمة أن النيابة وجهت له اتهاماً بمخالفة نص المادتين (21،177/2) من القانون الجنائي السوداني اللتين تتعلقان بالاشتراك الجنائي وخيانة الأمانة للموظف العام، منوهاً للمحكمة بأن النيابة اتهمته بالاشتراك الجنائي مع المتهم الأول حول مبلغ الـ (3) ملايين جنيه الصادرة عن المالية كدعم للمنظمة، نافياً وجود اية علاقة له بالمبلغ، موضحاً أن النيابة تتهمه باستلام مبلغ الـ (3) ملايين الصادرة عن المالية من المتهم الأول، وفي ذات الوقت تتهم المتهمين الأول والثاني بشراء سيارتين بالمبلغ، اي كأنما النيابة تقول ان المبلغ (دبل)، ونفى (طه) للمحكمة ايضاً خلال استجوابه وجود اية علاقة له بالسيارتين معروضات البلاغ، موضحاً أنه تم استجوابه ابتداءً في القضية كشاهد.
ومن جهتها حددت المحكمة جلسة مطلع الأسبوع المقبل للقرار حول توجيه التهمة أو شطب القضية في مواجهة المتهمين.
الانتباهة