مصطفى ابو العزائم ….بعد ومسافة….بلادُنا في أي مرْحلَةٍ من مراحِل الثّورة الآن ؟

by شوتايم2

 

 

 

 

بُعْدٌ .. و .. مسَافة

مصطفى أبوالعزائم

بلادُنا في أي مرْحلَةٍ من مراحِل الثّورة الآن ؟

الثورة السودانية التي أطاحت بالنّظام السّابق ، مثلها مثل كُلّ الثورات الشّعْبِيّة في العالم منذ أن عرِفَت الشّعُوب كيف تنْتَفِضُ على حُكّامِها ، تمُرُّ بمراحِل في مسِيرَة تطوّرها إلى أن يقضِيّ الله أمْرَاً كان مفْعُولاً ؛ لذلك نرى إن ما حدث بالخميس من قُبُولِ السّيِّد رئيس مجلس الوزراء لإستقالات عددٍ من الوزراء ، وإعفاء بعْضِهم هو أمْرٌ طبيعي ، وكذلك رُدُود الأفْعَال المُصَاحِبَة لقرارات الدّكتور عبدالله حمَدُوك بهذا الخصوص .
ما حدَث في إعتقادنا هو مرْحلَةٌ من مراحل الثّورة السُّودانِيّة التي بدأت مُنْذ أواخِر العام 2018 م بإحتِجَاجَاتٍ شَعبِيّة على أزمَات الخُبز والمحْرُوقَات والنّقُود ، بدأت في الولايات ثُمّ إمـتدّت إلى العاصمة ، وتِلْك كانت المرحلة التمْهْيديّة ، التي قادت إلى السّخَط الشّعْبي العام ، وإلى تحَالُف خصوم النِّظَام في الدّاخِل والخارج ، وأدّتْ من ثَمّ إلى إسقاط النِّظَام ، بعْدَ موقِف اللّجْنَة الأمْنِيّة وإنحياز قيادات القوات المسلحة والشرطة والأمن إلى الحراك الشعبي ، لتنجَح الثّوْرَة وتجتاز تلك المرحلة بنجاح .
عقب إسقاط النِّظَام السّابق بدأت مرحلة جديدة ، هي ما تعارفنا عليه بإسم ( الفترة الإنتقالية ) وفيها ينْتَشِي الثُّوَار ، ويرتفع صوت الرّغبات المُختلفة في مواجهة قوىً مناصِرة للنّظام القديم ، وغير مُعْترِفَة به ، بلْ رافِضَة لأي نظام بديل ، لتبدأ معركة جديدة تؤدي إلى إنهيار جزء منظُومة الخِدْمَة العامة ، نتيجة الإقالات أو الإحالة إلى التقاعد ، وقد مرّت بلادنا ولازالتْ تمُرُّ بهذه المرحلة ، وهو ما يؤدي إلى عدم قدرة إدارة الدولة بالنسبة لحكومة الثورة ، لينشط خصومها في الترويج لفشلها الذي يقلّص عدد مؤيّديها ، وإلى تحييد بعض مناصريها وخروج البعض منهم عليها .
ولعدم التّوافُق بين مكوّنات حكومة الثورة عندما كانت تُعارِض النّظام ؛ ومع غياب دستور حاكم ، ووجود خصوم شرسين تكون هذه المرحلة من أخطر مراحِل الصّراع لتنشأ حكومة في الظِّل غير شرعيّة يصبح همّها الأوحد هو إفشال الحكومة القائمة التي قد تهْتَز بعْضُ أرْكَانِها فتؤدّي إلى فشل الأداء التنفيذي كُلّه أو بعضه ، وهو ما يقُود إلى حلّ الحكومة ، وتكوين حكومة جديدة لتنفيذ برنامج الثّورة والثوار ، وهذه كانت مرحلة تجاوزتها حكومة الثورة يوم الخميس الماضي .
لم يكن قادة الثّورات في كل العالم من المُعتدلين ، لكنهم من أصحاب الأصوات العالية و الأصابع التي تعزف على الألحان الشّعبية في آلات الطرب الثوري ، ولكن هذه المرحلة لن تستمر لفترة طويلة إذ سرعان ما ينتبه الثوار وغيرهم إلى إن قضاياهم الأساسية لم يتم النظر فيها بأعينهم هم ، خاصة إذا ما تفاقمت الأزمات المرتبطة بالأحوال المعِيشيّة والأسْعَار والأقْوات وتجاوزت تكاليف الحياة الكريمة قدرات الطبقتين المتوسطة ، والفقيرة ، وهي مرحلةٌ تعيشها الثورة السودانية الآن ، وهي مرحلة خطيرة رُبّمَا أفرزت مجموعات متطرّفة من المعارضين أو الثوريين الأنقياء الذين يؤمنون بأن ثورتهم قد إستولى عليها الغير ، وأصبح الناطقون بإسمها من لا علاقة لهم بها ، وربما تظهر جماعات صاخبة منها ما يرى أن منظومته العقائدية قد تضرّرت ومنها ما يرى إن التسامح الديني في خطر أو إن الدين نفسه في خطر ، والبعض يرى أن منظُومة الحُكْم الجديدة ما هي إلا منْظُومة شبيهة للمنظُومة التي أطاحت بها الثورة ، وفي هذا كُله تهديد للسلام الإجتماعي والأمن القومي بكامله إذا لم يتم تدارك أسباب التدهور الإقتصادي و السياسي الذي يهدّد بقاء الدولة نفسها ، خاصةً مع تعالي وتصاعد الأصوات المُناديّة بتصْفِية المؤسّسات الأمنية تحت مسمى إعادة الهيكلة .. وهنا مكمن الخطر .

Leave a Comment

20 − 17 =