1)
تعطيل “تروس“ التغيير، وإيقاف عجلاته عند أول محطة ينطلق منها هو أو لطمة قوية لثورة ديسمبر وهذا ما كان ويحدث الآن ليس بأيدي “الفلول“ بل بأيد تحمل سيف الثورة لتطعن به خاصرة الثورة من الخلف وفي الخفاء… كل الثورات والانتفاضات الشعبية التي تفجرت في العالم جعلت “التغيير“ هدفاً رئيساً ومحوراً للالتقاء فيما بينها، فإذا لم يتحقق التغيير فإن ذلك يعني الفشل الذريع… الثورة التي لم تنجح في تغيير الأوضاع التي كانت سائدة تلقائياً تكون قد فشلت في تحقيق أهم أهدافها وخسرت خُسراناً مبيناً… أعداء الثورة فئتان، فئة ظاهرة، وأخرى مستترة وهذه الأخيرة هي الأخطر والأعظم وبالاً لأنها هي التي تعمل على تعطيل “تروس“ التغيير وإيقاف عجلاته عند محطة الانطلاق الأولى للثورة من الداخل على طريقة “السوس“، وحرب “البسوس“… أعداء الثورة المستترون هم عناصر داخل الثورة تسللوا إلى أجهزة السلطة وتسنموا المواقع الحساسة وتغلغلوا إلى داخل مراكز صناعة القرار، وامتدت أيديهم إلى شفرة التحكم في “تروس“ التغيير، ليصبح الوضع كما هو رغم التضحيات الجسام والشهداء والدماء. ..إذا لم يشعر المواطن بالتغيير يكون قد فقد الإحساس بالثورة نفسها، وفقدان هذا الإحساس يعني انطفاء جذوة الثورة وهذه نهاية أي ثورة يتم اختطافها لتنحرف عن أهدافها الأساسية وتحقق أهداف وأجندة المختطفين…
(2)
الإحساس بعدم التغيير يترآى في استمرار المنهج القديم الفاسد، واستمرار الطغيان والاستبداد، والأفكار المتكلسة، والعقلية الرعوية في إدارة الدولة، وضباية الرؤية والارتباك… والإحساس بعدم التغيير يتجلى في معايير اختيار الوزراء والمسؤولين من ذوي الخبرات المتواضعة جداً والضعيفة للغاية بمعايير الترضيات والمجاملات ورغبات الشلليات والقسمة بين مراكز القوة والمجموعات والعلاقات الشخصية (صاحبي وصاحبك)… وهكذا يتم تغييب عقل الدولة وإرادتها وقوتها وسلطانها وهيبتها ليتم اختزال كل ذلك في أشخاص ضعفاء قليلي الخبرة، عاطلي المواهب…
(3)
إذا اسقطنا النقطة أعلاه على قطاعنا الإعلامي مثلاً فإن الأمور تصبح أكثر وضوحاً على الأقل للصحافيين والإعلاميين، فهذا مجالهم و“مكتهم“ التي هم أدرى بشعابها من غيرهم ، وهو “بحرهم“ الذي يجيدون السباحة فيه، ويعرفون فيه الكفاءات والخبرات، فإذا سألت أي صحفي أو إعلامي عن معايير اختيار وزير الإعلام حمزة بلول، أو وكيل الوزارة الرشيد سعيد، أو الأمين العام لمجلس الصحافة والمطبوعات، وسألتهم عن مؤهلاتهم وخبراتهم وميزاتهم التي أهلتهم لشغل هذه المناصب ربما أجابوا بأن “ القدر“ أو الحظ أو الصدفة هي ما أتت بهم إلى هذه المواقع، فهم بكل تأكيد ليسوا مؤهلين لهذه المناصب ولا يملكون ربما 10% من الخبرات التي تؤهلهم لتقلدها، وهذا ببساطة شديدة تعني لنا نحن في قطاع الإعلام أن هناك خللاً كبيراً في معايير الاختيار، وعلى هذا يمكن أن نقيس على بقية القطاعات ، فأين التغيير إذاً، فهل كان حمزة بلول أفضل من أحمد بلال، وهل سيكون حسام حيدر أفضل ممن سبقوه وهو صاحب التجربة الأقل بين صغار الصحافيين والإعلاميين، لا أظن هناك من الصحافيين من يختلف معي في أن عقلية “الإنقاذ“ ومنهجها الفاسد المعطوب في الاختيار ما زال مستمراً وباقياً، وليس هناك تغيير ولا يحزنون…… اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
الانتباهة